- إنضم
- 30 نوفمبر 2014
- المشاركات
- 4,420
- التفاعل
- 26,639
- النقاط
- 122
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المرسلين سيدنا محمد الأمين – صلى الله عليه وسلم - ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ... أما بعد
إخواني وأخواتي أعضاء المنتدى الكرام
استكمالا لما كنا قد بدأناه في الجزء الأول من موضوع ( البينه في مشروعية تأويل الرؤى المنذره ) من عرض لأحاديث وآثار ومرويات متعدده عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصحابته والتابعين والسلف الصالح - والذي هم أعلم الأمه بالسنن والفرائض - ، والتي استدللنا بها على مشروعية التحديث بالرؤى المنذره وتعبيرها ، لما تحتويه من تنبيه وتحذير للمؤمن للإستعداد لما هو قادم من فتن ومحن أو لما قد تتضمنه من توجيه وعتاب للمؤمن لإصلاح نفسه والارتقاء بها كما في رؤيا عبد الله بن عمر والتي عرضتها السيده حفصه – رضي الله عنها - على النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فجاء التوجيه النبوي ... " نعم الرجل عبدالله لو كان يقوم من الليل "
واليوم نستعرض معاً أقوال العلماء لاستيضاح المسأله وتبيان المعضله والتدليل على المقصود
***
فصل :- المبشرات ... روايات وألفاظ الحديث
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :- " لم يبق من النبوة إلا المبشرات " قالوا " وما المبشرات " قال " الرؤيا الصالحة "
ورواه الترمذي في سننه عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- " إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي " قال فشق ذلك على الناس فقال " لكن المبشرات " قالوا " يا رسول الله وما المبشرات " قال " رؤيا المسلم وهي جزء من أجزاء النبوة "
ورواه الحاكم في مستدركه بنفس لفظ الترمذي عن أنس بن مالك وقال :- " هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه "
وروى مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لن يبقى بعدي من النبوة إلا المبشرات" فقالوا: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: "الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو تُرى له "
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبقى بعدي من النبوة شيء إلا المبشرات»، قالوا: يا رسول الله وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له» رواه الإمام أحمد
وعن أبي الطفيل – عامر بن واثلة – رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا نبوة بعدي إلا المبشرات»، قال: قيل: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: «الرؤيا الحسنة»، أو قال: «الرؤيا الصالحة» رواه الإمام أحمد والطبراني. قال الهيثمي: ورجاله ثقات.
وعن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ذهبت النبوة فلا نبوة بعدي إلا المبشرات»، قيل: وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له» رواه الطبراني والبزار. قال الهيثمي: ورجال الطبراني ثقات.
***
مما سبق يتبين لنا ومن جواب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – للصحابه عن سؤالهم (وما المبشرات ) بأنها الرؤيا الصالحه ، وقد جاء هذا الوصف في أغلب الأحاديث إلا في بعض الرويات التي وردت فيها بلفظ (الرؤيا الحسنه )
وحتى لا يطول بنا المقام في الكلام عن الرؤى الصالحه ... أرجو منكم التكرم بالرجوع إلى المبحث الثاني من كتاب (الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين ) للدكتور سهل بن رفاع العتيبي ، فقد أجاد – جزاه الله كل خير – في تفصيل المسأله حول الرؤى الصالحه ... صفاتها وأقسامها وعلاماتها والأسباب الموصله لها
ويمكن تحميل الكتاب من مكتبة المنتدى من خلال الرابط التالي
https://www.almobshrat.net/resources/517/
***
فصل :- المبشرات ... مدلولات اللفظ
يقول ابن المهلب رحمه الله " : التعبير بالمبشرات خرج مخرج الغالب ، فإن الرؤيا ما تكون منذرة وهي صادقة يريها الله للمؤمن رفقًا به ليستعد لما يقع قبل وقوعه "
وقد نقل الحافظ في الفتح قول ابن المهلب ، وكذا فعل صاحب ( تحفة الأحوذي )
وقد ذكرت في موضوع (رسالة المنتدى ... هذا ما وعدنا الله ورسوله ) ما نصه : " وإنما عد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الرؤى الصالحه من مبشرات النبوه ولم يذكر المنذرات لأن المؤمن دائما ما يُبشر في حياته ومن بعد مماته مصداقا لقول الله – سبحانه وتعالى - " لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ " ، ولأن الشيئ يُعرف بضده ... فأكتفى – صلى الله عليه وسلم – بذكر المبشرات للتدليل على الضد ، وهذا من جوامع كلمه – صلى الله عليه وسلم - . "
فضلا عن أن المرء في الدنيا – سواء كان مؤمناً أو منافقاً أو كافراَ – قد يُبشر بما يسره أو يسوؤه من أقدار الله المفرحه أو المؤلمه المحزنه ، وعليه فإن كلمة (بشر) هي بمعنى إخبار بأمر ما .
ويعضد ما ذكرناه قول ابن التين : " معنى الحديث أن الوحي ينقطع بموتي ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا ، ويرد عليه الإلهام فإن فيه إخبارا بما سيكون ، وهو للأنبياء بالنسبة للوحي كالرؤيا ، ويقع لغير الأنبياء ..... "
ثم إن رؤى الأنبياء والتي هي – بإجماع الأمه – وحي من عند الله – عز وجل - ، قد تضمنت وعداً ووعيداً ، وبشاره ونذاره ... ولما كانت رؤى الصالحين من بعدهم هي جزء من النبوه وقبس من نور الطاعه ، كان ولا بد أن تتضمن ما تضمنته النبوه الأولى من وعد ووعيد ، وبشرى وإنذار ... إنفاذا لسنة – في هذه الدنيا - لا تتبدل ولا تتغير ولا تتحول من الله الواحد الأحد .
ويقول أبو العباس القرطبي رحمه الله في كتابه "المفهم" : " البشرى من الله أي مبشرة بخير ، ومحذرة عن شر فإن التحذير عن الشر خير فتضمنته البشرى "
ويقول أبو عبد الله القرطبي رحمه الله في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن " في حديث أبي هريرة رضي الله عنه : " لم يبق من النبوه إلا المبشرات " قال : " وهذا الحديث بظاهره يدل على أن الرؤيا بشرى على الإطلاق وليس كذلك ، فإن الرؤيا الصادقة قد تكون منذرة من قبل الله تعالى لا تسر رائيها ، وإنما يريها الله تعالى المؤمن رفقًا به ورحمة ؛ ليستعد لترول البلاء قبل وقوعه ، فإن أدرك تأويلها بنفسه ، وإلا سأل عنها من له أهلية ذلك ، وقد رأى الشافعي رضي الله عنه وهو بمصر رؤيا لأحمد بن حنبل تدل على محنته فكتبت إليه بذلك ؛ ليستعد لذلك "
ويقول الدكتور سهل بن رفاع العتيبي :- " فتفسير النبي صلى الله عليه وآله وسلم المبشرات بالرؤيا الصالحة إن كان المراد بالرؤيا الصالحة أي الحسنة والمبشرة فهذا ظاهر ؛ لأن البشارة كل خير صدق بتغير بشرة الوجه واستعمالها في الخير أكثر. إن كان المراد بالرؤيا الصالحة هي الصادقة وهي التي فيها بشارة أو تنبيه عن غفلة ، فتسيرها بالمبشرات في الحديث مخرج على الأغلب أو على أصل اللغة والله أعلم " .
وقال السعدي رحمه الله في قول الله – عز وجل – "لهم البشرى في الحياة الدنيا " : " البشرى هي كل دليل وعلامة تدلهم على أن الله أراد بهم الخير، وأنهم من أوليائه و صفوته، فيدخل في ذلك الرؤيا الصالحة "
وقال الحافظ في الفتح :- " واستثنى الداودي من عموم قوله : " إذا رأى ما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره " ما يكون في الرؤيا الصادقة لكونها قد تقع إنذارا كما تقع تبشيرا وفي الإنذار نوع ما يكرهه الرائي فلا يشرع إذا عرف أنها صادقة ما ذكره من الاستعاذة ونحوها ، واستند إلى ما ورد من مرائي النبي - صلى الله عليه وسلم - كالبقر التي تنحر ونحو ذلك .
ويمكن أن يقال : لا يلزم من ترك الاستعاذة في الصادقة أن لا يتحول عن جنبه ولا أن لا يصلي ، فقد يكون ذلك سببا لدفع مكروه الإنذار مع حصول مقصود الإنذار ، وأيضا فالمنذورة قد ترجع إلى معنى المبشرة لأن من أنذر بما سيقع له ولو كان لا يسره أحسن حالا ممن هجم عليه ذلك فإنه ينزعج ما لا ينزعج من كان يعلم بوقوعه فيكون ذلك تخفيفا عنه ورفقا به . "
وقال الحكيم الترمذي : " الرؤيا الصادقة أصلها حق تخبر عن الحق وهو بشرى وإنذار ومعاتبة لتكون عونا لما ندب إليه "
وفي النهايه ... لا يسعني إلا أن أتوجه بأكف الضراعة إلى المولى – عز وجل – أن يتقبل منا هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، ولقارئ هذه السطور مغنمها وعلي كاتبها مغرمها ، وما كان فيها من صواب فمن الله – سبحانه وتعالى - ، وما كان فيها من خطأ فمن نفسي والشيطان .
والله الموفق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المرسلين سيدنا محمد الأمين – صلى الله عليه وسلم - ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ... أما بعد
إخواني وأخواتي أعضاء المنتدى الكرام
استكمالا لما كنا قد بدأناه في الجزء الأول من موضوع ( البينه في مشروعية تأويل الرؤى المنذره ) من عرض لأحاديث وآثار ومرويات متعدده عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصحابته والتابعين والسلف الصالح - والذي هم أعلم الأمه بالسنن والفرائض - ، والتي استدللنا بها على مشروعية التحديث بالرؤى المنذره وتعبيرها ، لما تحتويه من تنبيه وتحذير للمؤمن للإستعداد لما هو قادم من فتن ومحن أو لما قد تتضمنه من توجيه وعتاب للمؤمن لإصلاح نفسه والارتقاء بها كما في رؤيا عبد الله بن عمر والتي عرضتها السيده حفصه – رضي الله عنها - على النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فجاء التوجيه النبوي ... " نعم الرجل عبدالله لو كان يقوم من الليل "
واليوم نستعرض معاً أقوال العلماء لاستيضاح المسأله وتبيان المعضله والتدليل على المقصود
***
فصل :- المبشرات ... روايات وألفاظ الحديث
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :- " لم يبق من النبوة إلا المبشرات " قالوا " وما المبشرات " قال " الرؤيا الصالحة "
ورواه الترمذي في سننه عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- " إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي " قال فشق ذلك على الناس فقال " لكن المبشرات " قالوا " يا رسول الله وما المبشرات " قال " رؤيا المسلم وهي جزء من أجزاء النبوة "
ورواه الحاكم في مستدركه بنفس لفظ الترمذي عن أنس بن مالك وقال :- " هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه "
وروى مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لن يبقى بعدي من النبوة إلا المبشرات" فقالوا: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: "الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو تُرى له "
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبقى بعدي من النبوة شيء إلا المبشرات»، قالوا: يا رسول الله وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له» رواه الإمام أحمد
وعن أبي الطفيل – عامر بن واثلة – رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا نبوة بعدي إلا المبشرات»، قال: قيل: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: «الرؤيا الحسنة»، أو قال: «الرؤيا الصالحة» رواه الإمام أحمد والطبراني. قال الهيثمي: ورجاله ثقات.
وعن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ذهبت النبوة فلا نبوة بعدي إلا المبشرات»، قيل: وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له» رواه الطبراني والبزار. قال الهيثمي: ورجال الطبراني ثقات.
***
مما سبق يتبين لنا ومن جواب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – للصحابه عن سؤالهم (وما المبشرات ) بأنها الرؤيا الصالحه ، وقد جاء هذا الوصف في أغلب الأحاديث إلا في بعض الرويات التي وردت فيها بلفظ (الرؤيا الحسنه )
وحتى لا يطول بنا المقام في الكلام عن الرؤى الصالحه ... أرجو منكم التكرم بالرجوع إلى المبحث الثاني من كتاب (الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين ) للدكتور سهل بن رفاع العتيبي ، فقد أجاد – جزاه الله كل خير – في تفصيل المسأله حول الرؤى الصالحه ... صفاتها وأقسامها وعلاماتها والأسباب الموصله لها
ويمكن تحميل الكتاب من مكتبة المنتدى من خلال الرابط التالي
https://www.almobshrat.net/resources/517/
***
فصل :- المبشرات ... مدلولات اللفظ
يقول ابن المهلب رحمه الله " : التعبير بالمبشرات خرج مخرج الغالب ، فإن الرؤيا ما تكون منذرة وهي صادقة يريها الله للمؤمن رفقًا به ليستعد لما يقع قبل وقوعه "
وقد نقل الحافظ في الفتح قول ابن المهلب ، وكذا فعل صاحب ( تحفة الأحوذي )
وقد ذكرت في موضوع (رسالة المنتدى ... هذا ما وعدنا الله ورسوله ) ما نصه : " وإنما عد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الرؤى الصالحه من مبشرات النبوه ولم يذكر المنذرات لأن المؤمن دائما ما يُبشر في حياته ومن بعد مماته مصداقا لقول الله – سبحانه وتعالى - " لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ " ، ولأن الشيئ يُعرف بضده ... فأكتفى – صلى الله عليه وسلم – بذكر المبشرات للتدليل على الضد ، وهذا من جوامع كلمه – صلى الله عليه وسلم - . "
فضلا عن أن المرء في الدنيا – سواء كان مؤمناً أو منافقاً أو كافراَ – قد يُبشر بما يسره أو يسوؤه من أقدار الله المفرحه أو المؤلمه المحزنه ، وعليه فإن كلمة (بشر) هي بمعنى إخبار بأمر ما .
ويعضد ما ذكرناه قول ابن التين : " معنى الحديث أن الوحي ينقطع بموتي ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا ، ويرد عليه الإلهام فإن فيه إخبارا بما سيكون ، وهو للأنبياء بالنسبة للوحي كالرؤيا ، ويقع لغير الأنبياء ..... "
ثم إن رؤى الأنبياء والتي هي – بإجماع الأمه – وحي من عند الله – عز وجل - ، قد تضمنت وعداً ووعيداً ، وبشاره ونذاره ... ولما كانت رؤى الصالحين من بعدهم هي جزء من النبوه وقبس من نور الطاعه ، كان ولا بد أن تتضمن ما تضمنته النبوه الأولى من وعد ووعيد ، وبشرى وإنذار ... إنفاذا لسنة – في هذه الدنيا - لا تتبدل ولا تتغير ولا تتحول من الله الواحد الأحد .
ويقول أبو العباس القرطبي رحمه الله في كتابه "المفهم" : " البشرى من الله أي مبشرة بخير ، ومحذرة عن شر فإن التحذير عن الشر خير فتضمنته البشرى "
ويقول أبو عبد الله القرطبي رحمه الله في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن " في حديث أبي هريرة رضي الله عنه : " لم يبق من النبوه إلا المبشرات " قال : " وهذا الحديث بظاهره يدل على أن الرؤيا بشرى على الإطلاق وليس كذلك ، فإن الرؤيا الصادقة قد تكون منذرة من قبل الله تعالى لا تسر رائيها ، وإنما يريها الله تعالى المؤمن رفقًا به ورحمة ؛ ليستعد لترول البلاء قبل وقوعه ، فإن أدرك تأويلها بنفسه ، وإلا سأل عنها من له أهلية ذلك ، وقد رأى الشافعي رضي الله عنه وهو بمصر رؤيا لأحمد بن حنبل تدل على محنته فكتبت إليه بذلك ؛ ليستعد لذلك "
ويقول الدكتور سهل بن رفاع العتيبي :- " فتفسير النبي صلى الله عليه وآله وسلم المبشرات بالرؤيا الصالحة إن كان المراد بالرؤيا الصالحة أي الحسنة والمبشرة فهذا ظاهر ؛ لأن البشارة كل خير صدق بتغير بشرة الوجه واستعمالها في الخير أكثر. إن كان المراد بالرؤيا الصالحة هي الصادقة وهي التي فيها بشارة أو تنبيه عن غفلة ، فتسيرها بالمبشرات في الحديث مخرج على الأغلب أو على أصل اللغة والله أعلم " .
وقال السعدي رحمه الله في قول الله – عز وجل – "لهم البشرى في الحياة الدنيا " : " البشرى هي كل دليل وعلامة تدلهم على أن الله أراد بهم الخير، وأنهم من أوليائه و صفوته، فيدخل في ذلك الرؤيا الصالحة "
وقال الحافظ في الفتح :- " واستثنى الداودي من عموم قوله : " إذا رأى ما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره " ما يكون في الرؤيا الصادقة لكونها قد تقع إنذارا كما تقع تبشيرا وفي الإنذار نوع ما يكرهه الرائي فلا يشرع إذا عرف أنها صادقة ما ذكره من الاستعاذة ونحوها ، واستند إلى ما ورد من مرائي النبي - صلى الله عليه وسلم - كالبقر التي تنحر ونحو ذلك .
ويمكن أن يقال : لا يلزم من ترك الاستعاذة في الصادقة أن لا يتحول عن جنبه ولا أن لا يصلي ، فقد يكون ذلك سببا لدفع مكروه الإنذار مع حصول مقصود الإنذار ، وأيضا فالمنذورة قد ترجع إلى معنى المبشرة لأن من أنذر بما سيقع له ولو كان لا يسره أحسن حالا ممن هجم عليه ذلك فإنه ينزعج ما لا ينزعج من كان يعلم بوقوعه فيكون ذلك تخفيفا عنه ورفقا به . "
وقال الحكيم الترمذي : " الرؤيا الصادقة أصلها حق تخبر عن الحق وهو بشرى وإنذار ومعاتبة لتكون عونا لما ندب إليه "
وفي النهايه ... لا يسعني إلا أن أتوجه بأكف الضراعة إلى المولى – عز وجل – أن يتقبل منا هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، ولقارئ هذه السطور مغنمها وعلي كاتبها مغرمها ، وما كان فيها من صواب فمن الله – سبحانه وتعالى - ، وما كان فيها من خطأ فمن نفسي والشيطان .
والله الموفق