السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقيقة الكثير منا لا يفقه باب الرؤى تماماً فهناك من يغلوا فيها كالصوفية و الخوارج و الكثير من أهل البدع و تغرهم و هناك من هو بالعكس لا يعطي للرؤى شأن مع ورود الأحاديث على العناية بها و عظيم أمرها وقد يكون هذا منه ردة فعل عكسية لما يرى من أهل البدع المخالفين للسنة
و الحق وسط بين الغالي و الجافي و الأمر يحتاج ضبط وعلم وبصيرة
و من أهم ما يعرف في هذا المقام :
* أن الدين كامل ولا نحتاج تشريع جديد و دين جديد ورأي يخالف السنة بسبب منام .
* أن الرؤى تسر و لا تغر .
* و أن الرؤى الصالحة الصادقة لا تجعل صاحبها يخالف السنة في أي أمر كان وهذا دليل صدقها .
* أن المنامات قابلة أن تكون حديث نفس و تلبيس من الشيطان .
* أن المعبر يعبر بالظن و خطأه وارد فقد أخطأ خير العالمين بعد الأنبياء و المرسلين الصديق رضي الله عنه .
وغير ذلك .
وكل ما سبق لا يعني أن لا نعطى الرؤى أهميتها وندرسها ونعتني بها فهي جزء من أجزاء نبوة و يكفى هذا لدلالة على أمرها .
وانظروا إلى فقه العز بن عبد السلام :
رُوي أن رجلاً رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له: اذهب إلى موضع كذا فاحفره فإن فيه رِكازاً إما معادن وإما كنز فخذه لك، ولا خُمس عليك فيه، فلما أصبح ذهب إلى ذلك الموضع فحفره فوجد الركاز فيه، فاستفتى علماء عصره فأفتوه بأنه لا خُمس عليه لصحة الرؤيا ودليل صحة الرؤيا أنه بالفعل لقيه في هذا المكان، وأفتى العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى بأن عليه الخُمس وقال: أكثر ما ينزل منامه منزلة حديث صحيح، وقد عارضه ما هو أصح منه، وهو حديث: (في الركاز الخمس) والقاعدة: أنه حينما يتعارض حديثان فمن طرق ووسائل الترجيح أن يكون أحدهما أقوى من حيث الصحة، فهذا أصح منه، ولا شك أن المنام سيكون دون ذلك، فيرد المنام ويُعمل بالراجح منهما.
ثم إني قرأت للشخص من طلبة العلم كلام يخص فتنة المهدية و الخلافة وهو من معبري الرؤى وأحد تلامذة ابن عثيمين كما يذكر عن نفسه وانا لا اعرفه حقيقة ولا اعرف منهجه - ولا يضره عدم معرفتي به إن كان عند الله صالحا - وهو رجل قد اعتلاه الشيب فله التقدير و الأحترام الشيخ مجالي البوق أحد الدعاة في مدينة جدة جزاه الله خيرا أن نبهنا فقليل من المعبرين من يفعل فعله و لعل الله ينجي أحداً بسبب ما كتب كتب الله له الأجر و المثوبة في الدنيا و الاخرة
قال الشيخ الكريم : [
يقول الشاطبي رحمه الله " وذلك أن هذه الأمور - يعني أمور الكشف والرؤى وغيرها من وسائل الاطلاع على الغيب - لا يصح أن تراعى وتعتبر ; إلا بشرط أن لا تخرم حكمًا شرعيًّا ولا قاعدةً دينية ; فإن ما يخرم قاعدة شرعية أو حكما شرعيا ليس بحق في نفسه ، بل هو إما خيال أو وهم ، وإما من إلقاء الشيطان ، وقد يخالطه ما هو حق وقد لا يخالطه ، وجميع ذلك لا يصح اعتباره من جهة معارضته لما هو ثابت مشروع ؛ وذلك أن التشريع الذي أتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام لا خاص - كما تقدم في المسألة قبل هذا- وأصله لا ينخرم ، ولا ينكسر له اطّراد ، ولا يُحاشَى من الدخول تحت حكمه مُكلَّف ، وإذا كان كذلك فكل ما جاء من هذا القبيل الذي نحن بصدده مضادًا لما تمهد في الشريعة ; فهو فاسد باطل " اهـ .
والرؤيا إذا كانت صادقة فإنها لا يمكن أن تخالف الشرع بل تأتي موافقة ومطابقة له، يقول ابن القيم رحمه الله: " ورؤيا الأنبياء وحي، فإنها معصومة من الشيطان، وهذا باتفاق الأمة،ولهذا أقدم الخليل على ذبح ابنه إسماعيل- عليهما السلام بالرؤيا-, وأما رؤيا غيرهم فتُعرَض على الوحي الصريح ، فإن وافقته وإلا لم يُعمل بها, فإنْ قيل : فما تقولون إذا كانت رؤيا صادقة ، أو تواطأت ؟قلنا: متى كانت كذلك استحال مخالفتها للوحي، بل لا تكون إلا مطابقة له، منبِّهةً عليه، أو منبِّهةً علىاندراج قضيةٍ خاصةٍ في حكمه، لم يعرف الرائي اندراجها فيه، فيتنبَّه بالرؤيا على ذلك." ]
قال حفظه الله : [ ..
فإنه يجب ألا تخالف الرؤى المتعلقة بالمهدي ما دلتْ عليه النصوص الشرعية في أنه حينما يظهر ويبايع له لا يكون هناك حكمٌ قائمٌ مستقِرٌّ، بل يكون الناس فوضى لا رأس لهم فإنه متى ما جاءت رؤى مخالفة لما دلتْ عليه النصوص عرفْنا أنها ليستْ صحيحةً ولا صادقةً وأنها قد تكون من حديث النفس أو وقع الخطأ في تعبيرها وأن دعوى التواطؤ فيها غير صحيحةٍ ولا تنطبق عليها الضوابطر التي ذكرناها، وإلا وقعنا في فتنٍ مشابهةٍ لما قد وقع سابقًا في فتنة جهيمان عام 1400هـ. ]
وقال سلمه الله عن فتنة جهيمان و محمد بن عبدالله القحطاني : [ .. ترتبط هذه الفتنة في أذهان الناس بأمر الرؤى ارتباطًا كبيرًا، وأصيب الناس بصدمة كبيرة من جراء هذه الفتنة فيما يتعلق بالرؤى حتى أسقط كثيرٌ منهم مسألة العمل بالرؤى وتواطؤ الرؤى-، و لكن هناك من الناس من يعلم أن ما حصل لا يلغي الرؤى وما جعله الله لها من الأهمية والمكانة، ولا يلغي ما قاله علماء الإسلام في هذا الشأن والخصوص، وأن الخطأ في تطبيق أمر دل الشرع على اعتباره لا يعني إلغاء هذا الأمر وإهماله وإغفالَ فضلهِ وإسقاطَ مكانته .. ]
وقال بارك الله فيه : [
وهذا أحد الإخوة رأى في المنام هاتفًا يسمعه ولا يراه يقول له "أنت المهدي." وكان الرائي من آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولما سأل عنها الشيخ يوسف المُطْلَق - رحمه الله - فسّرها له بقوله "إنها بشارةٌ لك باستكمال بعض الأمور الناقصة في دينك"، ومعنى كلام الشيخ - رحمه الله - أن الله سيهدي هذا الرائي.
ولقد سمعتُ - بنفسي - عددًا من الرؤى رآى فيها أصحابها هواتف في المنام يسمع الرائي فيها هاتفًا يقول: "أنت المهدي" ومن ذلك ما وقع لي عام 1422هـ وأنا في جنيف-سويسرا- بعد أن ألقيتُ محاضرةً عن الرؤى سألني أحدهم - وكان من آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله "إثر سهرةٍ حمراء نمتُ فرأيتُ هاتفًا يقول "قُم حارب الظلم، أنت المهدي" وكان رجلاً عاقلاً وقال لي: "أعتقد أن الرؤيا أولها حقٌ وآخرها باطل" فقلتُ له: "بل كلها حق" فتعجّب من كلامي، فقلت له: إنها تعني أن الله سيهديك، وتشارك في محاربة الظلم، فقال: "صدقْت، فإني بعد الرؤيا مَنّ الله عليّ بالاستقامة، وشاركْتُ في الجهاد أيام حرب البوسنة ضد الصرب".
والمقصود أنه يستحيل أن نعبر هذه الرؤى على ظاهرها وإلا أصبح عندنا عشرات المهديين بل مئاتٌ، ولا يمكن أن يكونوا كلهم المهدي المنتَظَر الذي بشّر به المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ومثل هذه الرؤى الصريحة - التي يعتقد من يسمعها أو يراها أنها على ظاهرها في البشارة - قد يقع بسببها مفاسد وشرور وفتن، ومن ذلك ما كان يعتقده البعض ويحلف ويقسم عليه من أن أبا عمر محمد بن عبد الله السيف - رحمه الله - هو المهدي بسبب عددٍ من الرؤى التي وردتْ فيه، وفهموا منها ذلك.
وكنتُ أقول إن هذه الرؤى تدل على أنه رجلٌ مَنّ الله عليه بالهدى فيما يقوم به من الجهاد والدعوة إلى الله والفُتيا في أرض الشيشان، ويستحيل أن يكون هو المهديُّ الذي بشّر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن الرجل ليس من آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - كما صرّح هو بنفسه عن ذلك, وكان بعض من يغلو فيه يقول: لعله من آل البيت وهو لا يعلم!! وكنتُ أقول: حتى لو صح هذا، فإن أحكام الشرع لا تتعلق بأمورٍ تظهر لبعض الناس وتخفى على آخرين، وفي هذه المسألة لا بد أن يكون نسبُه ظاهرًا واضحًا للجميع وأنه من آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما قُتِل - رحمه الله - عام 1426هـ تبيّن صدق وصحة ما كنتُ أقوله - ولله الحمد -، وسيأتي الكلام على ما يتعلق بحادثة جهيمان - رحمه الله - وما حصل من الفتنة في أمر المهدي؛ بسبب الخطأ في تفسير وفهم الرؤى المتعلقة بالشخص الذي كانوا يرون أنه المهدي، ألا وهو محمد بن عبد الله القحطاني - رحمه الله -.
وإنما أسهبتُ في الحديث عن هذا الأمر؛ لما حدث بسببه ولما سوف يحدث مستقبلاً من مفاسد وفتن نتيجةً للخطأ في فهم الرؤى وتفسيرها في هذا الخصوص. ]
و من أهم ما قال : [
ومنذ عام 1426هـ وما بعده من الأعوام كنتُ أحذِّر الشباب وأحذِّر من حولي بأن هناك فِتنًا قادمةً فيما يتعلق بأمر ظهور المهدي وأن هناك شخصيتين سوف تُدَّعى لهما المهدية أو الخلافة والإمامة العظمى وأنه سوف يحصل بسببهما -الشخصيتين- فتنٌ ومفاسد وشرور، ولن يتم لهما الأمر لا من حيث دعوى المهدية ولا من حيث انعقاد البيعة بالخلافة والإمامة العظمى، وأن الأول منهما سيُقتَل وأما الثاني فلم يتضحْ لي من خلال الرؤى ما إذا كان سيُقتَل أو أنه سيرجع عن هذا الأمر ولا يستمر فيه ويَسْلم من القتل.
وها نحن ذا في هذه الآونة، وفي هذا العام 1435هـ نسمع مَن يزعم أن أبا بكر البغدادي - الملقب بأمير المؤمنين للجماعة التي أطلقت على نفسها لقب (الدولة الإسلامية في العراق والشام) - هو الخليفة, وهناك قلةٌ من النّاس بدأوا يتكلمون عنه يقولون لماذا لا يكون هو المهدي الذي بشّر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخاصة أنّه قرشيٌّ هاشميٌّ !!
ولا أدري، فلربما كان هذا الرجل هو الأول من الشخصيتين اللتين حذَّرْتُ منهما؛ فيكون مآله إلى القتل!.
لقد كانت الرؤى تأتي بكثرةٍ ويظهر فيها أن جهيمان موجودٌ وحي، وكنتُ أقول: ستتكرر الفتنة في شأن المهدي؛ فاحذروا وانتبهوا , لا تتسرعوا ولا تستعجلوا , ولكنْ قدَرُ اللهِ نافذٌ , وهيَ أحداثٌ ستقعُ ولعلَّ الأمَّة تستفيدُ منها في مستقبل الأيامِ عندَ ظهور المهديِّ الحق , وتعرفُ إلى من تَرُدُّ الأمرَ في هذهِ المسائلِ والأمور العظيمة.
إنَّ هناكَ أشخاصًا كثيرين في العالم الإسلاميِّ تتبّعتُهم , ادَّعوا المهْديَّة ولا يزالون يُصرون على ذلك , وهم موجودون في الوقت الحاضر , ونخشى أن يحدث بسبب أحدٍ منهم فتنة كما حدثت فيما قبل , ونعوذُ بالله من مضلات الفتن.
إنّ الفتن إذا أقبلت التبست فيها الأمور وحارت فيها العقول , والمعصومُ من عصمهُ الله. ]
حقيقة الكثير منا لا يفقه باب الرؤى تماماً فهناك من يغلوا فيها كالصوفية و الخوارج و الكثير من أهل البدع و تغرهم و هناك من هو بالعكس لا يعطي للرؤى شأن مع ورود الأحاديث على العناية بها و عظيم أمرها وقد يكون هذا منه ردة فعل عكسية لما يرى من أهل البدع المخالفين للسنة
و الحق وسط بين الغالي و الجافي و الأمر يحتاج ضبط وعلم وبصيرة
و من أهم ما يعرف في هذا المقام :
* أن الدين كامل ولا نحتاج تشريع جديد و دين جديد ورأي يخالف السنة بسبب منام .
* أن الرؤى تسر و لا تغر .
* و أن الرؤى الصالحة الصادقة لا تجعل صاحبها يخالف السنة في أي أمر كان وهذا دليل صدقها .
* أن المنامات قابلة أن تكون حديث نفس و تلبيس من الشيطان .
* أن المعبر يعبر بالظن و خطأه وارد فقد أخطأ خير العالمين بعد الأنبياء و المرسلين الصديق رضي الله عنه .
وغير ذلك .
وكل ما سبق لا يعني أن لا نعطى الرؤى أهميتها وندرسها ونعتني بها فهي جزء من أجزاء نبوة و يكفى هذا لدلالة على أمرها .
وانظروا إلى فقه العز بن عبد السلام :
رُوي أن رجلاً رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له: اذهب إلى موضع كذا فاحفره فإن فيه رِكازاً إما معادن وإما كنز فخذه لك، ولا خُمس عليك فيه، فلما أصبح ذهب إلى ذلك الموضع فحفره فوجد الركاز فيه، فاستفتى علماء عصره فأفتوه بأنه لا خُمس عليه لصحة الرؤيا ودليل صحة الرؤيا أنه بالفعل لقيه في هذا المكان، وأفتى العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى بأن عليه الخُمس وقال: أكثر ما ينزل منامه منزلة حديث صحيح، وقد عارضه ما هو أصح منه، وهو حديث: (في الركاز الخمس) والقاعدة: أنه حينما يتعارض حديثان فمن طرق ووسائل الترجيح أن يكون أحدهما أقوى من حيث الصحة، فهذا أصح منه، ولا شك أن المنام سيكون دون ذلك، فيرد المنام ويُعمل بالراجح منهما.
ثم إني قرأت للشخص من طلبة العلم كلام يخص فتنة المهدية و الخلافة وهو من معبري الرؤى وأحد تلامذة ابن عثيمين كما يذكر عن نفسه وانا لا اعرفه حقيقة ولا اعرف منهجه - ولا يضره عدم معرفتي به إن كان عند الله صالحا - وهو رجل قد اعتلاه الشيب فله التقدير و الأحترام الشيخ مجالي البوق أحد الدعاة في مدينة جدة جزاه الله خيرا أن نبهنا فقليل من المعبرين من يفعل فعله و لعل الله ينجي أحداً بسبب ما كتب كتب الله له الأجر و المثوبة في الدنيا و الاخرة
قال الشيخ الكريم : [
يقول الشاطبي رحمه الله " وذلك أن هذه الأمور - يعني أمور الكشف والرؤى وغيرها من وسائل الاطلاع على الغيب - لا يصح أن تراعى وتعتبر ; إلا بشرط أن لا تخرم حكمًا شرعيًّا ولا قاعدةً دينية ; فإن ما يخرم قاعدة شرعية أو حكما شرعيا ليس بحق في نفسه ، بل هو إما خيال أو وهم ، وإما من إلقاء الشيطان ، وقد يخالطه ما هو حق وقد لا يخالطه ، وجميع ذلك لا يصح اعتباره من جهة معارضته لما هو ثابت مشروع ؛ وذلك أن التشريع الذي أتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام لا خاص - كما تقدم في المسألة قبل هذا- وأصله لا ينخرم ، ولا ينكسر له اطّراد ، ولا يُحاشَى من الدخول تحت حكمه مُكلَّف ، وإذا كان كذلك فكل ما جاء من هذا القبيل الذي نحن بصدده مضادًا لما تمهد في الشريعة ; فهو فاسد باطل " اهـ .
والرؤيا إذا كانت صادقة فإنها لا يمكن أن تخالف الشرع بل تأتي موافقة ومطابقة له، يقول ابن القيم رحمه الله: " ورؤيا الأنبياء وحي، فإنها معصومة من الشيطان، وهذا باتفاق الأمة،ولهذا أقدم الخليل على ذبح ابنه إسماعيل- عليهما السلام بالرؤيا-, وأما رؤيا غيرهم فتُعرَض على الوحي الصريح ، فإن وافقته وإلا لم يُعمل بها, فإنْ قيل : فما تقولون إذا كانت رؤيا صادقة ، أو تواطأت ؟قلنا: متى كانت كذلك استحال مخالفتها للوحي، بل لا تكون إلا مطابقة له، منبِّهةً عليه، أو منبِّهةً علىاندراج قضيةٍ خاصةٍ في حكمه، لم يعرف الرائي اندراجها فيه، فيتنبَّه بالرؤيا على ذلك." ]
قال حفظه الله : [ ..
فإنه يجب ألا تخالف الرؤى المتعلقة بالمهدي ما دلتْ عليه النصوص الشرعية في أنه حينما يظهر ويبايع له لا يكون هناك حكمٌ قائمٌ مستقِرٌّ، بل يكون الناس فوضى لا رأس لهم فإنه متى ما جاءت رؤى مخالفة لما دلتْ عليه النصوص عرفْنا أنها ليستْ صحيحةً ولا صادقةً وأنها قد تكون من حديث النفس أو وقع الخطأ في تعبيرها وأن دعوى التواطؤ فيها غير صحيحةٍ ولا تنطبق عليها الضوابطر التي ذكرناها، وإلا وقعنا في فتنٍ مشابهةٍ لما قد وقع سابقًا في فتنة جهيمان عام 1400هـ. ]
وقال سلمه الله عن فتنة جهيمان و محمد بن عبدالله القحطاني : [ .. ترتبط هذه الفتنة في أذهان الناس بأمر الرؤى ارتباطًا كبيرًا، وأصيب الناس بصدمة كبيرة من جراء هذه الفتنة فيما يتعلق بالرؤى حتى أسقط كثيرٌ منهم مسألة العمل بالرؤى وتواطؤ الرؤى-، و لكن هناك من الناس من يعلم أن ما حصل لا يلغي الرؤى وما جعله الله لها من الأهمية والمكانة، ولا يلغي ما قاله علماء الإسلام في هذا الشأن والخصوص، وأن الخطأ في تطبيق أمر دل الشرع على اعتباره لا يعني إلغاء هذا الأمر وإهماله وإغفالَ فضلهِ وإسقاطَ مكانته .. ]
وقال بارك الله فيه : [
وهذا أحد الإخوة رأى في المنام هاتفًا يسمعه ولا يراه يقول له "أنت المهدي." وكان الرائي من آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولما سأل عنها الشيخ يوسف المُطْلَق - رحمه الله - فسّرها له بقوله "إنها بشارةٌ لك باستكمال بعض الأمور الناقصة في دينك"، ومعنى كلام الشيخ - رحمه الله - أن الله سيهدي هذا الرائي.
ولقد سمعتُ - بنفسي - عددًا من الرؤى رآى فيها أصحابها هواتف في المنام يسمع الرائي فيها هاتفًا يقول: "أنت المهدي" ومن ذلك ما وقع لي عام 1422هـ وأنا في جنيف-سويسرا- بعد أن ألقيتُ محاضرةً عن الرؤى سألني أحدهم - وكان من آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله "إثر سهرةٍ حمراء نمتُ فرأيتُ هاتفًا يقول "قُم حارب الظلم، أنت المهدي" وكان رجلاً عاقلاً وقال لي: "أعتقد أن الرؤيا أولها حقٌ وآخرها باطل" فقلتُ له: "بل كلها حق" فتعجّب من كلامي، فقلت له: إنها تعني أن الله سيهديك، وتشارك في محاربة الظلم، فقال: "صدقْت، فإني بعد الرؤيا مَنّ الله عليّ بالاستقامة، وشاركْتُ في الجهاد أيام حرب البوسنة ضد الصرب".
والمقصود أنه يستحيل أن نعبر هذه الرؤى على ظاهرها وإلا أصبح عندنا عشرات المهديين بل مئاتٌ، ولا يمكن أن يكونوا كلهم المهدي المنتَظَر الذي بشّر به المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ومثل هذه الرؤى الصريحة - التي يعتقد من يسمعها أو يراها أنها على ظاهرها في البشارة - قد يقع بسببها مفاسد وشرور وفتن، ومن ذلك ما كان يعتقده البعض ويحلف ويقسم عليه من أن أبا عمر محمد بن عبد الله السيف - رحمه الله - هو المهدي بسبب عددٍ من الرؤى التي وردتْ فيه، وفهموا منها ذلك.
وكنتُ أقول إن هذه الرؤى تدل على أنه رجلٌ مَنّ الله عليه بالهدى فيما يقوم به من الجهاد والدعوة إلى الله والفُتيا في أرض الشيشان، ويستحيل أن يكون هو المهديُّ الذي بشّر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن الرجل ليس من آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - كما صرّح هو بنفسه عن ذلك, وكان بعض من يغلو فيه يقول: لعله من آل البيت وهو لا يعلم!! وكنتُ أقول: حتى لو صح هذا، فإن أحكام الشرع لا تتعلق بأمورٍ تظهر لبعض الناس وتخفى على آخرين، وفي هذه المسألة لا بد أن يكون نسبُه ظاهرًا واضحًا للجميع وأنه من آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما قُتِل - رحمه الله - عام 1426هـ تبيّن صدق وصحة ما كنتُ أقوله - ولله الحمد -، وسيأتي الكلام على ما يتعلق بحادثة جهيمان - رحمه الله - وما حصل من الفتنة في أمر المهدي؛ بسبب الخطأ في تفسير وفهم الرؤى المتعلقة بالشخص الذي كانوا يرون أنه المهدي، ألا وهو محمد بن عبد الله القحطاني - رحمه الله -.
وإنما أسهبتُ في الحديث عن هذا الأمر؛ لما حدث بسببه ولما سوف يحدث مستقبلاً من مفاسد وفتن نتيجةً للخطأ في فهم الرؤى وتفسيرها في هذا الخصوص. ]
و من أهم ما قال : [
ومنذ عام 1426هـ وما بعده من الأعوام كنتُ أحذِّر الشباب وأحذِّر من حولي بأن هناك فِتنًا قادمةً فيما يتعلق بأمر ظهور المهدي وأن هناك شخصيتين سوف تُدَّعى لهما المهدية أو الخلافة والإمامة العظمى وأنه سوف يحصل بسببهما -الشخصيتين- فتنٌ ومفاسد وشرور، ولن يتم لهما الأمر لا من حيث دعوى المهدية ولا من حيث انعقاد البيعة بالخلافة والإمامة العظمى، وأن الأول منهما سيُقتَل وأما الثاني فلم يتضحْ لي من خلال الرؤى ما إذا كان سيُقتَل أو أنه سيرجع عن هذا الأمر ولا يستمر فيه ويَسْلم من القتل.
وها نحن ذا في هذه الآونة، وفي هذا العام 1435هـ نسمع مَن يزعم أن أبا بكر البغدادي - الملقب بأمير المؤمنين للجماعة التي أطلقت على نفسها لقب (الدولة الإسلامية في العراق والشام) - هو الخليفة, وهناك قلةٌ من النّاس بدأوا يتكلمون عنه يقولون لماذا لا يكون هو المهدي الذي بشّر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخاصة أنّه قرشيٌّ هاشميٌّ !!
ولا أدري، فلربما كان هذا الرجل هو الأول من الشخصيتين اللتين حذَّرْتُ منهما؛ فيكون مآله إلى القتل!.
لقد كانت الرؤى تأتي بكثرةٍ ويظهر فيها أن جهيمان موجودٌ وحي، وكنتُ أقول: ستتكرر الفتنة في شأن المهدي؛ فاحذروا وانتبهوا , لا تتسرعوا ولا تستعجلوا , ولكنْ قدَرُ اللهِ نافذٌ , وهيَ أحداثٌ ستقعُ ولعلَّ الأمَّة تستفيدُ منها في مستقبل الأيامِ عندَ ظهور المهديِّ الحق , وتعرفُ إلى من تَرُدُّ الأمرَ في هذهِ المسائلِ والأمور العظيمة.
إنَّ هناكَ أشخاصًا كثيرين في العالم الإسلاميِّ تتبّعتُهم , ادَّعوا المهْديَّة ولا يزالون يُصرون على ذلك , وهم موجودون في الوقت الحاضر , ونخشى أن يحدث بسبب أحدٍ منهم فتنة كما حدثت فيما قبل , ونعوذُ بالله من مضلات الفتن.
إنّ الفتن إذا أقبلت التبست فيها الأمور وحارت فيها العقول , والمعصومُ من عصمهُ الله. ]