وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
( ارحموا من في الأرض يرحمكم في السمآء)
أناس خرجوا من ديارهم وبعضهم بأمراضهم وكبر سنهم ومن بلاد معتدلة إلى مكان معتدل للروح لكن حار على الجسد وفي ازدحام شديد من لا يرحم هؤلاء صالحهم وفاجرهم! والمحروم أشد أن يرثى حاله ويرحم ، اللهم لا يخيب منهم أحد
( اذهبوا فقد غفرت لكم )
قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ.
رواه مسلم
وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ يَقُولُ : هَؤُلَاءِ عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا يَرْجُونَ رَحْمَتِي وَيَخَافُونَ عَذَابِي وَلَمْ يَرَوْنِي ، فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي
وفي مصنف عبد الرزاق من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، في حديث الرجلين اللَّذين جاءا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسألانه عن أمر دينهم، وكان من جوابه لهما: (وأما وقوفك بعرفة، فإن الله تبارك وتعالى ينـزل إلى سماء الدنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاؤوا شعثًا غبرًا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي، ولم يروني، فكيف لو رأوني، فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبًا، غسلها الله عنك).
؟...
قال في مرقاة المفاتيح :
( فَيَقُولُ : مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ ) أَيْ : أَيُّ شَيْءٍ أَرَادَ هَؤُلَاءِ حَيْثُ تَرَكُوا أَهْلَهُمْ ، وَأَوْطَانَهُمْ ، وَصَرَفُوا أَمْوَالَهُمْ ، وَأَتْعَبُوا أَبْدَانَهُمْ ، أَيْ : مَا أَرَادُوا إِلَّا الْمَغْفِرَةَ ، وَالرِّضَا ، وَالْقُرْبَ ، وَاللِّقَاءَ ، وَمَنْ جَاءَ هَذَا الْبَابَ لَا يَخْشَى الرَّدَّ ،
أَوِ التَّقْدِيرُ : مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ فَهُوَ حَاصِلٌ لَهُمْ ، وَدَرَجَاتُهُمْ عَلَى قَدْرِ مُرَادَاتِهِمْ ، وَنِيَّاتِهِمْ ،
أَوْ أَيُّ شَيْءٍ أَرَادَ هَؤُلَاءِ أَيْ : شَيْئًا سَهْلًا يَسِيرًا عِنْدَنَا إِذَ مَغْفِرَةُ كَفٍّ مِنَ التُّرَابِ لَا يَتَعَاظَمُ عِنْدَ رَبِّ الْأَرْبَابِ . .اه
اللهم اعتقنا وإياهم من النار التي خوفت بها جميع العباد حتى لا يخافوا غيرك ويهون عليهم ما دونها من الشدائد فلك الحمد إذ جعلتها زاجراً وعزاء للمؤمنين فقلت : (واتقوا النار التي أعدت للكافرين . وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ) اللهم أمَِنَا منها إلى أبد الآباد
ونقول للحجاج نحن نضيوفكم في الحقيقة فمن كان ضيفاً للرحمن فهو في خفارة عظيمة وولاية جسيمة فنحن متطفلون لموائد تهل عليهم وكما قال أبو طالب أنا رب هذه الإبل وللبيت رب يحميه وما يدفعه أهل السقاية والرفادة فهم المتكسبون من عملهم هذا فيرون وسيرون ذلك راجعاً عليهم
وأعظم مايتحف به الحاج العلم ، ما لهم عند الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كي يصدقوا ولا يفرطوا
وروى ابن عبد البر أيضاً، بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، وكادت الشمس أن تؤوب، فقال: (يا بلال! أنصت لي الناس) فقام بلال، فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصت الناس، فقال: (معاشر الناس، أتاني جبريل آنفًا، فاقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله غفر لأهل عرفات وأهل المشعر، وضمن عنهم التبعات) فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، هذا لنا خاص، فقال: (هذا لكم، ولمن أتى بعدكم إلى يوم القيامة) فقال عمر رضي الله عنه: كثر خير الله وطاب).