بسم الله الرحمن الرحيم
يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر :
بلغني عن بعض الكرماء أن رجلا سأله فقال:
أنا الذي أحسنت إلي يوم كذا وكذا، فقال: مرحبا بمن يتوسل إلينا بنا،
ثم قضى حاجته.
فأخذت من ذلك إشارة،
فناجيت بها فقلت: أنت الذي هديته (يعني نفسه) من زمن الطفولة،
وحفظته
من الضلال، وعصمته عن كثير من الذنوب، وألهمته طلب العلم لا بفهم لشرف العلم
لموضع الصغر، ولا بحب والده (لموت الوالد)،
ورزقته فهما لتفقهه وتصنيفه، وهيأت له
أسباب جمعه، وقمت برزقه من غير تعب منه،
ولا ذل للخلق بالسؤال، وحاميت عنه الأعداء،
فلم يقصده جبار،
وجمعت له ما لم تجمع لأكثر الخلق من فنون العلم، التي لا تكاد تجتمع في
شخص،
وأضفت إليها تعلق القلب بمعرفتك ومحبتك وحسن العبارة ولطفها في الدلالة عليك
ووضعت له في القلوب القبول حتى أن الخلق يقبلون عليه ويقبلون ما يقوله،
ولا يشكون فيه،
ويشتاقون إلى كلامه، ولا يدركهم الملل منه، وصنته بالعزلة عن
مخالطة من لا يصلح، وآنسته في
خلوته بالعلم تارة، وبمناجاتك أخرى،
وإن ذهبت أعد لم أقدر على إحصاء عشير العشير {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}.
فيا محسنا إلي قبل أن أطلب لا تخيب أملي فيك وأنا أطلب.
فبإنعامك المتقدم أتوسل إليك.