• انت....زائر..... هل ذكرت الله اليوم...... هل صليت على نبي الله اليوم ابدا الان وسجل ما يسرك ان تلقى الله به
  • سبحانه الله وبحمده سبحان الله العظيم واستغفر الله
  • اللهم ان ظلمت من ضعفي فانصرني بقوتك
  • اللهم إني أسألُك من فضلِك و رحمتِك ؛ فإنَّه لا يملُكها إلا أنت
  • أحب ما تعبدني به عبدي النصح لي وفي رواية لكل مسلم رواه أحمد عن أبي أمامة الباهلي والحكيم وأبو نعيم
  • {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (255) سورة البقرة
  • أربع خصال واحدة فيما بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين عبادي وواحدة لي وواحدة لك فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا وأما التي لك فما عملت من خير جزيتك به وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الإجابة وأما التي بينك وبين عبادي ترضى لهم ما ترضى لنفسك رواه أبو نعيم عن أنس
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا الحديث بتمعن.......................... إﻧﻤﺎ أﺗﻘﺒﻞ اﻟﺼﻼة ﻣﻤﻦ ﺗﻮاﺿﻊ ﺑﮭﺎ ﻟﻌﻈﻤﺘﻲ وﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻲ وﻟﻢ ﯾﺒﺖ ﻣﺼﺮا ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺼﯿﺘﻲ وﻗﻄﻊ ﻧﮭﺎره ﻓﻲ ذﻛﺮي ورﺣ ﻢ اﻟﻤﺴﻜﯿﻦ واﺑﻦ اﻟﺴﺒﯿﻞ واﻷرﻣﻠﺔ ورﺣﻢ اﻟﻤﺼﺎب ذﻟﻚ ﻧﻮره ﻛﻨﻮر اﻟﺸﻤﺲ أﻛﻠﺆه ﺑﻌﺰﺗﻲ وأﺳﺘﺤﻔﻈﮫ ﺑﻤﻼﺋﻜﺘﻲ أﺟﻌﻞ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻈﻠﻤﺔ ﻧﻮرا وﻓﻲ اﻟﺠﮭﺎﻟﺔ ﺣﻠﻤﺎ وﻣﺜﻠﮫ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﻲ ﻛﻤﺜﻞ اﻟﻔﺮدوس ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ رواه اﻟﺒﺰار ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس
  • بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)
  • قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)
  • سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت : 53]
  • أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما خلق، و برأ و ذرأ، و من شر ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها و من شر ما ذرأ في الأرض و من شر ما يخرج منها، و من شر فتن الليل و النهار و من شر كل طارق، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمان". رواه أحمد.
  • وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ (98) سورة المؤمنون
  • عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحاً، وتخرج الماشية وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أوثمانيا، -يعني حججاً-. رواه الحاكم
  • عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة. رواه أبو داود وابن ماجه
  • في رواية لأبي داود: لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا .
  • قال ﷺ : " اللهم فاطرَ السموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، ربَّ كلِّ شيء ومليكَه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شرِّ نفْسي، وشرِّ الشيطان، وشِرْكَْه ، وأن أقترف على نفسي سوءًا، أو أجرّه إلى مسلم "
  • من شغله قراءة القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته ثواب الشاكرين رواه ابن حذيفة عن شاهين عن أبي سعيد الخدري
  • وعزتي وجلالي ورحمتي لا أدع في النار أحدا قال لا إله إلا الله رواه تمام عن أنس بن مالك
  • اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، أرحم الراحمين ، أنت أرحم الراحمين ، إلى من تكلني ، إلى عدو يتجهمني ، أو إلى قريب ملكته أمري ، إن لم تكن غضبان علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، أن تنزل بي غضبك ، أو تحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك ) رواه الطبراني
  • اللهم اني مغلوب فانتصر
  • وانذر عشيرتك الأقربين ----------- اللهم فاشهد انني بلغت وحذرت
  • اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا الدعاء ... اللهم انك اقدرت بعض خلقك على السحر والشر ولكنك احتفظت لذاتك باذن الضر اللهم اعوذ بما احتفظت به مما اقدرت عليه شرار خلقك بحق قولك وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ
  • اللهم انت خلقتني وانت تهديني وانت تطعمني وانت تسقيني وانت تميتني وانت تحييني ***** لا اله الا الله******
  • إلهي عبد من عبادك ، غريب في بلادك ، لو علمت أن عذابي يزيد في ملكك ، وعفوك عني ينقص من ملكك لما سألتك المغفرة ، وليس لي ملجأ ولا رجاء إلا أنت ، وقد سمعت فيما أنزلت أنك قلت : إني أنا الغفور الرحيم ، فلا تخيب رجائي.
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا القران.......................... ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد.................. ............................. ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد .............................. ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد

نور الهدى

مشرفة
طاقم الإدارة
الاشراف
عضوية ماسية
محفظ قرآن كريم
إنضم
22 يونيو 2013
المشاركات
9,450
مستوى التفاعل
28,229
النقاط
122
الإقامة
المدينة النبوية
خطورة الفتن
وذم السعي فيها قبل انجلاء أمرها

تقدم بنا أن الفتنة بمعناها الشامل تعني اضطراب أحوال الناس وانبعاث الخوف في نفوسهم على الأنفس والأموال والأعراض، وغياب العدل وانفراط عقد الانتظام في الأمور بين المجتمعات، فيؤدي ذلك إلى الأخطار الجسيمة كالقتل والنهب وهتك الأعراض وقطع السبيل، وغير ذلك مما يجعل الحياة ألمًا وبؤسًا.

والفتن تثور وتلتهب كالنار إذا وجدت أسبابها ومؤججاتها؛

لذا حذر الشرع من خطورة السعي فيها وإذكائها .

ومما يدل على خطورة الفتن مواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - على التعوذ منها دبر كل صلاة فكان من دعائه « وَأَعُوذُ بِاللهِ مِنْ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ».([156])

ومن خطورتها أنها إذا وقعت لا تميز بين فريق وفريق ولا طائفة وأخرى قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾.[الأنفال: 25]. وعند ما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - لـمّا حذّر من الفتن: « أَ نَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ».([157])
 

نور الهدى

مشرفة
طاقم الإدارة
الاشراف
عضوية ماسية
محفظ قرآن كريم
إنضم
22 يونيو 2013
المشاركات
9,450
مستوى التفاعل
28,229
النقاط
122
الإقامة
المدينة النبوية
ذم السعي في الفتنة:

وردت أحاديث صحيحة في ذم الفتنة والسعي فيها والأمر باعتزالها،وأن القاتل والمقتول في النار ، ومن تلك الأحاديث :
ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: « سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ».([158])


وروى أبو داود والترمذي وأحمد عن أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ، صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ([159]) وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ فَإِنْ دُخِلَ - يَعْنِي عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ - فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ ».([160])


لذا كان الصحابة - رضي الله عنهم - أشد الناس حذرًا من الفتن والخوض فيها، فهذا ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول: لأكونن في الفتنة مثل الجمل الرَّداح، وهو الثقيل الذي يحمل عليه الحمل الثقيل فيَهْرَج فيبرك ولا ينبعث حتى يُنْحر. ([161])

وممن اعتزل الفتنة من الصحابة: ابن مالك وهو سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، وأسامة بن زيد،([162]) وصهيب بن سنان أبو يحيى النَّمّري،([163]) وعمران بن حُصين،([164]) وسعيد بن العاص،([165]) في عدة من الصحابة تخلفوا عن الفريقين- أي عن علي ومن خرج عليه - وقعدوا عن تلك الفتنة حتى انجلت. ولم يشهدها من مشاهير التابعين: الربيع بن خثيم، ومسروق بن الأجدع، والأسود بن يزيد، وأبو عبد الرحمن السلمي. ([166])


<<< يتبع
 

نور الهدى

مشرفة
طاقم الإدارة
الاشراف
عضوية ماسية
محفظ قرآن كريم
إنضم
22 يونيو 2013
المشاركات
9,450
مستوى التفاعل
28,229
النقاط
122
الإقامة
المدينة النبوية
خطر الكلمة في الفتنة:

وقع الكلمة في الفتن قد يكون أشد فتكًا من السلاح، وأثرها أوسع وأعمق في النفوس، فكم من أمر كان في بدايته هيِّنًا يسيرًا ثم تأجّجَ وسَرَى واسْتَعَرَ بما نفخ فيه أهل الباطل ودعاة الشر، وكم أخمدت فتن ودثرت في مهدها بسبب كلمة من حكيم أو عاقل، فانظر إلى كلمة سيدنا أبي بكر - رضي الله عنه - في سقيفة بني ساعدة كيف دَثَرت فتنة كادت تنشب بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الأنصار والمهاجرين فيمن يخلفه، قال عمر: أردت أن أتكلم، وقد كنت زورت - أي هيأت وحسنت - مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر، فقال: على رسلك، فكرهت أن أغضبه. ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغَ الناسِ، والله ما ترك كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل حتى سكت. ([167])

وتمت البيعة لأبي بكر بعد ذلك وانطفأت الفتنة في مهدها.

وعن حذيفة بن أسيد - رضي الله عنه - قال: «شَرُّ الناس في الفتْنَة الخطيبُ الْمِصْقَع، والراكب الموضِع»، والمصقع: أي البليغُ الماهرُ في خُطْبته الدَّاعِي إلى الفِتَنِ الذي يُحرِّضُ الناسَ عليها، والموضع: أي المسرع فيها. ([168])

وفي رواية ابن أبي شيبة: قال حذيفة: «أتَتْكُمُ الفِتَنُ مِثْلَ قِطَعِ اللّيلِ الـمُظْلِم، يَهْلِكُ فيها كلُّ شُجاعٍ بَطَلٍ، وكُلُّ راكبٍ مُوضِعٍ، وكلُّ خَطيبٍ مِصْقَعٍ». ([169])

ورأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطباء الفتنة ليلة أسري به بصورة أناس تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقارض من نار، عن أنس قال: قال رسول الله، صلى الله عليه و سلم: «أتيتُ على سماءِ الدّنيا لَيْلةَ أُسْرِيَ بي فإذا فيها رجالٌ تُقطَّعُ ألْسِنَتُهُمْ وشِفاهُهُمْ بمقارِضَ مِنْ نارٍ. فقلتُ: يا جِبْريلُ مَنْ هؤلاءِ ؟ قالَ : خُطَباءُ أمَّتِكَ».([170]) وفي رواية أخرى « ما هؤلاءِ يا جِبْريلُ ؟ » قالَ: هؤلاءِ خُطَباءُ أمَّتِكَ خُطَباءُ الفِتْنَة يقولونَ ما لا يَفْعَلونَ».([171])

ونحن اليوم نعيش فتنة الكلمة في أوج ذروتها، فالقنوات الفضائية لا تكاد تعد من كثرتها، وخطباء الفتنة فيها بحت حناجرهم في إذكائها، وتزيين الباطل وقلب الحقائق، فَعَلَتْ أصواتهُم على أصوات العقلاء، ومُكّنوا أكثر من غيرهم، فأصبحت الأمة تعاني ما تعاني من تمييع للحقائق وتجييش للشر، فاختلطت الأمور على الناس ودبت فيهم الفتن واستحر بسبب ذلك القتل والنزاع، وكل يدعي أنه يريد الخير لهذه الأمة، وصدق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ يقول: « إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ ».([172])


<< يتبع
 

نور الهدى

مشرفة
طاقم الإدارة
الاشراف
عضوية ماسية
محفظ قرآن كريم
إنضم
22 يونيو 2013
المشاركات
9,450
مستوى التفاعل
28,229
النقاط
122
الإقامة
المدينة النبوية
انجلاء الفتنة:

غالبًا ما تكون الفتن في بدايتها غامضة غير واضحة المعالم، لا يدرى الهدف منها، ولا مَنْ وراء إثارتها، وهذه أخطر مرحلة في الفتن؛ لذا يحار الناس في أمرها ويحجم كثير من العقلاء عن الدخول فيها، ولكن ربما ينجلي الأمر بعد ذلك ؛

لأن الفتنة:

إما أن تكون بين باطل وباطل وهذا سينجلي لذوي العقول الراجحة، وستظهر الأطماع والمصالح وسيفضح بعضهم بعضًا؛ لأن الباطل لا بد أن يظهر أمره مهما حاول أهله إخفاءه، ولكنه قد يطول؛ لأن كلًّا يوكل إلى قوته.

وإما أن تكون الفتنة بين حق وباطل، وهذا أمره سيكون أسرع في الوضوح وغالبًا لا يطول لأن؛ الباطل زهوق، وللحق علامات لا تخفى على العقلاء وأهل الإيمان، يدل لذلك قوله، تعالى: ﴿ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ﴾. [الرعد: 17].

والحق لا بد أن يكون له أتباع ومناصرون حتى يظهر على أهل الباطل ومناصريه، ويشهد لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في وصف فتنة الدهيماء فيما يرويه عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: « ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ لاَ تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلاَّ لَطَمَتْهُ لَطْمَةً فَإِذَا قِيلَ انْقَضَتْ تَمَادَتْ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ، فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لاَ نِفَاقَ فِيهِ، وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لاَ إِيمَانَ فِيهِ».([173])

والدهيماء: السوداء أي الفتنة المظلمة.

ولا يتصور أن يكو اختلاف بين حق وحق ؛ لأن الحق واحد لا يتعدد.

فإذا انجلت الفتنة وتمايز الحق من الباطل، فلا يسع المؤمن أن يخذل أهل الحق؛ لأن المجتمع كالسفينة إذا غرقت لم ينج منها أحد كما قال، صلى الله عليه وسلم: « مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا. فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا ».([174])

وقوله: « لاَ قُدِّسَتْ أُمَّةٌ ». أَوْ :« كَيْفَ قُدِّسَتْ لاَ يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهَا مِنْ شَدِيدِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتَعٍ ».([175])

ونصرة الحق وأهله والأخذ على يد الظالم هو من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، بل هو مطلب يقتضيه مبدأ العدل في كل أمة، وإذا لم يؤخذ على يد مثيري الفتن والساعين فيها تعبت المجتمعات في كل زمان ومكان، وفسدت مصالح العباد والبلاد.

قال الطبري: والصواب أن يقال إن الفتنة أصلها الابتلاء، وإنكار المنكر واجب على كل من قدر عليه، فمن أعان المحق أصاب ومن أعان المخطئ أخطأ، وإن أشكل الأمر فهي الحالة التي ورد النهي عن القتال فيها. ([176])

وقد نقل عن بعض الصحابة والتابعين ممن اعتزل الفتنة في بدايتها أنه أسف على عدم نصرته الخليفة وقتال الفئة الباغية، فقد نقل عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: ما آسى على شيء كما آسى على أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي - رضي الله عنه - وذكر إبراهيم النخعي عن مسروق أنه ما مات حتى تاب إلى الله - عز وجل - من تخلفه عن علي، رضي الله عنه. ([177])

واختلف السلف في المراد من هذه النصوص فمنهم من ذهب إلى أنه يجب الكف عن المقاتلة وعليه أن يلزم بيته، وله أن يدافع عن نفسه وعن ماله وعن أهله فإن قَتَل أو قُتِل فهو معذور في ذلك.

ومذهب جمهور الصحابة والتابعين وجوب نصرة الحق وقتال الباغين، قال النووي وهو مذهب عامة علماء الإسلام، واستدلوا بقوله، تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ ﴾.[الحجرات: 9]

قال النووي : وهذا هو الصحيح وتتأول الأحاديث على من لم يظهر له المحق، أو على طائفتين ظالمتين لا تأويل لواحدة منهما، ولو كان كما قال الأولون ( أي بوجوب لزوم البيوت وترك القتال) لظهر الفساد واستطال أهل البغى والمبطلون والله أعلم. ([178])
وقيل: إن النهي إنما هو في آخر الزمان حيث يحصل التحقق أن المقاتلة إنما هي في طلب الملك، أو الدنيا. ([179])

قال الطبري: لو كان الواجب في كل اختلاف يقع بين المسلمين الهرب منه بلزوم المنازل وكسر السيوف لما أقيم حدّ ولا أُبْطِل باطل، ولوَجَدَ أهل الفسوق سبيلًا إلى ارتكاب المحرمات من أخذ اللأموال وسفك الدماء وسبي الحريم، بأن يحاربوهم ويكف المسلمون أيديهم عنهم بأن يقولوا: هذه فتنة وقد نهينا عن القتال فيها. وهذا مخالف للأمر بالأخذ على أيدي السفهاء. ([180])


<< يتبع
 

نور الهدى

مشرفة
طاقم الإدارة
الاشراف
عضوية ماسية
محفظ قرآن كريم
إنضم
22 يونيو 2013
المشاركات
9,450
مستوى التفاعل
28,229
النقاط
122
الإقامة
المدينة النبوية
العُزْلة في الفتن متى تمدح ومتى تذم ؟

ور دت عدة أحاديث تحض على اعتزال الفتن وأهلها، أو اعتزال موطنها والفرار إلى موطن آخر، من هذه الأحاديث:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ ».([181])

وفي رواية: « يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ خَيْرُ مَالِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْغَنَمُ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ ».([182])

وعن عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا النَّجَاةُ ؟ قَالَ: « أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ ».([183])

وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ فَقَالَ: « إِذَا رَأَيْتُمُ النَّاسَ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ،([184]) وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ، وَكَانُوا هَكَذَا ».

وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَنِى اللهُ فِدَاكَ ؟ قَالَ: « الْزَمْ بَيْتَكَ، وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَخُذْ بِمَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ، وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ ».([185])

وفي مقابل هذه النصوص وردت نصوص أخرى تأمر بمخالطة الناس، ومجابهة أهل الباطل، ومناهضة أهل الفتن، ونصرة المظلوم، والأخذ على يد الظالم، ومقاتلة الفئة الباغية. قال، تعالى: ﴿ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ ﴾.[الحجرات: 9] وقال، صلى الله عليه وسلم: « لاَ قُدِّسَتْ أُمَّةٌ ». أَوْ :« كَيْفَ قُدِّسَتْ لاَ يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهَا مِنْ شَدِيدِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتَعٍ ».([186])

وقال، صلى الله عليه وسلم: « الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ ».([187])

وروى الترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ - اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِشِعْبٍ فِيهِ عُيَيْنَةٌ مِنْ مَاءٍ عَذْبَةٌ فَأَعْجَبَتْهُ لِطِيبِهَا، فَقَالَ: لَو اعْتَزَلْتُ النَّاسَ فَأَقَمْتُ فِي هَذَا الشِّعْبِ، فاسْتَأْذَنَ رسُولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - فقال: « لَا تَفْعَلْ؛ فَإِنَّ مُقَامَ أَحَدِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ سَبْعِينَ عَامًا ».([188])

ولا بد من التوفيق بين هذه النصوص وإزالة ما ظاهره التعارض والاختلاف، وبيان الحكمة من اعتزال الفتن، ومتى يكون ذلك، وفي حَقِّ مَنْ ؟ فنقول وبالله التوفيق:

- من هذه الفتن ما يكون الاعتزال فيها بحسب الأشخاص، فمن كان ضعيفًا لا يستطيع أن يزيلها أو يشارك في إزالتها، أو يَخْشَى الوقوع فيها فهذا يكون الاعتزال في حقه أوجب ولدينه أسلم.


- وأما من يستطيع أن يكون له دور في إزالتها أو اخمادها أو المشاركة في إضعافها، إمّا بيده وإما بلسانه ونصحه وعلمه، فهذا لا ينبغي له الاعتزال بل عليه أن يأخذ بالعزيمة ويتحمل ويصبر ويحتسب، ويجابه أهل الباطل، ويقف في وجه الفتن وأصحابها بالبيان وقولة الحق.

فالأنبياء - عليهم السلام - كلهم وقفوا أمام الباطل وتصدوا للشرك والضلال - بل هذه مهمتهم التي بعثوا من أجلها - وفُتِنوا بأنواع كثيرة من الفتن، وعلى رأسهم أبو الأنبياء إبراهيم - عليه السلام - قذفوه في النار، فلم يحد عن مبدئه ولم يأبه بكيدهم.

وكان موقف الخُلَّصُ من العلماء الاقتداءُ بالأنبياء فوقفوا في وجه الفتن وأطفأوا عواصفها وأخمدوا حريقها، فكانوا سببًا ونعمة على أمتهم. ومنهم من آثر الفرار بدينه طلبًا للسلامة من الفتن وابتعادًا عن أهلها ومواطنها.

ولعل أبلغ ما يقال في ذلك: أن الذي يؤثر ولا يتأثر فهذا الأولى في حقه عدم الاعتزال. ويؤيد ذلك قوله، صلى الله عليه وسلم: « الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ ».

فعلى هذا الجانب يتنزل الأمر بالمخالطة والصبر ومجابهة الفتن والوقوف أمام أهل البدع والظلمة والطغاة.

وأما الذي يتأثر ولا يؤثر فهذا الأولى في حقه أن يعتزل الناس وأهواءهم والفتن ومواطنها ، فرارًا بدينه وطلبًا للسلامة من الفتن. وعلى هذا يحمل الأمر بالاعتزال.

وإلى هذا ألمح الصنعاني فقال في شرح حديث ابن عمر (من يخالط الناس ويصبر على أذاهم..): فيه أفضلية من يخالط الناس مخالطة يأمرهم فيها بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحسن معاملتهم، فإنه أفضل من الذي يعتزلهم ولا يصبر على المخالطة، والأحوال تختلف باختلاف الأشخاص والأزمان ولكل حال مقال. ([189])

فأهل الكهف عندما خافوا أن يفتنوا عن دينهم وعقيدتهم، اعتزلوا قومهم ولجأوا إلى كهف يختفون به عن أنظار أهل الباطل فرارًا بدينهم، وقالوا عندما بعثهم الله من نومهم الذي طال ثلاثمئة سنة:

﴿ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا * إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ﴾.[الكهف: 91، 20]

وأصحاب الأخدود وقفوا أمام الفتنة وصبروا عليها حتى أحرقوا في النار، فهل عجزوا أن يهربوا أو يفروا من وجه هذا الطاغية، إنه الثبات على المبدأ والوثوق به.

والإمام أحمد - رحمه الله - وقف في وجه فتنة القول بخلق القرآن وسجن وجلد فلم يغيّر ولم يعتزل حتى تغيرت الفتنة وتغير أهلها.

وقال الطحاوي: يحتمل أن تكون المخالطة في وقت أفضل، والاعتزال عن الناس في وقت آخر أفضل من المخالطة، ويؤيده حديث أبي ثعلبة الخشني سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله، تعالى: ﴿ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾.[المائدة: 105] فقال: « بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ - يَعْنِي بِنَفْسِكَ - وَدَعْ عَنْكَ الْعَوَامَّ ».([190])

وهناك نوع آخر من العُزْلة:

وهو الانفراد للتفرغ للعبادة والزهد في الدنيا، والبعد عمّا تَجْلُبُه المخالطةُ من الغيبة واللَّغو ونحو ذلك.
وهذا النوع لا علاقة له بالفتن، ولا يختص بزمان دون زمان، ولا مكان دون مكان، وعلى هذا يَتَنَزَّل امتداح بعض العُبّادِ والزهادِ لهذا النوع من العُزْلة، وفَضَّلوها على المخالطة.

فقد أُثِرَ عن سيدنا عمرَ بنِ الخطابِ - رضي الله عنه - أنه قال: خذوا بحَظِّكُم مِنَ العُزْلة. ([191]) وكان سعيد بن المسيب يقول: العُزْلة عبادة. ([192])
وقال ابن عباس: أفضل المجالس مجلس في قَعْرِ بيتك ألّا تَرَى ولا تُرَى. ([193])

وعلى هذا حمل الحافظ بن حجر- رحمه الله - حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عند البخاري ومسلم، قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ». قَالُوا: ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ: « مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَتَّقِي اللهَ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ ».([194])

قال الحافظ: في الحديث فضل الانفراد لما فيه من السلامة من الغيبة واللغو ونحو ذلك، وأما اعتزال الناس أصلًا فقال الجمهور: محل ذلك عند وقوع الفتن. ([195])

والمختار في هذا النوع من العُزْلة: هو التوسط بين العُزْلة عن أكثر الناس وعوامِّهم والخُلْطة بالصالحين منهم وخواصِّهم، والاجتماع مع عامِّتهم في نحو جُمَعِهم وجماعتهم والله أعلم. ([196])
<< يتبع
 

نور الهدى

مشرفة
طاقم الإدارة
الاشراف
عضوية ماسية
محفظ قرآن كريم
إنضم
22 يونيو 2013
المشاركات
9,450
مستوى التفاعل
28,229
النقاط
122
الإقامة
المدينة النبوية
الإيمان بأحاديث الفتن لا يلزم منه الإيمان بتفسيرها

الإيمان بمسائل الغيب الواردة في أحاديث الفتن لا يستلزم الإيمان بتفسيرها، فالمسألة الغيبية الإيمان بها واجب وأما تفسيرها وإنزالها على الواقع فهو اجتهاد، وقد يصيب المجتهد وقد يخطئ، بل ربما يكون تنزيلها على الواقع يصحبه من التكلف والهوى والميل إلى نصرة قضية مّا يجعل فيه من الخطورة ما لا يعلمه إلا الله، وقد حدث هذا في بعض البلاد في أزمنة مختلفة.

ولذلك ينبغي التفريق بين هذين الأمرين ويكتفى بالإيمان بها وترك تفسيرها للواقع، وعندما ينجلي أمرها يقف المسلم الموقف الذي تقتضيه هذه المسألة حسب ما جاء فيها من توجيه نبوي أو ما يقتضيه مدلول ما جاء في القرآن الكريم والقواعد الشرعية التي قررها علماء الأمة.

فمثلًا حديث الخسف بجيش في البيداء الذي رواه مسلم وغيره من عدة وجوه منها ما رواه عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ابْنِ الْقِبْطِيَّةِ قَالَ دَخَلَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ صَفْوَانَ وَأَنَا مَعَهُمَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَسَأَلاَهَا عَنِ الْجَيْشِ الَّذِي يُخْسَفُ بِهِ - وَكَانَ ذَلِكَ فِى أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ – فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم: « يَعُوذُ عَائِذٌ بِالْبَيْتِ فَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْثٌ فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ كَارِهًا قَالَ: « يُخْسَفُ بِهِ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ ».( 197)

فهذا الحديث يشتمل على مسالة غيبية لكنها تدل على صدق من سار هذا الجيش لقتاله، فنحن نؤمن بها وننتظر حتى تحدث فعندها نستدل بها على صدق هذا المدعي؛ لأنها طابقت ما ورد في هذا الحديث الصحيح فنوافقه في دعوته ونسعى لنصرته وتأييده.

أما تبني مثل هذا الأمر قبل حدوث هذه العلامة فهو رجم بالغيب ويترك الباب مفتوحًا لك من يحاول أن يدعي أنه المقصود بهذا الحديث، فمثلًا لو عاذ بالبيت أحد وادعى أنه المهدي، أو نحو ذلك وسارع البعض إلى مبايعته تطبيقًا لهذا الحديث ظنًّا منهم أنه بمجرد أن عاذ بالبيت وادعى هذه الدعوى أنه المقصود بهذا الحديث قبل ظهور هذه العلامة فهذا يكون من باب التحكم بالغيب وإنزاله على الواقع دون دليل واضح عليه، وفي ذلك من المفسدة ما لا يعلمه إلا الله.

وقد عاذ بالبيت ابن الزبير ولم نجد من كان ينزل مدلول هذا الحديث عليه، ولم يدّع هو أنه الإمام الذي عناه النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث.

وكذلك عاذ بالبيت شخص يدعى جهيمان بن محمد العتيبي في جماعة من أتباعه ومنهم محمد بن عبد الله القحطاني زوج أخته، وذلك في غرة محرم سنة 1400 للهجرة، 20 / 11 / 1979 للميلاد، وفي صلاة الفجر قدم صهره محمد بن عبد الله القحطاني على أنه المهدي المنتظر، وانه المقصود بهذا الحديث. فبايعه هو وأتباعه وطلبوا من جموع المصلين مبايعته، واحتجزوهم داخل المسجد الحرام، وكان من نتيجة ذلك ما كان من العبث ببيت الله الحرام وبلبلة أمر المصلين والتسبب بإزهاق الأرواح، ثم انجلى أمره وتبين كذب ما ادّعاه، وأعدم هو ومن معه جزاء ما ارتكبوا من قتل وترويع وإفساد في بيت الله الحرام.

ومن مسائل الفتن ما تكون علامتها واضحة بمجرد وقوعها ولا يُحتاج إلى اجتهاد في تفسيرها، كانحسار الفرات عن جبل من ذهب فهذه بمجرد وقوعها يتبين المؤمن شأنها ويحدد موقفه الذي يقتضيه الشرع منها.

ومن هذه المسائل ما يبقى أمرها غير واضح حتى بعد وقوعها، كفتنة الأحلاس الذي رواه ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُعُودًا، فَذَكَرَ الْفِتَنَ فَأَكْثَرَ ذِكْرَهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ ؟ قَالَ : «هِيَ فِتْنَةُ هَرَبٍ وَحَرَبٍ».(198 )

والأحلاس جمع حِلْس، وهو: الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب، شبهها به للزومها ودوامها. ( 199) قال الخطابي إنما أضيفت إلى الأحلاس لدوامها وطول لبثها أو لسواد لونها وظلمتها. ( 200) وهي ( هَرَبٌ ) بفتحتين، أي: يفر بعضهم من بعض لما بينهم من العداوة والمحاربة. ( وحَرَب ) بفتحتين أي أخذ مال وأهل بغير.(201 )

فمثل هذه الفتنة ينطبق على كثير مما يقع بين الناس من اقتتال، بل ما أشبهها اليوم بما وقع في بلادنا العربية، فمثل هذه الفتن - حتى بعد وقوعها - يحتاج إلى تبصر وتريث لمعرفة أي الفريقين على حق، بل ربما يكون الأسلم اعتزالها حتى يتبين له وجه الحق فيها.

<<< يتبع
 

نور الهدى

مشرفة
طاقم الإدارة
الاشراف
عضوية ماسية
محفظ قرآن كريم
إنضم
22 يونيو 2013
المشاركات
9,450
مستوى التفاعل
28,229
النقاط
122
الإقامة
المدينة النبوية
الوقايــــة مــن الفتـــن

هناك أمور تعين المسلم في الفتن وترشده إلى سبل النجاة وتبصره فيها نوجزها في التالي:

1- اللجوء إلى الله: المؤمن مهما رزقه الله من قوة ورجاحة عقل فقد يُلِمُّ به من الفتن ما يجعله في حَيْرةٍ من أمره وبخاصة الفتن العامة التي لا تقتصر على فرد بعينه وتحتاج إلى جهد مشترك للخروج منها؛ واللجوء إلى الله قبل وقوع الفتن وبعدها من أهم الأمور التي ينبغي على المسلم أن يلزمها، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ بالله من الفتن دبر كل صلاة، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مِنْبَرِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -كَانَ يَتَعَوَّذُ فِي دُبُرِ صَلَاتِهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَأَعُوذُ بِاللهِ مِنْ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَعُوذُ بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الْأَعْوَرِ الْكَذَّابِ».(202 ) وكان يأمرهم بذلك كما في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَمَا بَطَنَ ».( 203)

2- ومن أقوى ما يعين المرء على السلامة من الفتن بعد اللجوء إلى الله - عز وجل- الزهد في الدنيا؛ لأن أكثر وأخطر الفتن حول مغريات الدنيا كالحكم والمناصب والأموال والنساء والأثرة، والتحزب لفريق دون فريق لا لمصلحة عامة وإنما لمنافع شخصية أو أهواء، وقد وردت أحاديث كثيرة تشير إلى فتنة المال والنساء، كقوله، صلى الله عليه وسلم : «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ».( 204) وقال، تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾.[التغابن: 15].ولا يعني ذلك ترك أخذ الأشياء من حلها وبطرقها المشروعة؛ فإن ذلك مما أباحه الله بل وأمر به وبالحفاظ عليه، وإنما إذا كان ذلك سببًا للفتنة والتنازع وغياب وجهها المشروع.

3- العلماء والصالحون والعقلاء هم ملاذ الناس في الفتن: قال تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾.[النساء: 83]

فالاستنباط كما يكون في المسائل الفقهية يكون أيضًا في فهم وتنزيل النصوص في الفتن على الواقع، وما ينبغي الخوض فيه وإشاعته وما لا ينبغي فيه ذلك عَنْ يُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلاَّ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ جَاءَتِ السَّاعَةُ. قَالَ فَقَعَدَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ لاَ تَقُومُ حَتَّى لاَ يُقْسَمَ مِيرَاثٌ وَلاَ يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ. ( 205) والشاهد في هذه الحادثة هو رجوع وفزع هذا الرجل إلى ابن مسعود لما يعلم من فضله وصلاحه وعلمه ورجاحة عقله.

4-التقوى ولزوم شرع الله، عز وجل: قال، تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الأنبياء: 21] ففي هذا السياق الكريم دلالة على أن من مظاهر ولاية الله لعبده المتقي أن يجعل له مخرجًا وفرجًا وخلاصًا مما وقع فيه من الشدائد والمحن والفتن ومشتبهات الأمور، رَوَى ابن جرير عن قتادة في قوله، تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الأنبياء: 21] قال من شبهات الأمور والكربات عند الموت. ( 206)

وروى الطبراني وابن ماجه عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: «إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُحِبُّ الأَتْقِيَاءَ الأَخْفِيَاءَ الأَبْرِيَاءَ الَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا ، وَإِذَا حَضَرُوا لَمْ يُعْرَفُوا، قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الْهُدَى، يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةٍ». ( 207) وفي رواية ابن ماجه « يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْراءَ مُظْلِمَةٍ». ( 208)

<< يتبع
 

نور الهدى

مشرفة
طاقم الإدارة
الاشراف
عضوية ماسية
محفظ قرآن كريم
إنضم
22 يونيو 2013
المشاركات
9,450
مستوى التفاعل
28,229
النقاط
122
الإقامة
المدينة النبوية
الخاتمة

نظرةُ تأمُّلٍ شاملة للأحاديث الواردة في الأحداث التي تجري للعرب في الفتن والملاحم،

نظرة تأمُّلٍ في الأحاديث الواردة في الأحداث التي تجري للعرب.

1- نحن عندما نقرأ هذه الأحاديث التي تشير إلى تلك الأحداث نقرؤها في باب واحد أو أبواب متتابعة، وترتسم في مُخيِّلتنا كأنها متتابعة الحدوث، ولكنها في الواقع والحدوث الزمني هي متفرقة وقد تكون متباعدة، وهذا قد يحدث مثله في أمم الأرض فيجري بينهم اقتتال وحروب طاحنة، وتحدث فيهم الزلازل والبراكين المروعة والفياضانات الهائلة، وهذه سنة الله في الكون، وإنما خص النبي - صلى الله عليه وسلم - العرب بالذكر لأنهم أصل الإسلام كما أشرنا إلى أقوال العلماء في ذلك.

2- سنة الله في الكون التدافع ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة:251]

ويزداد هذا التدافع وتقوى حِدّته عندما يكون بين حق وباطل فيُمْتَحن أهلُ الحقِّ ويبتلون لتمحيص مواقفهم وثباتهم على حقهم ودفاعهم عنه قال، تعالى: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾[آل عمران:141]،
وقصة أصحاب الأخدود مثال واضح على ذلك.

والبلاد العربية وبخاصة جزيرة العرب وبلاد الشام قديمًا وحديثًا كانت مسرحًا لذلك التدافع، وتلك الأحداث الجسام؛ لأنها أرض مباركة وهي مهد الرسالات السماوية بعث الله فيها أعدادًا كبيرة من الرسل -كما أسلفنا - وبها ختمت آخر الرسالات ببعثة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وستبقى محطَّ أنظار أهل الشرِّ، وابتلاء أهل الحق بهم؛ لأنها مقر المقدسات الإسلامية، ففيها المساجد الثلاثة التي لا تُشَدّ الرحال إلا إليها، ولا تقام فريضة الحج إلا بها. وهي التي أذّن فيها أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم - عليه السلام - بالحج تنفيذًا لأمر الله، فأسمع الله كلَّ من كَتَبَ له أداءَ فريضةِ الحجّ وهم في أصلاب آبائهم، فعلى قدر المكانة يكون الابتلاء، والأمم في حروبها لا تكتفي بمهاجمة الأطراف بل مقصدها دائمًا العواصم والقلب، فهذه البلاد هي عاصمة أمة الإسلام ومحورها.

3- هذه الأمة كتب عليها حمل راية الإسلام وارتبط عزها به فإذا غفلت عن هذه المهمة أو تراخت أسرع إليها الابتلاء لتصحو من غفلتها وتعود إلى مهمتها، فهي تتحمل مهمة ثقيلة أشفقت منها الشم الرواسي ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ)296) عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾[الأحزاب: 72] فلا بد أن تبقى على هذا المستوى وكلما أوغلت في السبات العميق جاءتها دَواهٍ عظام لتؤرق جفنها وتحرمها النوم طويلًا بمقدار ما فرطت وأهملت وتراخت.

4- هذه الأمة بما تحمله من رسالة الحق هي كالذهب يفتن بالنار كلما خَبَا، أو لحق به ما يشوبه، فيعود إلى بريقه ولمعانه ويتخلص من الشوائب، ولذلك هي على مر التاريخ لـمّا يكثر ابتلاؤها وجراحها تصحو من غفلتها وتعود إلى دينها ورشدها فتكون النهاية لها والنصر حليفها فيمحو الله الباطل ويحق الحق بكلماته

﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ [الرعد: 17].

5- فهذا الدين جاء ليبقى ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 33]. وبقاء الأمة مرتبط به فكلما بعدت عنه ابتليت لتعود إليه فإذا عادت إليه عاد لها عِزّها وكرامتها وسيادتها وعلُوّها وتمكينها في الأرض.

6- الأمة كالجسد إذا أصابه مرض عضال قد يحتاج إلى عمليات جراحية ليتحقق الشفاء، أو بتر بعض أعضائه حفاظًا على الباقي، فالابتلاء والمحن كمبضع الطبيب قد يؤلم كثيرًا ولكن يأتي بعده الشفاء التام.

7- حال المؤمن في الفتن بين أمرين:

الأول: كوني لا يملك المرء تجاهه إلا التسليم لحكمة الخالق - جل وعلا - متى يكشفه وكيف تكون العواقب ومتى النصر؟ كل ذلك موكول أمره إلى حكمة الخالق، جلّ وعلا.

والثاني أمر تكليفي فهو مكلف بأن يجتهد في استبانة وجه الحق والوقوف معه ضد الظلم، والاجتهاد في نصرة دين الله والابتعاد عن مواطن الشُّبه، ممالا يستبين فيه وجه الحق.

منقول بتصرف
 

نجوى الإسلام

عضو موقوف
محظور
إنضم
7 يناير 2015
المشاركات
981
مستوى التفاعل
2,884
النقاط
102
السلام عليكم اختي القديرة نور الهدى اسم على مسمى ما شاء الله جزاك الله تعالى ثواب كل حرف خيراً عظيماً بما علمتنا ونفعتنا
وأرجو الله ان يجعله في ميزان حسناتك
لك تحياتي وتقديري لك