- إنضم
- 5 أكتوبر 2013
- المشاركات
- 8,034
- التفاعل
- 24,205
- النقاط
- 122
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - آمَنَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَدَّقَهُ، فَجَاءَ عُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَسَأَلُوهُ ، فَأَخْبَرَهُمْ بِإِيمَانِهِ فَآمَنُوا وَنَزَلَتْ فِيهِمْ { فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ } قَالَ : يُرِيدُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ .
{ ..... فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ } الزمر ( 17 – 18 )
اطلاقات العبادة بحسب الاسمية والمصدرية :
العبادة باعتبارها مصدراً تعني التعبد ، وهو فعل العابد وتعريفها : التذلل لله محبة وتعظيماً بفعل أوامره واجتناب نواهيه على الوجه الذي جاءت به شرائعه .
وأما باعتبارها اسماً ، فهي تعني : المتعبد به وتعريفها : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
ومن التعريف المذكور في معنى العبادة باعتبارها اسماً يتضح أن للعبادة أربع مراتب وهي :
قول القلب ، وقول اللسان ، وعمل القلب ، وعمل الجوارح ، وهذا معنى قوله : من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
وقد فصل ابن القيم هذه المراتب فقال :
قول القلب :
هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه وعن أسمائه وصفاته وأفعاله، وملائكته ولقائه على لسان رسله .
وقول اللسان :
الإخبار عنه بذلك والدعوة إليه والذب عنه وتبيين بطلان البدع المخالفة له ، والقيام بذكره وتبليغ أوامره .
وعمل القلب :
كالمحبة له والتوكل عليه والإنابة إليه والخوف منه والرجاء له ، وإخلاص الدين له ، والصبر على أوامره وعن نواهيه وعلى أقداره والرضى به عنه ، والموالاة فيه والمعاداة فيه ، والذل له ، والخضوع ، والإخبات إليه والطمأنينة به .
وأعمال الجوارح :
كالصلاة والجهاد ونقل الأقدام إلى الجمعة والجماعات ، ومساعدة العاجز ، والإحسان إلى الخلق ، ونحو ذلك .
إن التبشير بالخير وبما يشرح الصدر ويبهج النفس ويبعث على الاطمئنان والتفاؤل هو منهج رباني ونهج نبوي ، أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله { فَبَشِّرْ عِبَادِ }
لذلك الآيات الآمرة بالتبشير كثيرة كقوله تعالى { وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } البقره
{ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } ، { وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ } الحج ، { وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ } الحج ...... الى آخر الآيات الداله على البشارة .
وهو من مقاصد إرسال الرسل ، وهو وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأتباعه ، فما أحوجنا في هذه الأيام إلى رفع راية التبشير في ظل أجواء يخيم عليها القلق والاضطراب والفزع والخوف وأن نتعرف على ماهية هذا التبشير ، وأهمية هذا التبشير ، وما هي البشارات التي جاءت في الكتاب والسنة
ويبين ويوضح الشيخ ابن سعدي رحمه الله مجالات البشارة ونطاقها انها أخروية ودنيوية فيقول :
( أما في الآخرة فهي البشارة برضى الله وثوابه ، والنجاة من غضبه وعقابه ، عند الموت وفي القبر وعند القيام إلى البعث، يبعث الله لعبده المؤمن في تلك المواضع بالبشرى على أيدي الملائكة، كما تواترت بذلك نصوص الكتاب والسنة .
وأما البشارة في الدنيا التي يعجلها الله للمؤمنين نموذجا وتعجيلا لفضله وتعرفا لهم بذلك ، وتنشيطا لهم على الأعمال فأهمها توفيقه لهم للخير ، وعصمته لهم من الشر ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : { أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة } متفق عليه .
فإذا كان العبد يجد أعمال الخير ميسرة له ، مسهلة عليه ، ويجد نفسه محفوظا بحفظ الله عن الأعمال التي تضره ، كان هذا من البشرى التي يستدل بها المؤمن على عاقبة أمره ؛ فإن الله أكرم الأكرمين ، وأجود الأجودين ، وإذا ابتدأ عبده بالإحسان أتمه ، فأعظم منة وإحسان يمن به عليه إحسانه الديني ، فيسر المؤمن بذلك أكمل السرور ، سرور بمنة الله عليه بأعمال الخير وتيسيرها ؛ لأن أعظم علامات الإيمان محبة الخير ، والرغبة فيه ، والسرور بفعلهن ، وسرور ثان بطمعه الشديد ، في إتمام الله نعمته عليه ودوام فضله ) . انتهى .
أن البشارة للمؤمن مقدمة فضل الله تعالى عليه ، وتمهيد لما هو مقدم عليه ، فعليه أن يخلص العمل لله تعالى ، ويحقق الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن ذلك حقيقة الاستقامة التي هي من أسباب البشارة ، كما قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وابشروا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }
وإذا حصل له شيء من البشارات فلا يعجب ولا يبطر ، بل يتواضع ويشكر ويزيد من العمل ويكثر من الذكر ، فهذا شأن العقلاء ، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يقوم حتى تتفطر قدماه عبودية وشكرا، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه.. قالت عائشة : يا رسول الله أتصنع هذا وقد غُفِرَ لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟، فقال صلى الله عليه وسلم :« يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا» أخرجه مسلم .
{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ } : القرآن .
{ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } قال السدي : أحسن ما يؤمرون فيعملون به .
وقيل : هو أن الله تعالى ذكر في القرآن الانتصار من الظالم وذكر العفو ، والعفو أحسن الأمرين .
وقيل : ذكر العزائم والرخص فيتبعون الأحسن وهو العزائم .
وقيل : يستمعون القرآن وغير القرآن فيتبعون القرآن .
نسأل الله تعالى أن يتولانا برحمته ، وأن يزيدنا من فضله ، وأن يكرمنا بطاعته ، وأن يوفقنا لشكره وحسن عبادته ، وبالله التوفيق.
يتبع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - آمَنَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَدَّقَهُ، فَجَاءَ عُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَسَأَلُوهُ ، فَأَخْبَرَهُمْ بِإِيمَانِهِ فَآمَنُوا وَنَزَلَتْ فِيهِمْ { فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ } قَالَ : يُرِيدُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ .
{ ..... فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ } الزمر ( 17 – 18 )
اطلاقات العبادة بحسب الاسمية والمصدرية :
العبادة باعتبارها مصدراً تعني التعبد ، وهو فعل العابد وتعريفها : التذلل لله محبة وتعظيماً بفعل أوامره واجتناب نواهيه على الوجه الذي جاءت به شرائعه .
وأما باعتبارها اسماً ، فهي تعني : المتعبد به وتعريفها : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
ومن التعريف المذكور في معنى العبادة باعتبارها اسماً يتضح أن للعبادة أربع مراتب وهي :
قول القلب ، وقول اللسان ، وعمل القلب ، وعمل الجوارح ، وهذا معنى قوله : من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
وقد فصل ابن القيم هذه المراتب فقال :
قول القلب :
هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه وعن أسمائه وصفاته وأفعاله، وملائكته ولقائه على لسان رسله .
وقول اللسان :
الإخبار عنه بذلك والدعوة إليه والذب عنه وتبيين بطلان البدع المخالفة له ، والقيام بذكره وتبليغ أوامره .
وعمل القلب :
كالمحبة له والتوكل عليه والإنابة إليه والخوف منه والرجاء له ، وإخلاص الدين له ، والصبر على أوامره وعن نواهيه وعلى أقداره والرضى به عنه ، والموالاة فيه والمعاداة فيه ، والذل له ، والخضوع ، والإخبات إليه والطمأنينة به .
وأعمال الجوارح :
كالصلاة والجهاد ونقل الأقدام إلى الجمعة والجماعات ، ومساعدة العاجز ، والإحسان إلى الخلق ، ونحو ذلك .
إن التبشير بالخير وبما يشرح الصدر ويبهج النفس ويبعث على الاطمئنان والتفاؤل هو منهج رباني ونهج نبوي ، أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله { فَبَشِّرْ عِبَادِ }
لذلك الآيات الآمرة بالتبشير كثيرة كقوله تعالى { وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } البقره
{ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } ، { وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ } الحج ، { وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ } الحج ...... الى آخر الآيات الداله على البشارة .
وهو من مقاصد إرسال الرسل ، وهو وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأتباعه ، فما أحوجنا في هذه الأيام إلى رفع راية التبشير في ظل أجواء يخيم عليها القلق والاضطراب والفزع والخوف وأن نتعرف على ماهية هذا التبشير ، وأهمية هذا التبشير ، وما هي البشارات التي جاءت في الكتاب والسنة
ويبين ويوضح الشيخ ابن سعدي رحمه الله مجالات البشارة ونطاقها انها أخروية ودنيوية فيقول :
( أما في الآخرة فهي البشارة برضى الله وثوابه ، والنجاة من غضبه وعقابه ، عند الموت وفي القبر وعند القيام إلى البعث، يبعث الله لعبده المؤمن في تلك المواضع بالبشرى على أيدي الملائكة، كما تواترت بذلك نصوص الكتاب والسنة .
وأما البشارة في الدنيا التي يعجلها الله للمؤمنين نموذجا وتعجيلا لفضله وتعرفا لهم بذلك ، وتنشيطا لهم على الأعمال فأهمها توفيقه لهم للخير ، وعصمته لهم من الشر ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : { أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة } متفق عليه .
فإذا كان العبد يجد أعمال الخير ميسرة له ، مسهلة عليه ، ويجد نفسه محفوظا بحفظ الله عن الأعمال التي تضره ، كان هذا من البشرى التي يستدل بها المؤمن على عاقبة أمره ؛ فإن الله أكرم الأكرمين ، وأجود الأجودين ، وإذا ابتدأ عبده بالإحسان أتمه ، فأعظم منة وإحسان يمن به عليه إحسانه الديني ، فيسر المؤمن بذلك أكمل السرور ، سرور بمنة الله عليه بأعمال الخير وتيسيرها ؛ لأن أعظم علامات الإيمان محبة الخير ، والرغبة فيه ، والسرور بفعلهن ، وسرور ثان بطمعه الشديد ، في إتمام الله نعمته عليه ودوام فضله ) . انتهى .
أن البشارة للمؤمن مقدمة فضل الله تعالى عليه ، وتمهيد لما هو مقدم عليه ، فعليه أن يخلص العمل لله تعالى ، ويحقق الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن ذلك حقيقة الاستقامة التي هي من أسباب البشارة ، كما قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وابشروا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }
وإذا حصل له شيء من البشارات فلا يعجب ولا يبطر ، بل يتواضع ويشكر ويزيد من العمل ويكثر من الذكر ، فهذا شأن العقلاء ، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يقوم حتى تتفطر قدماه عبودية وشكرا، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه.. قالت عائشة : يا رسول الله أتصنع هذا وقد غُفِرَ لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟، فقال صلى الله عليه وسلم :« يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا» أخرجه مسلم .
{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ } : القرآن .
{ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } قال السدي : أحسن ما يؤمرون فيعملون به .
وقيل : هو أن الله تعالى ذكر في القرآن الانتصار من الظالم وذكر العفو ، والعفو أحسن الأمرين .
وقيل : ذكر العزائم والرخص فيتبعون الأحسن وهو العزائم .
وقيل : يستمعون القرآن وغير القرآن فيتبعون القرآن .
نسأل الله تعالى أن يتولانا برحمته ، وأن يزيدنا من فضله ، وأن يكرمنا بطاعته ، وأن يوفقنا لشكره وحسن عبادته ، وبالله التوفيق.
يتبع