- إنضم
- 29 يونيو 2014
- المشاركات
- 169
- التفاعل
- 213
- النقاط
- 47
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظماء من التاريخ الاسلامي
الحلقة الاولى الأسطورة الأمير الخطابي
أسطورة المغرب الإسلامي (الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي) أيها الأمير. . . لقد أتيت إلى القاهرة خصيصًا لكي أتعلم منك (الثائر الشيوعي تشي جيفارا 1960) إن هذا الرجل الذي ينادي باسمه أهل آسيا وأفريقيا والهند، ويتغنون باسمه. . . إن هذا الرجل الذي يقاتل باسم الإسلام ويعيد إمارة المؤمنين والخلافة الإسلامية، هو الخطر القادم على البلاد الأوروبية (السير كورتي عضو مجلس العموم البريطاني 1921) دخلت على عبد الكريم في خندق أمامي، والطائرات الإسبانية والفرنسية تقذف المنطقة بحمم هائلة فوجدته متبسمًا مرحًا مقبلًا يضرب ببندقيته الطائرات، فتعجبت من هذه الظاهرة البشرية الفريدة! (الصحافي الأمريكي فانسن شون 1926) لم يصدق (عبد الرحمن عزام باشا) أول أمين لجامعة الدول العربية عينيه، وهو يقرأ تلك البرقية السرية التي وصلته من مجموعة من المجاهدين العرب في اليمن في يوم من أيام عام 1947 م: (عاجل وسري للغاية. . . لقد نزلت بميناء عدن اليوم سفينة فرنسية تحمل على متنها شيخًا أسيرًا مكبلًا بالسلاسل، يشتبه أن يكون هو ذلك البطل الإسلامي الأسطوري الذي اختفى منذ عشرين عامًا. . . والسفينة في طريقها الآن إلى فرنسا وستمر غدًا بميناء بورسعيد المصري، لذا وجب التنبيه!) وما أن فرغ عزام باشا من قراءة هذه البرقية حتى طلب على الفور مقابلة مستعجلة مع (الملك فاروق) لمناقشة أمر هذه البرقية الخطيرة التي وصلته للتو من مضيق باب المندب، فدار نقاش سري بين عزام باشا والملك فاروق في قصر إقامته، وما هي إلّا لحظات حتى صدر قرار إلى الضباط المصريين في قناة السويس باعتراض طريق تلك السفينة الفرنسية وإحضار ذلك الشيخ الكبير إلى القصر الملكي في القاهرة للتأكد من هويته، وبعدها بأقل من أربع وعشرين ساعة أحضر الضباط المصريون إلى الملك شيخًا بلحية بيضاء كالثلج يمشي بخطوات ثابتة رغم بطئها، تبدو من بين قسمات وجهه الغائرة مظاهرٌ للعظمة والسمو لا تخفى على أحد، يلبس لباسًا أبيض غاية في البساطة، وتظهر على يديه وساقيه الهزيلتين علامات لسلاسل وأعلال وكأنها نُحتت في جلده نحتًا، فلمّا أصبح هذا الشيخ بين يدي الملك فاروق سأله ملك مصر عن هويته، فرفع الشيخ الكبير رأسه ونظر نحو الملك بعينين كعيني الصقر الجارح ثم قال بكل شموخ وثقة: (أنا الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي). . . نُغوِّر قليلًا في التاريخ، ونتحول إلى الغرب من القاهرة وبالتحديد إلى بلدة أغادير في الريف المغربي الإسلامي في سنة 1301 ه/ 1883 م، هناك يُرزق شيخ قبيلة من قبائل الأمازيغ البربر يدعى الشيخ عبد الكريم الخطابي مولودًا يسميه تبركًا على اسم رسول اللَّه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، ليقرر هذا الشيخ تربية ابنه تربية صالحة منذ نعومة أظافره، وفعلًا قام بتعليمه اللغة العربية وتحفيظه القرآن بنفسه، ثم أرسله إلى جامعة القرويين في مدينة فاس ليتعلم هناك الحديث والفقه الإسلامي، وما هي إلا سنوات حتى أصبح محمد ابن عبد الكريم الخطابي قاضي القضاة في مدينة مليلية المغربية وهو ما يزال في عمر الشباب. في هذا الوقت كانت ظروف المغرب الإسلامي أصعب من أن يتخيلها إنسان، فلقد أدركت الدول الاستخرابية (الاستعمارية) أن بلاد المغرب الإسلامي تعتبر بمثابة مصنع للأبطال عبر التاريخ، فمنها خرج مجاهدو دولة المرابطين إلى الأندلس، ومنها أبحرت قوات دولة الموحدين إلى أوروبا، ومنها انطلقت كتائب النور الإسلامية أول مرة إلى أوروبا تحت قيادة (طارق بن زياد) فقررت تلك الدول إنهاء هذا الخطر الإسلامي، فعقدت دول أوروبا مؤتمر الجزيرة الخضراء عام 1906 م بمشاركة 12 دولة أوروبية، ولأول مرة في التاريخ يظهر اسم أمريكا لتكسر بذلك الولايات المتحدة الأمريكية مبدأ مونرو الذي ينص على: عدم التدخل الأمريكي في السياسة الدولية، كل هذه الدول اجتمعت من أجل انهاء هذا الكابوس الإسلامي المستمر إلى الأبد، فكان القرار النهائي لهذا المؤتمر: تقسيم بلاد المغرب الإسلامي! العجيب أن تلك الدول لم تكتفِ بتقسيم مملكة المغرب الإسلامي فحسب، بل قسمتها بطريقة خبيثة لم تعرفها شعوب الأرض من قبل، بحيث تضمن تفككها بشكل نهائي، فأخذت فرنسا القسم الجنوبي من مملكة المغرب موريتانيا، ثم أخذت إسبانيا القسم الذي يليه في الشمال الصحراء الغربية، ثم مرة أخرى فرنسا إلى الشمال من الصحراء وسط المغرب الحالي ثم إسبانيا إلى الشمال أيضًا في الساحل الشمالي للمغرب الريف المغربي، وبين هذا وذاك احتلت ألمانيا وبريطانيا مدنًا هنا وأخرى هناك، وظن الجميع أنهم بذلك أنهوا الوجود الإسلامي في بلاد المغرب الأبد، ولكن الشيخ عبد الكريم الخطابي وابنه محمد جزاهما اللَّه كل خير كان لهما رأي آخر، فبدءا بتجميع القبائل المتناحرة على راية الإسلام الواحدة، ومراسلة الخليفة العثماني في عاصمة الخلافة، عندها قتل الإسبان الشيخ المجاهد عبد الكريم الخطابي رحمه اللَّه، وأسروا ابنه الشيخ محمد، ووضعوه في أحد السجون في قمة جبل من جبال المغرب، وبطريقة أسطورية لا توصف، استطاع البطل بن البطل أن يصنع حبلًا من قماش فراشه، ليحرر به نفسه من نافذة السجن، ولكن الحبل ولسوء الحظ لم يكن بالطول الكافي ليصل بالخطابي من قمة الجبل إلى الأرض، ليقفز بطلنا من ارتفاع شاهق على الصخور الصمّاء، لتكسر بذلك ساقيه ويُغمى عليه من شدة الصدمة، قبل أن تكتشف سلطات السجن أمره وتعيده إلى السجن. وبعد حين من الأسر خرج الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي من السجن ليكوِّن من رجال قبائل الريف المغربي جيشًا من ثلاثة آلاف مقاتل فقط، مبتكرًا بذلك فنًا جديدًا من فنون القتال العسكري كان هو أول من استخدمه في تاريخ الحروب تحت اسم حرب العصابات، وقد استخدم كل ثوار العالم بعد ذلك هذا الفن العسكري القائم على فنون المباغتة والكر والفر. ثم ابتكر الأمير محمد نظامًا آخر في المقاومة اعترف الزعيم الفيتنامي (هوشيمنه) أنه اقتبسه من الأمير الخطابي في قتال الفيتناميين للأمريكيين بعد ذلك بسنوات، هذا النظام هو نظام حفر الخنادق الممتدة تحت الأرض حتى ثكنات العدو، وبذلك استطاع هذا البطل الإسلامي تلقين الجيش الإسباني درسًا جديدًا في كل يومٍ من أيام القتال. ولما تضاعفت خسائر الإسبان في الريف الإسلامي قام ملك إسبانيا (ألفونسو الثالث) عشر بإرسال جيشٍ كاملٍ من مدريد تحت قيادة صديقه الجنرال (سلفستري)، والتقى الجمعان في معركة أنوال الخالدة، جيش إسباني منظم مكون من 60 ألف جندي مع طائراتهم ودباباتهم مقابل 3 آلاف مجاهد مسلم يحملون بنادق بدائية فقط، ولكن هذان خصمان اختصموا في ربهم، فئة تقاتل في سبيل اللَّه، وأخرى تقاتل في سبيل الأرض والصليب، فكان حقًا على اللَّه نصر المؤمنين، وفعلًا انتصر الثلاثة آلاف مجاهد تحت قيادة الأسطورة الخطّابية على جيش كامل من 60 ألف مقاتل صليبي، وقتل المسلمون 18 ألف إسباني، وأسروا عشرات الآلاف من الغزاة، ولم يسلم من الهلاك والأسر إلّا 600 جندي إسباني هربوا إلى إسبانيا كالكلاب الفزعة، ليقصّوا أهوال ما رأوا في الريف المغربي على ملكهم، ليأسس الأمير الخطابي بعد ذلك إمارة الريف الإسلامية في شمال المغرب الإسلامي، وخلال 5 أعوام من إمارته قام الخطابي بتعليم الناس الدين الإسلامي الصحيح الخالي من الشعوذة والدروشة، ثم قام بإرسال البعثات العلمية لدول العالم، وتوحيد صفوف القبائل المتناحرة تحت راية الإسلام. . . . وكما هو متوقع بعد كل صحوة إسلامية. . . . اجتمعت دول الصليب مرة أخرى (وهي التي لا تجتمع إلّا في قتال المسلمين!)، بعد أن أحست بخطر الدولة الإسلامية الوليدة التي لو بقيت لغيرت مسار التاريخ، فكوَّنوا تحالفًا من نصف مليون جندي أوروبي بدباباتهم وطائراتهم وبوارجهم الحربية، ليحاربوا به 20 ألف مجاهد فقط، فكانت المفاجأة الكبرى! لقد انتصر المجاهدون تحت قيادة الأمير المجاهد محمد ابن عبد الكريم الخطابي في جميع الجولات التي خاضوها، فأوقعوا الخسائر تلو الخسائر في صفوف الغزاة، مما اضطر جيوش أوروبا المتحالفة أن تشتري ذمم بعض شيوخ الطرق الصوفية المبتدعة، فقام هؤلاء الخونة بقتال الأمير الخطابي الذي كان يحارب من قبل البدع الصوفية من الرقص والدروشة وإقامة الموالد التي لم ينزل اللَّه بها من سلطان، فأصدروا فتوى تحرم القتال مع الخطابي، قبل أن تقوم طائرات فرنسا وإسبانيا بإلقاء الأسلحة الكيميائية والغازات السامة على المدنيين، في نفس الوقت الذي حاصر فيه الأسطول الإنجليزي سواحل المغرب، فقاتل الخطابي أمم الأرض مجتمعة من خونة وصليبيين، ولم يبقَ معه من المجاهدين إلا 200 مقاتل عاهدوا اللَّه على الشهادة تحت قيادته، فقاتل أولئك النفر كالأسود حتى يأس الصليبيون من هزيمتهم، فلجئوا عندها إلى أسلوب قديم حديث ستجدونه يتكرر كثيرًا في طيّات هذا الكتاب في قصص العظماء المائة في أمة الإسلام، لقد لجأ الصليبيون إلى طلب الصلح مع الأمير محمد مع إعطاء المسلمين الضمانات الموثقة على سلامة كل المجاهدين وإتاحة سبل العيش الكريم لأهل المغرب بكل حرية واستقلال. وكعادتهم. . . . نكص الصليبيون بعهودهم، فقاموا بخطف الأمير الأسطورة المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي ونفيه إلى جزيرة في مجاهل المحيط الهندي، ليس لسنة أو اثنتين، بل لعشرين سنة متصلة قضاها هذا البطل في أسر دعاة حقوق الإنسان، في أسر من خرجوا للعالم بشعار الثورة الفرنسية: (Fraternite, Libere, Egalite) (حرية، مساواة، إخاء)، فأي حرية تدَّعونها أيها المجرمون في حبس شيخ ضعيف مدة عشرين سنة؟! وأي مساواة تتكلمون عنها وأنتم تقتلون نساء المسلمين وأطفالهم بغازاتكم السامة القذرة؟! وأي إخاء تسخرون به من عقول المغفلين بحضارتكم القائمة على دماء الضعفاء من البشر؟! فإن كان قتلكم للضعفاء من بني البشر حضارةً. . . . فسحقًا إذًا لكم ولحضارتكم تلك! وبعد. . . . كانت هذه بعض سطورٍ عن ملحمة إسلامية خالدة، هي غاية في البطولة لقائد إسلاميٍ عظيمٍ ضحى بزهرة شبابه لرفع راية لا إله إلا اللَّه - محمد رسول اللَّه، ومما يحزن النفس ويدمي الفؤاد، أن معظم شبابنا ما سمعوا باسمه قَط، على الرغم من أن كثيرًا منهم متيمون بأبطالٍ لم يحاربوا إلا من أجل مصالح دنيوية ومبادئ شيوعية، فلو علم شبابنا ممن يعلقون صور الثائر الشيوعي (تشي جيفارا) أنه أتى للقاهرة ليتعلم من بطل الإسلام الأسطوري محمد بن عبد الكريم الخطابي، لتغير رأي شبابنا في تاريخهم الذي نسوه أو أنسوه (بضم الألف)، فصاحبنا هذا لم يكن صحابيًا، بل لم يكن عربيًا البتة، وبغض النظر عن مدى عظمة هذا البطل المغوار، فإن ذكره في مقدمة الكتاب يأتي ردًا على أولئك المساكين الذين إذا طلبت منهم الاقتداء ببطولات الصحابة وتضحياتهم تحججوا بحجة واهية، ألا وهي أننا لسنا من جيل الصحابةً، فكان ذكر رجل ظهر في القرن العشرين الميلادي، لهو خير جوابٍ على أولئك الذين لم يقرءوا شيئًا عن تاريخ أمتهم المشرق. ولكن ما قصة أرض مصر التي احتضنت أبطالًا من كل الأعراق في أمة الإسلام ابتداءً من السلطان الكردي صلاح الدين الأيوبي، إلى الأمير المغربي محمد بن عبد الكريم الخطابي، مرورًا بالملك التركي قطز قاهر التتار؟ ومن هي تلك السيدة المصرية التي كانت أم العرب العدنانيين أجداد نبي الإسلام محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ وما هو الدرس التي علمته هذه السيدة لبني البشر؟ ولماذا أصبحت هذه السيدة العملاقة واحدة من أعظم عظيمات أمة الإسلام؟ يتبع. . . . .
القصة منقولة وليست من كتاباتي
وغداُ إن شاء الله بطل أخر من أبطال المسلمين
برجاء مشاركة الموضوع
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظماء من التاريخ الاسلامي
الحلقة الاولى الأسطورة الأمير الخطابي
أسطورة المغرب الإسلامي (الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي) أيها الأمير. . . لقد أتيت إلى القاهرة خصيصًا لكي أتعلم منك (الثائر الشيوعي تشي جيفارا 1960) إن هذا الرجل الذي ينادي باسمه أهل آسيا وأفريقيا والهند، ويتغنون باسمه. . . إن هذا الرجل الذي يقاتل باسم الإسلام ويعيد إمارة المؤمنين والخلافة الإسلامية، هو الخطر القادم على البلاد الأوروبية (السير كورتي عضو مجلس العموم البريطاني 1921) دخلت على عبد الكريم في خندق أمامي، والطائرات الإسبانية والفرنسية تقذف المنطقة بحمم هائلة فوجدته متبسمًا مرحًا مقبلًا يضرب ببندقيته الطائرات، فتعجبت من هذه الظاهرة البشرية الفريدة! (الصحافي الأمريكي فانسن شون 1926) لم يصدق (عبد الرحمن عزام باشا) أول أمين لجامعة الدول العربية عينيه، وهو يقرأ تلك البرقية السرية التي وصلته من مجموعة من المجاهدين العرب في اليمن في يوم من أيام عام 1947 م: (عاجل وسري للغاية. . . لقد نزلت بميناء عدن اليوم سفينة فرنسية تحمل على متنها شيخًا أسيرًا مكبلًا بالسلاسل، يشتبه أن يكون هو ذلك البطل الإسلامي الأسطوري الذي اختفى منذ عشرين عامًا. . . والسفينة في طريقها الآن إلى فرنسا وستمر غدًا بميناء بورسعيد المصري، لذا وجب التنبيه!) وما أن فرغ عزام باشا من قراءة هذه البرقية حتى طلب على الفور مقابلة مستعجلة مع (الملك فاروق) لمناقشة أمر هذه البرقية الخطيرة التي وصلته للتو من مضيق باب المندب، فدار نقاش سري بين عزام باشا والملك فاروق في قصر إقامته، وما هي إلّا لحظات حتى صدر قرار إلى الضباط المصريين في قناة السويس باعتراض طريق تلك السفينة الفرنسية وإحضار ذلك الشيخ الكبير إلى القصر الملكي في القاهرة للتأكد من هويته، وبعدها بأقل من أربع وعشرين ساعة أحضر الضباط المصريون إلى الملك شيخًا بلحية بيضاء كالثلج يمشي بخطوات ثابتة رغم بطئها، تبدو من بين قسمات وجهه الغائرة مظاهرٌ للعظمة والسمو لا تخفى على أحد، يلبس لباسًا أبيض غاية في البساطة، وتظهر على يديه وساقيه الهزيلتين علامات لسلاسل وأعلال وكأنها نُحتت في جلده نحتًا، فلمّا أصبح هذا الشيخ بين يدي الملك فاروق سأله ملك مصر عن هويته، فرفع الشيخ الكبير رأسه ونظر نحو الملك بعينين كعيني الصقر الجارح ثم قال بكل شموخ وثقة: (أنا الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي). . . نُغوِّر قليلًا في التاريخ، ونتحول إلى الغرب من القاهرة وبالتحديد إلى بلدة أغادير في الريف المغربي الإسلامي في سنة 1301 ه/ 1883 م، هناك يُرزق شيخ قبيلة من قبائل الأمازيغ البربر يدعى الشيخ عبد الكريم الخطابي مولودًا يسميه تبركًا على اسم رسول اللَّه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، ليقرر هذا الشيخ تربية ابنه تربية صالحة منذ نعومة أظافره، وفعلًا قام بتعليمه اللغة العربية وتحفيظه القرآن بنفسه، ثم أرسله إلى جامعة القرويين في مدينة فاس ليتعلم هناك الحديث والفقه الإسلامي، وما هي إلا سنوات حتى أصبح محمد ابن عبد الكريم الخطابي قاضي القضاة في مدينة مليلية المغربية وهو ما يزال في عمر الشباب. في هذا الوقت كانت ظروف المغرب الإسلامي أصعب من أن يتخيلها إنسان، فلقد أدركت الدول الاستخرابية (الاستعمارية) أن بلاد المغرب الإسلامي تعتبر بمثابة مصنع للأبطال عبر التاريخ، فمنها خرج مجاهدو دولة المرابطين إلى الأندلس، ومنها أبحرت قوات دولة الموحدين إلى أوروبا، ومنها انطلقت كتائب النور الإسلامية أول مرة إلى أوروبا تحت قيادة (طارق بن زياد) فقررت تلك الدول إنهاء هذا الخطر الإسلامي، فعقدت دول أوروبا مؤتمر الجزيرة الخضراء عام 1906 م بمشاركة 12 دولة أوروبية، ولأول مرة في التاريخ يظهر اسم أمريكا لتكسر بذلك الولايات المتحدة الأمريكية مبدأ مونرو الذي ينص على: عدم التدخل الأمريكي في السياسة الدولية، كل هذه الدول اجتمعت من أجل انهاء هذا الكابوس الإسلامي المستمر إلى الأبد، فكان القرار النهائي لهذا المؤتمر: تقسيم بلاد المغرب الإسلامي! العجيب أن تلك الدول لم تكتفِ بتقسيم مملكة المغرب الإسلامي فحسب، بل قسمتها بطريقة خبيثة لم تعرفها شعوب الأرض من قبل، بحيث تضمن تفككها بشكل نهائي، فأخذت فرنسا القسم الجنوبي من مملكة المغرب موريتانيا، ثم أخذت إسبانيا القسم الذي يليه في الشمال الصحراء الغربية، ثم مرة أخرى فرنسا إلى الشمال من الصحراء وسط المغرب الحالي ثم إسبانيا إلى الشمال أيضًا في الساحل الشمالي للمغرب الريف المغربي، وبين هذا وذاك احتلت ألمانيا وبريطانيا مدنًا هنا وأخرى هناك، وظن الجميع أنهم بذلك أنهوا الوجود الإسلامي في بلاد المغرب الأبد، ولكن الشيخ عبد الكريم الخطابي وابنه محمد جزاهما اللَّه كل خير كان لهما رأي آخر، فبدءا بتجميع القبائل المتناحرة على راية الإسلام الواحدة، ومراسلة الخليفة العثماني في عاصمة الخلافة، عندها قتل الإسبان الشيخ المجاهد عبد الكريم الخطابي رحمه اللَّه، وأسروا ابنه الشيخ محمد، ووضعوه في أحد السجون في قمة جبل من جبال المغرب، وبطريقة أسطورية لا توصف، استطاع البطل بن البطل أن يصنع حبلًا من قماش فراشه، ليحرر به نفسه من نافذة السجن، ولكن الحبل ولسوء الحظ لم يكن بالطول الكافي ليصل بالخطابي من قمة الجبل إلى الأرض، ليقفز بطلنا من ارتفاع شاهق على الصخور الصمّاء، لتكسر بذلك ساقيه ويُغمى عليه من شدة الصدمة، قبل أن تكتشف سلطات السجن أمره وتعيده إلى السجن. وبعد حين من الأسر خرج الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي من السجن ليكوِّن من رجال قبائل الريف المغربي جيشًا من ثلاثة آلاف مقاتل فقط، مبتكرًا بذلك فنًا جديدًا من فنون القتال العسكري كان هو أول من استخدمه في تاريخ الحروب تحت اسم حرب العصابات، وقد استخدم كل ثوار العالم بعد ذلك هذا الفن العسكري القائم على فنون المباغتة والكر والفر. ثم ابتكر الأمير محمد نظامًا آخر في المقاومة اعترف الزعيم الفيتنامي (هوشيمنه) أنه اقتبسه من الأمير الخطابي في قتال الفيتناميين للأمريكيين بعد ذلك بسنوات، هذا النظام هو نظام حفر الخنادق الممتدة تحت الأرض حتى ثكنات العدو، وبذلك استطاع هذا البطل الإسلامي تلقين الجيش الإسباني درسًا جديدًا في كل يومٍ من أيام القتال. ولما تضاعفت خسائر الإسبان في الريف الإسلامي قام ملك إسبانيا (ألفونسو الثالث) عشر بإرسال جيشٍ كاملٍ من مدريد تحت قيادة صديقه الجنرال (سلفستري)، والتقى الجمعان في معركة أنوال الخالدة، جيش إسباني منظم مكون من 60 ألف جندي مع طائراتهم ودباباتهم مقابل 3 آلاف مجاهد مسلم يحملون بنادق بدائية فقط، ولكن هذان خصمان اختصموا في ربهم، فئة تقاتل في سبيل اللَّه، وأخرى تقاتل في سبيل الأرض والصليب، فكان حقًا على اللَّه نصر المؤمنين، وفعلًا انتصر الثلاثة آلاف مجاهد تحت قيادة الأسطورة الخطّابية على جيش كامل من 60 ألف مقاتل صليبي، وقتل المسلمون 18 ألف إسباني، وأسروا عشرات الآلاف من الغزاة، ولم يسلم من الهلاك والأسر إلّا 600 جندي إسباني هربوا إلى إسبانيا كالكلاب الفزعة، ليقصّوا أهوال ما رأوا في الريف المغربي على ملكهم، ليأسس الأمير الخطابي بعد ذلك إمارة الريف الإسلامية في شمال المغرب الإسلامي، وخلال 5 أعوام من إمارته قام الخطابي بتعليم الناس الدين الإسلامي الصحيح الخالي من الشعوذة والدروشة، ثم قام بإرسال البعثات العلمية لدول العالم، وتوحيد صفوف القبائل المتناحرة تحت راية الإسلام. . . . وكما هو متوقع بعد كل صحوة إسلامية. . . . اجتمعت دول الصليب مرة أخرى (وهي التي لا تجتمع إلّا في قتال المسلمين!)، بعد أن أحست بخطر الدولة الإسلامية الوليدة التي لو بقيت لغيرت مسار التاريخ، فكوَّنوا تحالفًا من نصف مليون جندي أوروبي بدباباتهم وطائراتهم وبوارجهم الحربية، ليحاربوا به 20 ألف مجاهد فقط، فكانت المفاجأة الكبرى! لقد انتصر المجاهدون تحت قيادة الأمير المجاهد محمد ابن عبد الكريم الخطابي في جميع الجولات التي خاضوها، فأوقعوا الخسائر تلو الخسائر في صفوف الغزاة، مما اضطر جيوش أوروبا المتحالفة أن تشتري ذمم بعض شيوخ الطرق الصوفية المبتدعة، فقام هؤلاء الخونة بقتال الأمير الخطابي الذي كان يحارب من قبل البدع الصوفية من الرقص والدروشة وإقامة الموالد التي لم ينزل اللَّه بها من سلطان، فأصدروا فتوى تحرم القتال مع الخطابي، قبل أن تقوم طائرات فرنسا وإسبانيا بإلقاء الأسلحة الكيميائية والغازات السامة على المدنيين، في نفس الوقت الذي حاصر فيه الأسطول الإنجليزي سواحل المغرب، فقاتل الخطابي أمم الأرض مجتمعة من خونة وصليبيين، ولم يبقَ معه من المجاهدين إلا 200 مقاتل عاهدوا اللَّه على الشهادة تحت قيادته، فقاتل أولئك النفر كالأسود حتى يأس الصليبيون من هزيمتهم، فلجئوا عندها إلى أسلوب قديم حديث ستجدونه يتكرر كثيرًا في طيّات هذا الكتاب في قصص العظماء المائة في أمة الإسلام، لقد لجأ الصليبيون إلى طلب الصلح مع الأمير محمد مع إعطاء المسلمين الضمانات الموثقة على سلامة كل المجاهدين وإتاحة سبل العيش الكريم لأهل المغرب بكل حرية واستقلال. وكعادتهم. . . . نكص الصليبيون بعهودهم، فقاموا بخطف الأمير الأسطورة المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي ونفيه إلى جزيرة في مجاهل المحيط الهندي، ليس لسنة أو اثنتين، بل لعشرين سنة متصلة قضاها هذا البطل في أسر دعاة حقوق الإنسان، في أسر من خرجوا للعالم بشعار الثورة الفرنسية: (Fraternite, Libere, Egalite) (حرية، مساواة، إخاء)، فأي حرية تدَّعونها أيها المجرمون في حبس شيخ ضعيف مدة عشرين سنة؟! وأي مساواة تتكلمون عنها وأنتم تقتلون نساء المسلمين وأطفالهم بغازاتكم السامة القذرة؟! وأي إخاء تسخرون به من عقول المغفلين بحضارتكم القائمة على دماء الضعفاء من البشر؟! فإن كان قتلكم للضعفاء من بني البشر حضارةً. . . . فسحقًا إذًا لكم ولحضارتكم تلك! وبعد. . . . كانت هذه بعض سطورٍ عن ملحمة إسلامية خالدة، هي غاية في البطولة لقائد إسلاميٍ عظيمٍ ضحى بزهرة شبابه لرفع راية لا إله إلا اللَّه - محمد رسول اللَّه، ومما يحزن النفس ويدمي الفؤاد، أن معظم شبابنا ما سمعوا باسمه قَط، على الرغم من أن كثيرًا منهم متيمون بأبطالٍ لم يحاربوا إلا من أجل مصالح دنيوية ومبادئ شيوعية، فلو علم شبابنا ممن يعلقون صور الثائر الشيوعي (تشي جيفارا) أنه أتى للقاهرة ليتعلم من بطل الإسلام الأسطوري محمد بن عبد الكريم الخطابي، لتغير رأي شبابنا في تاريخهم الذي نسوه أو أنسوه (بضم الألف)، فصاحبنا هذا لم يكن صحابيًا، بل لم يكن عربيًا البتة، وبغض النظر عن مدى عظمة هذا البطل المغوار، فإن ذكره في مقدمة الكتاب يأتي ردًا على أولئك المساكين الذين إذا طلبت منهم الاقتداء ببطولات الصحابة وتضحياتهم تحججوا بحجة واهية، ألا وهي أننا لسنا من جيل الصحابةً، فكان ذكر رجل ظهر في القرن العشرين الميلادي، لهو خير جوابٍ على أولئك الذين لم يقرءوا شيئًا عن تاريخ أمتهم المشرق. ولكن ما قصة أرض مصر التي احتضنت أبطالًا من كل الأعراق في أمة الإسلام ابتداءً من السلطان الكردي صلاح الدين الأيوبي، إلى الأمير المغربي محمد بن عبد الكريم الخطابي، مرورًا بالملك التركي قطز قاهر التتار؟ ومن هي تلك السيدة المصرية التي كانت أم العرب العدنانيين أجداد نبي الإسلام محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ وما هو الدرس التي علمته هذه السيدة لبني البشر؟ ولماذا أصبحت هذه السيدة العملاقة واحدة من أعظم عظيمات أمة الإسلام؟ يتبع. . . . .
القصة منقولة وليست من كتاباتي
وغداُ إن شاء الله بطل أخر من أبطال المسلمين
برجاء مشاركة الموضوع
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التعديل الأخير: