(*) رمضان ودموع الانتظار!!(*)
الحمدلله, والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
لا شك أن أهل الإيمان يرتقبون قدوم شهر رمضان، ويفرحون بما فيه من النفحات وزيادة الإيمان، فرمضان موسم الطاعات والخيرات، كيف لا؟! وقد جمع في أيامه عبادات لا تجتمع في غيره من الأيام، منها الصيام والاجتماع على القيام، والاعتكاف والترغيب بالجود والإكرام والصدقات, وتلاوة القرآن والعمرة فيه تعدل حجة.
فيا من تنتظر قدوم رمضان هل أعددت العدة؟
يا من تنتظر رمضان تذكر إن إدراك رمضان من نعم الله عليك، فهل سألت الله - سبحانه - أن يبلغك هذا الشهر المبارك؟
يا من تنتظر رمضان هل تعلم أن الآجال تنقضي, والأعمار تنقص, وأقوام تمر ذكراهم في مثل هذه الأيام، فكم من عزيز فارقناه.. وكم من حبيب في اللحد وضعناه.. وكم من قريب دفناه.. فكم غيب الموت من الأصحاب.. ووارى التراب من الأحباب.. فمنهم فاقد لجاره، وآخر لصاحبه، وبعضهم لقريبه، ومنهم فاقد لأبيه، وذاك لأخيه، وهذا لأمه أو زوجته، وآخر لبنيه، تذكر من قام وصام معنا العام الماضي!! وخلت المساجد والمفاطر من آثارهم!
يا من تنتظر قدوم رمضان! رمضان قد يعود أعوام عديدة وأزمنة مديدة وأنا وأنت قد لا نعود يوماً إن عاد!! وتسكب علينا دموع الانتظار!! [فتأمل] كم منا كان يرتقب رمضان ولم يدركه؟!
العام المنصرم قبل دخول رمضان بساعات شيعنا عدة جنائز فهل يا ترى لم يكن أصحابها ينتظرون رمضان؟؟! بلى ولكن!! ذهبت كل نفس لما سعت.
اللهم إنا نسألك حسن الختام ... اللهم ارحمنا إذا عاد رمضان ولم نعد..
الحقيقة أخي الكريم...
أن إدراك رمضان لغنيمة وفوز عظيم، إدراك رمضان فرصة للفلاح والتزود بالطاعات، والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، والمحروم كل المحروم من أدرك رمضان ولم يذق لذة الطاعات وانشغل بالملهيات، فجرته المعاصي إلى مستنقع الشهوات فتجرع كأس الحرمان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال ابن القيم - رحمه الله -: "وبالجملة فإن العبد إذا أعرض عن الله واشتغل بالمعاصي، ضاعت عليه أيام حياته الحقيقية التي يجد غِبَّ إضاعتها يوم يقول: {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}".
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه فضيلة الشيخ
عبدالحكيم بن عبدالله رباع الشحي
22 شعبان 1436
9 / 6 / 2015
(*) موقع السنن العلمي (*)