- إنضم
- 30 نوفمبر 2014
- المشاركات
- 4,420
- التفاعل
- 26,638
- النقاط
- 122
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصل اللهم على نبينا محمد واله وصحبه الكرام وسلم تسليما كثيرا
قال الله – عز وجل - :- " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ "
وقال – سبحانه وتعالى - :- " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصل اللهم على نبينا محمد واله وصحبه الكرام وسلم تسليما كثيرا
قال الله – عز وجل - :- " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ "
وقال – سبحانه وتعالى - :- " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "
حادثه وقعت في أيام الخليفة المعتضد بالله العباسي سنة 281 هجرية ، وأوردها ابن كثير في كتابه ( البدايه والنهايه ) ، والذهبي في ( سير أعلام النبلاء )
فقد ذكر القاضي أبو الحسن الهاشمي، أن شيخا من التجار ببغداد، قال: كان لي عند بعض الأمراء مال كثير، فماطلني ومنعني حقي، وجعل كلما جئت أطالبه يمنعني، وأمر غلمانه يؤذونني، فاشتكيت إلى الوزير، فلم يفد ذلك شيئا، وإلى أولياء الأمر من الدولة، فلم يقطعوا منه شيئا وما زاده ذلك إلا منعا وجحودا، فآيست من المال الذي عنده، ودخلني هم من جهته، فبينما أنا كذلك وأنا حائر إلى من أشتكي، إذ قال لي رجل: ألا تأتي فلانا الخياط إمام مسجد هناك، فقلت : وما عسى أن يصنع خياط مع هذا الظالم، وأعيان الدولة لم يقطعوا فيه؟
قال لي: هو أقطع وأخوف عنده من جميع من اشتكيت إليه، فذهب إليه التاجر فقام معه هذا الخياط، وذهبا إلى الأمير، فعندما رآه الأمير قام إليه واحترمه وأكرمه، فقال له الخياط: ادفع إلى هذا الرجل حقه وإلا أذنت، فتغير لون الأمير، ودفع إلى التاجر حقه فورا،
قال التاجر: فعجبت من ذلك الخياط مع رثاثة حاله وضعف بنيته كيف انطاع ذلك الأمير له؟، فسألته عن خبره،
فقال: إن سبب ذلك أنه كان عندنا في جوارنا أمير تركي من أعالي الدولة، وهو شاب حسن، فمرت به ذات يوم امرأة حسناء قد خرجت من الحمام، فقام إليها وهو سكران، فتعلق بها يريدها لنفسه ليدخلها منزله، وهى تصرخ وتصيح يا مسلمين: أنا امرأة مسلمة، وهذا رجل يريدني على نفسي ويدخلني منزله، وقد حلف زوجي بالطلاق ألا أبيت خارج البيت.
فقال الخياط: فقمت إليه فأنكرت عليه، وأردت خلاص المرأة من يديه، فضربني بدبوس في يده فشج رأسي، وغلب المرأة على نفسها، وأدخلها منزله قهرا، فرجعت أنا فغسلت الدم عني، وعصبت رأسي وصليت بالناس العشاء, ثم قلت: للجماعة إن هذا قد فعل ما قد علمتم، فقوموا معي إليه لننكر عليه، ونخلص المرأة منه، فقام الناس معي فهجمنا على داره، فثار إلينا في جماعة من غلمانه بأيديهم العصي والدبابيس، يضربون الناس بقسوة، وقصدني هو من بينهم فضربني ضربا شديدا مبرحا حتى أدماني، وأخرجنا من منزله، ونحن في غاية الإهانة فرجعت إلى منزلي، وأنا أكاد لا أهتدي إلى الطريق من شدة الوجع وكثرة الدماء، فنمت على فراشي فلم يأخذني نوم، وتحيرت ماذا أصنع حتى أنقذ المرأة من يده في الليل، لترجع فتبيت في منزله، حتى لا يقع عليها يمين الطلاق؟
فألهمت أن أؤذن الصبح في أثناء الليل، لكي يظن أن الصبح قد طلع، فيخرجها من منزله، فتذهب إلى منزل زوجها، فصعدت المنارة، ثم أذنت وأنا أنظر إلى باب داره، هل تخرج المرأة أم لا ؟ وبينما أنا كذلك، إذ امتلأت الطريق فرسانا ورجالة، وهم يقولون أين الذي أذن هذه الساعة ؟ فقلت ها أنا ذا، وأنا أظن أنهم يعينوني على هذا الأمير الفاسق, فقالوا: انزل، فنزلت، فقالوا: أجب أمير المؤمنين، فأخذوني، وذهبوا بي، لا أملك من نفسي شيئا، حتى أدخلوني عليه، فلما رأيته جالسا في مقام الخلافة، ارتعدت من الخوف وفزعت فزعا شديدا، فقال: ادنُ، فدنوت، فقال لي: ليسكن روعك ويهدأ قلبك، وما زال يلاطفني حتى اطمأننت وذهب خوفي، فقال: أنت الذي أذنت هذه الساعة ؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: ما حملك على أن أذنت هذه الساعة، وقد بقي من الليل أكثر مما مضى منه ؟ فتغـر بذلك الصائم والمسافر والمصلى وغيرهم ؟فقلت: أيؤمنني أمير المؤمنين حتى أقص عليه خبري ؟ فقال: أنت آمن، فذكرت له القصة، فغضب غضبا شديدا، وأمر بإحضار ذلك الأمير والمرأة من ساعته، على أي حالة كانا، فأحضرا سريعا، فبعث بالمرأة إلى زوجها مع نسوة من جهته ثقات، ومعهن ثقة من جهته أيضا، وأمره أن يأمر زوجها بالعفو والصفح عنها والإحسان إليها، فإنها مكرهة ومعذورة، ثم أقبل على ذلك الشاب الأمير فقال له: كم لك من الرزق ؟ وكم عندك من المال ؟ وكم عندك من الجواري والزوجات ؟
فذكر له شيئا كثيرا، فقال له: ويحك أما كفاك ما أنعم الله به عليك حتى انتهكت حرمة الله وتعديت حدوده وتجرأت على السلطان؟ أو ما كفاك ذلك أيضا، حتى عمدت إلى رجل أمرك بالمعروف ونهاك عن المنكر، فضربته وأهنته وأدميته ؟ فلم يكن له جواب، فأمر به فجعل في رجله قيد وفي عنقه غل، ثم أمر به فأدخل في جوال ثم أمر به، فضرب بالدبابيس ضربا شديدا، قال الخياط: حتى خفت، ثم أمر به فألقي فكان ذلك آخر العهد به، ثم أمر صاحب الشرطة أن يحتاط على ما في داره من الحواصل والأموال، التي كان يتناولها من بيت المال، ثم قال للخياط الصالح: كلما رأيت منكرا حقيرا كان أو كبيرا، ولو على هذا، وأشار إلى صاحب الشرطة فأعلمني؛ فإن اتفق اجتماعك بي، وإلا فعلامة ما بيني وبينك الأذان، فأذن في أي وقت كان، أو في مثل وقتك هذا، قال الخياط للتاجر الذي كان يسأله عن خبره في أول الكلام: فلهذا لا آمر أحدا من هؤلاء الدولة بشيء إلا امتثلوه، ولا أنهاهم عن شيء إلا تركوه خوفا من المعتضد، وما احتجت أن أؤذن في مثل هذه الساعة إلى الآن.
***