- إنضم
- 30 نوفمبر 2014
- المشاركات
- 4,420
- التفاعل
- 26,639
- النقاط
- 122
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ... سيدنا محمد الأمين ، وعلى الآل والصحب الكرام والتابعين ... أما بعد
كنا قد تعرفنا في الجزء الأول من هذا الموضوع إلى أهمية التكرار في تثبيت المحفوظ وضبطه ، ونتعرض في هذا الجزء إلى العديد من الآثار وأقوال السلف والمتقدمين ، والتي تؤكد على أهمية التكرار كآداه أساسيه من آدوات تحصيل كافة أنواع العلوم ، سواء كان المراد حفظه حديثا أو قرآنا أو متناً أو مسأله فقهيه ... الخ .
***
فصل :- التكرار دأب الفضلاء
لقد احتفى السلف والخلف بالتكرار بوصفه طريقا من طرق تحصيل العلم ووسيلة لضبط المحفوظ وتثبيته وعدم نسيانه .
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: " تزاوروا وتدارسوا الحديث ولا تتركوه يدرس " .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " كنا نكون عند النبي صلى الله عليه فنسمع منه الحديث فإذا قمنا تذاكرناه فيما بيننا حتى نحفظه " .
وعن عطاء قال: " كنا نكون عند جابر بن عبد الله فيحدثنا فإذا خرجنا من عنده تذاكرنا حديثه " .
وعن ابن عباس قال: " إذا سمعتم مني حديثا فتذاكروه بينكم " .
ورَوَى الخَطِيبُ البَغْدِاديِّ عَنْ عَلقَمةَ قَالَ : " اطِيلُوا ذِكرَ الحَديثِ لا يَدْرُس " .
وقال سفيان الثوري :- " اجعلوا الحديث حديث انفسكم ، وفكر قلوبكم تحفظوه "
إضاءه
:- ويمكننا أن نقول أيضا :- " اجعلوا القرآن حديث أنفسكم ، وفكر قلوبكم تحفظوه "
وعن ابن خلاد قال: قيل: " الاحتفاظ بما في صدر الرجل أولى من درس دفتره، وحرف تحفظه بقلبك انفع لك من ألف حديث في دفاترك " .
وقيل للأصمعي: " كيف حفظت ونسي أصحابك؟ " قال: " درست وتركوا "
وعن أبي حازم قال: " كان الناس فيما مضى من الزمان الأول إذا لقي الرجل من هو أعلم منه قال: اليوم يوم غنمي فيتعلم منه، وإذا لقي من هو مثله قال: اليوم يوم مذاكرتي فيذاكره، وإذا لقي من هو دونه علَّمه ولم يَزْه عليه، قال: حتى صار هذا الزمان فصار الرجل يعيب من فوقه ابتغاء أن ينقطع منه حتى لا يرى الناس أن له إليه حاجة، وإذا لقي من هو مثله لم يذاكره فهلك الناس عند ذلك "
وقال جعفر الصادق: " القلوب ترب والعلم غراسها والمذاكرة ماؤها فإذا انقطع عن الترب ماؤها جف غرسها "
وقال عبد الرحمن بن مهدي: " إنما مثل صاحب الحديث بمنزلة السمسار إذا غاب عن السوق خمسة أيام تغير بصره "
وقال أبو هلال العسكري: " وإذا كان ما جمعته من العلم قليلا وكان حفظا كثرت المنفعة به، وإذا كان كثيرا غير محفوظ قلت منفعته "
فصل :- أمثله عمليه
قال عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: سمعتُ يحيى بنَ مَعِينٍ يقولُ: " لَو لم نَكتُب ( وفي لفظٍ: نَسْمَع ) الحَديثَ خمسينَ مَرَّةً مَا عَرَفنَاه ".
وقال ابن الجوزي في كتابه (الحثُّ على حِفْظِ العِلْمِ ، وذِكرُ كِبارِ الحفَّاظِ ) :- " وكانَ أَبُو إسْحاقَ الشِّيرازيُّ يُعيدُ الدَّرْسَ مِـئَــةَ مَــرَّةٍ !
وكانَ الكيا يُعيدُ سَبْعِـــينَ مَــرَّةً !
وقالَ لنا الحسنُ بْنُ أبي بكرٍ النَّيْسَابُورِيُّ الفقيهُ : لا يَحْصُلُ الحِفْظُ لِي حتَّى يُعادَ خَمْسِــينَ مَــرَّةً ! "
وكَانَ الحَسن بنُ ذي النُّونِ أبو المَفَاخِرِ النَّيْسَابُوري يقولُ : " الشَّيءُ إذَا لم يُعَدْ سَبعينَ مَرَّةً لا يَسْتَقرُّ " ا.هـ.
وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ أنَّهُ : " كَانَ يُعيدُ الدَّرْسَ خَمسينَ مرةً "
وجَاءَ في تَرْجمة الإمَامِ أبي إسْحَاق الشِّيرَازيِّ أنَّهُ قَالَ : "كُنتُ أُعيدُ كلَّ قِيَاسٍ أَلفَ مَرَّةٍ، فَإذَا فَرغْتُ منه أَخذْتُ قيَاساً آخَرَ وهَكَذَا ، وكُنتُ أُعيدُ كُلَّ درسٍ أَلفَ مَرَّةٍ فإذا كَانَ في المسْأَلةِ بيتٌ يُسْتَشْهدُ به حَفظتُ القَصِيدةَ "
وجَاءَ عن بكر بنِ محمدِ بن أبي الفَضْلِ الأَنْصَاريِّ : " أنَّه رُبما كَانَ في ابتداءِ طَلَبِهِ يُكرِّرُ المسْألةَ أربعَ مائة مَرَّةٍ " .
وسُئِلَ يوماً عن مسألةٍ غريبةٍ فَقَالَ : " كَرَّرتُ هَذهِ المسْألةَ لَيلةً في بُرجٍ من حِصْنِ بُخَارَى أربَعَ مائة مرة " .
وجَاء في تَرجمة أحمدَ بنِ الفُرَاتِ: أنَّه كان يُكرِّرُ كلَّ حَديثٍ خمسَ مائةِ مَرَّةٍ . وقَالَ له رَجلٌ : إنَّا نَنْسى الحديثَ ؟ فقال : أيُّكمْ يرْجِعُ في حِفظِ حديثٍ وَاحدٍ خمس مائة مرَّةٍ ؟! قَالوا : وَمَنْ يَقوَى عَلَى هَذَا ؟ فَقَال : لِذاكَ لا تحفظون
وقال عبد الرازق :- ( كان سفيان الثوري عندنا ليلة ، قال : وسمعت قرأ القرآن من الليل وهو نائم ، ثم قام يصلي ، فقضى جزءه من الصلاة ، ثم قعد فجعل يقول :"الأعمش ، والأعمش ، والأعمش ، ومنصور ، ومنصور ، ومنصور ، والمغيرة ، والمغيرة ، والمغيرة" قال : فقلت له: "يا أبا عبد الله ماهذا؟" قال : "هذا جزئي من الصلاة ، وهذا جزئي من الحديث").
ويقول جعفر بن المراغي : " دخلت مقبرة بتُستر ، فسمعت صائحا يصيح : والأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، والأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة" ، ساعة طويلة ، فكنت أطلب الصوت ، إلى أن رأيت ابن زهير ، وهو يدرس مع نفسه من حفظه حديث الأعمش" .
قال إبراهيم النخعي : " من سرَّه أن يحفظ الحديث ، فليحدث به ، ولو أن يُحَدِّث به من لا يشتهيه ، فإنه إذا فعل ذلك كان كالكتاب في صدره"
وأنظروا إلى هذه الحادثه الطريفه ...
فعن ابن شهاب أنه كان يسمع العلم من عروة وغيره ، فيأتي إلى جارية له -وهي نائمة- فيوقظها ، فيقول :"اسمعي حدثني فلان كذا وفلان كذا" ، فتقول :"مالي وما لهذا الحديث؟" فيقول : "قد علمت أنكِ لا تنتفعين به ، ولكن سمعته الآن فأردت أن أستذكره" .
وقال زياد بن سعد : " ذهبنا مع الزهري إلى أرضه بالشعب ، قال: وكان الزهري يجمع الأعاريب فيحدثهم ، يريد الحفظ ".
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ... سيدنا محمد الأمين ، وعلى الآل والصحب الكرام والتابعين ... أما بعد
كنا قد تعرفنا في الجزء الأول من هذا الموضوع إلى أهمية التكرار في تثبيت المحفوظ وضبطه ، ونتعرض في هذا الجزء إلى العديد من الآثار وأقوال السلف والمتقدمين ، والتي تؤكد على أهمية التكرار كآداه أساسيه من آدوات تحصيل كافة أنواع العلوم ، سواء كان المراد حفظه حديثا أو قرآنا أو متناً أو مسأله فقهيه ... الخ .
***
فصل :- التكرار دأب الفضلاء
لقد احتفى السلف والخلف بالتكرار بوصفه طريقا من طرق تحصيل العلم ووسيلة لضبط المحفوظ وتثبيته وعدم نسيانه .
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: " تزاوروا وتدارسوا الحديث ولا تتركوه يدرس " .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " كنا نكون عند النبي صلى الله عليه فنسمع منه الحديث فإذا قمنا تذاكرناه فيما بيننا حتى نحفظه " .
وعن عطاء قال: " كنا نكون عند جابر بن عبد الله فيحدثنا فإذا خرجنا من عنده تذاكرنا حديثه " .
وعن ابن عباس قال: " إذا سمعتم مني حديثا فتذاكروه بينكم " .
ورَوَى الخَطِيبُ البَغْدِاديِّ عَنْ عَلقَمةَ قَالَ : " اطِيلُوا ذِكرَ الحَديثِ لا يَدْرُس " .
وقال سفيان الثوري :- " اجعلوا الحديث حديث انفسكم ، وفكر قلوبكم تحفظوه "
إضاءه

وعن ابن خلاد قال: قيل: " الاحتفاظ بما في صدر الرجل أولى من درس دفتره، وحرف تحفظه بقلبك انفع لك من ألف حديث في دفاترك " .
وقيل للأصمعي: " كيف حفظت ونسي أصحابك؟ " قال: " درست وتركوا "
وعن أبي حازم قال: " كان الناس فيما مضى من الزمان الأول إذا لقي الرجل من هو أعلم منه قال: اليوم يوم غنمي فيتعلم منه، وإذا لقي من هو مثله قال: اليوم يوم مذاكرتي فيذاكره، وإذا لقي من هو دونه علَّمه ولم يَزْه عليه، قال: حتى صار هذا الزمان فصار الرجل يعيب من فوقه ابتغاء أن ينقطع منه حتى لا يرى الناس أن له إليه حاجة، وإذا لقي من هو مثله لم يذاكره فهلك الناس عند ذلك "
وقال جعفر الصادق: " القلوب ترب والعلم غراسها والمذاكرة ماؤها فإذا انقطع عن الترب ماؤها جف غرسها "
وقال عبد الرحمن بن مهدي: " إنما مثل صاحب الحديث بمنزلة السمسار إذا غاب عن السوق خمسة أيام تغير بصره "
وقال أبو هلال العسكري: " وإذا كان ما جمعته من العلم قليلا وكان حفظا كثرت المنفعة به، وإذا كان كثيرا غير محفوظ قلت منفعته "
فصل :- أمثله عمليه
قال عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: سمعتُ يحيى بنَ مَعِينٍ يقولُ: " لَو لم نَكتُب ( وفي لفظٍ: نَسْمَع ) الحَديثَ خمسينَ مَرَّةً مَا عَرَفنَاه ".
وقال ابن الجوزي في كتابه (الحثُّ على حِفْظِ العِلْمِ ، وذِكرُ كِبارِ الحفَّاظِ ) :- " وكانَ أَبُو إسْحاقَ الشِّيرازيُّ يُعيدُ الدَّرْسَ مِـئَــةَ مَــرَّةٍ !
وكانَ الكيا يُعيدُ سَبْعِـــينَ مَــرَّةً !
وقالَ لنا الحسنُ بْنُ أبي بكرٍ النَّيْسَابُورِيُّ الفقيهُ : لا يَحْصُلُ الحِفْظُ لِي حتَّى يُعادَ خَمْسِــينَ مَــرَّةً ! "
وكَانَ الحَسن بنُ ذي النُّونِ أبو المَفَاخِرِ النَّيْسَابُوري يقولُ : " الشَّيءُ إذَا لم يُعَدْ سَبعينَ مَرَّةً لا يَسْتَقرُّ " ا.هـ.
وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ أنَّهُ : " كَانَ يُعيدُ الدَّرْسَ خَمسينَ مرةً "
وجَاءَ في تَرْجمة الإمَامِ أبي إسْحَاق الشِّيرَازيِّ أنَّهُ قَالَ : "كُنتُ أُعيدُ كلَّ قِيَاسٍ أَلفَ مَرَّةٍ، فَإذَا فَرغْتُ منه أَخذْتُ قيَاساً آخَرَ وهَكَذَا ، وكُنتُ أُعيدُ كُلَّ درسٍ أَلفَ مَرَّةٍ فإذا كَانَ في المسْأَلةِ بيتٌ يُسْتَشْهدُ به حَفظتُ القَصِيدةَ "
وجَاءَ عن بكر بنِ محمدِ بن أبي الفَضْلِ الأَنْصَاريِّ : " أنَّه رُبما كَانَ في ابتداءِ طَلَبِهِ يُكرِّرُ المسْألةَ أربعَ مائة مَرَّةٍ " .
وسُئِلَ يوماً عن مسألةٍ غريبةٍ فَقَالَ : " كَرَّرتُ هَذهِ المسْألةَ لَيلةً في بُرجٍ من حِصْنِ بُخَارَى أربَعَ مائة مرة " .
وجَاء في تَرجمة أحمدَ بنِ الفُرَاتِ: أنَّه كان يُكرِّرُ كلَّ حَديثٍ خمسَ مائةِ مَرَّةٍ . وقَالَ له رَجلٌ : إنَّا نَنْسى الحديثَ ؟ فقال : أيُّكمْ يرْجِعُ في حِفظِ حديثٍ وَاحدٍ خمس مائة مرَّةٍ ؟! قَالوا : وَمَنْ يَقوَى عَلَى هَذَا ؟ فَقَال : لِذاكَ لا تحفظون
وقال عبد الرازق :- ( كان سفيان الثوري عندنا ليلة ، قال : وسمعت قرأ القرآن من الليل وهو نائم ، ثم قام يصلي ، فقضى جزءه من الصلاة ، ثم قعد فجعل يقول :"الأعمش ، والأعمش ، والأعمش ، ومنصور ، ومنصور ، ومنصور ، والمغيرة ، والمغيرة ، والمغيرة" قال : فقلت له: "يا أبا عبد الله ماهذا؟" قال : "هذا جزئي من الصلاة ، وهذا جزئي من الحديث").
ويقول جعفر بن المراغي : " دخلت مقبرة بتُستر ، فسمعت صائحا يصيح : والأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، والأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة" ، ساعة طويلة ، فكنت أطلب الصوت ، إلى أن رأيت ابن زهير ، وهو يدرس مع نفسه من حفظه حديث الأعمش" .
قال إبراهيم النخعي : " من سرَّه أن يحفظ الحديث ، فليحدث به ، ولو أن يُحَدِّث به من لا يشتهيه ، فإنه إذا فعل ذلك كان كالكتاب في صدره"
وأنظروا إلى هذه الحادثه الطريفه ...
فعن ابن شهاب أنه كان يسمع العلم من عروة وغيره ، فيأتي إلى جارية له -وهي نائمة- فيوقظها ، فيقول :"اسمعي حدثني فلان كذا وفلان كذا" ، فتقول :"مالي وما لهذا الحديث؟" فيقول : "قد علمت أنكِ لا تنتفعين به ، ولكن سمعته الآن فأردت أن أستذكره" .
وقال زياد بن سعد : " ذهبنا مع الزهري إلى أرضه بالشعب ، قال: وكان الزهري يجمع الأعاريب فيحدثهم ، يريد الحفظ ".