موضوع حصري { وَيُزَكِّيهِمْ}

? { وَيُزَكِّيهِمْ } الدرس ( 59 )



? الخائف

? متى يكون العبد خائفاً؟

?ليس الخائف من الله من يبكي ويمسح عينيه

ولكن الخائف من الله من ترك شيئا يخاف ان يحاسبه الله عليه. ?

?" من خاف شيئاً هرب منه، ومن خاف الله هرب إليه ".

? قال الفضيل بن عياض:

" إذا قيل لك: هل تخاف الله؟
فاسكت فإنك إن قلت: نعم، كذبت، وإن قلت: لا، كفرت ".

? فالخوف يحرق الشهوات المحرمة فتصير المعاصى المحبوبة عنده مكروهة

? كما يصير العسل مكروهاً، عند من يشتهيه إذا عرف أن فيه سماً

? فتحرق الشهوات بالخوف، وتتأدب الجوارح، ويحصل فى القلب الخضوع والذلة والاستكانة ويفارقه الكبر والحقد والحسد،

? بل يصير مستوعب الهم بخوفه، والنظر فى خطر عاقبته، فلا يتفرغ لغيره،

? ولا يكون له شغل إلا المراقبة والمحاسبة والمجاهدة، والضنة بالأنفاس واللحظات، ومؤاخذة النفس بالخطرات، والخطوات والكلمات

? ويكون حاله حال من وقع فى مخلب سبع ضار، لايدرى أنه يغفل عنه فيفلت، أو يهجم عليه فيهلك، فيكون بظاهره وباطنه مشغولاً بما هو خائف منه.

?( 2 ) صوره


2




يتبع في الإثنين القادم ان شاء الله

? { وَيُزَكِّيهِمْ } الدرس ( 60 )



? الخوف 3

? فضيلة الخوف

? جمع الله عز وجلّ لأهل الخوف الهدى والرحمة، والعلم، والرضوان،

? فقال تعالى {هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}

? وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}

? وقال عز وجل {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}

? وقد أمر الله عز وجل بالخوف، وجعله شرطاً فى الإيمان،

فقال عز وجل {ْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}

? فلذلك لا يتصور أن ينفك مؤمن عن خوف وإن ضعف، ويكون ضعف خوفه بحسب ضعف معرفته وإيمانه. ?

? قال ﷺ ( لايلج النار أحد يبكى من خشية الله تعالى حتى يعود اللبن فى الضرع)

? قال الفضيل بن عياض: " من خاف الله دله الخوف على كل خير".

? وقال يحيى بن معاذ : " ما من مؤمن يعمل سيئة إلا ويلحقها جنتان خوف العقاب، ورجاء العفو ".

?( 2 ) صوره

2



يتبع في الإثنين القادم ان شاء الله

? { وَيُزَكِّيهِمْ } الدرس ( 61 )



? الخوف 4


? الأخبار فى الخوف

? قال تعالى {ْ إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ماَ آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}

? قالت عائشة رضي الله عنها يا رسول الله ﷺ ( أهم الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرقون؟

فقال: لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصومون، ويصلون ويتصدقون ويخافون ألا يتقبل منهم، أولئك يسارعون فى الخيرات)

? قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ ( إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ، أَطَّتِ السَّماءُ، وحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ واضِعٌ جَبْهَتَهُ ساجِدًا لله تَعَالى،

واللَّه لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُم بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ، وَلَخَرجْتُمْ إِلى الصُّعُداتِ تَجْأَرُون إِلى اللَّه تَعَالَى )

? ومعنى الحديث: لو أنكم علمتم ما أعلمه من عظمة الله عز وجل، وانتقامه ممن يعصيه، لطال بكاؤكم وحزنكم وخوفكم مما ينتظركم، ولما ضحكتم أصلاً.

? وروت السيدة عائشة رضى الله عنها: أن رسول الله - ﷺ كان إذا تغيّر الهواء وهبت ريح عاصفة يتغير ويتردد فى الحجرة ويدخل ويخرج، كل ذلك خوفاً من عذاب الله.

? وروى عبد الله بن الشخير: أن رسول الله ﷺ ( كان إذا دخل فى الصلاة يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل )

? ومن تأمل أحوال الصحابة رضى الله عنهم ومن بعدهم من الصالحين من سلف هذه الأمة، وجدهم فى غاية العمل مع غاية الخوف،

? ونحن جمعنا بين التفريط والأمن.?

? فهذا الصديق - رضي الله عنه - يقول: وددت أنى شعرة فى جنب عبد مؤمن، وكان إذا قام إلى الصلاة كأنه عود من خشية الله عز وجل.

? وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه - قرأ سورة الطور حتى بلغ: {إنّ عَذابَ ربِكَ لَواقِعٌ}
بكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه،

وقال لابنه وهو يموت: ويحك ضع خدى على الأض عساه يرحمنى ثم قال: ويل أمى لم يغفر لى -ثلاثاً -ثم قضى، وكان يمر بالآية فى ورده بالله تخيفه فيبقى فى البيت أياماً يعاد يحسبونه مريضاً، وكان فى وجهه خطان أسودان من كثرة البكاء.

وقال له ابن عباس: " مصّر لله بك الأمصار، وفتح بك الفتوح وفعل " فقال: " وددت أن أنجو لا أجر ولا وزر ".

? وهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه كان إذا وقف على القبر يبكى حتى يبل لحيته، قال: " لو أننى بين االجنة والنار ولا أدرى إلى أيتهما أصير لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير ".

? وهذا أبو الدرداء رضي الله عنه -كان يقول: " لو تعلمون ما أنتم لاقون بعد الموت، ماأكلتم طعاماً على شهوة، ولا شربتم شراباً على شهوة أبداً، ولا دخلتم بيتاً تستظلون به، ولخرجتم إلى الصعيد تضربون صدوركم وتبكون على أنفسكم، ولوددت أنى شجرة تعضد ثم تؤكل ".

? وكان ابن عباس رضي الله عنه "أسفل عينيه مثل الشراك البالى من كثرة الدموع"

? وقال علىّ كرم الله وجه- وقد سلّم من صلاة الفجر، وقد علاه كآبة وهو يقلب يده: " لقد رأيت أصحاب رسول الله ﷺ فلم أر اليوم شيئاً يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثاً صفراً غبراً بين أعينهم أمثال ركب المعزى، قد باتوا سجداً وقياما يتلون كتاب الله، يراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا أصبحوا ذكروا الله تمادوا كما يميد الشجر فى يوم الريح ، وهملت أعينهم بالدموع حتى تبل ثيابهم، والله فكاني بالقوم باتوا غافلين". ثم قام فما رؤى بعد ذلك ضاحكاً حتى ضربه ابن ملجم.

? وقال موسى بن مسعود: " كنا إذا جلسنا إلى سفيان كأن النار قد أحاطت بنا لما نرى من خوفه وجزعه ".

? ووصف أحدهم الحسن فقال: " كان إذا أقبل فكأنما أقبل من دفن حميمه، وإذا جلس فكأنه أسير أمر بقطع رقبته، وإذا ذكرت النار فكأنها لم تخلق إلا له ".

? ورُوى أن زرارة بن أبى أوفى صلّى بالناس الفجر بسورة المدثر، فلما قرأ قوله تبارك وتعالى {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} أخذته شهقة فمات.

وقال عبد الله بن عمرو بن العاص

" ابكوا فإن لم تبكو فتباكوا،

فوالذى نفسى بيده: لو يعلم أحدكم لصرخ حتى ينقطع صوته، وصلى حتى ينكسر صلبه ".

?( 5 ) صور
2
3
4
5
يتبع في الإثنين القادم ان شاء الله

? { وَيُزَكِّيهِمْ } الدرس ( 62 )


? الدنيا

? إن الله عز وجل جعلها خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا

? ورد في الأثر «إِنَّ هَذَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خَزَانَتَانِ ، فَانْظُرُوا مَا تَضِعُونَ فِيهِمَا ».

? " ليس يوما يأتي من أيام الدنيا إلا يتكلم يقول : يا أيها الناس ، إني يوم جديد ، وإني على ما يعمل في شهيد ، فإني لو قد غربت الشمس لم أرجع إليكم إلى يوم القيامة"

? فالوقت هو رأس مال العبد،

هو أثمن شيء يملكه الإنسان في حياته وفيه ربحه أو خسارته

قال رسول الله ﷺ

( منْ قَالَ: سُبْحانَ اللَّهِ وبحَمدِهِ، غُرِستْ لهُ نَخْلَةٌ في الجَنَّةِ. )

قال ابن القيم :فانظر إلى مضيع الساعات كم يفوته من النخيل. ?

? وانقسم بنو آدم في الدنيا إلى قسمين :

? أحدهما : من أنكر أن يكون للعباد بعد الدنيا دار للثواب والعقاب

? وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم

{ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)}

? وهؤلاء همهم التمتع في الدنيا واغتنام لذاتها قبل الموت

كما قال تعالى { وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ}

? والقسم الثاني : من يُقِرّ بدارٍ بعد الموت للثَّواب والعقاب، وهم المنتسبون إلى شرائع المرسلين

? وهم منقسمون إلى ثلاثة أقسام :

1- ظالم لنفسه

2- مقتصد

3- سابق بالخيرات بإذن الله .

?( 2 ) صورتين

2


يتبع في الإثنين القادم ان شاء الله

? { وَيُزَكِّيهِمْ } الدرس ( 63 )


? الدنيا 2

1- الظالم لنفسه: هم الأكثرون، وأكثرهم واقف مع زهرة الدنيا وزينتها، فأخذها من غير وجهها، واستعملها فى غير وجهها،

? وصارت الدنيا أكبر همّه، بها يرضى، وبها يغضب، ولها يوالى، وعليها يعادى، وهؤلاء أهل اللعب واللهو والزينة،

? وإن كانوا يؤمنون بالآخرة إيماناً مجملاً فهم لم يعرفوا المقصود من الدنيا، ولا أنها منزلة يتزود فيها لما بعدها.


2- المقتصد : من أخذ الدنيا من وجوهها المباحة، وأدى واجبها، وأمسك لنفسه الزائد على الواجب

? يتوسع به فى التمتع بشهوات الدنيا، وهؤلاء لا عقاب عليهم فى ذلك إلا أنه ينقص درجاتهم كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لولا أن تنقص من حسناتى لخالفتكم فى لين عيشكم ولكن سمعت الله عيّر قوماً فقال

{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا}



?( 2 ) صورتين


2


يتبع في الإثنين القادم ان شاء الله

? { وَيُزَكِّيهِمْ } الدرس ( 64 )


? الدنيا 3

3- السابق بالخيرات بإذن الله :

? هم الذين فهموا المراد من الدنيا وعملوا بمقتضى ذلك، فعلموا أن الله إنما أسكن عبادة فى الدار ليبلوهم أيهم أحسن عملاً كما قال تعالى {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}

? يعنى: أزهد فى الدنيا وأرغب فى الآخرة.

? فاكتفى السابقون منها بما يكفى المسافر من الزاد، كما قال النبىﷺ ( مالى وللدنيا، ما أنا فى الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها )

? وقال ﷺ ( كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)

ومتى نوى من تناول شهواته المباحة التقوى على طاعة الله كانت شهواته له طاعة يثاب عليها، كما قال معاذ - رضي الله عنه -: " إنى لأحتسب نومتى كما أحتسب قومتى ".


? وسُئل أبو صفوان الرعينى: ما هى الدنيا التى ذمها الله فى القرآن والتى ينبغى للعاقل أن يتجنبها؟

فقال: " كل ما أصبت فى الدنيا تريد به الدنيا فهو مذموم، وكل ماأصبت منا تريد به الآخرة فليس منها ".

? وقال الحسن: " نعمت الدار الدنيا كانت للمؤمن، وذلك أنه عمل قليلاً وأخذ زاده منها للجنة،

وبئست الدار كانت للكافر والمنافق، وذلك أنه ضيع لياليه وكان زاده منها إلى النار ".

? وقال وهب: " إنما الدنيا والآخرة كرجل له امرأتان إذا أرضى إحداهما أسخط الأخرى ".

? وقال رجل للتابعين: " لأنتم أكثر عملاً من أصحاب رسول الله - ﷺ ولكنهم كانوا خيراً منكم، كانوا أزهد فى الدنيا ".

?( 2 ) صورتين


2


يتبع في الإثنين القادم ان شاء الله

? { وَيُزَكِّيهِمْ } الدرس ( 65 )


? الدنيا 4

? أضرار حب الدنيا

? كان عيسى ابن مريم عليه السلام يقول :

(( حب الدنيا أصل كل خطيئة ، والمال فيها داء كثير

قالوا: وما داؤه؟

قال : لا يسلم من الفخر والخيلاء

قالوا : فأن أسلم ؟

قال يشغله اصلاحه عن ذكر الله عز وجل ))

? حب الدنيا هو الذى عمّر النار بأهلها

? والزهد فى الدنيا هو الذى عمّر الجنة بأهلها

? والسكر بحب الدنيا أعظم من السكر بالخمر، فصاحبه لا يفيق إلا فى ظلمة اللحد. ?

قال يحيى بن معاذ: " الدنيا خمر الشيطان، من سكر منها فلا يفيق إلا فى عسكر الموتى نادماً بين الخاسرين"

? وأقل ما في حب الدنيا أنه يلهي العبد عن حب الله وذكره وطاعته، ومن ألهاه حب دنياه فهو من الخاسرين

وإذا لهى القلب عن ذكر الله سكنه الشيطان، وصرفه حيث أراد...

?( 2 ) صورتين


2


يتبع في الإثنين القادم ان شاء الله

? { وَيُزَكِّيهِمْ } الدرس ( 66 )


? الدنيا 5

? أضرار حب الدنيا 2

? إنما كان حب الدنيا رأس الخطايا، ومفسداً للدين من وجوه:

1- أن حبها يقتضى تعظيمها وهى حقيرة عند الله، ومن أكبر الذنوب تعظيم ما حقّر الله.

2- أن الله لعنها، ومقتها، وأبغضها، إلا ما كان له فيها، ومن أحب ما لعنه الله ومقته وأبغضه فقد تعرض للفتنة، ومقته وغضبه.

3- أنه إذا أحبها صيّرها غايته، وتوسل إليها بالأعمال التى جعلها الله وسائل إليه وإلى الدار الآخرة، فعكس الأمر وقلب الحكمة،

? فها هنا أمران: أحدهما: جعل الوسيلة غاية،

? والثانى: التوسل بأعمال الآخرة إلى الدنيا، وهذا شر معكوس من كل وجه، وقلب منكوس غاية الانتكاس،

وهذا هو الذى انطبق عليه قوله تعالى {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}


? والأحاديث كثيرة، منها حديث أبى هريرة فى الثلاثة الذين هم أول من تسعّر بهم النار يوم القيامة : الغازى، والمتصدق، والقارىء، الذين أرادوا بذلك الدنيا، وهو فى صحيح مسلم

? فانظر محبة الدنيا كيف حَرَمتْ هؤلاء من الأجر، وأفسدت عليهم عملهم، وجعلتهم أول الداخلين إلى النار.

?( 2 ) صورتين



2


يتبع في الإثنين القادم ان شاء الله

? { وَيُزَكِّيهِمْ } الدرس ( 67 )


? الدنيا 6

? أضرار حب الدنيا 3

? إنما كان حب الدنيا رأس الخطايا، ومفسداً للدين من وجوه:

4 - أن محبتها تعترض بين العبد وبين فعل ما يعود عليه نفعه فى الآخرة.

? والناس في حبها درجات :

اعلاهم من يشغله حبها عن اصل الإيمان وشرائعه،

? وأقل درجات حبها أن يشغل عن سعادة العبد، وهو تفريغ القلب لحب الله، ولسانه لذكره، وجمع قلبه على لسانه، وجمع لسانه وقلبه على ربه.

? فعشقها ومحبتها تضر بالآخرة ولا بد، كما أن محبة الآخرة تضر بالدنيا.

5 - أن محبتها تجعلها أكبر همّ العبد،

? قال ﷺ ( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه فى قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهى راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له)

6- أن محبها أشد الناس عذاباً بها، وهو معذب فى دوره الثلاث:??

1- يعذب فى الدنيا بتحصيلها والسعى فيها ومنازعة أهلها

2- فى دار البرزخ بفواتها والحسرة عليها، وكونه قد حيل بينه وبين محبوبه على وجه لا يرجو اجتماعه به أبداً، ولم يحصل له هناك محبوب يعوضه عنه،

? فهذا أشد الناس عذاباً فى قبره، يعمل الهمّ والحزنُ والغم والحسرة فى روحه ما تعمل الديدان وهوام الأرض فى جسمه. ?

3- وفي الآخرة { وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ }

? قال تعالى { فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ }

7 - أن عاشقها ومحبها الذى يؤثرها على الآخرة من أسفه الخلق وأقلهم عقلاً،

? إذ آثر الخيال على الحقيقة، والمنام على اليقظة، والظل الزائل على النعيم الدائم، والدار الفانية على الدار الباقية،

? وباع حياة الأبد فى أرغد عيش بحياة إنما هى أحلام نوم، أو كظل زائل، إن اللبيب بمثلها لا يخدع.

?( 3 ) صور
1


2


3

يتبع في الإثنين القادم ان شاء الله

? { وَيُزَكِّيهِمْ } الدرس ( 68 )


? الدنيا 7

? أضرار حب الدنيا 4


? ما شبهت الدنيا : إلا كرجل نام فرأى فى منامه ما يكره وما يحب، فبينما هو كذلك استيقظ.

? وأشبه الأشياء بالدنيا: الظل تحسب له حقيقة ثابتة وهو فى تقلص وانقباض فتتبعه لتدركه فلا تلحقه.

? وأشبه الأشياء بها: السراب يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، ووجد الله عنده فوفاه حسابه، والله سريع الحساب.

? وأشبه الأشياء بها: عجوز شوهاء قبيحة المنظر والمخبر، غدارة بالأزواج، تزينت للخطاب بكل زينة، وسترت كل قبح،

فاغتر بها من لم يجاوز بصره ظاهرها، فطلب النكاح

فقالت: لا مهر إلا فقد الآخرة،

فإننا ضرتان، واجتماعنا غير مأذون فيه ولا مستباح،؛

فآثر الخطاب العاجلة، وقالوا: ما على مَن واصل حبيبته من جناح،

فلما كشف قناعها، وحل إزارها، إذا كل آفة وبلية، فمنهم من طلق واسترح،

ومنهم من اختار المقام، فما استتمت ليلة عرسه إلا بالعويل والصياح. ?

تالله لقد أذن مؤذنها على رؤوس الخلائق، بحىّ على غير الفلاح، فقام المجتهدون والمصلون لها فواصلوا فى طلبها الغدو بالرواح، وسروا ليلهم، فلم يحمد القوم السرى عند الصباح، طاروا فى صيدها، فما رجع أحد منهم إلا وهو مكسور الجناح، فوقعوا فى شبكتها، فأسلمتهم للذبّاح.

?( 2 ) صورتين


1


2


يتبع في الإثنين القادم ان شاء الله