• انت....زائر..... هل ذكرت الله اليوم...... هل صليت على نبي الله اليوم ابدا الان وسجل ما يسرك ان تلقى الله به
  • سبحانه الله وبحمده سبحان الله العظيم واستغفر الله
  • اللهم ان ظلمت من ضعفي فانصرني بقوتك
  • اللهم إني أسألُك من فضلِك و رحمتِك ؛ فإنَّه لا يملُكها إلا أنت
  • أحب ما تعبدني به عبدي النصح لي وفي رواية لكل مسلم رواه أحمد عن أبي أمامة الباهلي والحكيم وأبو نعيم
  • {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (255) سورة البقرة
  • أربع خصال واحدة فيما بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين عبادي وواحدة لي وواحدة لك فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا وأما التي لك فما عملت من خير جزيتك به وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الإجابة وأما التي بينك وبين عبادي ترضى لهم ما ترضى لنفسك رواه أبو نعيم عن أنس
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا الحديث بتمعن.......................... إﻧﻤﺎ أﺗﻘﺒﻞ اﻟﺼﻼة ﻣﻤﻦ ﺗﻮاﺿﻊ ﺑﮭﺎ ﻟﻌﻈﻤﺘﻲ وﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻲ وﻟﻢ ﯾﺒﺖ ﻣﺼﺮا ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺼﯿﺘﻲ وﻗﻄﻊ ﻧﮭﺎره ﻓﻲ ذﻛﺮي ورﺣ ﻢ اﻟﻤﺴﻜﯿﻦ واﺑﻦ اﻟﺴﺒﯿﻞ واﻷرﻣﻠﺔ ورﺣﻢ اﻟﻤﺼﺎب ذﻟﻚ ﻧﻮره ﻛﻨﻮر اﻟﺸﻤﺲ أﻛﻠﺆه ﺑﻌﺰﺗﻲ وأﺳﺘﺤﻔﻈﮫ ﺑﻤﻼﺋﻜﺘﻲ أﺟﻌﻞ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻈﻠﻤﺔ ﻧﻮرا وﻓﻲ اﻟﺠﮭﺎﻟﺔ ﺣﻠﻤﺎ وﻣﺜﻠﮫ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﻲ ﻛﻤﺜﻞ اﻟﻔﺮدوس ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ رواه اﻟﺒﺰار ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس
  • بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)
  • قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)
  • سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت : 53]
  • أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما خلق، و برأ و ذرأ، و من شر ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها و من شر ما ذرأ في الأرض و من شر ما يخرج منها، و من شر فتن الليل و النهار و من شر كل طارق، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمان". رواه أحمد.
  • وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ (98) سورة المؤمنون
  • عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحاً، وتخرج الماشية وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أوثمانيا، -يعني حججاً-. رواه الحاكم
  • عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة. رواه أبو داود وابن ماجه
  • في رواية لأبي داود: لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا .
  • قال ﷺ : " اللهم فاطرَ السموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، ربَّ كلِّ شيء ومليكَه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شرِّ نفْسي، وشرِّ الشيطان، وشِرْكَْه ، وأن أقترف على نفسي سوءًا، أو أجرّه إلى مسلم "
  • من شغله قراءة القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته ثواب الشاكرين رواه ابن حذيفة عن شاهين عن أبي سعيد الخدري
  • وعزتي وجلالي ورحمتي لا أدع في النار أحدا قال لا إله إلا الله رواه تمام عن أنس بن مالك
  • اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، أرحم الراحمين ، أنت أرحم الراحمين ، إلى من تكلني ، إلى عدو يتجهمني ، أو إلى قريب ملكته أمري ، إن لم تكن غضبان علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، أن تنزل بي غضبك ، أو تحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك ) رواه الطبراني
  • اللهم اني مغلوب فانتصر
  • وانذر عشيرتك الأقربين ----------- اللهم فاشهد انني بلغت وحذرت
  • اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا الدعاء ... اللهم انك اقدرت بعض خلقك على السحر والشر ولكنك احتفظت لذاتك باذن الضر اللهم اعوذ بما احتفظت به مما اقدرت عليه شرار خلقك بحق قولك وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ
  • اللهم انت خلقتني وانت تهديني وانت تطعمني وانت تسقيني وانت تميتني وانت تحييني ***** لا اله الا الله******
  • إلهي عبد من عبادك ، غريب في بلادك ، لو علمت أن عذابي يزيد في ملكك ، وعفوك عني ينقص من ملكك لما سألتك المغفرة ، وليس لي ملجأ ولا رجاء إلا أنت ، وقد سمعت فيما أنزلت أنك قلت : إني أنا الغفور الرحيم ، فلا تخيب رجائي.
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا القران.......................... ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد.................. ............................. ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد .............................. ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد
إنضم
23 يونيو 2013
المشاركات
124
مستوى التفاعل
117
النقاط
47
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

د. محمد موسى الشريف
قاض شرعي، ومدرس، وصحفي، ومجاهد، وأمير، ورئيس دولة. نعم، هذه الصفات اجتمعت كلها في شخصية فريدة هي شخصية الأمير الكبير عبد الكريم الخطابي يرحمه الله تعالى. ولئن سألت الناس عنه في زماننا هذا لما عرفه إلا القليل، وهذه مصيبة كبرى من مصائبنا؛ إذ كم للإسلام من أبطال عميت سيرتهم على أكثر أهل زماننا هذا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولد في بلدة "أغادير" في الريف المغربي بين "مليلية" و"تطوان" سنة 1301هـ/ 1883م، ودرس القرآن والعربية، وذهب لإكمال دراسته إلى "مليلية" وجامعة القرويين بـ"فاس"، وعاد منها ليُعيَّن نائبًا للقاضي في "مليلية"، ثم قاضيًا، ثم صار أقضى القضاة (قاضي القضاة) وعمره آنذاك لم يتجاوز الثالثة والثلاثين، وهذا دليل على نبوغ مبكر، وكتب في الصحف، ودرس في بعض المدارس، وكان أبوه أميرًا على البربر الذين في الريف المغربي، وجاهد مع أبيه في الحرب العالمية الأولى مع الدولة العثمانية، وذلك سنة 1334هـ/ 1915م.

اعتقاله
islamstory.com_sites_default_files_images_stories_articles_1031_16197_image003.jpg
واعتقله الإسبان الذين كانت بأيديهم "سبتة" و"مليلية" وهي إلى الآن بأيديهم، وهذه من المصائب التي لا يعرفها أكثر المسلمين، لمدة 4 أشهر ليضغطوا على أبيه حتى يكف عن الجهاد، وذلك أن الإسبان كانوا يريدون أن يتوسعوا، ويخرجوا من "سبتة" و"مليلية" ليحتلوا باقي مناطق المغرب الأقصى الشمالية؛ لكنهم لما حققوا مع الابن فاجأهم بألوان من العزة والثبات، وأخبرهم أنه لا مناص له، ولا لأبيه إلا أن يقاتلوا مع الدولة العثمانية، فاضطروا لسجنه؛ لكنه تدلى بحبل من السجن ليفر؛ إلا أن الحبل كان قصيرًا فتأرجح في الهواء فرمى بنفسه، فانكسرت ساقه، وأغمي عليه من الألم، فعثر عليه الإسبان فأعادوه إلى السجن، حيث مكث أربعة أشهر، ثم أطلقوا سراحه.

بداية المعارك
قتل والده في معركة مع الإسبان سنة 1920م وقيل مات مسمومًا، فالله أعلم، وابتدأ الأمير محمد سلسلة المعارك مع الإسبان وكان معه أخوه الذي نُفي معه فيما بعد، وعمه عبد السلام، حيث ابتدأهم بمناوشات أسفرت عن انتصاره وطرد الإسبان من حاميتين مهمتين؛ بل كانت إحداهما ذات موقع استراتيجي فريد، فغضب الإسبان وأرسلوا له جيشًا من ستين ألف جندي وطائرات وعتاد ضخم؛ لكنهم حذروا القائد العام للحملة من قوة الخطابي وبأسه، فاستهزأ قائلاً: أنا ذاهب لأمسح حذائي في الريف، وإسبانيا آنذاك ثالث قوة أوربية، وهي وسائر حليفاتها الأوربيات قد انتصرت في الحرب العالمية الأولى؛ مما جعل زهوها وغرورها يتضاعف.

نصر مؤزر
ولما اقتربت الحملة من بلدة "أنوال" بالريف، كمن لها الخطابي في قوة من ثلاثة آلاف، فمزّق جيش الإسبان تمزيقًا مدهشًا، حيث قتل منهم ما يزيد على ثمانية عشر ألفًا، وأسر الباقي حتى لم يسلم من الجيش سوى ستمائة فقط، وغنم عشرين ألف بندقية، وأربعمائة رشاش، ومليون طلقة، وطائرتين، وتفرق القتلى على مساحة خمسة أميال، ونصر الله عبده "الخطابي" نصرًا عجيبًا في وقت غريب، في زمنٍ لا يتوقع فيه أحد أن ينتصر المسلمون على جيش أوربي مسلح بسلاح حديث، لكن الحماسة الإيمانية الدافقة التي كانت في قلب الخطابي وجيشه، ونَصْر الله -تعالى- له أولاً وآخرًا قَلََب كل المعادلات، وأخرس كل الألسنة، وكان وقع الهزيمة في أوربا مدويًا، واستغل الخطابي الفرصة، فطهّر الريف المغربي من الإسبان، وحصرهم في "سبتة" و"مليلية" فقط، وهذا باقٍ إلى يوم الناس هذا.

إمارة إسلامية
وأقام إمارة إسلامية مساحتها 20.000 كم2، وسكانها قرابة نصف المليون، وطبق فيها أحكام الإسلام، ووطد دعائم الأمن، وأنشأ المدارس والمستشفيات، وأرسل البعثات إلى أوربا، وقلل جدًّا من حوادث الثأر بين القبائل حتى إن الرجل كان يلقى قاتل أبيه وأخيه في المعارك مع إسبانيا فلا يمسه بسوء؛ وذلك لأن الخطابي عمل مجلس شورى لإدارة الإمارة من ثمانين من رجال القبائل، وأوكل إليه إدارة الأموال الجزيلة التي حصل عليها من فداء أسرى الإسبان، ومن الزكاة الشرعية التي يجمعها من رعيته، وكان يحاول إفهام رؤساء القبائل مؤامرات إسبانيا وفرنسا، وأنهما سبب كبير من أسباب تجهيل المغاربة، وهذا حديث يسمعه أولئك للمرة الأولى، فإنهم كانوا مشغولين بالثارات والقتال من أجل سفاسف الأمور ودناياها، فتركوا الثأر بهذه الطريقة.

وعمل نظام تجنيد فريد، حيث أوجب على كل الذكور من سن 16 إلى 55 أن يتجندوا كل شهر خمسة عشر يومًا، ويعودوا إلى وظائفهم وأهليهم خمسة عشر يومًا، وهكذا دواليك كل شهر، فضمن وجود الجند، وضمن أيضًا حسن سير الإمارة واطمئنان الناس على أهليهم وأولادهم.

هذا كله عمله الخطابي في وقت كان المسلمون فيه في غاية من الضعف والهوان ليس بعده هوان، لكنه استطاع -وهو قاضٍ شرعي- أن يفاجئ الإسبان بطرق عجيبة في القتال، فكان يحفر الخنادق، ويباغتهم في جبال الريف حتى إن "هوشي منه" الشيوعي المشهور الفيتنامي الذي قاوم أمريكا مقاومة ضارية في الثمانينيات الهجرية وأوائل التسعينيات (الستينيات والسبعينيات الميلادية) كان "هوشي منه" يقول إنه استفاد من طريقة الخطابي.

تحالف أوربا ضده
وهنا اجتمعت أوربا لتجهض الإمارة الناشئة التي لو بقيت لغيرت مسار التاريخ، وسبب هذا أن الإسبان توجهوا سنة 1924م/ 1343هـ إلى "أجدير" عاصمة الخطابي في مائة ألف وحاصروه ثلاثة أسابيع، فأظهر الخطابي ومن معه بطولات رائعة جدًّا ونادرة في وقت عزت فيه البطولة وانعدم النصر أمام الغرب في العصر الحديث، واستطاع الخطابي ومن معه أن يقتلوا من الإسبان أربعة آلاف في أقل الروايات، واضطر الجيش الإسباني للانسحاب ذليلاً إلى مدريد.

وهذه وقائع جرت في العصر الحاضر، وهي لا تكاد تصدق؛ لأن كل المعارك التي دخلناها مع الأوربيين آنذاك كنا ننهزم فيها على وجه مهين، أما أن ينهزم الإسبان الذين خرجوا ظافرين من الحرب العالمية الأولى على هذا الوجه فإن هذا يستدعي تحركًا من أوربا، فأرسل المارشال المتجبر المتكبر الفرنسي "ليوتي" الذي كان حاكمًا في الجزائر آنذاك إلى فرنسا يقول لهم: إن انتصار العرب في الريف الإسباني وعلى سواحل البحر المتوسط يعني إنشاء إمبراطورية عربية إسلامية، وفتحًا جديدًا لأوربا من قبل المسلمين، وهذا أمر لا يمكن القبول به، وبهذا التخويف دخلت فرنسا الحرب ضد الخطابي على رغم أنف البرلمان الذي كان معارضًا، فاجتمعت إسبانيا وفرنسا عليه في جيش عدده زهاء نصف المليون، وحاصر الأسطول الفرنسي الخطابي، (والأسطول الفرنسي كان أعظم أسطول بحري في العالم آنذاك) وكانت الطائرات التي حاربته منتظمة في أربعة وأربعين سربًا، وصارت تقذفه وجنده بأنواع القنابل وهو صابر محتسب في خندقه، وأوقع بهم في أوقات خسائر جسيمة.

شهادة صحفي أمريكي
وصبر الخطابي صبرًا جميلاً حتى إن صحفيًّا أمريكيًّا كان موجودًا آنذاك في ساحة المعارك يتابعها وهو "فانسن شين" قال: دخلت على "عبد الكريم" في خندق أمامي، والطائرات الإسبانية والفرنسية تقذف المنطقة بحمم هائلة فوجدته متبسمًا مرحًا مقبلاً -الله أكبر ما أجمل وأحسن نفوس الصالحين- يضرب ببندقيته الطائرات، فتعجبت من هذا الرجل الذي استطاع أن يحافظ على إيمانه وعقيدته في خضم الظروف المحيطة به، وكنت أتمنى أن أمكث أكثر فأكثر مع هذا الرجل العظيم الذي تحيطه هالة من الوقار والجلال، وأقارن به ساسة أوربا التافهين المشغولين بأمور تافهة فلا أكاد أجد وجهًا للمقارنة، وتمنيت أن أظل أكثر مما ظللت مع هذه الظاهرة البشرية الفريدة التي تأثرت بها أيما تأثر، أرأيتم كيف يؤثر المسلمون الصادقون في الناس عامة، وفي أعدائهم خاصة؟

خطر عظيم
ويقول "كورتي" عضو مجلس العموم البريطاني: إن هذا الرجل الذي ينادي باسمه أهل آسيا وإفريقيا والهند، ويتغنون باسمه.. إن هذا الرجل الذي يزعم هؤلاء أنه يقاتل باسم الإسلام ويعيد إمارة المؤمنين والخلافة الإسلامية، إنه لخطر عظيم على البلاد الأوربية. هكذا كان يؤثر فيهم الخطابي الذي لا يعرفه، ولم يسمع باسمه أكثر المسلمين اليوم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وكان المسلمون يستقبلون انتصارات الخطابي بدموع الفرح والاستبشار الشديد في الهند وعموم آسيا وإفريقيا؛ وذلك أنه كان يجاهد أثناء وبعد إلغاء الخلافة العثمانية، فكانوا يأملون عودتها على يديه.

لكن الكثرة الكاثرة تغلب الشجاعة، فجيش عبد الكريم كان عشرين ألفًا فقط، وهؤلاء مئات الآلاف ومعهم الطائرات وكل الأسلحة التي هزموا بها ألمانيا وإيطاليا والدولة العثمانية، وخانت بعض الطرق الصوفية الخطابي، حيث كانوا يوزعون منشورات تقول إن القتال معه ليس من الجهاد، وخانه بعض رؤساء القبائل الذين اشتراهم الفرنسيون، وكانوا ينهون شبابهم عن القتال مع الخطابي.

ولم يجد الخطابي الدعم من الدول العربية والإسلامية، حيث كانت أكثر الدول العربية والإسلامية قد سقطت في قبضة الصليبيين أو الشيوعيين أو عملائهما فلم يجد مفرًّا من التسليم بعد أن بقي في مائتين فقط، لكن كان التسليم تسليم الأبطال، فقد بقي يفاوض للصلح زمانًا طويلاً من منتصف سنة 1925 إلى منتصف سنة 1926ميلادية تقريبًا 1345 هجرية، أي سنة تقريبًا وكان يرفض الاستسلام رفضًا باتًّا؛ لكنه لما استشار المائتين ممن بقوا معه أشاروا عليه بحقن الدماء، فالطائرات كانت تقذف بالغازات السامة والقنابل، وتقتل الرجال والنساء والأطفال، فأشاروا عليه بعقد صلح مشرف، والبقاء في البلد والاستعداد للقتال في أقرب فرصة.

الاستسلام
وهنا لم يجد بدًّا من إمضاء الصلح، لكن الفرنسيين واصلوا قذف القرى بالطائرات بعد التسليم، فقال لهم عبد الكريم: سيكون من المدهش أن تصيب طائراتكم الرجال في هذه المرة، إذ كانت العادة ألا تقتل إلا النساء، إن حضارتكم حضارة نيران، فأنتم تملكون قنابل كبيرة إذًا أنتم متحضرون، أما أنا فليس لدي سوى رصاصات بنادق، وإذًا فأنا متوحش. وكان بهذا يستهزئ بهم، ويقيم الحجة عليهم؛ لأنهم كانوا يتهمونه بالبربرية والتوحش.

سبحان الله ما أشبه الليلة بالبارحة! فدعاة الإسلام اليوم يتّهمون بالإرهاب قلبًا للحقائق، وتخذيلاً للمسلمين.

غدر فرنسي
أوصى أتباعه بالاستمساك بالدين وعدم الركون إلى المستخربين المحتلين، ولما سلَّم نفسه للفرنسيين بعد كتاب موثق للصلح وإبقائه في الريف، خانوا عهدهم معه كعادتهم وكعادة كل (المستخربين) الذين سموا زورًا وبهتانًا بـ(المستعمرين)، فنفوه إلى جزيرة "رينيون" في المحيط الهادي شرق مدغشقر لمدة إحدى وعشرين سنة.

وكانوا قد منعوا عنه في السنوات العشر الأولى كل وسيلة اتصال بالعالم الخارجي، فحرموه من الجرايد والمجلات ومن كتبه التي أتى بها معه، ثم سمحوا له بعد ذلك بها، فقضى هذه المدة الطويلة في التأمل والذكر والدعاء والصلاة، فسبحان الله كم يُصبّر عباده؛ إذ لو كان غيره لأصابه الجنون أو أمراض نفسية مزمنة، لكنه الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب فيصنع حينئذٍ ما يشبه المعجزات.

فرج بعد شدة
islamstory.com_sites_default_files_images_stories_articles_1031_16197_image004.jpg
ثم بدا لدولة الطغيان الفرنسية أن تعيده إلى فرنسا، فأتت به سفينة من الجزيرة ومرت بعدن للتزود، فتسامع الصالحون من اليمنيين والعراقيين والفلسطينيين في عدن بمرور سفينة الخطابي فأبرقوا لمصر، وطلبوا من المكتب المغربي فيها أن يحتالوا لإنزال الخطابي من السفينة، وكانت سفينة تجارية، فدبر الأستاذ عبد الرحمن عزام الأمر وهو أول رئيس للجامعة العربية -ومن العاملين نحسبه كذلك والله حسيبه- دبّره مع "الملك فاروق"، وكان ذلك سنة 1947م، وصعد برجال إلى السفينة وطلبوا من قائدها أن ينزل الخطابي لمقابلة الملك، والسلام عليه هو وأخوه وعمه عبد السلام، فانطلت الحيلة على القبطان، وسمح بنزول الخطابي، فأبقته مصر عندها، وهنا قامت قيامة فرنسا وثارت لكن بعد فوات الأوان، ومن الطريف أن فرنسا اتهمت مصر بالخيانة والغدر، سبحان الله! هم أهل الخيانة والغدر الذين نكثوا عهدهم مع الخطابي ونفوه إحدى وعشرين سنة.

علاقته بحسن البنا
واتصل الخطابي بدعاة مصر وفضلائها وكبارها، وعلى رأسهم الأستاذ الإمام حسن البنا -يرحمه الله- وأعجب به وبدعوته، وداوم على الحضور إلى المقر العام للإخوان والصلاة خلف الإمام حسن البنا، ولما وصله خبر اغتياله بكى وقال: يا ويح مصر والمصريين، مما سيأتيهم من قتل البنا، قتلوا وليًّا من أولياء الله، وإن لم يكن البنا وليًّا فليس لله ولي.

واتصل بمكتب المغرب العربي في القاهرة حيث عيّنوه رئيسًا له، وأخوه كان نائبًا له، وعمل مع أعضائه لتخليص بلادهم من الاستخراب الأجنبي البغيض، وهكذا الداعية لا يفتر ولا يقعد، فبعد إحدى وعشرين سنة من النفي والعزل عاد الأسد إلى عرينه، واتقدت الشعلة التي أطفأها الطغيان، واتصل بالمغاربة، وبالحاج أمين الحسيني وجمعية الشبان المسلمين وجماعة الإخوان المسلمين.

وفاته
ولما جاء الطاغية الهالك في انقلاب يوليو المشئوم سنة 1952م بمصر فترت العلاقة بين الخطابي والثائرين، وكيف يلتقيان وهؤلاء منهجهم الارتزاق من موائد الشيوعية والرأسمالية، وطريقهم هو القهر والاستبداد، وعملهم هو إفساد البلاد والعباد، وهذا طريقه الجهاد في سبيل الله، ومنهجه الإسلام، وعمله دعوة في سبيل الله؟ فكانت النتيجة أن أهمله المسئولون المصريون وضيقوا عليه الخناق، فمات يوم مات في 1 من رمضان 1382هـ/ 6 من فبراير 1963م، ولم تذكره وسائل الإعلام بكلمة، ولم يؤبّن التأبين اللائق به.

لكن هكذا كل عظيم من الرجال يموت في هذا الزمان، فقلما ينال ما يستحقه من إبراز لعمله، وإظهار لمآثره، وبيان لجهاده ودعوته، لكن لا يضره أن العبيد أهملوه وملائكة السماء -إن شاء الله- استقبلوه، ولا يؤثر فيه إهمال سيرته إذا كانت مكتوبة في الملأ الأعلى بحروف من نور بإذن العزيز الغفور.

ونحن لن نيئس أبدًا إن شاء الله تعالى؛ ففي الإسلام عشرات الآلاف من الأبطال من أمثال الخطابي، وسيكون للإسلام دولة بإذنه تعالى على أيدي هؤلاء الأبطال {وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} [الإسراء: 51].

د. محمد موسى الشريف

المصدر: موقع التاريخ.

http://islamstory.com/ar/الأمير-المجاهد-محمد-بن-عبد-الكريم-الخطابي
 
إنضم
23 يونيو 2013
المشاركات
124
مستوى التفاعل
117
النقاط
47
السلام عليكم
بارك الله فيك ،وانار المنتدى بأمثالك،والسلام عليكم.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا أخى الكريم على مرورك الطيب
 
  • إعجاب
التفاعلات: حوراء و فطرة الله

عربي

زائر
ضيف
إنضم
27 أغسطس 2013
المشاركات
238
مستوى التفاعل
311
النقاط
72
لله دره وعلى الله أجره
ما أشبه سيرته بسيرة عبد القادر الجزائري رحمة الله على الجميع

وهذه شهادة من جزائري آخر على فضل الخطابي على الثورة الجزائرية وعلى تونس وإن تنكرت لها حكومات العمالة

احمد شوشان


ما دارت الأيام و الشهور و عادت ذكرى الاستقلال الرسمية في 5 جويلية ثم تلتها ذكرى تفجير ثورة التحرير في الفاتح من نوفمبر إلا و تعزز لدي الاقتناع بأن الشعب الجزائري كان و ما يزال ضحية لأوهام كثيرة أعاقته عن التمتع بالعيش الكريم في وطنه و قلبت الحياة في وجدانه رأسا على عقب حتى أصبح يتوهم الاحتفال بذكرى الاستقلال قبل ذكرى اندلاع الثورة و كأن الاحتفال عنده لا يحمل أي دلالة. و بقدر ما ترسخ هذا الاقتناع لدي بقدر ما تعاظم الحافز للبحث عن حقيقة ما تعرضت له الجزائر بعيدا عن سوق المزايدة على التاريخ التي نصبها صناعه المزيفين الذين صادروا استقلال الجزائر بعد انتصار ثورتها و اغتصبوا الدولة في مرحلة طفولتها و سخروا كل موقومات الجزائر المادية و المعنوية و البشرية من أجل أن يحمدوا بما لم يفعلوا و يرهنوا مصير أمة عظيمة و أمجادها بتحقيق طموحات أنفسهم المريضة التي نخرها الإعجاب بحثالة الحضارات في الشرق و الغرب فاستمرأت التبعية للاستعمار القديم و تنكرت لحق الأجيال الجديدة في معرفة الأصول الحقيقية لأمجادها. أين ما يسرده الوراقون من جوهر هذه القضية التي لو تبنتها عقول حرة لغيرت بها مجرى التاريخ و جعلت من الجزائر جنة الله في ارضه كما كان يحلم بها الشهداء؟
عندما نقرأ ما كتبته الأقلام الجزائرية المأجورة منذ الاستقلال نجده يكرس خرافة أن الثورة صناعة جزائرية بحتة أنجزها 22 شخصا هم الذين فكروا و قدروا و قرروا و خططوا ثم فجروا الثورة و أصبحوا الأوصياء عليها. هذه المجموعة في وعي الجزائريين تمردت من تلقاء نفسها على قيادة حزب الشعب وشكلت المنظمة الخاصة التي تبنت العمل المسلح و فرضت نفسها على باقي الشعب الجزائري و اكتسبت بذلك شرعية الوصاية على الجزائر كلها….هذا الوهم و ما يكتنفه من المغالطات يعتبر من العوامل الأساسية التي نتجت عنها الاستقالة الجماعية التي طبعت موقف الشعب الجزائري منذ أن استلمت هذه المجموعة الحكم من فرنسا بعد اتفاقيات افيان التي تسمى تعسفا بمفاوضات إفيان. و شتان بين الاتفاقيات و المفاوضات؛ فالاولى تكون نتيحة لأي تفاهم بين طرفين حتى و لو لم يكونا متكافئين، أما الثانية فهي مقدمة للاتفاقيات الجادة التي لا تتم إلا بين طرفين متكافئين يعرف كل منهما ما يريد و يملك حرية القرار. و الظاهر من اتفاقيات افيان انها كانت بين الحكومة الفرنسية التي تعرف جيدا ماذا تريد من الجزائر و بين ممثلية جبهة التحرير التي لم يكن اعضاؤها متفقين حتى على هوية الجزائر زيادة على أنهم لم يكونوا يملكون من السلطة الفعلية شيئا. و بما أن طبيعة المقام و المناسبة لا تسمح ببسط الكلام و توثيقه علميا فإنني أكتفي بإشارات للذكرى تنفض الغبار عن حقيقة هذه الملحمة المجيدة.
أولا: كل من يتناول الحديث عن الثورة يبدأ بفكرة ميلاد المنظمة السرية داخل حزب الشعب دون مقدمات و كأن طائفا في المنام قذف في روع بن بلة و بلوزداد و بلمهيدي و حسين آيت احمد وحي العمل المسلح ثم يتفنن كل واحد في نسبة الفكرة لمن يعشقه من هؤلاء المجاهدين دون تفريق بين حال الداخل للثورة و الخارج منها و كأن هناك إرادة مبيتة لتمييع الحقيقة في أذهان الناس.
و حسب ما استنتجته من القراءة المتأنية لما توفر لدي من المعلومات الموثوقة فإن خيار العمل المسلح لم يكن رد فعل على مجازر 8 ماي 1945 و لا تمردا على الطابع السياسي لنضال حزب الشعب الذي كان هو نفسه يتبنى مطلب الاستقلال و لا حتى سعيا لتشكيل بديل عن حزب الشعب بعد تصدعه و إنما كان تجسيدا لقناعة ترسخت مع الايام لدى عصبة من الشباب الجزائريين المؤمنين بضرورة التحرر من الاستعمار الفرنسي بقوة السلاح.
هؤلاء الشباب كانوا مناضلين في صفوف حزب الشعب الذيكان يتبنى مطلب الاستقلال و يناضل من أجله و لكنهم وجدوا في دعوة المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي رمز المقاومة في الريف المغربي إلى اعتماد العمل المسلح كوسيلة لتحرير المغرب العربي الكبير من الاستعمار استجابة لطموحهم المشروع للاستقلال عن فرنسا الذي تبناها حزب الشعب الجزائري بالقول و تنكر لها بلسان الحال فحاولوا أن يقنعوا قيادتهم السياسية بالوفاء لتعهداتها فتماطلت و ضغطوا عليها فرفضت اقتداء بالقيادات السياسية في المغرب و تونس لأن هذه القيادات الحزبية كلها كانت تعلق آمالها على النضال السياسي السلمي الذي فتح لها آفاقا لابتزاز الاستعمار الذي بدوره فتح لها متنفسا يستنزف طاقة الجماهير و يضمن لتلك القيادات موقع الزعامة و الوصاية عليها. و رغم أن الاحزاب الرئيسية كلها كان لها تمثيل في لجنة تحرير المغرب العربي التي اسسها الخطابي سنة 1948 ( حيث كان حزب الشعب الجزائري ممثلا فيها من خلال عضوية المناضل الشاذلي المكي و كان حزب الدستور التونسي ممثلا من طرف لحبيب بورقيبة فيما مثل حزب الاستقلال المغربي في هذه اللجنة نواب عن الفاسي) فان كل الاحزاب تنكرت لتعهداتها و اجتهدت في عرقلة التحضير للعمل المسلح بكل الطرق مما تسبب لها في تمردات قادها الخطابي نفسه في المغرب و المناضل بن يوسف في تونس، اما في الجزائر فقد كان التمرد جماعيا تزعمته مجموعة من المناضلين الذين تواصلوا مع الخطابي في مصر و منهم الدكتور لمين الدباغين و محمد الطيب بوضياف و مصطفى بن بولعيد و العربي بلمهيدي و احمد بن بلة و محمد خيضر و حسين آيت احمد و ربما غيرهم…….هؤلاء الرجال – في تلك الحقبة من التاريخ – لم يكونوا زعماء و لا علماء و لكنهم كانوا مناضلين نشطين ذوي همة عالية و طموح جامح للحرية و لذلك لم يكونوا يطمحون إلى تحرير الجزائر وحدها و انما كان طموحهم هو التعاون على تحرير بلدان المغرب العربي كله. هذا هو المشروع الأصلي الذي كانت ثورة نوفمبرالجزائرية جزءا منه. و لست أدري لماذا نتحرج من رد الامور الى اصولها حتى تتضح الصورة للناس بدلا من الوقوع في التناقضات التي تفتح علينا باب التزوير و الكذب على مصراعيه. فالعلاقة التي ربطت زعماء الثورة الحقيقيين كلهم بالمجاهد بن عبد الكريم الخطابي الامازيغي المغربي الذي كان منفيا في مصر قبل ظهور المنظمة السرية و ما انبثق عنها من اللجان بما فيها لجنة 22 ، هي التي تفسر لنا علاقة مفجري الثورة الجزائرية الحقيقيين بمصر و هي التي تفسر لنا سر انشاء قاعدة الثورة في الناظور بالمغرب قبل انشاء القاعدة الشرقية في تونس و هي التي تفسر لنا حكاية الباخرة المحملة بالاسلحة التي كُلِّفَ الرئيس الراحل هواري بومدين بمهمة إيصالها من الاسكندرية الى الناظور و من كلفه بذلك كما تتضح لنا الخلفيات الحقيقية للعلاقة بين بن بلة و بومدين و جماعة وجدة و جيش الحدود و كذلك الخلفيات الحقيقية للنزاع الجزائري المغربي على الحدود و كذلك سر لجوء محمد بوضياف الى المغرب و غير ذلك من الملابسات و الألغاز التي تميز بها تاريخ الثورة نتيجة لهذه الانتقائية الخسيسة و التواطئ المخجل في تناول تاريخ ثورتنا المجيدة.
ثانيا: محمد بن عبد الكريم الخطابي كان مجاهدا أمازيغيا من الريف المغربي تمرد على الاستعمار في بداية القرن العشرين و استقل بدولته التي اسسها في المناطق الريفية و امتدت إلى غرب الجزائر و مع ذلك لم يفكر في مراجعة هويته التي اكتسبها بحكم العقيدة و التاريخ و الوطن بل كان هو أول من أحبط مشروع فرنسة الشمال الإفريقي عن طريق إثارة النزعة العرقية عند الأمازيغ فأطلق على شمال غرب افريقيا صفة المغرب العربي الكبير و ذلك من منفاه في مصر قبل أن يظهر شعار القومية العربية الوهمي و زعيمها جمال عبد الناصر مما يدل دلالة قاطعة على أن هذه التسمية لا علاقة لها بما يروج له المصابون بفوبيا العربية و الاسلام في الجزائر و انما نبعت هذه التسمية من روح نضالية وطنية عالية تسامت على النوازع الشخصية كلها عند المجاهد الامازيغي عبد الكريم الخطابي و تركزت في البعد الحضاري الخالد الذي يفصل بين شعوب هذه المنطقة و عدوها الأزلي كما يؤكده التاريخ و تثبته الهوية الأبدية لسكان هذه الارض الطيبة….. و على هذا الأساس الواقعي وحده كان الاصرار على اعتماد العمل المسلح ضد الاستعمار في بلدان المغرب العربي و على هذا التحدي الحضاري وحده كان الاصرار على تحرير بيان أول نوفمبر بالصيغة التي حددت هوية الثورة الجزائرية و الدولة الجزائرية المرجوة بكل شعاراتها و مقوماتها بصفة رسمية رغم اعتراض بعض الاعضاء في مجموعة 22 التي ينسب إليها تفجير الثورة و الذين لا تتجاوز علاقتهم الحقيقية بالثورة الجانب الحربي منها رغم الهالة التي صنعوها لأنفسهم بعد ذلك…
..إذن فمشروع العمل المسلح الذي تجسد على مستوى الجزائر في اطلاق ثورة أول نوفمبر 1954 هو في الحقيقة جزء من ذلك المشروع الحضاري العظيم الذي يحمل طموح كل المواطنين في الجزائر و تونس و المغرب إلى تحرير الارض و الانسان و استقلالية الدولة و ليس المشروع الذي اختزلته القيادات المتعاقبة على الثورة بمرور الوقت الى ان اصبح يتمثل في الحكم نيابة عن الاستعمار و تأمين مصالحه في الجزائر و تونس و المغرب….. و لذلك يتعين علينا البحث الدقيق عن الاسباب الحقيقية التي أجهظت هذا المشروع الكبير ببعده الاقليمي و الحضاري قبل البحث في أزمتنا الوطنية المحلية. و لا ينبغي أن نتقيد بالإطار الضيق الذي فرضته علينا الثقافة الموجهة للانظمة القائمة.
ثالثا: شكلت الاستجابة لنداء الخطابي بتبني العمل المسلح من طرف حركات التمرد ضغطا كبيرا على فرنسا فأبرمت اتفاقيات استقلال مع قادة الاحزاب السياسية في تونس و المغرب و تفرغت منذ سنة 1956 لقمع الثورة في الجزائر منذ سنة 1957 بعد أن أصبح الجهاد المسلح قضية تبناها الشعب الجزائري بأكمله و لم تعد متوقفة على طموح القيادات التي أعلنت الثورة. و كان هذا مؤشرا قويا على أن الاستقلال أصبح قضية محسومة متوقفة على الوقت فقط. و لكن بالتوازي مع هذا الزخم الكبير للثورة على صعيد التعبئة الشعبية كان الانتكاس على مستوى قيادة الثورة فظيعا. بحيث تمت تصفية أغلب القيادات المخلصة و بلغ التنافس بين الطامحين للزعامة و السلطة أشده و تشكلت العصب و دوائر النفوذ داخل هياكل جبهة التحرير و بين قيادات جيش التحرير و أصبح التآمر هو المسيطر على العلاقة بين الجميع فكانت هيئات القياداة مبنية على الحسابات الفئوية و بدأت سلسلة من النزاعات لم تتوقف حتى أثناء التفاوض الشكلي مع فرنسا على الاستقلال مما فتح الباب واسعا أمام فرنسا لترتيب اختراق الثورة و زرع بذور اجهاظها من خلال تسريب عملائها في الجيش و الادارة تمهيدا للاتفاق على استقلال شكلي ترك الجزائر تراوح مكانها منذ أكثر من خمسين سنة.

رابعا: أول خطوة في مسار إجهاظ الثورة كان التحاق عناصر لا تتبنى أهدافها بالمجموعة التأسيسية المتمثلة في جماعة (22) و ما جاء بعدها….و قد حاولت هذه العناصر إفراغ مشروع الثورة من مضمونه الحضاري منذ أول لقاء اثناء تحرير بيان أول نوفمبر فاعترضوا على تقييد هوية الدولة بضابط المبادئ الاسلامية و لكن السلطة المعنوية لأصحاب المشروع الأصلي قطعت عليهم الطريق. ففرضوا اثبات طبيعة الثورة المسلحة و هوية الدولة المستقلة في نص البيان لعلمهم بأهمية هذه القضية الجوهرية. فشتان بين مصطفى بن بولعيد و ديدوش مراد و العربي بلمهيدي و امثالهم من الذين يمثلون ضمير الشعب الجزائري و هويته و لا يرون للجزائر وجودا خارج هويتها المغاربية المسلمة و الذين ما كانوا ليضحوا بارواحهم لولا طمعهم في مقام الشهادة في سبيل الله و بين من استحدث لنفسه هوية تقربه من فرنسا و تجعل قلبه يشمئز من مجرد ذكر الاسلام في المجلس….و بعد أن تمكنت فرنسا من عزل قيادة الثورة الاصلية باستشهاد مصطفى بن بولعيد و اعتقال الزعماء الخمسة اثناء سفرهم من المغرب الى مصر أصبحت الكلمة العليا لمن لم تكن لهم علاقة بالبعد الحضاري و الاقليمي لمشروع الثورة فحولوا اتجاهها نحو المجهول……. و كان بيان مؤتمر الصومام سنة 1956 أول مؤشر على أن الجناح الدخيل على مشروع الثورة الأصلي تمكن من تحقيق ما فشل فيه المعترضون على صياغة بيان أول نوفمبر 1954 و أصبحت الثورة منذ ذلك الحين عرضة للانتكاس. فبعد أن كان الطموح إقليميا شاملا ذو بعد حضاري تراجع إلى أن أصبح لا يتجاوز مطلب السلطة داخل الوطن و في حدود ما تباركه فرنسا و ظهر من ينادي بجزائر بدون هوية تحت شعار الجزائر جزائرية. فلا غرابة إذن أن تعصف فتنة التنازع على السلطة بقيادة ولاية الاوراس في الشرق بمجرد استشهاد مصطفى بن بولعيد و أن تتحول قيادة الولاية الخامسة في الغرب إلى بؤرة للمؤامرة بمجرد استشهاد العربي بلمهيدي..فهذا الطراز من القيادات رغم بساطتها نموذج نادرا في وعيها بالقضية التي تناضل من أجلها، و لكن فشل المشروع الحضاري في بعده الاقليمي بعد استقلال تونس و المغرب سلميا و تعرض الأحياء من تلك القيادات لحرب نفسية أثناء السجن من طرف فرنسا و بعد وقف إطلاق النار من طرف الاوصياء الجدد على الثورة كان له أثر بالغ في انحراف المسار النضالي لهذه القيادات، و ليس من الانصاف محاكمة نضالها السابق على تفجير الثورة إلى ما انتهت اليه بعد الاستقلال………
و هكذا في الوقت الذي كان الشعب مصرا على مواجهة الاحتلال رغم همجيته كانت القيادات الجديدة للثورة تتنازع من أجل الاستئثار بالسلطة في دولة الاستقلال معتمدة على المزايدات و الابتزاز…..فلماذا نستغرب من نفوذ فرنسا في الجزائر رغم اعلان استقلالها منذ 50 سنة ما دمنا لا نريد أن نعترف بأن ليس كل من التحق بالثورة في البداية بقي مجاهدا إلى النهاية؟ الحقيقة هي أن كثيرا ممن التحقوا بالثورة لم يكونوا مقدرين لما تتطلبه من تضحية لذلك ارتدوا على اعقابهم في اول امتحان كما ان كثيرا ممن التحقوا بالثورة لم يكونوا يعرفون عن اهدافها الحقيقية شيئا و لذلك ما ان تمكنوا من الوصول الى مواقع النفوذ حتى حولوا وجهتها الى ما يخدم طموحاتهم و يستجيب لشذوذهم الفكري و مصالحهم الشخصية…..علينا أن نتابع المسار النضالي للأشخاص المسؤولين على قيادة الثورة و نرصد محطات انحرافهم و ندرس الاسباب الحقيقية وراء هذا الانحراف حتى نتمكن من العودة بمشروع الثورة الى آخر نقطة في مسارها الصحيح و ندفعها الى الغاية النبيلة التاي ارادها الشهداء و الرجال الصادقون………………لأنه مع الأسف الشديد انتصرت الثورة معنويا بعد تضحيات جسام و انسحب الجيش الفرنسي بعد أن يئس من الانتصار على ثورة الشعب و اصطحب حاكمه المدني معه الى فرنسا ليحل محله جيش جزائري كان مرابطا خارج التراب الوطني في الوقت الذي كان الشعب يواجه جيش الاستعمار في الداخل و جلب معه حاكما مدنيا جزائريا اكتسب شرعيته الثورية من خلال نضاله من أجل المشروع الحضاري الأصلي الذي انطلقت على أساسه ثورة التحرير و لكن هذا المجاهد تنازل عن مشروع الاستقلال الحقيقي مقابل منصب الحاكم في الجزائر كما يريدها الاوصياء الجدد على الثورة سنة 1962 و ليس كما يريدها من فجروا الثورة سنة 1954…….. و هكذا رحل مسؤولو الادارة الفرنسيون بالاصالة و حل محلهم فرنسيون من اصل جزائري أوفى منهم لفرنسا و احرص على مصالحها. و هكذا وجد الشعب الجزائري نفسه حرا في الجزائر الفرنسية بعلم مختلف و مستقلا تحت الوصاية الفرنسية بموظفين جزائريين بعد ثورة دامت 7 سنوات ضحى خلالها بمليون و نصف المليون من خيرة حرائره و رجاله…..فهل يحق لمن حولوا مشروع الثورة الحضاري إلى كابوس يدفع المواطنين إلى الهروب من الجزائر او الانتحار أن يحتفلوا بمناسبة ذكرى الثورة؟ بالنسبة لي الثورة فجرها رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فاتخذ منهم شهداء أما غيرهم من الجزائريين فالثورة ما زالت في ذمتهم حتى تحقق أهدافها و من واجبهم أن يواصلوا الثورة إلى غايتها المرجوة من طرف الشهداء و لا قيمة للاحتفال بذكرى مجد ضيعنا
 
  • إعجاب
التفاعلات: حسام الدين

مواضيع ممائلة