- إنضم
- 30 نوفمبر 2014
- المشاركات
- 4,420
- التفاعل
- 26,638
- النقاط
- 122
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين ... الملك الحق المبين ... ولي المؤمنين وناصر المستضعفين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ... خاتم الأنبياء والمرسلين ... سيدنا محمد الأمين ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين المحجلين ، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم المعاد والدين
أما بعد ...
فإن أعظم ما لهجب به الألسن ، وتعطرت به الأفواه ، وطربت له الآذان ، واستأنست به قلوب المحبين ، وتزينت به المجالس – بعد ذكر الله – عز وجل - - هو الصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ... فقدرها عظيم ، وخيرها عميم ، وبهذا تواترت الأحاديث الصحاح والحسان في جزيل الثواب وجميل العطاء من الرحمن الرحيم .
وليس المقام هنا لسرد هذه الأحاديث التي استوعبتها كتب الحديث والسنة النبويه ، ولكن لنتناول هذا الموضوع من منظور جديد ، انطلاقا مما حفلت به كتب التراث من رؤى ومنامات للسلف الصالح – رحمهم الله – تبين فضل الصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
ولقد كان الدافع لي لخط كلمات هذا الموضوع هو أنه قد وردت بالمنتدى رؤيتين مثبتين بقسم ( الرؤى المعبره من المبشرات والمنذرات ) تبشران بفضل وثواب الصلاة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
فكانت كلتا الرؤيتين منطلقا وحافزاً لنا لعقد النيه وتشمير الساعد وتقوية العزم والهمه ، للبحث في أمهات الكتب وعيون الأخبار و متفرق الآثار عن رؤى للسلف للصالح لنضعها بين أيديكم ، والتي في جلها لا تخلو من وعظ وإرشاد وتوجيه وتحفيز ، وتأتي مصداقاً لما حدثتنا به كتب السنة النبويه عن هذا الفضل الكبير .
وأسأل الله – العلي العظيم – أن يتقبل مني هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، وكلي أمل أن ينتفع القارئ الكريم بما احتواه هذا الموضوع من لطائف وفوائد على كثرتها وتعددها .
***
فصل :- ما جاء في فضل الصلاة والتسليم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -
روى الخطيب البغدادي في ( شرف أصحاب الحديث ) قال :- حدثنا خلف صاحب الخلقان قال :- " كان لي صديق يطلب معي الحديث فمات فأريته في منامي وعليه ثياب خضر جدد يجول فيها " فقلت له :- " ألست كنت تطلب معي الحديث فما هذا الذي أرى ؟ " قال:- " كنت أكتب معكم الحديث فلم يمر بي حديث فيه ذكر محمد صلى الله عليه وسلم إلا كتبت في أسفله صلى الله عليه وسلم فكفاني ربي عز وجل بهذا الذي ترى علي "
وروى الخطيب البغدادي في ( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ) عن سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ :- " كَانَ لِي أَخٌ مُؤَاخٍ فِي الْحَدِيثِ فَمَاتَ فَرَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ " ، فَقُلْتُ :- " مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ ؟ " قَالَ :- "غَفَرَ لِي " قُلْتُ :- " بِمَاذَا ؟ " قَالَ :- " كُنْتُ أَكْتُبُ الْحَدِيثَ فَإِذَا جَاءَ ذِكْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبْتُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، أَبْتَغِي بِذَلِكَ الثَّوَابُ ، فَغَفَرَ اللَّهُ لِي بِذَلِكَ "
وروى الخطيب البغدادي عن عُمَرُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْوَرَّاقُ ، قَالَ :- " رَأَيْتُ أَبِي فِي النَّوْمِ "، فَقُلْتُ :- " مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ ؟ " ، قَالَ :- " غَفَرَ لِي " ، قُلْتُ :- " بِمَاذَا ؟ " ، قَالَ :- " بِكِتَابَتِي الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فِي كُلِّ حَدِيثٍ "
وَقَالَ أَبُو الْحسن بن عَليّ الْمَيْمُونِيّ :- " رَأَيْت الشَّيْخ أَبَا عَليّ بن الْحسن بن عُيَيْنَة فِي الْمَنَام بعد مَوته وَكَانَ على أَصَابِع يَدَيْهِ شَيْئا مَكْتُوبًا بلون الذَّهَب أَو بلون الزَّعْفَرَان فَسَأَلته عَن ذَلِك وَقلت يَا أستاذ ارى على أصابعك شَيْئا مليحاً مَكْتُوبًا مَا هُوَ ؟ " قَالَ :- " يَا بني هَذَا لكتابتي لحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو قَالَ لكتابتي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم "
وعن عبد الله بن عمر بن ميسرة القواريري قال :- " كان لي جار وكان وراقاً فرأيته في المنام " ، فقلت له :- " ما فعل الله بك ؟ " ، قال :- " غفر لي " ، قلت :- " بماذا ؟ " ، قال :- " كنت إذا كتبت ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث كتبت - صلى الله عليه وسلم - "
وعن جعفر الزغواتي قال :- سمعت خالي الحسن بن محمد يقول :- " رأيت أحمد بن حنبل في النوم " ، فقال لي :- ( يا أبا علي لو رأيت صلاتنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكتب كيف يزهو بين أيدينا ) "
وروى ابن عساكر عن جعفر بن عبد الله قال:- ( رأيت ابا زرعة في المنام وهو في السماء يصلي بالملائكة فقلت له ) :- " بم نلت هذا ؟ " ، فقال :- " كتبت بيدي ألف ألف حديث إذا ذكرت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قال - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي مرة صلى الله عليه عشراً "
وعن إسماعيل بن علي بن المثني عن أبيه قال :- " رؤى بعض أصحاب الحديث في النوم " ، فقيل له :- " ما فعل الله بك ؟ " ، قال :- " غفر لي " ، قيل :- " بماذا ؟ " ، قال :- " بكثرة ما كتبت بهاتين الأصبعين - صلى الله عليه وسلم – "
وروى الحافظ أبو موسى المديني في كتابه عن جماعة من أهل الحديث إنهم رؤوا بعد موتهم فأخبروا أن الله غفر لهم بكتابتهم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل حديث
وعن علي بن عبد الكريم الدمشقي قال :- ( رأيت في المنام محمد بن الإمام زكي الدين المنذري بعد موته عند وصول الملك الصالح وتزيين المدينة له ) فقال :- " فرحتم بالسلطان " قلت:- " نعم فرح الناس به " ، فقال :- " أما نحن فدخلنا الجنة وقبلنا يده وقال ابشروا، كل من كتب بيده قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو معي في الجنة "
وعن عبد الله بن عبد الحكم قال :- " رأيت الشافعي - رضي الله عنه - في النوم " ، فقلت له :- " ما فعل الله بك ؟ " ، قال :- " رحمني وغفر لي وزففت إلى الجنة كما تزف العروس ونثر علي كما ينثر على العروس " ، فقلت له :- " بم بلغت هذه الحالة ؟ " ، فقال لي قائل يقول لك :- " بما في كتاب الرسالة من الصلاة على محمد - صلى الله عليه وسلم – " ، قلت :- " وكيف ذلك ؟ " ، قال:- " قال صلى الله على محمد عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون " ، قال :- ( فلما أصبحت نظرت في الرسالة فوجدت الأمر كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - )
وفي رواية أخرى ... قال :- " رأيت الشافعي في المنام بعد موته " ، فقلت له :- " ما فعل الله بك ؟ " ، فقال :- " غفر لي بصلاة صليتها على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتاب الرسالة وهي اللهم صل على محمد كلما ذكره الذاكرون وصل على محمد كلما غفل عن ذكره الغافلون "
وفي لفظ للبيهقي في المناقب عن أبي الحسن الشافعي قال :- " رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام " ، فقلت :- " يا رسول الله بم جزى الله الشافعي عنك حيث يقول في كتاب الرسالة وصلى الله على محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون " ، فقال :- " جزى عني أنه لا يوقف للحساب "
وعند البيهقي أيضاً أن الشافعي رؤي في النوم فقيل له :- " ما فعل الله بك ؟ " ، قال :- " غفر لي " ، فقيل له :- " بماذا ؟ " ، قال :- " بخمس كلمات كنت أصلي بهن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – " ، فقيل له :- " وما هن ؟ " ، قال :- " كنت أقول اللهم صل على محمد عدد من صلى عليه وصل على محمد بعدد من لم يصل عليه وصل على محمد كما أمرت أن يصلي عليه وصل على محمد كما تحب أن يصلي عليه وصل على محمد كما ينبغي الصلاة عليه "
وَقَالَ الْخَطِيب البغدادي :- أنبأ بشير بن عبد الله الرُّومِي قَالَ سَمِعت الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبيد العسكري يَقُول سَمِعت أَبَا اسحاق الدَّارمِيّ الْمَعْرُوف بنهشل يَقُول :- " كنت أكتب الحَدِيث فِي تخريجي للْحَدِيث قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَسْلِيمًا " ، قَالَ :- " فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَكَأَنَّهُ قد أَخذ شَيْئا مِمَّا أكتبه فَنظر فِيهِ فَقَالَ :- ( هَذَا جيد ) "
وعند النميري وابن بشكوال قال حضر أبو العباس الخياط في مجلس أبي محمد بن رشيق رحمهما الله فأكرمه الشيخ وقال له :- " هل للشيخ شيء يقدم ؟ " ، فقال:- " اقرؤوا " ، ثم قال في الثالثة :- " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال أحضر مجلس رشيق فإنه يصلي علي فيه كذا وكذا مرة "
وفي رواية أخرى عن سعد الزنجاني قال :- ( كان بمصر رجل زاهد يقال له أبو سعيد الخياط وكان لا يختلط بالناس ثم داوم على حضور مجلس ابن رشيق فسئل عن ذلك فقال ) :- " رأيت النبي في المنام فقال احضر مجلسه فإنه يكثر فيه الصلاة علي " .
***
فصل :- ما جاء فيمن صلى دون أن يسلم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
روى أبو اليمن بن عساكر عن أبي العباس بن عبد الدائم وكان كثير النقل لكتب العلم على اختلاف فنونه أنه حدثه من لفظه قال :- " كنت إذا كتبت في كتب الحديث وغيرها أكتب لفظ الصلاة دون لفظ التسليم فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام " فقال لي :- " لم تحرم نفسك أربعين حسنة ؟ " ، قلت :- " وكيف ذلك يا رسول الله ؟ " قال :- " إذا جاء ذكري تكتب صلى الله عليه ولا تكتب وسلم وهو أربعة أحرف كل حرف بعشر حسنات " قال : - " وعدهن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أو كما قال
وعن إبراهيم النسفي قال :- ( رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام كأنه منقبض مني فمددت يدي إليه ثم قبلت يده وقلت ) :- " يا رسول الله أنا من اصحاب الحديث ومن أهل السنة وأنا غريب " فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وقال :- " إذا صليت علي لم لا تسلم ؟ " ، " فصرت بعد ذلك إذا كتبت صلى الله عليه كتبت وسلم "
وروى السخاوي في فتح المغيث والذهبي في تاريخه وابن الصلاح : قال حمزة الكناني:- " كنت أكتب الحديث، فكنت أكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أكتب وسلم، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام " ، فقال – صلى الله عليه وسلم - :- " مالك لا تتم الصلاة علي؟ " ، " فما كتبت بعد صلى الله عليه إلا كتبت وسلم " .
***
فصل :- ما جاء فيمن لم يصلي على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -
َذكر الْخَطِيب حَدثنَا مكي بن عَليّ حَدثنَا أَبُو سُلَيْمَان الْحَرَّانِي قَالَ :- قَالَ رجل من جواري يُقَال لَهُ أَبُو الْفضل وَكَانَ كثير الصَّوْم وَالصَّلَاة :- " كنت أكتب الحَدِيث ولا أُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرأيته فِي الْمَنَام " فَقَالَ :- " إِذا كتبت أَو ذكرت فَلم لا تصلي عَليّ ؟ " ، ثمَّ رَأَيْته مرّة من الزَّمَان فَقَالَ لي :- " بَلغنِي صلواتك عَليّ فَإِذا صليت عَليّ أَو ذكرت فَقل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم "
وعن الحسن ابن موسى الخضرمي المعروف بابن عجينة قال :- ( كنت إذا كتبت الحديث أتخطأ فيه الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أريد بذلك العجلة فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال ) :- " مالك لا تصلي علي إذا كتبت كما يصلي علي أبو عمرو الطبراني ؟ " ، قال :- " فانتبهت وأنا فزع فجعلت الله على نفيي إن لا أكتب حديثاً فيه حديث النبي إلا كتبت - صلى الله عليه وسلم " .
وفي لفظ عنده أيضاً عن الحسن المذكور قال ورقت لبعض أهل المغرب فرآني وأنا كلما كتبت حديثاً فيه كتبت - صلى الله عليه وسلم - فقال :- " لا تمحق الورق لم تكتب - صلى الله عليه وسلم - " ، فقلت:- " لله على أن لا أكتب لك ورقة أبداً "
وعن أبي علي الحسن بن علي العطار قال : ( كتب لي أبو طاهر المخلص أجزاء بخطه فرأيت فيها إذا جاء ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قال - صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً كثيراً كثيراً - ) . قال أبو علي:- " فسألته عن ذلك وقلت له لم تكتب هكذا ؟ " ، فقال :- " كنت في حداثتي أكتب الحديث وكنت إذا جاء ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لا أصلي عليه فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فأقبلت إليه وأراه " ، قال :- " فسلمتُ عليه فأدار وجهه عني ثم درت إليه من الجانب الآخر فأدار وجهه عني فاستقبلته ثالثة فأدار وجهه عني " ، فقلت :- " يا نبي الله لم تدير وجهك عني ؟ " ، فقال لي :- " لأنك إذا ذكرتني في كتابك لا تصلي علي " ، قال :- " فمن ذلك الوقت إذا كتبت النبي صلى الله عليه وسلم قلت صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً كثيراً كثيراً " .
***
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين ... الملك الحق المبين ... ولي المؤمنين وناصر المستضعفين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ... خاتم الأنبياء والمرسلين ... سيدنا محمد الأمين ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين المحجلين ، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم المعاد والدين
أما بعد ...
فإن أعظم ما لهجب به الألسن ، وتعطرت به الأفواه ، وطربت له الآذان ، واستأنست به قلوب المحبين ، وتزينت به المجالس – بعد ذكر الله – عز وجل - - هو الصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ... فقدرها عظيم ، وخيرها عميم ، وبهذا تواترت الأحاديث الصحاح والحسان في جزيل الثواب وجميل العطاء من الرحمن الرحيم .
وليس المقام هنا لسرد هذه الأحاديث التي استوعبتها كتب الحديث والسنة النبويه ، ولكن لنتناول هذا الموضوع من منظور جديد ، انطلاقا مما حفلت به كتب التراث من رؤى ومنامات للسلف الصالح – رحمهم الله – تبين فضل الصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
ولقد كان الدافع لي لخط كلمات هذا الموضوع هو أنه قد وردت بالمنتدى رؤيتين مثبتين بقسم ( الرؤى المعبره من المبشرات والمنذرات ) تبشران بفضل وثواب الصلاة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
فكانت كلتا الرؤيتين منطلقا وحافزاً لنا لعقد النيه وتشمير الساعد وتقوية العزم والهمه ، للبحث في أمهات الكتب وعيون الأخبار و متفرق الآثار عن رؤى للسلف للصالح لنضعها بين أيديكم ، والتي في جلها لا تخلو من وعظ وإرشاد وتوجيه وتحفيز ، وتأتي مصداقاً لما حدثتنا به كتب السنة النبويه عن هذا الفضل الكبير .
وأسأل الله – العلي العظيم – أن يتقبل مني هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، وكلي أمل أن ينتفع القارئ الكريم بما احتواه هذا الموضوع من لطائف وفوائد على كثرتها وتعددها .
***
فصل :- ما جاء في فضل الصلاة والتسليم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -
روى الخطيب البغدادي في ( شرف أصحاب الحديث ) قال :- حدثنا خلف صاحب الخلقان قال :- " كان لي صديق يطلب معي الحديث فمات فأريته في منامي وعليه ثياب خضر جدد يجول فيها " فقلت له :- " ألست كنت تطلب معي الحديث فما هذا الذي أرى ؟ " قال:- " كنت أكتب معكم الحديث فلم يمر بي حديث فيه ذكر محمد صلى الله عليه وسلم إلا كتبت في أسفله صلى الله عليه وسلم فكفاني ربي عز وجل بهذا الذي ترى علي "
وروى الخطيب البغدادي في ( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ) عن سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ :- " كَانَ لِي أَخٌ مُؤَاخٍ فِي الْحَدِيثِ فَمَاتَ فَرَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ " ، فَقُلْتُ :- " مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ ؟ " قَالَ :- "غَفَرَ لِي " قُلْتُ :- " بِمَاذَا ؟ " قَالَ :- " كُنْتُ أَكْتُبُ الْحَدِيثَ فَإِذَا جَاءَ ذِكْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبْتُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، أَبْتَغِي بِذَلِكَ الثَّوَابُ ، فَغَفَرَ اللَّهُ لِي بِذَلِكَ "
وروى الخطيب البغدادي عن عُمَرُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْوَرَّاقُ ، قَالَ :- " رَأَيْتُ أَبِي فِي النَّوْمِ "، فَقُلْتُ :- " مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ ؟ " ، قَالَ :- " غَفَرَ لِي " ، قُلْتُ :- " بِمَاذَا ؟ " ، قَالَ :- " بِكِتَابَتِي الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فِي كُلِّ حَدِيثٍ "
وَقَالَ أَبُو الْحسن بن عَليّ الْمَيْمُونِيّ :- " رَأَيْت الشَّيْخ أَبَا عَليّ بن الْحسن بن عُيَيْنَة فِي الْمَنَام بعد مَوته وَكَانَ على أَصَابِع يَدَيْهِ شَيْئا مَكْتُوبًا بلون الذَّهَب أَو بلون الزَّعْفَرَان فَسَأَلته عَن ذَلِك وَقلت يَا أستاذ ارى على أصابعك شَيْئا مليحاً مَكْتُوبًا مَا هُوَ ؟ " قَالَ :- " يَا بني هَذَا لكتابتي لحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو قَالَ لكتابتي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم "
وعن عبد الله بن عمر بن ميسرة القواريري قال :- " كان لي جار وكان وراقاً فرأيته في المنام " ، فقلت له :- " ما فعل الله بك ؟ " ، قال :- " غفر لي " ، قلت :- " بماذا ؟ " ، قال :- " كنت إذا كتبت ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث كتبت - صلى الله عليه وسلم - "
وعن جعفر الزغواتي قال :- سمعت خالي الحسن بن محمد يقول :- " رأيت أحمد بن حنبل في النوم " ، فقال لي :- ( يا أبا علي لو رأيت صلاتنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكتب كيف يزهو بين أيدينا ) "
وروى ابن عساكر عن جعفر بن عبد الله قال:- ( رأيت ابا زرعة في المنام وهو في السماء يصلي بالملائكة فقلت له ) :- " بم نلت هذا ؟ " ، فقال :- " كتبت بيدي ألف ألف حديث إذا ذكرت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قال - صلى الله عليه وسلم - من صلى علي مرة صلى الله عليه عشراً "
وعن إسماعيل بن علي بن المثني عن أبيه قال :- " رؤى بعض أصحاب الحديث في النوم " ، فقيل له :- " ما فعل الله بك ؟ " ، قال :- " غفر لي " ، قيل :- " بماذا ؟ " ، قال :- " بكثرة ما كتبت بهاتين الأصبعين - صلى الله عليه وسلم – "
وروى الحافظ أبو موسى المديني في كتابه عن جماعة من أهل الحديث إنهم رؤوا بعد موتهم فأخبروا أن الله غفر لهم بكتابتهم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل حديث
وعن علي بن عبد الكريم الدمشقي قال :- ( رأيت في المنام محمد بن الإمام زكي الدين المنذري بعد موته عند وصول الملك الصالح وتزيين المدينة له ) فقال :- " فرحتم بالسلطان " قلت:- " نعم فرح الناس به " ، فقال :- " أما نحن فدخلنا الجنة وقبلنا يده وقال ابشروا، كل من كتب بيده قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو معي في الجنة "
وعن عبد الله بن عبد الحكم قال :- " رأيت الشافعي - رضي الله عنه - في النوم " ، فقلت له :- " ما فعل الله بك ؟ " ، قال :- " رحمني وغفر لي وزففت إلى الجنة كما تزف العروس ونثر علي كما ينثر على العروس " ، فقلت له :- " بم بلغت هذه الحالة ؟ " ، فقال لي قائل يقول لك :- " بما في كتاب الرسالة من الصلاة على محمد - صلى الله عليه وسلم – " ، قلت :- " وكيف ذلك ؟ " ، قال:- " قال صلى الله على محمد عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون " ، قال :- ( فلما أصبحت نظرت في الرسالة فوجدت الأمر كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - )
وفي رواية أخرى ... قال :- " رأيت الشافعي في المنام بعد موته " ، فقلت له :- " ما فعل الله بك ؟ " ، فقال :- " غفر لي بصلاة صليتها على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتاب الرسالة وهي اللهم صل على محمد كلما ذكره الذاكرون وصل على محمد كلما غفل عن ذكره الغافلون "
وفي لفظ للبيهقي في المناقب عن أبي الحسن الشافعي قال :- " رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام " ، فقلت :- " يا رسول الله بم جزى الله الشافعي عنك حيث يقول في كتاب الرسالة وصلى الله على محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون " ، فقال :- " جزى عني أنه لا يوقف للحساب "
وعند البيهقي أيضاً أن الشافعي رؤي في النوم فقيل له :- " ما فعل الله بك ؟ " ، قال :- " غفر لي " ، فقيل له :- " بماذا ؟ " ، قال :- " بخمس كلمات كنت أصلي بهن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – " ، فقيل له :- " وما هن ؟ " ، قال :- " كنت أقول اللهم صل على محمد عدد من صلى عليه وصل على محمد بعدد من لم يصل عليه وصل على محمد كما أمرت أن يصلي عليه وصل على محمد كما تحب أن يصلي عليه وصل على محمد كما ينبغي الصلاة عليه "
وَقَالَ الْخَطِيب البغدادي :- أنبأ بشير بن عبد الله الرُّومِي قَالَ سَمِعت الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبيد العسكري يَقُول سَمِعت أَبَا اسحاق الدَّارمِيّ الْمَعْرُوف بنهشل يَقُول :- " كنت أكتب الحَدِيث فِي تخريجي للْحَدِيث قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَسْلِيمًا " ، قَالَ :- " فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَكَأَنَّهُ قد أَخذ شَيْئا مِمَّا أكتبه فَنظر فِيهِ فَقَالَ :- ( هَذَا جيد ) "
وعند النميري وابن بشكوال قال حضر أبو العباس الخياط في مجلس أبي محمد بن رشيق رحمهما الله فأكرمه الشيخ وقال له :- " هل للشيخ شيء يقدم ؟ " ، فقال:- " اقرؤوا " ، ثم قال في الثالثة :- " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال أحضر مجلس رشيق فإنه يصلي علي فيه كذا وكذا مرة "
وفي رواية أخرى عن سعد الزنجاني قال :- ( كان بمصر رجل زاهد يقال له أبو سعيد الخياط وكان لا يختلط بالناس ثم داوم على حضور مجلس ابن رشيق فسئل عن ذلك فقال ) :- " رأيت النبي في المنام فقال احضر مجلسه فإنه يكثر فيه الصلاة علي " .
***
فصل :- ما جاء فيمن صلى دون أن يسلم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
روى أبو اليمن بن عساكر عن أبي العباس بن عبد الدائم وكان كثير النقل لكتب العلم على اختلاف فنونه أنه حدثه من لفظه قال :- " كنت إذا كتبت في كتب الحديث وغيرها أكتب لفظ الصلاة دون لفظ التسليم فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام " فقال لي :- " لم تحرم نفسك أربعين حسنة ؟ " ، قلت :- " وكيف ذلك يا رسول الله ؟ " قال :- " إذا جاء ذكري تكتب صلى الله عليه ولا تكتب وسلم وهو أربعة أحرف كل حرف بعشر حسنات " قال : - " وعدهن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أو كما قال
وعن إبراهيم النسفي قال :- ( رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام كأنه منقبض مني فمددت يدي إليه ثم قبلت يده وقلت ) :- " يا رسول الله أنا من اصحاب الحديث ومن أهل السنة وأنا غريب " فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وقال :- " إذا صليت علي لم لا تسلم ؟ " ، " فصرت بعد ذلك إذا كتبت صلى الله عليه كتبت وسلم "
وروى السخاوي في فتح المغيث والذهبي في تاريخه وابن الصلاح : قال حمزة الكناني:- " كنت أكتب الحديث، فكنت أكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أكتب وسلم، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام " ، فقال – صلى الله عليه وسلم - :- " مالك لا تتم الصلاة علي؟ " ، " فما كتبت بعد صلى الله عليه إلا كتبت وسلم " .
***
فصل :- ما جاء فيمن لم يصلي على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -
َذكر الْخَطِيب حَدثنَا مكي بن عَليّ حَدثنَا أَبُو سُلَيْمَان الْحَرَّانِي قَالَ :- قَالَ رجل من جواري يُقَال لَهُ أَبُو الْفضل وَكَانَ كثير الصَّوْم وَالصَّلَاة :- " كنت أكتب الحَدِيث ولا أُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرأيته فِي الْمَنَام " فَقَالَ :- " إِذا كتبت أَو ذكرت فَلم لا تصلي عَليّ ؟ " ، ثمَّ رَأَيْته مرّة من الزَّمَان فَقَالَ لي :- " بَلغنِي صلواتك عَليّ فَإِذا صليت عَليّ أَو ذكرت فَقل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم "
وعن الحسن ابن موسى الخضرمي المعروف بابن عجينة قال :- ( كنت إذا كتبت الحديث أتخطأ فيه الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أريد بذلك العجلة فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال ) :- " مالك لا تصلي علي إذا كتبت كما يصلي علي أبو عمرو الطبراني ؟ " ، قال :- " فانتبهت وأنا فزع فجعلت الله على نفيي إن لا أكتب حديثاً فيه حديث النبي إلا كتبت - صلى الله عليه وسلم " .
وفي لفظ عنده أيضاً عن الحسن المذكور قال ورقت لبعض أهل المغرب فرآني وأنا كلما كتبت حديثاً فيه كتبت - صلى الله عليه وسلم - فقال :- " لا تمحق الورق لم تكتب - صلى الله عليه وسلم - " ، فقلت:- " لله على أن لا أكتب لك ورقة أبداً "
وعن أبي علي الحسن بن علي العطار قال : ( كتب لي أبو طاهر المخلص أجزاء بخطه فرأيت فيها إذا جاء ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قال - صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً كثيراً كثيراً - ) . قال أبو علي:- " فسألته عن ذلك وقلت له لم تكتب هكذا ؟ " ، فقال :- " كنت في حداثتي أكتب الحديث وكنت إذا جاء ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لا أصلي عليه فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فأقبلت إليه وأراه " ، قال :- " فسلمتُ عليه فأدار وجهه عني ثم درت إليه من الجانب الآخر فأدار وجهه عني فاستقبلته ثالثة فأدار وجهه عني " ، فقلت :- " يا نبي الله لم تدير وجهك عني ؟ " ، فقال لي :- " لأنك إذا ذكرتني في كتابك لا تصلي علي " ، قال :- " فمن ذلك الوقت إذا كتبت النبي صلى الله عليه وسلم قلت صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً كثيراً كثيراً " .
***
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم