ﻗﺼﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ
ﺣﺪﺛﺖ ﻷﺣﺪ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻫﻮ : ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ﺍﻟﺒﺰﺍﺭ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﺑﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﻤﺎﺭﺳﺘﺎﻥ،ﺍﻟﺤﺎﻑﻅ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﻲ ﻋﺎﻡ 535 للهجرة ﻭﻗﻌﺖ ﻟﻪ ﻗﺼﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ فيها ﺃﻳﻤﺎ ﻋﺒﺮﺓ ... ﻓﻘﺪ ﺣﻜﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺑﻤﻜﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺞ ، وﻛﺎﻥ ﻣﻔﻠﺴًﺎ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ ﺣﻄﺎﻡ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻗﺪ ﺇﺷﺘﺪ ﺑﻪ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻓﺨﺮﺝ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻛﺴﺮﺓ ﺧﺒﺰٍ ﺃﻭ ﺷﻲﺀ ﻳﺴﺪ ﺑﻪ ﺭﻣﻘﻪ، ﻓﺈﺫﺍ ﺑﻪ ﻳﺠﺪ ﺻﺮﺓً ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺮ ﺍﻷﺣﻤﺮ ﻣﻠﻘﺎﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ،ففتحها ، ﻓﻮﺟﺪ ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﻋﻘﺪًﺍ ﺛﻤﻴﻨًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺆﻟﺆ، يقدر ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺑﺨﻤﺴﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ، ﻓﺄﺧﺬﻩ ﻭﻗﻔﺎ ﺭﺍﺟﻌﺎ، ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺇﺫﺍ ﺑﺮﺟﻞ ﻳﻨﺸﺪ ﺍﻟﻌﻘﺪ، ﻭﻳﻨﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻧﺎ فقدت ﺻﺮﺓ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺮ،ﻓﻤﻦ ﻭﺟﺪﻫﺎ ﻓﻠﻪ ﺧﻤﺴﻮﻥ ﺩﻳﻨﺎﺭًﺍ!! ﻓﺴﺄﻟﻪ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﺼﺮﺓ، ﻗﺎﻝ : ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﻋﻘﺪ ﻟﺆﻟﺆ ﺛﻤﻴﻦ،ﻓﺴﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﻌﻘﺪ،ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺧﺒﺮﻩ ﺑﻬﺎ ﺩﻓﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺼﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ، ﻓﺄﺧﺮﺝ ﻟﻪ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺩﻳﻨﺎﺭًﺍ ﻭﻧﺎﻭﻟﻪ ﻟﻪ ، ﻓﺄﺑﻰ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ ،ﻗﺎﺋﻼ: ﻣﺎﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺧﺬ ﻣﻘﺎﺑﻼ ﻋﻠﻰ ﻟُﻘَﻄَﺔ ﻭﺟﺪﺗﻬﺎ ﻭ ﺃﻋﺪﺗﻬﺎ ﻟﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ،ﻓﺈﻧﻲ ﻣﺎ ﺃﻋﺪﺕ ﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﻃﻤﻌًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﺋﺰﺓ ،ﺑﻞ ﻃﻤﻌًﺎ ﻓﻲ ﺭﺿﺎ ﺭﺑﻲ، ﻓﺮﻓﺾ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﻫﻮ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﺘﻀﻮﺭ ﺟﻮﻋًﺎ ﻭﻻ ﻳﺠﺪ ﻛﺴﺮﺓ ﺧﺒﺰﺓ ﻳﺴﺪ ﺑﻬﺎ ﺭﻣﻘﻪ، ﻓﺪﻋﻰ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺨﻴﺮ، ﻭﻣﻀﻰ ﻟﺤﺎﻝ ﺳﺒﻴﻠﻪ . ﻣﻜﺚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﻤﺤﺪِّﺙ ﺑﻤﻜﺔ ﺃﻳﺎﻣﺎ ﺛﻢ ﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﺮﻛﺐ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻟﻌﻠﻪ ﻳﺼﻴﺐ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺘﻤﻮَّﻝ ﺑﻪ ،ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺒﺤﺮ ،ﺇﺫ ﻫﺒﺖ ﻋﺎﺻﻔﺔ ﻫﻮﺟﺎﺀ، ﻟﻢ ﺗﺰﻝ ﺗﺘﻼﻋﺐ ﺑﺴﻔﻴﻨﺘﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺣﻄﻤﺘﻬﺎ ﻭﺃﻏﺮﻗﺘﻬﺎ،ﻓﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻠﻮﺡ ﻣﻦ ﺣﻄﺎﻡ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،ﻭﻣﺎﺯﺍﻝ متشبثا ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﻭﺍﻟﻤﻮﺝ ﻳﺘﻘﺎﺫﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺃﻳﺎﻡ ﺣﺘﻰ ﺃﻟﻘﻰ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺎﻃﺊ،ﻭﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺑﻪ ﺍﻟﺠﻬﺪ ﻭﺍﻹﻋﻴﺎﺀ ﻣﺒﻠﻐًﺎ ﻋﻈﻴﻤًﺎ، ﻓﺎﺳﺘﺠﻤﻊ ﻗﻮﺍﻩ ﻭﺟﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺮﺏ ﻣﺴﺠﺪ ﻓﺎﺭﺗﻤﻰ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻪ ،ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﻠﺔ ﻭ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﺣﺪًﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻬﺎ، ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳﻠﺒﺚ ﺃﻥ ﺩﺧﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺭﺟﻞ،ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺁﻩ ﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺼﺘﻪ ؛ ﺃﺗﻰ ﻟﻪ ﺑﻄﻌﺎﻡ ﻭﺷﺮﺍﺏ ﻭﺛﻮﺏ ﻳﺴﺘﺪﻓﺊ ﺑﻪ ،ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺇﻧﻬﻢ ﻳﺒﺤﺜﻮﻥ ﻋﻦ ﺭﺟﻞ ﻳﺴﺘﺄﺟﺮﻭﻧﻪ ﻟﻴﺆﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺧﺒﺮﻩ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﻔﻆ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ، ﺳﺎﺭﻋﻮﺍ ﻓﺎﺳﺘﺄﺟﺮﻭﻩ ﺇﻣﺎﻣﺎ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ، ﻓﻠﻤﺎ ﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﻴﺪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ،ﺇﺳﺘﺄﺟﺮﻭﻩ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﻟﻬﻢ ﺃﺑﻨﺎﺀﻫﻢ ،ﻗﺎﻝ ﻓﺘﻤﻮَّﻟﺖ ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺑﺨﻴﺮ ﺣﺎﻝ، ﻓﺠﺎﺀﻭﻧﻲ ﻳﻮﻣﺎ ﻭﻗﺎﻟﻮ ﻟﻲ : ﺇﻥ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻓﺘﺎﺓ ﻳﺘﻴﻤﺔ ﻧﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻧﺰﻭﺟﻚ ﺑﻬﺎ، ﻭﺃﻟﺤَّﻮﺍ ﻋﻠﻲَّ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻓﻮﺍﻓﻘﺖ ،ﻓﻠﻤَّﺎ ﺃﺩﺧﻠﻮﻧﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻫﺎ ﻋﻘﺪًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺆﻟﺆ، ﻓﻠﻢ ﺃﺗﻤﺎﻟﻚ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﺇﻣﻌﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻘﺪ، ﻭﺃﻧﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌُﺠْﺐ، ﺇﺫ ﺃﻧﻪ ﻫﻮ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﺪﺗﻪ ﺑﻤﻜﺔ، ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﺃﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺪ؛ ﺇﺫ ﺑﺎﻟﻔﺘﺎﺓ ﺗﺨﺮﺝ ﺑﺎﻛﻴﺔ ﻣﻨﺘﺤﺒﺔ،ﻭﻫﻲ ﺗﻘﻮﻝ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻬﻲ ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺮﻓﻊ ﺑﺼﺮﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻱ. ﻓﻠﻤﺎ ﺻﻠﻴﺖ ﺑﻬﻢ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺫﻛﺮﻭﺍ ﻟﻲ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺄﺧﺒﺮﺗﻬﻢ ﺃﻧﻨﻲ ﻗﺪ ﻭﺟﺪﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﻗﺒﻞ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻣﻠﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻲ ﺻﺮﺓ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺮ ﺑﺒﻴﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻋﺪﺗﻪ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ،ﻓﻜﺒﺮﻭﺍ ﺟﻤﻴﻌﺎ،ﺣﺘﻰ ﺃﺭﺗﺞ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﺘﻜﺒﻴﺮﻫﻢ،ﺛﻢ ﺃﺧﺒﺮﻭﻧﻲ ﺃﺻﺎﺣﺐ ﺍلعقد ﻫﻮ ﻭﺍﻟﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻴﺘﻴﻤﺔ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻪ ﺳﻮﺍﻫﺎ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺆﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ،ﻭﺃﻧﻪ ﺗﻮﻓﻲ ﻗﺒﻞ ﻣﺪﺓ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﻋﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺞ ﻟﻢ ﻳﻔﺘﺄ ﻳﺪﻋﻮ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ،ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺆﻣﻦ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﻟﻦ ﺃﺟﺪ ﺃﺣﺪﺍ ﻣﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻌﻘﺪ،ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﻘﻨﻲ ﺑﻪ ﺣﺘﻰ ﺃﺯﻭﺟﻪ ﻭﺣﻴﺪﺗﻲ ) ،ﻭﻫﺎ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﺠﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﺪﻋﺎﺋﻪ ﻓﺠﺎﺀ ﺑﻚ ﻭﺯﻭﺟﻚ ﻣﻦ ﺍﺑﻨﺘﻪ،ﻭﻟﻮ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ !!!! ﻭﻫﺬﺍ ﺟﺰﺍﺀ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﻭﻋﻔﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ!!! * * * * * * * * ( ﻣﺮﺁﺓ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ) .ﺍﺧﺘﺼﺮﻩ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ
ﺣﺪﺛﺖ ﻷﺣﺪ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻫﻮ : ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ﺍﻟﺒﺰﺍﺭ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﺑﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﻤﺎﺭﺳﺘﺎﻥ،ﺍﻟﺤﺎﻑﻅ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﻲ ﻋﺎﻡ 535 للهجرة ﻭﻗﻌﺖ ﻟﻪ ﻗﺼﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ فيها ﺃﻳﻤﺎ ﻋﺒﺮﺓ ... ﻓﻘﺪ ﺣﻜﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺑﻤﻜﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺣﺞ ، وﻛﺎﻥ ﻣﻔﻠﺴًﺎ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ ﺣﻄﺎﻡ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻗﺪ ﺇﺷﺘﺪ ﺑﻪ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻓﺨﺮﺝ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻛﺴﺮﺓ ﺧﺒﺰٍ ﺃﻭ ﺷﻲﺀ ﻳﺴﺪ ﺑﻪ ﺭﻣﻘﻪ، ﻓﺈﺫﺍ ﺑﻪ ﻳﺠﺪ ﺻﺮﺓً ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺮ ﺍﻷﺣﻤﺮ ﻣﻠﻘﺎﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ،ففتحها ، ﻓﻮﺟﺪ ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﻋﻘﺪًﺍ ﺛﻤﻴﻨًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺆﻟﺆ، يقدر ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺑﺨﻤﺴﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ، ﻓﺄﺧﺬﻩ ﻭﻗﻔﺎ ﺭﺍﺟﻌﺎ، ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺇﺫﺍ ﺑﺮﺟﻞ ﻳﻨﺸﺪ ﺍﻟﻌﻘﺪ، ﻭﻳﻨﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻧﺎ فقدت ﺻﺮﺓ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺮ،ﻓﻤﻦ ﻭﺟﺪﻫﺎ ﻓﻠﻪ ﺧﻤﺴﻮﻥ ﺩﻳﻨﺎﺭًﺍ!! ﻓﺴﺄﻟﻪ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﺼﺮﺓ، ﻗﺎﻝ : ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﻋﻘﺪ ﻟﺆﻟﺆ ﺛﻤﻴﻦ،ﻓﺴﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﻌﻘﺪ،ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺧﺒﺮﻩ ﺑﻬﺎ ﺩﻓﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺼﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ، ﻓﺄﺧﺮﺝ ﻟﻪ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺩﻳﻨﺎﺭًﺍ ﻭﻧﺎﻭﻟﻪ ﻟﻪ ، ﻓﺄﺑﻰ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ ،ﻗﺎﺋﻼ: ﻣﺎﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺧﺬ ﻣﻘﺎﺑﻼ ﻋﻠﻰ ﻟُﻘَﻄَﺔ ﻭﺟﺪﺗﻬﺎ ﻭ ﺃﻋﺪﺗﻬﺎ ﻟﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ،ﻓﺈﻧﻲ ﻣﺎ ﺃﻋﺪﺕ ﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﻃﻤﻌًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﺋﺰﺓ ،ﺑﻞ ﻃﻤﻌًﺎ ﻓﻲ ﺭﺿﺎ ﺭﺑﻲ، ﻓﺮﻓﺾ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﻫﻮ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﺘﻀﻮﺭ ﺟﻮﻋًﺎ ﻭﻻ ﻳﺠﺪ ﻛﺴﺮﺓ ﺧﺒﺰﺓ ﻳﺴﺪ ﺑﻬﺎ ﺭﻣﻘﻪ، ﻓﺪﻋﻰ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺨﻴﺮ، ﻭﻣﻀﻰ ﻟﺤﺎﻝ ﺳﺒﻴﻠﻪ . ﻣﻜﺚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﻤﺤﺪِّﺙ ﺑﻤﻜﺔ ﺃﻳﺎﻣﺎ ﺛﻢ ﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﺮﻛﺐ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻟﻌﻠﻪ ﻳﺼﻴﺐ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺘﻤﻮَّﻝ ﺑﻪ ،ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺒﺤﺮ ،ﺇﺫ ﻫﺒﺖ ﻋﺎﺻﻔﺔ ﻫﻮﺟﺎﺀ، ﻟﻢ ﺗﺰﻝ ﺗﺘﻼﻋﺐ ﺑﺴﻔﻴﻨﺘﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺣﻄﻤﺘﻬﺎ ﻭﺃﻏﺮﻗﺘﻬﺎ،ﻓﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻠﻮﺡ ﻣﻦ ﺣﻄﺎﻡ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ،ﻭﻣﺎﺯﺍﻝ متشبثا ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻠﻮﺡ ﻭﺍﻟﻤﻮﺝ ﻳﺘﻘﺎﺫﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺃﻳﺎﻡ ﺣﺘﻰ ﺃﻟﻘﻰ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺎﻃﺊ،ﻭﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺑﻪ ﺍﻟﺠﻬﺪ ﻭﺍﻹﻋﻴﺎﺀ ﻣﺒﻠﻐًﺎ ﻋﻈﻴﻤًﺎ، ﻓﺎﺳﺘﺠﻤﻊ ﻗﻮﺍﻩ ﻭﺟﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺮﺏ ﻣﺴﺠﺪ ﻓﺎﺭﺗﻤﻰ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻪ ،ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﻠﺔ ﻭ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﺣﺪًﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻬﺎ، ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳﻠﺒﺚ ﺃﻥ ﺩﺧﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺭﺟﻞ،ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺁﻩ ﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺼﺘﻪ ؛ ﺃﺗﻰ ﻟﻪ ﺑﻄﻌﺎﻡ ﻭﺷﺮﺍﺏ ﻭﺛﻮﺏ ﻳﺴﺘﺪﻓﺊ ﺑﻪ ،ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺇﻧﻬﻢ ﻳﺒﺤﺜﻮﻥ ﻋﻦ ﺭﺟﻞ ﻳﺴﺘﺄﺟﺮﻭﻧﻪ ﻟﻴﺆﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺧﺒﺮﻩ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﻔﻆ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ، ﺳﺎﺭﻋﻮﺍ ﻓﺎﺳﺘﺄﺟﺮﻭﻩ ﺇﻣﺎﻣﺎ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ، ﻓﻠﻤﺎ ﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﻴﺪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ،ﺇﺳﺘﺄﺟﺮﻭﻩ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﻟﻬﻢ ﺃﺑﻨﺎﺀﻫﻢ ،ﻗﺎﻝ ﻓﺘﻤﻮَّﻟﺖ ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺑﺨﻴﺮ ﺣﺎﻝ، ﻓﺠﺎﺀﻭﻧﻲ ﻳﻮﻣﺎ ﻭﻗﺎﻟﻮ ﻟﻲ : ﺇﻥ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻓﺘﺎﺓ ﻳﺘﻴﻤﺔ ﻧﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻧﺰﻭﺟﻚ ﺑﻬﺎ، ﻭﺃﻟﺤَّﻮﺍ ﻋﻠﻲَّ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻓﻮﺍﻓﻘﺖ ،ﻓﻠﻤَّﺎ ﺃﺩﺧﻠﻮﻧﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻫﺎ ﻋﻘﺪًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺆﻟﺆ، ﻓﻠﻢ ﺃﺗﻤﺎﻟﻚ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﺇﻣﻌﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻘﺪ، ﻭﺃﻧﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌُﺠْﺐ، ﺇﺫ ﺃﻧﻪ ﻫﻮ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﺪﺗﻪ ﺑﻤﻜﺔ، ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﺃﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺪ؛ ﺇﺫ ﺑﺎﻟﻔﺘﺎﺓ ﺗﺨﺮﺝ ﺑﺎﻛﻴﺔ ﻣﻨﺘﺤﺒﺔ،ﻭﻫﻲ ﺗﻘﻮﻝ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻬﻲ ،ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺮﻓﻊ ﺑﺼﺮﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻱ. ﻓﻠﻤﺎ ﺻﻠﻴﺖ ﺑﻬﻢ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺫﻛﺮﻭﺍ ﻟﻲ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺄﺧﺒﺮﺗﻬﻢ ﺃﻧﻨﻲ ﻗﺪ ﻭﺟﺪﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﻗﺒﻞ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻣﻠﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻲ ﺻﺮﺓ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺮ ﺑﺒﻴﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ،ﻭﻗﺪ ﺃﻋﺪﺗﻪ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ،ﻓﻜﺒﺮﻭﺍ ﺟﻤﻴﻌﺎ،ﺣﺘﻰ ﺃﺭﺗﺞ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺑﺘﻜﺒﻴﺮﻫﻢ،ﺛﻢ ﺃﺧﺒﺮﻭﻧﻲ ﺃﺻﺎﺣﺐ ﺍلعقد ﻫﻮ ﻭﺍﻟﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻴﺘﻴﻤﺔ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻪ ﺳﻮﺍﻫﺎ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺆﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ،ﻭﺃﻧﻪ ﺗﻮﻓﻲ ﻗﺒﻞ ﻣﺪﺓ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﻋﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺞ ﻟﻢ ﻳﻔﺘﺄ ﻳﺪﻋﻮ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ،ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺆﻣﻦ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﻟﻦ ﺃﺟﺪ ﺃﺣﺪﺍ ﻣﺜﻞ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻌﻘﺪ،ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﻘﻨﻲ ﺑﻪ ﺣﺘﻰ ﺃﺯﻭﺟﻪ ﻭﺣﻴﺪﺗﻲ ) ،ﻭﻫﺎ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﺠﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﺪﻋﺎﺋﻪ ﻓﺠﺎﺀ ﺑﻚ ﻭﺯﻭﺟﻚ ﻣﻦ ﺍﺑﻨﺘﻪ،ﻭﻟﻮ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ !!!! ﻭﻫﺬﺍ ﺟﺰﺍﺀ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﻭﻋﻔﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ!!! * * * * * * * * ( ﻣﺮﺁﺓ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ) .ﺍﺧﺘﺼﺮﻩ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ
