- إنضم
- 30 نوفمبر 2014
- المشاركات
- 4,420
- التفاعل
- 26,638
- النقاط
- 122
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
" الغيث ينزل من السماء وكذلك الغوث والمدد ... والنصر لا يكون بالحصول على تأييد الدول العظمى ، ولكن بقرع أبواب جبار السماء ... وثبات القدمين في الصلاة هو الطريق لثبات القدمين في الجبهات ... والأيادي التي لا ترفع أكف الضراعه للقوي العزيز بخشوع وتضرع وتذلل وافتقار لسرعان ما ترتعش وهي حاملة سلاحها المتطور في مواجهة عدوها ... والأيادي التي ليست طويلة اليوم في فعل الخيرات وإقامة الحق والعدل ، فلن تكون غدا ذراعا طويلة تنال من عدوها ... ولنا في التاريخ عبر ودروس ... فكم من أقوام غرهم عتادهم وعدتهم وعددهم ، فلم ينفعهم ما أغتروا وتفاخروا به ... علينا أن نتذكر دوما أن النصر من عند الله وأن ... القوة والعزه لله جميعا ، ومن كان الله معه ، فممن يخاف ومن يخشى ..؟! الله معنا ، فمن علينا ؟ " الشجرة الطيبة
زاد ... وأنعم به من زاد لاسيما عند الشدائد ... زاد أعطاه رسول الله صلى الله علية وسلم لمن بعده .. يأخذ بمجامع الطرق .. ويديم قرع أبواب السماء ... يستغيث بربه يطلب منه العون والمدد .. ميراث من دموع وتوسل ومناشده ودعاء وافتقار إلى القوي العزيز ، ميراث تركه رسول الله صلى الله علية وسلم للقاده الذين سجلوا بأحرف من نور أروع الانتصارات في التاريخ الاسلامي .. وضيع قوم الميراث فأضاعوا البلاد
الصلاة ... هي وسيلة النصر ، الصلاة ... التي تحقق التوحيد وإخلاص العبودية لله رب العالمين ، فالنصر يتنزل على المخلصين.
هذه الصلاة هي أمضى سلاح في هذه الحياة ، وكل سلاح عداها فلا يعد شيئا في مقابلها ، إننا قبل أن نفكر أو نشتغل بالأسلحة المادية يجب أن نخطط ونسعى جاهدين إلى زرع هذا السلاح في نفوس أفرادنا فردا فردا، فمتى تحقق ذلك فإن النصر معنا بإذن الله ، فالنصر مع الصبر ، والصبر من أعظم ثمار الصلاة .
الصلاة هي سلاح القوة للفرد والأسرة والمجتمع والدولة ، فأي فرد أو أسرة أو أمة حقق أفرادها الصلاة نصرت وسادت ... هذا وعد الله المؤكد وليس من عندي ، والتاريخ خير شاهد على هذه الحقيقة الربانية ، والوعد الإلهي.
إن الصلاة هي السلاح الذي يجب أن يسعى المسلمون إلى التسلح به ، وهي السلاح الذي يرهب الأعداء ويقذف في قلوبهم الرعب فلا تنفعهم أسلحتهم شيئا﴿ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقا﴾.
لقد وعد الله عباده المخلصين بالنصر والتمكين فقال : ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِخَوْفِهِمْ أَمْنًاۚ يَعْبُدُونَنِي لَايُشْرِكُونَ بِي شَيْئًاۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ ،هذا هو الشرط وهذا هو الجزاء ، فالمعادلة واضحة وقاطعة ، والوعد من العليم القدير أكيد مضمون ، لكن يبقى العمل ... ومن يحقق الشرط المطلوب وهو إخلاص العبودية لله وحده لا شريك له، والصلاة هي الوسيلة إلى إخلاص العبودية لله رب العالمين ، فمتى كانت الصلاة صلاة فإن إخلاص العبودية لله حاصل معها ولا بد والنصر جزاء المخلصين.
لم تكن كثرة العدد وقوة السلاح يوما ما هي المعيار الفاصل في القوة بل القاعدة في هذا الأمر : ﴿ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾، ﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ ﴾، ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾، ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ولكن المنافقين لا يعلمون ﴾ ،﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى هذه الصلاة في شدائد الحياة كلها ومن أشدها حين ملاقاة الأعداء،
روى مسلم في صحيحه عن ابن عَبَّاسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْف ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ : ( اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي ، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ ) ، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْه ِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ ، وَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلّ َ: ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) الأنفال/ 9 ، فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ .
وَعند سَعِيد بْن مَنْصُور مِنْ طَرِيق عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة قَالَ : " لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر نَظَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَتَكَاثُرهمْ ، وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَقَلَّهُمْ ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَقَامَ أَبُو بَكْر عَنْ يَمِينه ، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي صَلَاته : ( اللَّهُمَّ لا تُودِع مِنِّي ، اللَّهُمَّ لا تَخْذُلنِي ، اللَّهُمَّ لا تَتِرنِي ، اللَّهُمَّ أَنْشُدك مَا وَعَدَّتْنِي ) وَعِنْد اِبْن إِسْحَاق أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَيْش قَدْ أَتَتْ بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرهَا ، تُجَادِل وَتُكَذِّب رَسُولك , اللَّهُمَّ فَنَصْرك الَّذِي وَعَدَّتْنِي ) . وَعِنْد الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَن عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : " مَا سَمِعْنَا مُنَاشِدًا يَنْشُد ضَالَّة ، أَشَدّ مُنَاشَدَة مِنْ مُحَمَّد لِرَبِّهِ يَوْم بَدْر : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدك مَا وَعَدَّتْنِ)
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر قاتلت شيئا من قتال ثم جئت مسرعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنظر ما فعل ، فجئت فإذا هو ساجد يقول : (يا حي يا قيوم) لا يزيد على ذلك ، ثم رجعت إلى القتال ، ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك ، ثم ذهبت إلى القتال ثم رجعت وهو ساجد يقول ذلك ، ثم ذهبت إلى القتال ثم رجعت وهو ساجد يقول ذلك ، ففتح الله عليه ، وفي حديث حذيفة في غزوة الخندق ذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان طول الليل يصلي .
كان هذا دأبه صلى الله عليه وسلم في كل غزواته فكانت الصلاة هي السلاح الذي يستنزل به النصر من ربه و يستدفع به شر أعدائه ومكائدهم، فكان الله ينجيه ويحفظه في كل مرة ، وهذا العون والمدد حاصل لكل من تأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم وسلك طريقه واستن بسنته.
من كان كذلك فهو القائد الذي تنتصر أمته ، والمربي الذي يصلح مجتمعه، والإداري الذي ينجز أهدافه ، أما من تكبر وأعرض أو أهمل وتكاسل فليس له من هذا النصر نصيب.
يكثر في الجيوش استعمال المنشطات أو المهدئات بسبب الخواء النفسي لأفرادها فيستعان في ذلك بالحبوب والعقاقير ، وربما وصل الحال ببعضهم إلى استعمال المخدرات والحشيش لأجل تحقيق القوة البدنية المبنية على قوة نفسية وهمية.
النصر الداخلي أول خطوات النصر، ولا يمكن النصر الخارجي بدونه، فالقوة النفسية هي القوة الحقيقة التي ينتصر بها الإنسان على أعدائه في الحياة ، فالمصلي تحصل له القوة النفسية الداخلية حين يحقق التوحيد، ويكتسب القوة والمدد من رب العالمين فيصبح قويا نشيطا ، وهذا تفسير ميزان القوة في حروب الصحابة رضي الله عنهم مع الفرس والروم، فلم يهزموهم بقوتهم البدنية ولا بعدتهم القتالية ولا بخبرتهم العسكرية إنما هزموهم بقوة توحيدهم لرب العالمين في صلاتهم الليل والنهار ، لذلك كان من دعاء المؤمنين ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَاعَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾
النصر هو الصلاة، كلمة نقولها لمن ألهاهم وأشغلهم السعي لتحقيق الانتصار الخارجي ونسوا وأهملوا النصر الداخلي، أي البناء الداخلي للنفس، أي الصلاة ، كلمة نقولها لمن استهلكت أوقاتهم المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية عن تحقيق إقامة الصلاة كاملة ورضوا بأقل من الحد الأدنى في هذا الأمر العظيم.
إن الصلاة أكبر تدريب عسكري متى أحسن استخدامها، فهي تحقق القوة النفسية والبدنية في وقت واحد، وأعني بالقوة النفسية قوة التوحيد لله رب العالمين ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ﴾
إن أحفاد الصحابة اليوم لا يمكنهم النصر على اليهود والنصارى والمجوس إلا بالصلاة ، أما طلب النصر بقومية أو قبلية أو مدنية يختلط فيها المسلم بالكافر والمؤمن بالمشرك فهذا لا يكون، وإن وجد شيء من النصر والغلبة فهو نصر دنيوي لا يحقق قوة الدين وأهله ، وهو نصر أثره محدود، وعرضة للانهيار في أي لحظة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
" الغيث ينزل من السماء وكذلك الغوث والمدد ... والنصر لا يكون بالحصول على تأييد الدول العظمى ، ولكن بقرع أبواب جبار السماء ... وثبات القدمين في الصلاة هو الطريق لثبات القدمين في الجبهات ... والأيادي التي لا ترفع أكف الضراعه للقوي العزيز بخشوع وتضرع وتذلل وافتقار لسرعان ما ترتعش وهي حاملة سلاحها المتطور في مواجهة عدوها ... والأيادي التي ليست طويلة اليوم في فعل الخيرات وإقامة الحق والعدل ، فلن تكون غدا ذراعا طويلة تنال من عدوها ... ولنا في التاريخ عبر ودروس ... فكم من أقوام غرهم عتادهم وعدتهم وعددهم ، فلم ينفعهم ما أغتروا وتفاخروا به ... علينا أن نتذكر دوما أن النصر من عند الله وأن ... القوة والعزه لله جميعا ، ومن كان الله معه ، فممن يخاف ومن يخشى ..؟! الله معنا ، فمن علينا ؟ " الشجرة الطيبة
زاد ... وأنعم به من زاد لاسيما عند الشدائد ... زاد أعطاه رسول الله صلى الله علية وسلم لمن بعده .. يأخذ بمجامع الطرق .. ويديم قرع أبواب السماء ... يستغيث بربه يطلب منه العون والمدد .. ميراث من دموع وتوسل ومناشده ودعاء وافتقار إلى القوي العزيز ، ميراث تركه رسول الله صلى الله علية وسلم للقاده الذين سجلوا بأحرف من نور أروع الانتصارات في التاريخ الاسلامي .. وضيع قوم الميراث فأضاعوا البلاد
الصلاة ... هي وسيلة النصر ، الصلاة ... التي تحقق التوحيد وإخلاص العبودية لله رب العالمين ، فالنصر يتنزل على المخلصين.
هذه الصلاة هي أمضى سلاح في هذه الحياة ، وكل سلاح عداها فلا يعد شيئا في مقابلها ، إننا قبل أن نفكر أو نشتغل بالأسلحة المادية يجب أن نخطط ونسعى جاهدين إلى زرع هذا السلاح في نفوس أفرادنا فردا فردا، فمتى تحقق ذلك فإن النصر معنا بإذن الله ، فالنصر مع الصبر ، والصبر من أعظم ثمار الصلاة .
الصلاة هي سلاح القوة للفرد والأسرة والمجتمع والدولة ، فأي فرد أو أسرة أو أمة حقق أفرادها الصلاة نصرت وسادت ... هذا وعد الله المؤكد وليس من عندي ، والتاريخ خير شاهد على هذه الحقيقة الربانية ، والوعد الإلهي.
إن الصلاة هي السلاح الذي يجب أن يسعى المسلمون إلى التسلح به ، وهي السلاح الذي يرهب الأعداء ويقذف في قلوبهم الرعب فلا تنفعهم أسلحتهم شيئا﴿ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقا﴾.
لقد وعد الله عباده المخلصين بالنصر والتمكين فقال : ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِخَوْفِهِمْ أَمْنًاۚ يَعْبُدُونَنِي لَايُشْرِكُونَ بِي شَيْئًاۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ ،هذا هو الشرط وهذا هو الجزاء ، فالمعادلة واضحة وقاطعة ، والوعد من العليم القدير أكيد مضمون ، لكن يبقى العمل ... ومن يحقق الشرط المطلوب وهو إخلاص العبودية لله وحده لا شريك له، والصلاة هي الوسيلة إلى إخلاص العبودية لله رب العالمين ، فمتى كانت الصلاة صلاة فإن إخلاص العبودية لله حاصل معها ولا بد والنصر جزاء المخلصين.
لم تكن كثرة العدد وقوة السلاح يوما ما هي المعيار الفاصل في القوة بل القاعدة في هذا الأمر : ﴿ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾، ﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ ﴾، ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾، ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ولكن المنافقين لا يعلمون ﴾ ،﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى هذه الصلاة في شدائد الحياة كلها ومن أشدها حين ملاقاة الأعداء،
روى مسلم في صحيحه عن ابن عَبَّاسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْف ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ : ( اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي ، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ ) ، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْه ِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ ، وَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلّ َ: ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) الأنفال/ 9 ، فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ .
وَعند سَعِيد بْن مَنْصُور مِنْ طَرِيق عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة قَالَ : " لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر نَظَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَتَكَاثُرهمْ ، وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَقَلَّهُمْ ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَقَامَ أَبُو بَكْر عَنْ يَمِينه ، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي صَلَاته : ( اللَّهُمَّ لا تُودِع مِنِّي ، اللَّهُمَّ لا تَخْذُلنِي ، اللَّهُمَّ لا تَتِرنِي ، اللَّهُمَّ أَنْشُدك مَا وَعَدَّتْنِي ) وَعِنْد اِبْن إِسْحَاق أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَيْش قَدْ أَتَتْ بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرهَا ، تُجَادِل وَتُكَذِّب رَسُولك , اللَّهُمَّ فَنَصْرك الَّذِي وَعَدَّتْنِي ) . وَعِنْد الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَن عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : " مَا سَمِعْنَا مُنَاشِدًا يَنْشُد ضَالَّة ، أَشَدّ مُنَاشَدَة مِنْ مُحَمَّد لِرَبِّهِ يَوْم بَدْر : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدك مَا وَعَدَّتْنِ)
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر قاتلت شيئا من قتال ثم جئت مسرعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنظر ما فعل ، فجئت فإذا هو ساجد يقول : (يا حي يا قيوم) لا يزيد على ذلك ، ثم رجعت إلى القتال ، ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك ، ثم ذهبت إلى القتال ثم رجعت وهو ساجد يقول ذلك ، ثم ذهبت إلى القتال ثم رجعت وهو ساجد يقول ذلك ، ففتح الله عليه ، وفي حديث حذيفة في غزوة الخندق ذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان طول الليل يصلي .
كان هذا دأبه صلى الله عليه وسلم في كل غزواته فكانت الصلاة هي السلاح الذي يستنزل به النصر من ربه و يستدفع به شر أعدائه ومكائدهم، فكان الله ينجيه ويحفظه في كل مرة ، وهذا العون والمدد حاصل لكل من تأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم وسلك طريقه واستن بسنته.
من كان كذلك فهو القائد الذي تنتصر أمته ، والمربي الذي يصلح مجتمعه، والإداري الذي ينجز أهدافه ، أما من تكبر وأعرض أو أهمل وتكاسل فليس له من هذا النصر نصيب.
يكثر في الجيوش استعمال المنشطات أو المهدئات بسبب الخواء النفسي لأفرادها فيستعان في ذلك بالحبوب والعقاقير ، وربما وصل الحال ببعضهم إلى استعمال المخدرات والحشيش لأجل تحقيق القوة البدنية المبنية على قوة نفسية وهمية.
النصر الداخلي أول خطوات النصر، ولا يمكن النصر الخارجي بدونه، فالقوة النفسية هي القوة الحقيقة التي ينتصر بها الإنسان على أعدائه في الحياة ، فالمصلي تحصل له القوة النفسية الداخلية حين يحقق التوحيد، ويكتسب القوة والمدد من رب العالمين فيصبح قويا نشيطا ، وهذا تفسير ميزان القوة في حروب الصحابة رضي الله عنهم مع الفرس والروم، فلم يهزموهم بقوتهم البدنية ولا بعدتهم القتالية ولا بخبرتهم العسكرية إنما هزموهم بقوة توحيدهم لرب العالمين في صلاتهم الليل والنهار ، لذلك كان من دعاء المؤمنين ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَاعَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾
النصر هو الصلاة، كلمة نقولها لمن ألهاهم وأشغلهم السعي لتحقيق الانتصار الخارجي ونسوا وأهملوا النصر الداخلي، أي البناء الداخلي للنفس، أي الصلاة ، كلمة نقولها لمن استهلكت أوقاتهم المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية عن تحقيق إقامة الصلاة كاملة ورضوا بأقل من الحد الأدنى في هذا الأمر العظيم.
إن الصلاة أكبر تدريب عسكري متى أحسن استخدامها، فهي تحقق القوة النفسية والبدنية في وقت واحد، وأعني بالقوة النفسية قوة التوحيد لله رب العالمين ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ﴾
إن أحفاد الصحابة اليوم لا يمكنهم النصر على اليهود والنصارى والمجوس إلا بالصلاة ، أما طلب النصر بقومية أو قبلية أو مدنية يختلط فيها المسلم بالكافر والمؤمن بالمشرك فهذا لا يكون، وإن وجد شيء من النصر والغلبة فهو نصر دنيوي لا يحقق قوة الدين وأهله ، وهو نصر أثره محدود، وعرضة للانهيار في أي لحظة.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: