مؤتمر لندن.. هل يخرج الأردن من أزماته الاقتصادية؟
بين وزيرة اعتبرته محطة مهمة في حلحلة المشاكل الاقتصادية، ووزيرة رأت فيه إعادة للثقة باقتصاد البلاد يعول الأردن على مخرجات ونتائج مؤتمر لندن للخروج من أزماته الاقتصادية.
ويسعى الأردن من خلال مؤتمر لندن في دورته الثانية المقرر عقدها في المملكة المتحدة غدا الخميس لإيجاد بيئة مواتية للاستثمار، واحتضان الاستثمارات، إلى جانب مواصلته البحث عن فرص جديدة لإنقاذ اقتصاد المملكة.
ويعقد المؤتمر تحت عنوان "النمو والفرص"، ويشكل رسالة مهمة في مساعدة الأردن لتحقيق النمو الاقتصادي عبر جذب استثمارات تعزز الاقتصاد الوطني، وتدعم مبدأ الاعتماد على الذات، وفق وزراء في الحكومة الأردنية.
وتعول الحكومة -بحسب محللين اقتصاديين ونشطاء على وسائل التواصل- على مخرجات مؤتمر لندن التي ستحدد مصير الحكومة الأردنية، ما إذا كانت ستستمر في عملها، أم سترحل بتغيير حكومي يأتي برئيس وزراء جديد، خاصة بعد تدخل الديوان الملكي في حل مشكلة مسيرات المتعطلين عن العمل من محافظات المملكة.
كشف حساب
وسيقدم الأردن إلى المسؤولين المشاركين في المؤتمر من 44 دولة "كشف حساب" للإصلاحات الاقتصادية والمالية التي قام بها خلال السنوات الثلاث الماضية، وسياساته وخططه المالية والاقتصادية للسنوات المقبلة، بحسب تصريح وزيرة شؤون الإعلام جمانة غنيمات للجزيرة نت.
"مبادرة لندن" كما أطلقت عليها الوزيرة غنيمات جاءت تقديرا من المملكة المتحدة لدور الأردن المهم في المنطقة، وتحمله الأعباء المالية والأزمات الاقتصادية نتيجة موجات اللجوء السوري، وإغلاقات الحدود الشمالية السورية والشرقية العراقية للمملكة.
وسيقدم الأردن للمجتمع الدولي جملة الإصلاحات والخطوات التي هيأت البيئة الاستثمارية الأردنية من أجل استقطاب المشاريع والفرص المقبلة التي من شأنها دعم نمو الاقتصاد الأردني.
يشار إلى أن الأردن حصل في مؤتمر لندن الأول عام 2016 على منحة مالية قدرها 2.1 مليار دولار، وتمكن من رفع سقف الاقتراض إلى 5.7 مليارات دولار بسعر فائدة ضئیل، ولمدة سداد 25 سنة بضمانة الحكومة البریطانیة وعلى ثلاثة أعوام، وملیار دولار لتمويل بناء مدارس لمواجهة مشكلة اللاجئین السوریین، ومنحة مالية بمقدار ثلاثمئة ملیون دولار لدعم الموازنة العامة.
حماية الاستثمارات
الصورة الجميلة التي ترسمها الحكومة لجذب الاستثمارات قال بشأنها الناشط على تويتر صفوت حدادين "لا نريد استثمارات جديدة، نريد للشركات الموجودة أن تستمر، تزايد عدد الشركات التي تتجه للتصفية مرعب ويهدد الاقتصاد، أين حكومتك من خلية أزمة اقتصادية للحفاظ على الاستثمارات والمشاريع القائمة؟".
ويرى المحلل الاقتصادي مازن مرجي في حديثه للجزيرة نت أن مؤتمر لندن في نسخته الثانية تكرار للمؤتمر الأول في 2016، حيث تسعى الحكومة لجمع 2.4 مليار دولار مساعدات لمواجهة أزمة اللاجئين السوريين، وقد غلف بقصة جذب الاستثمار.
القطاع الخاص
ويشارك القطاع الخاص الأردني في المؤتمر بوفد يضم نحو ثمانين ممثلا عن القطاعات الصناعية والتجارية والاستثمارية، وسط توقعات بجذب استثمارات جديدة، خاصة في مجالات إعادة الإعمار في سوريا والعراق.
وتشارك غرفة صناعة الأردن في المؤتمر، ويقول رئيسها فتحي الجغبير للجزيرة نت "سنشارك رغم عدم معرفتنا بما سيتمخض عنه المؤتمر"، مضيفا أن الأردن جاذب للاستثمارات، خاصة بعد فتح الحدود الشمالية مع سوريا والشرقية مع العراق.
الناشط أحمد عوض رأى في مؤتمر لندن "فرصة ثمينة علينا جميعا استثمارها بكافة السبل، وعلينا أن ندرك أنها ليست فقط عرضا لفرص استثمارية اقتصادية ومشاريع، بل فرصة لإصلاح كافة السياسات والممارسات المعيقة لمسار التنمية المستدامة، فأوضاعنا الداخلية لا تحتمل شراء مزيد من الوقت".
وغرد الناشط محمد الهقيش قائلا "العام الماضي أو العام الذي قبله تم عقد مؤتمر لندن للمانحين وللمتضررين من الأزمة السورية، ووقتها طبّل من طبل وزمر من زمر، ورقص وأبرق وأرعد الإعلام لهذا المؤتمر بانتظار الدعم للبلد، وكانت كلها وعود في وعود، وخرج البلد من مخرجات المولد بلا حمّص، والمرة هاي أبصر وش يطلعوله".
********************************************************************************************
مستثمرون يتزاحمون للهروب من الأردن
يتواصل نزيف قطاعات تجارية وصناعية وعقارية في الأردن، بعد انسحاب علامة تجارية، وإغلاق مصانع في السوق الأردنية، رغم تصريحات رئيس الوزراء عمر الرزاز عن "تحسن ملموس للاقتصاد بعد أقل من عام على الشروع في تنفيذ إصلاحات مالية صعبة".
ويحاول الأردن الذي يعيش ظروفا اقتصادية صعبة أن يجد ضالته في مؤتمر لندن لدعم الاقتصاد والاستثمار في الأردن، الذي يعقد اليوم الخميس؛ للخروج من أزمته الاقتصادية من خلال حث الدول الصناعية السبع على ضخ استثمارات في المملكة.
وخسر الأردن خلال السنوات الثلاث الأخيرة 1.800 مليار دولار، في مجال الاستثمارات العقارية التي وجدت موطئ قدم لها في تركيا ودبي، حسب ما قاله رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان زهير العمري لـ"عربي21".
وأعاد العمري هروب مستثمري الإسكان من الأردن لعدة أسباب، أبرزها "ضعف القدرة الشرائية للمواطن الأردني، حيث ذهب المستثمرون إلى أماكن أخرى أكثر حركة مثل قبرص وتركيا، كما يعاني المستثمر من ارتفاع الكلف والفوائد البنكية، وعدم الاستقرار التشريعي".
وحسب إحصاءات الجمعية، شهد القطاع الاقتصادي تراجعا في الشهر الأول من العام 2019 عن الشهر الأول من العام الماضي، بنسبة بلغت نحو 37%.
كما شهد قطاع الألبسة انسحاب نحو 35 علامة تجارية عالمية منذ عام 2016 كان يعمل لديها قرابة 700 موظف وموظفة، وذلك لتخفيض خسائرهم؛ لعدم وجود بيئة استثمارية محفزة لهم. حسب ما يقوله ممثل قطاع الألبسة والأقمشة والمجوهرات في غرفة تجارة الأردن أسعد القواسمي.
ويعاني الاقتصاد الأردني من تباطؤ بالنمو، الذي لم يتجاوز 2.2%، وتسببت القرارات الاقتصادية من رفع الدعم وفرض ضرائب ورسوم في تراجع القدرة الشرائية للمواطن الأردني، وارتفاع تكاليف الإنتاج على القطاعات المختلفة.
تحديات تواجه الصناعة الأردنية
نائب رئيس غرفة صناعة عمان رئيس لجنة حملة (صنع في الأردن)، المهندس موسى الساكت، يبين لـ"عربي21" التحديات التي تواجه القطاع الصناعي في الأردن، منها وجود ضريبة مبيعات مرتفعة وضريبة دخل، ولا يمكن للاقتصاد الأردني أن يتحسن وخزينة الدولة تعتمد على 65% من إيراداتها على ضريبة المبيعات وحدها، ففي الدول التي تسعى لتحسين اقتصادها تعتمد على ضريبة الدخل الربحية".
يقول الساكت إن "التوسع في ضريبة المبيعات تسبب في تراجع القدرة الشرائية للمواطن الأردني، وانكماش اقتصادي يقود إلى كساد، وهذا أدى إلى ضعف استهلاك المواطن، ما انعكس على الشق الإنتاجي أيضا".
وحسب الساكت، "يواجه قطاع الإنتاج في الأردن ارتفاعا كبيرا في مدخلات الإنتاج، من أبرزها ارتفاع فاتورة الطاقة، وتراجع تمويل البنوك التجارية للمشاريع، وسط فوائد مرتفعة، وقروض لأمد قصير".
ويعدّ القطاع الصناعي في الأردن أكبر مشغل للعمالة بعد القطاع الحكومي، حيث يصل عدد العمالة فيه ما يقارب 388 ألف عامل، بنسبة عمالة محلية تشكل 85 % من مجمل العمالة في هذا القطاع.
الرزاز: الاقتصاد بدأ يتحسن
رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، بدوره، يؤكد أن "اقتصاد بلاده بدأ يتحسن بعد أقل من عام على الشروع في تنفيذ إصلاحات مالية صعبة مطلوبة لخفض الدين وحاسمة لتحفيز النمو، الذي تضرر بالصراعات في المنطقة".
تصريحات الرزاز جاءت قبل انعقاد مؤتمر رئيسي للمانحين في لندن، الذي يعقد الخميس، وقال الرزاز لوكالة رويترز إن بلاده ستعرض خطواتها والتزامها بتنفيذ الإصلاحات المالية والهيكلية التي يدعمها صندوق النقد الدولي والحاسمة لتحفيز الاقتصاد.
في وقت أعلن فيه وزير الدولة لشؤون الاستثمار الأردني، مهند شحادة، أن "عدد المصانع التي أغلقت عام 2018 بلغ 429 شركة، بزيادة 2% عن العام الذي سبقه".
تزاحم في هروب المستثمرين
وأظهر تقرير صادر عن البنك المركزي الأردني، بداية الشهر الحالي، تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق إلى السوق الأردنية، بنسبة 53.9 بالمئة في الشھور التسعة الأولى من 2018.
ويعيد الخبير الاقتصادي مازن مرجي ما أسماه "تزاحم هروب المستثمرين في الأردن" إلى النهج الاقتصادي للحكومات المتتابعة، قائلا لـ"عربي21": "من أوصلنا إلى هذه المرحلة هي السياسات الحكومية الخاطئة التي تتعلق بتحفيز الاستثمار وتشجيعه، ومن أبرزها التشريعات التي أدت إلى رفع ضرائب المبيعات والدخل التي قتلت القدرة الشرائية لدى المواطن الأردني؛ ما تسبب في تراجع الطلب على السلع والخدمات".
وحسب مرجي، "ساهم ارتفاع كلف الإنتاج، وأبرزها الطاقة، ورفع نسبة تأمين الضمان الاجتماعي للشركات بنسبة 21%، إلى هروب المستثمرين، ليأتي قانون ضريبة الدخل، ويعمق جراح المستثمرين، ويدمّر البيئة الاستثمارية".
وحول النمو الاقتصادي، يرى مرجي أنه في حال احتساب النمو السكاني والتضخم نجد أن النمو الاقتصادي تحت الصفر وليس 2% كما تقول الحكومة".
وحاولت المملكة جذب المستثمرين من خلال منح الجنسية الأردنية، والإقامة الدائمة في حالات معينة، ووفق شروط حددتها الحكومة، إلا أن هذه الخطوة لم تؤت أكلها، في ظل النهج الاقتصادي الذي أضعف القدرة الشرائية للمواطن وعملية الطلب على السلع؛ بسبب تضخم الأسعار، وتآكل المداخيل.