- إنضم
- 28 سبتمبر 2014
- المشاركات
- 1,477
- التفاعل
- 5,463
- النقاط
- 122
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أن الله عزَّ وجل أعطى الإنسان عيناً، ولكن هذه العين مهما كانت دقيقةً حادة النظر، لا تستطيع أن ترى من دون وسيط وهو الضوء، ضع في غرفةٍ حالكة الظلام إنساناً مبصراً وإنساناً أعمى، هما سواء، إذا لا يوجد ضوء هما سواء، وقياساً على هذا العقل من دون وحي أعمى، وأكبر دليل هذا الذي يجري في العالم الغربي ؟ أن الإنسان عليه أن يمارس كل شهواته بأية طريقةٍ يريد، ومع من يريد، وفي أي وقت يريد فظهر الشذوذ، وظهر زنا المحارم، وظهر انحلال الأسرة، وأكبر رئيس دولة في العالم يقول: عندنا أربعة أخطار كبيرة تتهددنا ـ وقد ظننت الصين، وظننت الاتحاد الأوروبي، وظننت اليابان، لا، لا ـ قال: انحلال الأسرة، وشيوع المخدرات، وشيوع الجريمة والشذوذ، هذه أخطار كبيرة جداً، فتقريباً الغرب عقل بلا وحي، كل شيء مباح. لكن كل شيء مباح صار الإنسان أشقى كائن، الشقاء تراه بعينك هناك، لأنه لا يوجد منهج، لا يوجد شيء محرم، لا يوجد شيء لا يجوز، لا يوجد صلة بين العبد وربه، لا يوجد عمل تسمو به، إنسان بلا هدف، حياته لا معنى لها.
كنت مرة في استنبول فسمعت قصةً مؤثرة جداً، هذا الجسر الضخم العملاق الذي يعد ثاني جسر في العالم، والذي يصل بين شطري استنبول الشرقي والغربي، ويعبره في اليوم ثلاثمئة ألف سيارة، وبأجرة، وهو معلَّق بالحبال، وتسير تحته أضخم البواخر، هذا الجسر صممه أحد خمس مهندسين في العالم وهم يابانيين، من كبار مهندسي العالم، وأنا حينما كنت هناك وجدت جسر ثاني أنشئ على شاكلته، صاروا جسرين، هذا الجسر الأول يوم افتتاحه، قص رئيس بلدية استنبول الشريط الحريري وإلى جانبه المهندس الأول الذي صمم هذا الجسر، وما هي إلا لمحة بصر حتى ألقى هذا المهندس بنفسه في البحر ومات، انتحر. فهرعوا إلى غرفته في الفندق، فندق الشيراتون في استنبول، فإذا رسالة كتب عليها قبل أن ينتحر: ذقت كل شيء في الحياة ـ يبدو شهرة إلى أعلى درجة، أحد خمس مهندسين في العالم، إنجاز ثاني أكبر جسر في العالم، شاب، كل الشهوات مارسها ـ فلم أجد لها طعماً، أردت أن أذوق طعم الموت. هذا نص الرسالة التي كتبها هذا المهندس قبل أن ينتحر، إنسان بلا هدف، عقل بلا وعي
حينما تحكم العقل بالنقل، وحينما تحاول أن تكتشف لماذا أمرنا الله؟ لماذا نهانا؟ وأن ترفض وأن تقبل، هنا دخلنا في منطقة حمراء خطرة هو تحكيم العقل بالنقل والدين في الأصل نقلٌ.
تحكيم العقل بالنقل دخول في منطقة خطرة
العقل قاصرٌ عن إدراك حكمة الله عزَّ وجل من أمره، والشيء العظيم في الشرع، أن هناك قاعدة: الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به. أي أنك من الممكن أن تكون ذا اختصاص أدبي ولا تفقه في العلوم شيئاً، وتكره العلوم، وتكره الفيزياء، وتكره أي معادلة فيزيائية، وتشتري مُكيف، بكبسة زر تنعم بالهواء البارد، دون أن تفقه ماذا يجري في هذا المكيف؟ أنت أمامك ألف آلة، فهذا الكمبيوتر هل تفهم حقيقة البرمجة؟ هل تفهم أن هذا ـ الهارد ـ القرص الصلب الذي فيه ملايين المعلومات كيف تقرأ؟ الآن توصَّل العلماء إلى قراءة ألف مليون حرف بثانية، هناك من يستخدم الكمبيوتر استخداماً عالياً جداً ولا يفقه ماذا يجري في الداخل، إذاً الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به.
العالم نفعه كبير والعابد نفعه محدود
فأنت ممكن أن تطبق الشرع فقط، تقطف كل ثماره، أنت الآن عابد، أما حينما تطبق أحكام الشرع وتفقه الحكم أنت عالم، العالم نفعه كبير، والعابد نفعه محدود، لكن الإنسان حينما يثبت له نص في الشرع صحيح؛ كتاب أو سنة، ويقبل على تطبيقه، دون أن يعَلِّق تطبيقه على معرفة حكمته فهذا نوعٌ من العبودية عالٍ جداً، ولكن الله عزَّ وجل يكافئ هذا العابد إذا انصاع إلى الأمر لمجرد أنه أمر يكافئه بكشف الحكمة، فبهذا يجمع بين معرفة الحكم وبين ثواب العبادة. إذاً العقل قاصر عن معرفة الأبعاد الأخيرة لحكمة الشرع
مقتبس من مقال للدكتور محمد راتب النابلسي
أن الله عزَّ وجل أعطى الإنسان عيناً، ولكن هذه العين مهما كانت دقيقةً حادة النظر، لا تستطيع أن ترى من دون وسيط وهو الضوء، ضع في غرفةٍ حالكة الظلام إنساناً مبصراً وإنساناً أعمى، هما سواء، إذا لا يوجد ضوء هما سواء، وقياساً على هذا العقل من دون وحي أعمى، وأكبر دليل هذا الذي يجري في العالم الغربي ؟ أن الإنسان عليه أن يمارس كل شهواته بأية طريقةٍ يريد، ومع من يريد، وفي أي وقت يريد فظهر الشذوذ، وظهر زنا المحارم، وظهر انحلال الأسرة، وأكبر رئيس دولة في العالم يقول: عندنا أربعة أخطار كبيرة تتهددنا ـ وقد ظننت الصين، وظننت الاتحاد الأوروبي، وظننت اليابان، لا، لا ـ قال: انحلال الأسرة، وشيوع المخدرات، وشيوع الجريمة والشذوذ، هذه أخطار كبيرة جداً، فتقريباً الغرب عقل بلا وحي، كل شيء مباح. لكن كل شيء مباح صار الإنسان أشقى كائن، الشقاء تراه بعينك هناك، لأنه لا يوجد منهج، لا يوجد شيء محرم، لا يوجد شيء لا يجوز، لا يوجد صلة بين العبد وربه، لا يوجد عمل تسمو به، إنسان بلا هدف، حياته لا معنى لها.
كنت مرة في استنبول فسمعت قصةً مؤثرة جداً، هذا الجسر الضخم العملاق الذي يعد ثاني جسر في العالم، والذي يصل بين شطري استنبول الشرقي والغربي، ويعبره في اليوم ثلاثمئة ألف سيارة، وبأجرة، وهو معلَّق بالحبال، وتسير تحته أضخم البواخر، هذا الجسر صممه أحد خمس مهندسين في العالم وهم يابانيين، من كبار مهندسي العالم، وأنا حينما كنت هناك وجدت جسر ثاني أنشئ على شاكلته، صاروا جسرين، هذا الجسر الأول يوم افتتاحه، قص رئيس بلدية استنبول الشريط الحريري وإلى جانبه المهندس الأول الذي صمم هذا الجسر، وما هي إلا لمحة بصر حتى ألقى هذا المهندس بنفسه في البحر ومات، انتحر. فهرعوا إلى غرفته في الفندق، فندق الشيراتون في استنبول، فإذا رسالة كتب عليها قبل أن ينتحر: ذقت كل شيء في الحياة ـ يبدو شهرة إلى أعلى درجة، أحد خمس مهندسين في العالم، إنجاز ثاني أكبر جسر في العالم، شاب، كل الشهوات مارسها ـ فلم أجد لها طعماً، أردت أن أذوق طعم الموت. هذا نص الرسالة التي كتبها هذا المهندس قبل أن ينتحر، إنسان بلا هدف، عقل بلا وعي
حينما تحكم العقل بالنقل، وحينما تحاول أن تكتشف لماذا أمرنا الله؟ لماذا نهانا؟ وأن ترفض وأن تقبل، هنا دخلنا في منطقة حمراء خطرة هو تحكيم العقل بالنقل والدين في الأصل نقلٌ.
تحكيم العقل بالنقل دخول في منطقة خطرة
العقل قاصرٌ عن إدراك حكمة الله عزَّ وجل من أمره، والشيء العظيم في الشرع، أن هناك قاعدة: الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به. أي أنك من الممكن أن تكون ذا اختصاص أدبي ولا تفقه في العلوم شيئاً، وتكره العلوم، وتكره الفيزياء، وتكره أي معادلة فيزيائية، وتشتري مُكيف، بكبسة زر تنعم بالهواء البارد، دون أن تفقه ماذا يجري في هذا المكيف؟ أنت أمامك ألف آلة، فهذا الكمبيوتر هل تفهم حقيقة البرمجة؟ هل تفهم أن هذا ـ الهارد ـ القرص الصلب الذي فيه ملايين المعلومات كيف تقرأ؟ الآن توصَّل العلماء إلى قراءة ألف مليون حرف بثانية، هناك من يستخدم الكمبيوتر استخداماً عالياً جداً ولا يفقه ماذا يجري في الداخل، إذاً الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به.
العالم نفعه كبير والعابد نفعه محدود
فأنت ممكن أن تطبق الشرع فقط، تقطف كل ثماره، أنت الآن عابد، أما حينما تطبق أحكام الشرع وتفقه الحكم أنت عالم، العالم نفعه كبير، والعابد نفعه محدود، لكن الإنسان حينما يثبت له نص في الشرع صحيح؛ كتاب أو سنة، ويقبل على تطبيقه، دون أن يعَلِّق تطبيقه على معرفة حكمته فهذا نوعٌ من العبودية عالٍ جداً، ولكن الله عزَّ وجل يكافئ هذا العابد إذا انصاع إلى الأمر لمجرد أنه أمر يكافئه بكشف الحكمة، فبهذا يجمع بين معرفة الحكم وبين ثواب العبادة. إذاً العقل قاصر عن معرفة الأبعاد الأخيرة لحكمة الشرع
مقتبس من مقال للدكتور محمد راتب النابلسي