- إنضم
- 8 أغسطس 2013
- المشاركات
- 487
- التفاعل
- 618
- النقاط
- 102
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله ومن والاه وسلم تسليما كثيرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقدمة
كثيرا ما نسمع ان ما يحدث من احداث هنا وهناك انما هي فتنة وعلى المسلم تجنبها ما استطاع الي ذلك سبيلا. وانا شخصيا كثيرا ما استمعت الي قول علماء اجلاء بضرورة تجنب الفتن واقتنعت بادلتهم الصريحة والصحيحة في دعم اقوالهم.
لكن بعد مدة لم استطع هظم هذا الموقف والسلبي البغيض والذي لا يتناسب وحال المسلم. ثم إن ترك الامور لقضاء الله وقدره والجلوس وعدم تحريك ساكنا فيه تعارض لاستخلاف الله لنا في الارض وفيه تشبه بقول اليهود "اذهب انت ورب فقاتلا انا هاهنا قاعدون".
الامر الاخر الذي استوقفني عندما سألت نفسي وهل مر زمن بدون فتنة او ابتلاء؟ هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان مما يقتضي ان تكون الفتنة في كل عصر ومكان وان اختلفت شدتها ونوعها من حين الي حين.
لذلك كله قمت بعمل هذا البحث المختصر في الفتنة من اجل ان افهم مقصد الشارع وما يتوجب على المسلم فعله حسب كل موقف. وارجو من اهل الاختصاص تصويبي بما علمهم الله لقوله تعالى "وفوق كل ذي علم عليم"
إذا اردت ان تقرأ مختصر هذا البحث اقرأ ما لون باللون الازرق
ما هي الفتنة لغة واصطلاحا؟
الفتنة في اللغة : جماع معنى الفتنة في كلام العرب : الابتلاء ، والامتحان وأصلها مأخوذ من قولك : فتنتُ الفضة والذهب ، أذبتهما بالنار ليتميز الردي من الجيد ، ومن هذا قول الله عز وجل : " يومهم على النار يفتنون " أي يحرقون بالنار .
الفتنة إصطلاحا :
الفتنة في الكتاب والسنة :
1- الابتلاء والاختبار : كما في قوله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) أي وهم لا يبتلون
2- الصد عن السبيل والرد : كما في قوله تعالى ( وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْك) أي يصدوك ويردوك .
3- العذاب : كما في قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) أي عذبوا .الإحراق بالنار : لقوله تعالى : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ).
4- الشرك ،والكفر : كما في قوله تعالى : (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) أي شرك .
5- الوقوع في المعاصي والنفاق : كما في قوله تعالى في حق المنافقين ( وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِي) أي أوقعتموها في النفاق وأهلكتموها باستعمال المعاصي والشهوات .
6- اشتباه الحق بالباطل : كما في قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) فالمعنى : " إلا يوالى المؤمن من دون الكافر ، وإن كان ذا رحم به ( تكن فتنة في الأرض ) أي شبهة في الحق والباطل. وهذا المعنى هو مقصد حديث الناس في اغلب المواقف.
7- الإضلال : كما في قوله تعالى : ( ومن يرد الله فتنته ) فإن معنى الفتنة هنا الإضلال.
8- القتل والأسر : ومنه قوله تعالى : (وإن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا )والمراد : حمل الكفار على المؤمنين وهم في صلاتهم ساجدون حتى يقتلوهم أو يأسروهم .
9- اختلاف الناس وعدم اجتماع قلوبهم : كما في قوله تعالى : ( ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة ) أي يوقعوا الخلاف بينكم
10 - الجنون : كما في قوله تعالى ( بأيِّكم المفتون ) .فالمفتون بمعنى المجنون .
في ظل الفتن الراهنة علينا أن نفهم معنى الفتنة وطبيعتها وأنواعها؛ حتى نتبصَّر لموقفنا منها ونصل لبرِّ الأمان ..
نسأل الله أن ينجينا وجميع المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن ..
أولاً: معنى الفتنـــة ..
الفتنة في اللغة، هي: ابتلاءٌ وامتحــانٌ واختبـــار ..
لذا لابد أن يمر بها جميع الناس؛ حتي يتميز الخبيث من الطيب ..
يقول الله جلَّ وعلا {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (*) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت: 2,3]
وقد ورد لفظ الفتنة في القرآن نحو 70 مرة، وكلها تدور حول هذا المعاني:
1) إدخــال الإنسان النـــار ..
قَالَ الرَّاغِب "أَصْل الْفِتَن إِدْخَال الذَّهَب فِي النَّار لِتَظْهَر جَوْدَته مِنْ رَدَاءَته، وَيُسْتَعْمَل فِي إِدْخَال الْإِنْسَان النَّار"[غريب القرآن للأصفهاني (1:371)].. كما قال تعالى{يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (*) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ}[الذاريات: 13,14]
2) ما يوجب العذاب .. كما في قوله جلَّ وعلا{.. أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ..}[التوبة: 49] .. أي: إنهم أسقطوا أنفسهم فيما يوجب العذاب.
3) الاختبـــار ..قال تعالى{.. وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا ..}[طه: 40]
4) البـــلاء .. وجُعِلَت الفتنة كالبلاء في أنهما يُستعملان فيما يُدفَع إليه الإنسان من شدةٍ ورخاء، وهما في الشدة أظهر معنى وأكثر استعمالا .. قال جلَّ وعلا{.. وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ..}[الأنبياء: 35]
لذا، معنى الفتنة اصطلاحًا:
هي الأمور والشدائد التي يُجريها الله تعالى على عباده، على وجه الحكمة ابتلاءً وامتحانًا.
ثانيًا: أنـــواع الفتنــة ..
وللفتنة نوعان:
1) فتن خـــاصة .. 2) فتن عــامة ..
النوع الأول: الفتن الخـــاصة ..
وهي الأمور التي تقع على الإنسان في خاصة نفسه من خيرٍ أو شر، يمتحن الله عزَّ وجلَّ بها العبد في ماله أو زوجه أو أولاده أو جاره .. وهو من سُنن الله الكونية السارية على جميع عباده لا محالة.
وتنقسم الفتن الخاصة إلى:
القسم الأول: الابتــلاء بالمصائــب ..
قال تعالى{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (*) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (*) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}[البقرة: 155,157]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة"[رواه أحمد وصححه الألباني، صحيح الجامع (992)]
فمن حكمة الابتلاء بالمصائب:: تكفير سيئات العبد، ورفع درجته عند ربِّه جلَّ وعلا ..وتكون على سبيل الامتحان؛ ليتميَّز الصادق من غيره.
القسم الثاني: الابتلاء بالخيرات والنِعَم ..
قال تعالى{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[الأنفال: 28]
ويتنوَّع الابتلاء بالنِعَم، من نعمة المال والأولاد والصحة والفراغ والشباب إلى غير ذلك من النِعَم العظيمة التي وهبنا الله تعالى لنا؛ ليبلونا أنشكر أم نكفر .. فتكون النعمة إما طريق العبد للزيادة في الدرجات، أو تكون وبالاً عليه إذا لم يؤد حق شُكرها.
القسم الثالث: فتنة الشهوات ..
وهذا ما أُبتليت به أمة الإسلام في هذا الزمان، من حب الشهوات والتعلُّق بها حتى صارت همَّهم وغايتهم .. قال تعالى{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ}[آل عمران: 14]
وهي فتنةٌ عارمة، تودي بالناس وتردي بهم بعيدًا عن طريق الرحمن سبحانه و تعالى،،
القسم الرابع: فتنة الشُبُهـــات ..
وهي قاسمة الظهر وحالقة الدين والسبب في كل بلاءٍ مهين، والسبب في كل خلافٍ وزيغٍ وضلالٍ وفُرقةٍ وكفرٍ ونفاقٍ .. فنعوذ بالله من تلك الفتنة ما ظهر منها وما بطن.
قال تعالى{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ..} [آل عمران: 7]
فأهل الزيغ والضلال يروجون لشبهاتهم المسمومة بين العامة؛ حتى يُفتن الناس في دينهم وتهتز عقائدهم وثوابتهم ..
والسبب في نشأة الشبهات:: ضعف البصيرة وقلة العلم ..
لاسيما إذا أقترن بفساد النية واتباع الهوى .. كشأن المنافقين وأصحاب البدع، الذي ما وقعوا في البدع إلا بعد أن اشتبه عليهم الحق بالباطل والهدى بالضلال .. وأكبر باعث للشُبهات في زماننا هو الإعلام الفاسد، الذي ينشر الفهم الفاسد الناشيء عن التحاكم للعقول والأهواء، فيلبسوا على الناس أمور دينهم ويقعون بسبب ذلك في الفتنة والعياذ بالله.
والطريق الوحيد للنجاة من فتنة الشبهات:: صدق اللُجأ لله تعالى وتجريـــد الاتبــاع للنبي صلى الله عليه وسلم ..
فيتمسك الإنسان بالكتاب والسُّنَّة ظاهرًا وباطنًا، ويقدمها على الأهواء وحظوظ النفس .. وفيهما نجاته.
النوع الثاني: الفتن العامة ..
وهي الفتن التي تصيب عامة الأمة، فيصبح الإسلام وأهله في بلاءٍ عظيم .. فهي فتنٌ عامة تعصف بالعباد والبلاد، فيضعف الإسلام ويهون شأن أهله وتتداعى الأمم عليهم كما تتداعى الأكلة على قصعتها .. وقد بدأت هذه الفتن منذ عهد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تزال في هذه الأمة إلى يومنا هذا.
عَن أُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ"هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ"[متفق عليه]
وذلك لكثرة الفتن وعمومها ..فقد كَثُرَت الحروب بعد النبي صلى الله عليه وسلم؛ مثل موقعة الجمل وصفين وغيرها إلى يومنا هذا.
وقد فُتِح الباب لتلك الفتن العامة التي تموج كموج البحر، بعد مقتل عُمر رضي الله عنه ..
عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَةِ؟، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا أَحْفَظُ كَمَا قَالَ، قَالَ: هَاتِ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ ..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ" ..
قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ وَلَكِنْ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: يُفْتَحُ الْبَابُ أَوْ يُكْسَرُ؟، قَالَ: لَا، بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: ذَاكَ أَحْرَى أَنْ لَا يُغْلَقَ، قُلْنَا: عَلِمَ عُمَرُ الْبَابَ، قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ، فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ وَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: مَنْ الْبَابُ؟، قَالَ: عُمَرُ.[متفق عليه]
المراجع:
درس "الفتنة .. معناها وأنواعها" لفضيلة الشيخ هاني حلمي.
الفتنة .. معناها والحكمة منها في ضوء الكتاب والسنةلفضيلة الشيخ إبراهيم بن عبد الله الدويش
مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [قـ : 18]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله ومن والاه وسلم تسليما كثيرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقدمة
كثيرا ما نسمع ان ما يحدث من احداث هنا وهناك انما هي فتنة وعلى المسلم تجنبها ما استطاع الي ذلك سبيلا. وانا شخصيا كثيرا ما استمعت الي قول علماء اجلاء بضرورة تجنب الفتن واقتنعت بادلتهم الصريحة والصحيحة في دعم اقوالهم.
لكن بعد مدة لم استطع هظم هذا الموقف والسلبي البغيض والذي لا يتناسب وحال المسلم. ثم إن ترك الامور لقضاء الله وقدره والجلوس وعدم تحريك ساكنا فيه تعارض لاستخلاف الله لنا في الارض وفيه تشبه بقول اليهود "اذهب انت ورب فقاتلا انا هاهنا قاعدون".
الامر الاخر الذي استوقفني عندما سألت نفسي وهل مر زمن بدون فتنة او ابتلاء؟ هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان مما يقتضي ان تكون الفتنة في كل عصر ومكان وان اختلفت شدتها ونوعها من حين الي حين.
لذلك كله قمت بعمل هذا البحث المختصر في الفتنة من اجل ان افهم مقصد الشارع وما يتوجب على المسلم فعله حسب كل موقف. وارجو من اهل الاختصاص تصويبي بما علمهم الله لقوله تعالى "وفوق كل ذي علم عليم"
إذا اردت ان تقرأ مختصر هذا البحث اقرأ ما لون باللون الازرق
ما هي الفتنة لغة واصطلاحا؟
الفتنة في اللغة : جماع معنى الفتنة في كلام العرب : الابتلاء ، والامتحان وأصلها مأخوذ من قولك : فتنتُ الفضة والذهب ، أذبتهما بالنار ليتميز الردي من الجيد ، ومن هذا قول الله عز وجل : " يومهم على النار يفتنون " أي يحرقون بالنار .
الفتنة إصطلاحا :
الفتنة في الكتاب والسنة :
1- الابتلاء والاختبار : كما في قوله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) أي وهم لا يبتلون
2- الصد عن السبيل والرد : كما في قوله تعالى ( وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْك) أي يصدوك ويردوك .
3- العذاب : كما في قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) أي عذبوا .الإحراق بالنار : لقوله تعالى : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ).
4- الشرك ،والكفر : كما في قوله تعالى : (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) أي شرك .
5- الوقوع في المعاصي والنفاق : كما في قوله تعالى في حق المنافقين ( وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِي) أي أوقعتموها في النفاق وأهلكتموها باستعمال المعاصي والشهوات .
6- اشتباه الحق بالباطل : كما في قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) فالمعنى : " إلا يوالى المؤمن من دون الكافر ، وإن كان ذا رحم به ( تكن فتنة في الأرض ) أي شبهة في الحق والباطل. وهذا المعنى هو مقصد حديث الناس في اغلب المواقف.
7- الإضلال : كما في قوله تعالى : ( ومن يرد الله فتنته ) فإن معنى الفتنة هنا الإضلال.
8- القتل والأسر : ومنه قوله تعالى : (وإن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا )والمراد : حمل الكفار على المؤمنين وهم في صلاتهم ساجدون حتى يقتلوهم أو يأسروهم .
9- اختلاف الناس وعدم اجتماع قلوبهم : كما في قوله تعالى : ( ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة ) أي يوقعوا الخلاف بينكم
10 - الجنون : كما في قوله تعالى ( بأيِّكم المفتون ) .فالمفتون بمعنى المجنون .
في ظل الفتن الراهنة علينا أن نفهم معنى الفتنة وطبيعتها وأنواعها؛ حتى نتبصَّر لموقفنا منها ونصل لبرِّ الأمان ..
نسأل الله أن ينجينا وجميع المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن ..
أولاً: معنى الفتنـــة ..
الفتنة في اللغة، هي: ابتلاءٌ وامتحــانٌ واختبـــار ..
لذا لابد أن يمر بها جميع الناس؛ حتي يتميز الخبيث من الطيب ..
يقول الله جلَّ وعلا {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (*) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت: 2,3]
وقد ورد لفظ الفتنة في القرآن نحو 70 مرة، وكلها تدور حول هذا المعاني:
1) إدخــال الإنسان النـــار ..
قَالَ الرَّاغِب "أَصْل الْفِتَن إِدْخَال الذَّهَب فِي النَّار لِتَظْهَر جَوْدَته مِنْ رَدَاءَته، وَيُسْتَعْمَل فِي إِدْخَال الْإِنْسَان النَّار"[غريب القرآن للأصفهاني (1:371)].. كما قال تعالى{يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (*) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ}[الذاريات: 13,14]
2) ما يوجب العذاب .. كما في قوله جلَّ وعلا{.. أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ..}[التوبة: 49] .. أي: إنهم أسقطوا أنفسهم فيما يوجب العذاب.
3) الاختبـــار ..قال تعالى{.. وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا ..}[طه: 40]
4) البـــلاء .. وجُعِلَت الفتنة كالبلاء في أنهما يُستعملان فيما يُدفَع إليه الإنسان من شدةٍ ورخاء، وهما في الشدة أظهر معنى وأكثر استعمالا .. قال جلَّ وعلا{.. وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ..}[الأنبياء: 35]
لذا، معنى الفتنة اصطلاحًا:
هي الأمور والشدائد التي يُجريها الله تعالى على عباده، على وجه الحكمة ابتلاءً وامتحانًا.
ثانيًا: أنـــواع الفتنــة ..
وللفتنة نوعان:
1) فتن خـــاصة .. 2) فتن عــامة ..
النوع الأول: الفتن الخـــاصة ..
وهي الأمور التي تقع على الإنسان في خاصة نفسه من خيرٍ أو شر، يمتحن الله عزَّ وجلَّ بها العبد في ماله أو زوجه أو أولاده أو جاره .. وهو من سُنن الله الكونية السارية على جميع عباده لا محالة.
وتنقسم الفتن الخاصة إلى:
القسم الأول: الابتــلاء بالمصائــب ..
قال تعالى{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (*) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (*) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}[البقرة: 155,157]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة"[رواه أحمد وصححه الألباني، صحيح الجامع (992)]
فمن حكمة الابتلاء بالمصائب:: تكفير سيئات العبد، ورفع درجته عند ربِّه جلَّ وعلا ..وتكون على سبيل الامتحان؛ ليتميَّز الصادق من غيره.
القسم الثاني: الابتلاء بالخيرات والنِعَم ..
قال تعالى{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[الأنفال: 28]
ويتنوَّع الابتلاء بالنِعَم، من نعمة المال والأولاد والصحة والفراغ والشباب إلى غير ذلك من النِعَم العظيمة التي وهبنا الله تعالى لنا؛ ليبلونا أنشكر أم نكفر .. فتكون النعمة إما طريق العبد للزيادة في الدرجات، أو تكون وبالاً عليه إذا لم يؤد حق شُكرها.
القسم الثالث: فتنة الشهوات ..
وهذا ما أُبتليت به أمة الإسلام في هذا الزمان، من حب الشهوات والتعلُّق بها حتى صارت همَّهم وغايتهم .. قال تعالى{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ}[آل عمران: 14]
وهي فتنةٌ عارمة، تودي بالناس وتردي بهم بعيدًا عن طريق الرحمن سبحانه و تعالى،،
القسم الرابع: فتنة الشُبُهـــات ..
وهي قاسمة الظهر وحالقة الدين والسبب في كل بلاءٍ مهين، والسبب في كل خلافٍ وزيغٍ وضلالٍ وفُرقةٍ وكفرٍ ونفاقٍ .. فنعوذ بالله من تلك الفتنة ما ظهر منها وما بطن.
قال تعالى{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ..} [آل عمران: 7]
فأهل الزيغ والضلال يروجون لشبهاتهم المسمومة بين العامة؛ حتى يُفتن الناس في دينهم وتهتز عقائدهم وثوابتهم ..
والسبب في نشأة الشبهات:: ضعف البصيرة وقلة العلم ..
لاسيما إذا أقترن بفساد النية واتباع الهوى .. كشأن المنافقين وأصحاب البدع، الذي ما وقعوا في البدع إلا بعد أن اشتبه عليهم الحق بالباطل والهدى بالضلال .. وأكبر باعث للشُبهات في زماننا هو الإعلام الفاسد، الذي ينشر الفهم الفاسد الناشيء عن التحاكم للعقول والأهواء، فيلبسوا على الناس أمور دينهم ويقعون بسبب ذلك في الفتنة والعياذ بالله.
والطريق الوحيد للنجاة من فتنة الشبهات:: صدق اللُجأ لله تعالى وتجريـــد الاتبــاع للنبي صلى الله عليه وسلم ..
فيتمسك الإنسان بالكتاب والسُّنَّة ظاهرًا وباطنًا، ويقدمها على الأهواء وحظوظ النفس .. وفيهما نجاته.
النوع الثاني: الفتن العامة ..
وهي الفتن التي تصيب عامة الأمة، فيصبح الإسلام وأهله في بلاءٍ عظيم .. فهي فتنٌ عامة تعصف بالعباد والبلاد، فيضعف الإسلام ويهون شأن أهله وتتداعى الأمم عليهم كما تتداعى الأكلة على قصعتها .. وقد بدأت هذه الفتن منذ عهد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تزال في هذه الأمة إلى يومنا هذا.
عَن أُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ"هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ"[متفق عليه]
وذلك لكثرة الفتن وعمومها ..فقد كَثُرَت الحروب بعد النبي صلى الله عليه وسلم؛ مثل موقعة الجمل وصفين وغيرها إلى يومنا هذا.
وقد فُتِح الباب لتلك الفتن العامة التي تموج كموج البحر، بعد مقتل عُمر رضي الله عنه ..
عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَةِ؟، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا أَحْفَظُ كَمَا قَالَ، قَالَ: هَاتِ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ ..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ" ..
قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ وَلَكِنْ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: يُفْتَحُ الْبَابُ أَوْ يُكْسَرُ؟، قَالَ: لَا، بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: ذَاكَ أَحْرَى أَنْ لَا يُغْلَقَ، قُلْنَا: عَلِمَ عُمَرُ الْبَابَ، قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ، فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ وَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: مَنْ الْبَابُ؟، قَالَ: عُمَرُ.[متفق عليه]
المراجع:
درس "الفتنة .. معناها وأنواعها" لفضيلة الشيخ هاني حلمي.
الفتنة .. معناها والحكمة منها في ضوء الكتاب والسنةلفضيلة الشيخ إبراهيم بن عبد الله الدويش
مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [قـ : 18]