- إنضم
- 5 أكتوبر 2013
- المشاركات
- 8,034
- التفاعل
- 24,203
- النقاط
- 122
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المنهج النبوي في تدعيم الثقة بالنفس
الثقة بالنفس من العوامل النفسية الهامة التي تلعب دورًا كبيرًا في إدارة الفرد لذاته، وتحدد شكل علاقته بالآخر، وتسهم في توظيف الفرد لطاقاته، وتحقيق أهدافه وطموحاته، وهذا على مستوى الفرد، أما على مستوى الأمة فإن تحقيق الآمال الكبيرة، والانتصار على الأعداء، وتحرير المقدسات، وإعلاء راية الإيمان لن يقوم إلا على أكتاف أناس لديهم ثقة بربهم، ثم ثقة بأنفسهم.
وهناك مجموعة من العوامل التي تدعم الثقة بالنفس لدى الفرد، يمكن أن نستقيها من خلال المنهج النبوي؛ وهي كالآتي:
1 ـ تغيير الأسماء القبيحة :
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدرك بحكمته السامية أهمية الاسم الحسن في تدعيم الثقة بالنفس، فكان صلى الله عليه وسلم يعجبه الاسم الحسن ويتفاءل به، ويكره الاسم القبيح ويغيره،
وفي رواية نافع عن بن عمر في صحيح مسلم: أن ابنة لعمر كان يقال لها عاصية فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة،
2ـ النهي عن تحقير الذات :
ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يقولن أحدكم: خبثت نفسي، ولكن ليقل: لقست نفسي.
ومعنى لقست أي: غثت أو ضاقت؛ وفي هذا الحديث نهي عن تحقير الإنسان لنفسه.
ويكره للمسلم وصف نفسه بالصفات القبيحة حتى ولو كان صادقًا، وليس ذلك من التواضع،
3 ـ الرسائل الإيجابية :
كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يوجه الرسائل الإيجابية إلى من حوله من الصحابة ليلفت نظرهم إلى الإيجابيات التي لديهم، والصفات الحسنة التي تميزهم؛ هذا مما يكون له أكبر الأثر في تكوين مفهوم إيجابي عن الذات، وأيضًا له فائدة عظيمة في لفت النظر إلى أهم الإيجابيات والمميزات التي يتحلى بها الشخص، ويعتبر هذا حجر الزاوية في توظيف هذه الطاقات، وحسن استثمارها.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم توزيع الألقاب على من حوله من صحابته، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس: "لو كنت متخذًا من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً"،
وهكذا يقوم النبي صل الله عليه وسلم بتوزيع الأوسمة والنياشين على صحابته عبر الألقاب المختلفة التي تعبر عن أهم ما يميزهم وما يتصفون به، وقد توارثت الأمة هذا في تاريخها، فنحن نجد في كتب التراث ألقاب مثل: "حبر الأمة - أمين الأمة - أمين السر - إمام أهل السنة، وهكذا...".
4ـ مدح النفس بضوابطه :
وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن نفسه:
والله الذي لا إله غيره ، ما أنزلت سورة من كتاب الله : إلا أنا أعلم أين أنزلت ، ولا أنزلت آية من كتاب الله ، إلا أنا أعلم فيما أنزلت ، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله ، تبلغه الإبل ، لركبت إليه .
وأما إذا كان هناك نهي عن تزكية النفس لقول الله عز وجل:{فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} (النجم : 32 )، إلا أن العلماء اعتبروا هذا النهي عن التزكية إن كان على سبيل الإعجاب أو الرياء، واستثنوا من ذلك ما كان على سبيل التحدث بنعمة الله.
ففي تفسير الألوسي: نزلت الآية في قوم من المؤمنين كانوا يعملون أعمالاً حسنة، ثم يقولون صلاتنا وصيامنا وحجنا، وهذا مذموم فنهي عنه إذا كان بطريق الإعجاب أو الرياء، أما إذا لم يكن كذلك فلا بأس به، ولا يُعَدّ فاعله من المزكين أنفسهم؛ ولذا قيل المسرة بالطاعة طاعة، وذكرها شكر، ولا فرق في التزكية من أن تكون عبارة، أو تكون إشارة.
5 ـ توظيف الطاقات :
قدم سيدنا زيد بن ثابت رضي الله عنه إلى المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة وما أجازه النبي صلى الله عليه وسلم في بدر ولا في أحد، وأجازه النبي صلى الله عليه وسلم في الخندق، وكان حينئذ ابن خمس عشرة سنة، ولما رده النبي صلى الله عليه وسلم عن الجهاد أسر سيدنا زيد لأمه أن يتقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلزمه، فأخذه رجال من قومه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا له هذا ابننا زيد بن ثابت يحفظ سبع عشرة سورة من كتاب الله ويتلوها صحيحة كما أنزلت على قلبك، وهو فوق ذلك حاذق يجيد الكتابة والقراءة، ويريد أن يتقرب إليك ويلزمك فاسمع منه إذا شئت، فسُرّ به النبي صلى الله عليه وسلم لحفظه وحسن تلاوته ووعيه وفهمه لآيات القرآن، فتخصص في القرآن وأصبح المرجع الأول فيه لأمة محمد بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
6ـ عدم توجيه الرسائل السلبية :
قال الرسول صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي ذر رضي الله عنه لما عيَّر رجلاً بأمه: "إنك امرؤ فيك جاهلية"خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وقال شراح الحديث كلمة "فيك" تعني خصلة أو خلق؛ ففي فتح الباري: أي خصلة من خصال الجاهلية، وفي النووي على مسلم وعون المعبود وفيض القدير: أي خلق من أخلاقهم. وفي هذا نتعلم من الرسول صلى الله عليه وسلم القاعدة التربوية التي تقول:
"سفّه السلوك ولا تسفه الشخص".
وأيضًا كان من هديه صلى الله عليه وسلم ( فلترة) الرسائل السلبية، أي منع وصولها إلى الصحابة حتى لا تؤذيهم، فعندما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشأن سيدنا حاطب بن أبي بلتعة: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم دعني أضرب عنق هذا المنافق لقد خان الله ورسوله والمؤمنين، فما كان من رسول الله إلا أن قال: "مَه يا عمر.. إنه من أهل بدر، لعلّ الله قد اطلع على أهل بدر فقال افعلوا ما شئتم قد غفرت لهم".
وهذا في خطأ كان ظاهره الخيانة العظمى، فكيف بما هو دون ذلك؟!
**الدكتور محمد سيد رمضان دكتوراة في علم النفس، وخبير نفسي وتربوي **
في الـدنـيـا ثــلاث ...أمــل ...وألـــم ... وأجــر
فـعـش للأولى ˡˡˡ وتحمـل الـثانيةˡˡˡ لأجــل الثالثة ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المنهج النبوي في تدعيم الثقة بالنفس
الثقة بالنفس من العوامل النفسية الهامة التي تلعب دورًا كبيرًا في إدارة الفرد لذاته، وتحدد شكل علاقته بالآخر، وتسهم في توظيف الفرد لطاقاته، وتحقيق أهدافه وطموحاته، وهذا على مستوى الفرد، أما على مستوى الأمة فإن تحقيق الآمال الكبيرة، والانتصار على الأعداء، وتحرير المقدسات، وإعلاء راية الإيمان لن يقوم إلا على أكتاف أناس لديهم ثقة بربهم، ثم ثقة بأنفسهم.
وهناك مجموعة من العوامل التي تدعم الثقة بالنفس لدى الفرد، يمكن أن نستقيها من خلال المنهج النبوي؛ وهي كالآتي:
1 ـ تغيير الأسماء القبيحة :
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدرك بحكمته السامية أهمية الاسم الحسن في تدعيم الثقة بالنفس، فكان صلى الله عليه وسلم يعجبه الاسم الحسن ويتفاءل به، ويكره الاسم القبيح ويغيره،
وفي رواية نافع عن بن عمر في صحيح مسلم: أن ابنة لعمر كان يقال لها عاصية فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة،
2ـ النهي عن تحقير الذات :
ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يقولن أحدكم: خبثت نفسي، ولكن ليقل: لقست نفسي.
ومعنى لقست أي: غثت أو ضاقت؛ وفي هذا الحديث نهي عن تحقير الإنسان لنفسه.
ويكره للمسلم وصف نفسه بالصفات القبيحة حتى ولو كان صادقًا، وليس ذلك من التواضع،
3 ـ الرسائل الإيجابية :
كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يوجه الرسائل الإيجابية إلى من حوله من الصحابة ليلفت نظرهم إلى الإيجابيات التي لديهم، والصفات الحسنة التي تميزهم؛ هذا مما يكون له أكبر الأثر في تكوين مفهوم إيجابي عن الذات، وأيضًا له فائدة عظيمة في لفت النظر إلى أهم الإيجابيات والمميزات التي يتحلى بها الشخص، ويعتبر هذا حجر الزاوية في توظيف هذه الطاقات، وحسن استثمارها.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم توزيع الألقاب على من حوله من صحابته، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس: "لو كنت متخذًا من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً"،
وهكذا يقوم النبي صل الله عليه وسلم بتوزيع الأوسمة والنياشين على صحابته عبر الألقاب المختلفة التي تعبر عن أهم ما يميزهم وما يتصفون به، وقد توارثت الأمة هذا في تاريخها، فنحن نجد في كتب التراث ألقاب مثل: "حبر الأمة - أمين الأمة - أمين السر - إمام أهل السنة، وهكذا...".
4ـ مدح النفس بضوابطه :
وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن نفسه:
والله الذي لا إله غيره ، ما أنزلت سورة من كتاب الله : إلا أنا أعلم أين أنزلت ، ولا أنزلت آية من كتاب الله ، إلا أنا أعلم فيما أنزلت ، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله ، تبلغه الإبل ، لركبت إليه .
وأما إذا كان هناك نهي عن تزكية النفس لقول الله عز وجل:{فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} (النجم : 32 )، إلا أن العلماء اعتبروا هذا النهي عن التزكية إن كان على سبيل الإعجاب أو الرياء، واستثنوا من ذلك ما كان على سبيل التحدث بنعمة الله.
ففي تفسير الألوسي: نزلت الآية في قوم من المؤمنين كانوا يعملون أعمالاً حسنة، ثم يقولون صلاتنا وصيامنا وحجنا، وهذا مذموم فنهي عنه إذا كان بطريق الإعجاب أو الرياء، أما إذا لم يكن كذلك فلا بأس به، ولا يُعَدّ فاعله من المزكين أنفسهم؛ ولذا قيل المسرة بالطاعة طاعة، وذكرها شكر، ولا فرق في التزكية من أن تكون عبارة، أو تكون إشارة.
5 ـ توظيف الطاقات :
قدم سيدنا زيد بن ثابت رضي الله عنه إلى المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة وما أجازه النبي صلى الله عليه وسلم في بدر ولا في أحد، وأجازه النبي صلى الله عليه وسلم في الخندق، وكان حينئذ ابن خمس عشرة سنة، ولما رده النبي صلى الله عليه وسلم عن الجهاد أسر سيدنا زيد لأمه أن يتقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلزمه، فأخذه رجال من قومه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا له هذا ابننا زيد بن ثابت يحفظ سبع عشرة سورة من كتاب الله ويتلوها صحيحة كما أنزلت على قلبك، وهو فوق ذلك حاذق يجيد الكتابة والقراءة، ويريد أن يتقرب إليك ويلزمك فاسمع منه إذا شئت، فسُرّ به النبي صلى الله عليه وسلم لحفظه وحسن تلاوته ووعيه وفهمه لآيات القرآن، فتخصص في القرآن وأصبح المرجع الأول فيه لأمة محمد بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
6ـ عدم توجيه الرسائل السلبية :
قال الرسول صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي ذر رضي الله عنه لما عيَّر رجلاً بأمه: "إنك امرؤ فيك جاهلية"خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وقال شراح الحديث كلمة "فيك" تعني خصلة أو خلق؛ ففي فتح الباري: أي خصلة من خصال الجاهلية، وفي النووي على مسلم وعون المعبود وفيض القدير: أي خلق من أخلاقهم. وفي هذا نتعلم من الرسول صلى الله عليه وسلم القاعدة التربوية التي تقول:
"سفّه السلوك ولا تسفه الشخص".
وأيضًا كان من هديه صلى الله عليه وسلم ( فلترة) الرسائل السلبية، أي منع وصولها إلى الصحابة حتى لا تؤذيهم، فعندما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشأن سيدنا حاطب بن أبي بلتعة: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم دعني أضرب عنق هذا المنافق لقد خان الله ورسوله والمؤمنين، فما كان من رسول الله إلا أن قال: "مَه يا عمر.. إنه من أهل بدر، لعلّ الله قد اطلع على أهل بدر فقال افعلوا ما شئتم قد غفرت لهم".
وهذا في خطأ كان ظاهره الخيانة العظمى، فكيف بما هو دون ذلك؟!
**الدكتور محمد سيد رمضان دكتوراة في علم النفس، وخبير نفسي وتربوي **
في الـدنـيـا ثــلاث ...أمــل ...وألـــم ... وأجــر
فـعـش للأولى ˡˡˡ وتحمـل الـثانيةˡˡˡ لأجــل الثالثة ...