• انت....زائر..... هل ذكرت الله اليوم...... هل صليت على نبي الله اليوم ابدا الان وسجل ما يسرك ان تلقى الله به
  • سبحانه الله وبحمده سبحان الله العظيم واستغفر الله
  • اللهم ان ظلمت من ضعفي فانصرني بقوتك
  • اللهم إني أسألُك من فضلِك و رحمتِك ؛ فإنَّه لا يملُكها إلا أنت
  • أحب ما تعبدني به عبدي النصح لي وفي رواية لكل مسلم رواه أحمد عن أبي أمامة الباهلي والحكيم وأبو نعيم
  • {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (255) سورة البقرة
  • أربع خصال واحدة فيما بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين عبادي وواحدة لي وواحدة لك فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا وأما التي لك فما عملت من خير جزيتك به وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الإجابة وأما التي بينك وبين عبادي ترضى لهم ما ترضى لنفسك رواه أبو نعيم عن أنس
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا الحديث بتمعن.......................... إﻧﻤﺎ أﺗﻘﺒﻞ اﻟﺼﻼة ﻣﻤﻦ ﺗﻮاﺿﻊ ﺑﮭﺎ ﻟﻌﻈﻤﺘﻲ وﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻲ وﻟﻢ ﯾﺒﺖ ﻣﺼﺮا ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺼﯿﺘﻲ وﻗﻄﻊ ﻧﮭﺎره ﻓﻲ ذﻛﺮي ورﺣ ﻢ اﻟﻤﺴﻜﯿﻦ واﺑﻦ اﻟﺴﺒﯿﻞ واﻷرﻣﻠﺔ ورﺣﻢ اﻟﻤﺼﺎب ذﻟﻚ ﻧﻮره ﻛﻨﻮر اﻟﺸﻤﺲ أﻛﻠﺆه ﺑﻌﺰﺗﻲ وأﺳﺘﺤﻔﻈﮫ ﺑﻤﻼﺋﻜﺘﻲ أﺟﻌﻞ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻈﻠﻤﺔ ﻧﻮرا وﻓﻲ اﻟﺠﮭﺎﻟﺔ ﺣﻠﻤﺎ وﻣﺜﻠﮫ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﻲ ﻛﻤﺜﻞ اﻟﻔﺮدوس ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ رواه اﻟﺒﺰار ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس
  • بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)
  • قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)
  • سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت : 53]
  • أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما خلق، و برأ و ذرأ، و من شر ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها و من شر ما ذرأ في الأرض و من شر ما يخرج منها، و من شر فتن الليل و النهار و من شر كل طارق، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمان". رواه أحمد.
  • وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ (98) سورة المؤمنون
  • عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحاً، وتخرج الماشية وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أوثمانيا، -يعني حججاً-. رواه الحاكم
  • عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة. رواه أبو داود وابن ماجه
  • في رواية لأبي داود: لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا .
  • قال ﷺ : " اللهم فاطرَ السموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، ربَّ كلِّ شيء ومليكَه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شرِّ نفْسي، وشرِّ الشيطان، وشِرْكَْه ، وأن أقترف على نفسي سوءًا، أو أجرّه إلى مسلم "
  • من شغله قراءة القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته ثواب الشاكرين رواه ابن حذيفة عن شاهين عن أبي سعيد الخدري
  • وعزتي وجلالي ورحمتي لا أدع في النار أحدا قال لا إله إلا الله رواه تمام عن أنس بن مالك
  • اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، أرحم الراحمين ، أنت أرحم الراحمين ، إلى من تكلني ، إلى عدو يتجهمني ، أو إلى قريب ملكته أمري ، إن لم تكن غضبان علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، أن تنزل بي غضبك ، أو تحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك ) رواه الطبراني
  • اللهم اني مغلوب فانتصر
  • وانذر عشيرتك الأقربين ----------- اللهم فاشهد انني بلغت وحذرت
  • اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا الدعاء ... اللهم انك اقدرت بعض خلقك على السحر والشر ولكنك احتفظت لذاتك باذن الضر اللهم اعوذ بما احتفظت به مما اقدرت عليه شرار خلقك بحق قولك وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ
  • اللهم انت خلقتني وانت تهديني وانت تطعمني وانت تسقيني وانت تميتني وانت تحييني ***** لا اله الا الله******
  • إلهي عبد من عبادك ، غريب في بلادك ، لو علمت أن عذابي يزيد في ملكك ، وعفوك عني ينقص من ملكك لما سألتك المغفرة ، وليس لي ملجأ ولا رجاء إلا أنت ، وقد سمعت فيما أنزلت أنك قلت : إني أنا الغفور الرحيم ، فلا تخيب رجائي.
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا القران.......................... ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد.................. ............................. ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد .............................. ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد

قلم حر

عضو
إنضم
6 يناير 2015
المشاركات
47
مستوى التفاعل
111
النقاط
37
تركيا دولة علمانية بامتياز ونظامها ليس له علاقة بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد
أما بالنسبة للشعب فالكثير يعتنق العلمانية الهاوية كطريق حياه سواء كان فاجراً أو صالحاً في الظاهر والقليل مع الأسف هم على العقيدة الصحيحة
أعرف أن الحقيقة مره لكن هذا واقع الحال ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 

بنت الجزيرة

عضو موقوف
محظور
إنضم
9 يناير 2015
المشاركات
44
مستوى التفاعل
199
النقاط
37
أول انا ما تكلمت عن الشعب التركي
ثانيا انا ما برأت اي دولة انا قلت في دول مفضوحة وفي دول في الطريق
ثالثا هذا رأي الشخصي سواء له علاقة بالرؤيا او لا
انتهى
 
إنضم
13 أغسطس 2013
المشاركات
3,453
مستوى التفاعل
8,967
النقاط
122
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

عجيب والله!!!!!
الله المستعان يا أخوان يا مسلمين
اتركوا التكفير ونعت الناس بهذا كافر وهذا خارجي وهذا وهذا
هناك علماء ربانيوون هم من يفتون في ذلك
اما كل من هب ودب يكفر بخلق الله على شان خالف رأيه وخالف توجهه ينعته بالكفر العلماء وهم العلماء يحسبون ألف حساب لهذا الكلمه واتهام الناس .

اما تأتي انت وتكفر بهذي السهول انتبه يا أخي ليس لك هذا والله أنني ناصح لك انتبه ثم أنتبه
 
إنضم
18 نوفمبر 2013
المشاركات
3,690
مستوى التفاعل
11,522
النقاط
122
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اعتذر للمنتدى إدارة و أعضاء وخصوصا للإخوة كالأخ العزيز "الحرف الناطق" الذين ظنوا أني أطبل للأتراك ...الخ
أسأل الله أن يهديني و يهدينا و المسلمين أجمعين
و اعتذر أيضا وخصوصا للأخت الفاضلة "بنت الجزيرة" صاحبة الموضوع بسبب الخروج عن موضوع الرؤيا وإثارة الفتنة و أظن أنه بسببي

كل ما هنالك أني دعوت لأهل هذه البلاد أن يهديهم إلى الكتاب و السنة
و تساءلت عمن يقصد بقوله " ولا تدع حشودا تنتظر بطلها من دون بطل يا إلهي "
هل هم ينتظرون المهدي ؟

اتمنى من الإدارة الكريمة مسح ردودي حتى تنتهي هذه الفتنة ونعود لصلب الرؤيا

و جزاكم الله و جميع المسلمين كل خير
 
إنضم
22 أغسطس 2014
المشاركات
1,277
مستوى التفاعل
3,260
النقاط
122
الإقامة
مصر
فتح القسطنطينية[عدل]
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


فَتحُ القُسطَنطينِيَّة أو سُقُوطُ القُسطَنطينِيَّة أو غزوُ القُسطَنطينِيَّة (باليونانيَّة: Άλωση της Κωνσταντινούπολης؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: İstanbul'un Fethi؛وبالتُركيَّة العُثمانيَّة: استانبول فتحی أو قسطنطينيہ فتحی)، هو الاسمُ الذي يُطلق على أحد أبرز الأحداث في التاريخ، وهو سُقوط مدينة القسطنطينيَّة عاصمةالإمبراطوريَّة البيزنطيَّة (أو الرومانيَّة الشرقيَّة، أو الروم) في يد المُسلمين مُمثلين بالدولة العُثمانيَّة، بعد حصارٍ دام عدَّة أسابيع، قاده السُلطان الشَّاب ذو الأحد وعشرين (21) ربيعًا، مُحمَّد الثاني بن مُراد العُثماني، ضدَّ حلفٍ مُكوَّن من البيزنطيين والبنادقة والجنويين بقيادة قيصر الروم الإمبراطور قسطنطين پاليولوگ الحادي عشر. دام الحصار من يوم الجُمعة 26 ربيع الأوَّل حتّى يوم الثُلاثاء 21 جمادى الأولى سنة 857هـ وفق التقويم الهجري، المُوافق فيه 5 نيسان (أبريل)حتّى 29 أيَّار (مايو) سنة 1453م وفق التقويم اليولياني، حينما انهارت دفاعات الروم ووقعت المدينة لُقمةً سائغة بيد العُثمانيين.

شكَّل فتح القسطنطينيَّة خاتمة المُحاولات الإسلاميَّة لضم هذه المدينة لحظيرة الخلافة، والتي بدأت مُنذ أوائل العهد الأُمويّ خلال خلافة مُعاوية بن أبي سُفيانواستمرَّت خلال العهد العبَّاسي، إلى أن تكللت بالنجاح في العهد العُثماني. كما شكَّل هذا الحدث (إضافةً إلى فتح منطقتين روميَّتين أُخريين لاحقًا) نهاية الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، وإلى حدٍ أبعد الإمبراطوريَّة الرومانيَّة التي استمرَّت موجودةً بهيئةٍ روميَّة شرقيَّة، بعد أن صمدت طيلة 1,500 سنة تقريبًا.[28] كذلك شكَّل الفتح العُثماني للقسطنطينيَّة ضربةً موجعةً للعالم المسيحي والبابويَّة الكاثوليكيَّة رُغم الاختلاف والخِلاف المذهبي والعقائدي بين الكنيستين الشرقيَّة الأرثوذكسيَّة والغربيَّة الكاثوليكيَّة، ذلك أنَّ المدينة كانت تُشكِّلُ عائقًا وحاجزًا أمام التوغل الإسلامي في أوروپَّا، ولمَّا سقطت أصبح بإمكان العُثمانيين المضي قُدمًا في فتوحاتهم دون التخوُّف من ضربةٍ خلفيَّة تُثنيهم عن أهدافهم.

بعد تمام الفتح، نقل السُلطان مُحمَّد الثاني عاصمة مُلكه من مدينة أدرنة إلى القسطنطينيَّة، وسُمِّيت «إسلامبول» أي «تخت الإسلام»،[29] ولُقِّب السُلطان بالفاتح أو «أبو الفتح». غادر عددٌ كبيرٌ من عُلماء وفلاسفة المدينة، من رومٍ وغيرهم، إلى الدويلات والإمارات والممالك الأوروپيَّة المُجاورة، قبل ضرب الحصار على عاصمتهم وبعد أن فُكَّ عنها، وأغلب هؤلاء حطَّت به الرِحال في إيطاليا حيثُ لعبوا دورًا في إحياء العلوم والمعارف المُختلفة هُناك، مما جعل تلك البِلاد رائدة عصر النهضة الأوروپيَّة.[30]

كان فتحُ القسطنطينيَّة حدثًا مُهمًّا على الصعيدين الإسلامي والعالمي، فعلى الصعيد الإسلامي تحققت نبوءة الرسول مُحمَّد التي يؤمن المُسلمون أنَّه بشَّر بها مُنذ زمنٍ بعيد، وكان ذلك بمثابة تتويجٍ لسلسلةٍ من الانتصارات الإسلاميَّة ودافعًا ومُحركًا قويًّا للجهاد ضد الممالك الأوروپيَّة، وعلى الصعيد العالمي اعتبره العديد من المؤرخين خاتمة العصور الوسطى وفاتحة العصور الحديثة.[31]
 
إنضم
22 أغسطس 2014
المشاركات
1,277
مستوى التفاعل
3,260
النقاط
122
الإقامة
مصر
خلفيَّة تاريخيَّة[عدل]
§النبوءة في المُعتقد الإسلامي[عدل]

نبوءة النبي محمد حول فتح القسطنطينية، منقوشة على إحدى بوابات آيا صوفيا.
شكَّل فتحُ القسطنطينيَّة هاجسًا عند الكثير من الخُلفاء والقادة المُسلمين مُنذ أوائل العهد الأُموي، فقد طمع الكثير منهم أن يكون صاحب بِشارة الرسول مُحمَّد القائلة بفتح هذه المدينة وضمِّها إلى بلادُ المُسلمين، فقد ورد في مسند الإمام أحمد بن حنبل ما يؤكِّدُ هذا الكلام بالنسبة للمُسلمين، حيثُ قيل: «حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ: لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ».[32] وفي روايةٍ أُخرى نقلًا عن عن المُحدَّث أبو قبيل حي بن هانئ بن ناضر أنَّهُ قال: «كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي، وَسُئِلَ: اَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ اَوَّلًا: الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ اَوْ رُومِيَّةُ؟ فَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حِلَقٌ ؛قَال: فَاَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا. قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ نَكْتُبُ اِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ اَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ اَوَّلًا قُسْطَنْطِينِيَّةُ اَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ اَوَّلًا يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ‏».[33] وقد حاول المُسلمون عبثًا طيلة ثمانية قرون تحقيق هذه النبوءة ففشلوا في كُلِّ مرَّة نظرًا لموقع المدينة الحصين وأسوارها السميكة وبسالة المُدافعين عنها. وقد بلغ عددُ المرَّات التي حوصرت فيها المدينة من قِبل المُسلمين 11 مرَّة قبل هذه الأخيرة.[29]

§مُحاولات المُسلمين لِفتح المدينة قبل العهد العُثماني[عدل]
  • upload.wikimedia.org_wikipedia_commons_thumb_6_61_Crystal_Clea465794c314c861a61339a8372ce0e4f2.png
    طالع أيضًا: حصارُ القسطنطينيَّة (717-718م)

الروم ينفثون النار الإغريقيَّة على المُسلمين خلال حصارهم الأوَّل للقسطنطينيَّة.
أولى المُحاولات الإسلاميَّة لِفتح القسطنطينيَّة كانت سنة 49هـ، المُوافقة لِسنة 669م، وذلك في عهد مُعاوية بن أبي سُفيان، إذ أرسل حملةً عسكريَّةً بريَّةً ضخمة لِحصار المدينة بقيادة فضالة بن عُبيد الله الأنصاري الذي توغَّل في عُمق الأراضي البيزنطيَّة حتّى وصل إلى خلقدونيَّة القريبة من العاصمة الروميَّة. وقد أمضى فضالة شتاء تلك السنة في أملاك الإمبراطوريَّة وكان مُعاوية يمُدُّه بالإمدادات والمؤن. وقد قامت هذه الإمدادات، بقيادة سُفيان بن عوف، بتنفيذ الحصار على العاصمة البيزنطيَّة.[34] ونظرًا لجسامة المُهمَّة وأهميَّة الحملة، أردف مُعاوية القوَّات الإسلاميَّة بابنه يزيد على رأس قوَّةٍ إضافيَّةٍ، مما أنعش آمال المُسلمين بمواصلة الحصار.[35] واصطدم الفريقان الإسلامي والرومي في معارك التحاميَّة تحت أسوار المدينة، إلَّا أنَّ المُسلمين لم يُحرزوا انتصاراتٍ حاسمة، فاضطرّوا إلى فك الحصار والعودة إلى دمشق. وتوفي في هذه الغزوة الصحابي أبو أيّوب الأنصاريّالذي رافق جيش يزيد، ودُفن عند أسوار القسطنطينيَّة.[36]


رسم يُظهرُ موقع القسطنطينيَّة الحصين خلال العهد البيزنطي.
وفي سنة 54هـ المُوافقة لسنة 674م بدأ الحِصارُ الثاني للقسطنطينيَّة واستدعى الأمر تعزيز القوَّة البحريَّة الإسلاميَّة في مياهها، وانضمَّ إليها أسطولٌ إسلاميٌّ آخر بقيادة جُنادة بن أبي أُميَّة الأزدي بعد أن فتح جزيرة أرواد القريبة منها حيثُ اتخذها المُسلمون قاعدة انطلاق.[37] وتخلل الحِصار مُناوشاتٌ بين الأسطولين الإسلامي والبيزنطي، في حين تراشقت القوَّاتُ البريَّةُ الإسلاميَّةُ المُرابطة حول العاصمة، مع الجُنود الروم المُرابطين على أسوارها، بالقذائف والسِّهام.[38] استمرَّ هذا الوضع قائمًا طيلة سبع سنوات حتّى سنة 60هـ المُوافقة لسنة 680م اقتصرت خلالها العمليَّات العسكريَّة على فترتيّ الربيع والصيف لصُعوبة القتال في الشتاء.[39] وصمدت المدينة أمام الحصار، فلم يُحرز المُسلمون انتصاراتٍ حاسمةٍ بفعل أنَّ جُهودهم تركَّزت على مُحاصرة المدينة من جهة البحر. أمَّا الحصار البرّي فكان مُزعزعًا حيثُ بقيت الطُرق البريَّة وطريق البحر الأسود مفتوحة أمام البيزنطيين مما جعل منها مُتنفسًا وطريقًا للإمدادات والمؤن. أمام هذا الواقع، أمر الخليفة مُعاوية بن أبي سُفيان الجيش الضخم أن يعود أدراجه إلى دمشق، وأبرم هدنةً طويلةً مع الروم تستمرُّ ثلاثين سنة.[37]


صورة مُرممة للأسوار الثيودوسيوسيَّة، وهي الأسوار الوحيدة القائمة من جهة البر، تُظهرُ كم كانت أسوار المدينة سميكة.

الحصار الإسلامي الثاني للقسطنطينيَّة.
عاود المُسلمون الكرَّة على القسطنطينيَّة في خِلافة سُليمان بن عبد الملك، سنة 98هـ المُوافقة لسنة 717م، عندما جمع الخليفة سالف الذِكر جيشًا بريًّا بلغ قوامه 180 ألف جُندي من أهل الشَّام والجزيرة الفُراتيَّة والموصل،[40] بالإضافة إلى 1800 قطعة بحريَّة، واتَّخذ من دابق مُعسكرًا له، وأعطى الله عهدًا أن لا ينصرف حتّى يدخل الجيش القسطنطينيَّة.[41] ومن هذا المكان قام الخليفة بتعبئة الجيش وحرَّكه باتجاه العاصمة البيزنطيَّة بقيادة أخيه مسلمة، فوصلها بعد أن فتح بضعة ثغور على طول الطريق وألقى أفراده أنفسهم عند أسوار القسطنطينيَّة وحاصروها من جهة البرّ.[40] وتحرَّك في الوقت نفسه الأسطول الإسلامي الضخم باتجاه مضيق الدردنيل وبحر مرمرة وحاصر المدينة من جهة البحر. وقام مسلمة بن عبد الملك بنصبالمجانيق الضخمة على المدينة وأخذ يضربها، لكن ردَّته مناعة الأسوار ومهارة المُهندسين الروم في ترميم ما يتهدَّم منها بسُرعة، وتوفّر أدوات الدفاع لديهم. كما هبَّت عاصفة عاتية حطَّمت عددًا كبيرًا من السُفن الإسلاميَّة، فانتهز البيزنطيّون هذه الفُرصة وأحرقوا عددًا كبيرًا منها بالنار الإغريقيَّة.[42] كما عجز الجيش الإسلامي من تطويق الجبهة الشماليَّة للعاصمة البيزنطيَّة مما مكَّنها من الاتصال بسواحل البحر الأسود التي أمدَّتها بحاجتها من الغِلال والمؤن، وفتك البرد القارس بعددٍ من الجنود، وهاجمهم البلغار من الجانب الأوروپيّ بالاتفاق مع الإمبراطور الرومي ليو الثالث الإيساوري، ثُمَّ توفي سُليمان بن عبد الملك واعتلى عُمر بن عبد العزيز سُدَّة الخِلافة، فأرسل كتابًا إلى مسلمة يأمره بفكّ الحصار والعودة إلى دمشق، ففعل الأخير ما أُمر به في شهر ذي الحجَّة سنة 99هـ، المُوافق فيه شهر تمّوز (يوليو) سنة718م.[43]

إلى جانب المُحاولات سالِفة الذِكر، جرت بضعة مُحاولات أُخرى لم تبلغ المدينة نفسها بل وصلت ضواحيها ثُمَّ ارتدَّت عنها، وقد وضعها بعض المؤرخين من جُملة المُحاولات الإسلاميَّة لفتح القسطنطينيَّة، ومنها حملة الخليفة العبَّاسي هٰرون الرشيد لمُعاقبة قيصر الروم الإمبراطور نقفور الأوَّل، والتي تمكَّن خلالها من فتح مدينة هرقلة إحدى ضواحي القسطنطينيَّة.[44]
 
إنضم
22 أغسطس 2014
المشاركات
1,277
مستوى التفاعل
3,260
النقاط
122
الإقامة
مصر
لمُحاولات العُثمانيَّة قبل عهد السُلطان مُحمَّد الثاني[عدل]

السُلطان الفاتح مُحمَّد خان الثاني، سابع سلاطين الدولة العُثمانيَّة.

الدولة العثمانية والدول والإمارات المحيطة بها سنة 1450م، أي قبل تربّع مُحمَّد الثاني على العرش بسنة واحدة.
خمدت المُحاولات الإسلاميَّة لفتح القسطنطينيَّة بضعة قرونٍ مُنذ أن تقسَّمت الدولة العبَّاسيَّة وأخذ السلاطين والأُمراء المُسلمين ينزوون في البلاد التي استقلّوا بها، ونتيجةً للنكبات التي تعرَّض لها المشرق الإسلامي جرَّاء الحملات الصليبيَّة والغزو المغولي، ولم تنتعش تلك المُحاولات مُجددًا سوى في بداية العهد العُثماني. ففي سنة 793هـ المُوافقة لسنة 1391م، ضرب السُلطان بايزيد الأوَّل حصارًا على القسطنطينيَّة وأجبر الإمبراطور عمانوئيل پاليولوگ الثاني على قُبول شُروط الصُلح، ليتفرَّغ لقتال الحلف الأوروپيّ الصليبيّ في البلقان،[45] وبعد أن تمَّ له النصر على هذا الحِلف وأمَّن الجبهة البلقانيَّة وسيطر على قسمٍ من شبه جزيرة المورة، التفت بايزيد مُجددًا نحو القسطنطينيَّة بعد أن امتنع الإمبراطور البيزنطي عن الوفاء بالتزاماته تجاه الدولة العُثمانيَّة، فقام بعزل العاصمة عن مُحيطها، وأحكم الحصار عليها بأن بنى على شاطئ الأناضول قلعة «أناضولي حصار» على مسافة ثمانية كيلومتراتٍ منها على ساحل مضيق البوسفور.[46] وكاد العُثمانيّون يُفلحون بالدخول إلى العاصمة لولا الاجتياح المغولي للمنطقة بقيادة تيمورلنك، فاضطرَّ بايزيد إلى فكِّ الحصار عن القسطنطينيَّة والسير لمُلاقاة المغول في سهول أنقرة، بعد أن جدَّد شروط المُعاهدة السابقة مع الروم وأضاف إليها شروطًا أُخرى.[47]

وقع الحصار العُثماني الثاني للقسطنطينيَّة بعد وفاة بايزيد الأوَّل في الأسر بعد أن أسره تيمورلنك في معركة أنقرة، وبعد أن انقسمت الدولة العُثمانيَّة إلى دويلات وإمارات، فقام سُلطان الروملّي موسى چلبي بن بايزيد بمُحاصرة القسطنطينيَّة ليستأثر بها لنفسه، فاستنجد إمبراطورها بشقيق موسى، مُحمَّد (المشهور باسم مُحمَّد چلبي أو مُحمَّد الأوَّل)، فأتى مُسرعًا وأجبر أخاه على رفع الحصار عن المدينة بالتعاون مع أمير الصرب، ثُمَّ قبض على أخيه وقتله، وذلك في سنة 816هـ المُوافقة لسنة 1413م.[48] آخر الحصارات العُثمانيَّة للقسطنطينيَّة قبل فتحها كانت حصار السُلطان مُراد الثاني بن مُحمَّد چلبي، الذي توجَّه على رأس قوَّاتٍ كثيفة تُقدَّر بخمسين ألف جُندي[49] إلى القسطنطينيَّة وحاصرها يوم 3 رمضان سنة 825هـ المُوافق فيه 21 آب (أغسطس) سنة1422م للانتقام من الإمبراطور عمانوئيل الثاني الذي أطلق سراح عمُّه اللاجئ إلى العاصمة، الشاهزاده مُصطفى چلبي المُطالب بالعرش العُثماني،[50] وأغراه بالخروج على ابن أخيه، فكان لا بُدَّ من الاقتصاص من الروم بعد هذا، فاشتبك العُثمانيّون معهم في قتالٍ عنيف عند أسوار القسطنطينيَّة، لكنَّهم رجعوا بدون أن يتمكنوا من فتحها نتيجة نشوب ثورة في الأناضول تزعَّمها أُمراء القرمان والكرميانبقيادة الشاهزاده مُصطفى سالِف الذِكر.[51] وفي يوم 16 مُحرَّم سنة 855هـ المُوافق فيه 18 شُباط (فبراير) سنة 1451م اعتلى مُحمَّد بن مُراد عرش آل عُثمان، فعُرف بمُحمَّد الثاني، ولم يكن خارجًا عن سُلطانه حينها إلَّا جزء من إمارة القرمان ومدينة سينوپ ومملكة طرابزون الروميَّة بآسيا الصُغرى، وصارت الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة قاصرةً على مدينة القسطنطينيَّة وضواحيها،[52] فبدا واضحًا أنَّ أيامها أصبحت معدودة.

§دوافع الفتح[عدل]

كان للسُلطان الشَّاب دوافعٌ عدَّة لفتح المدينة منها ما هو مُتوارث عن أسلافه من أجدادٍ ومن المُسلمين السابقين، وأهمُّها الدافع الديني، ومنها ما كان استراتيجيًّا واقتصاديًّا. فمن جهة: انتعشت من جديد، في عهد مُحمَّد الثاني، سياسة الفُتوح والنظام المركزي اللذان كان يجري تطبيقهما في أيَّام بايزيد الأوَّل، فعادت أغلب أنحاء السلطنة العُثمانيَّة موحدة تحت راية سلطانٍ واحد، بعد أن فتتها تيمورلنك عند غزوه الأناضول وأصبح بالإمكان التركيز على التوسّع بعدما لُمَّ مُعظم الشتات، وراح تقليد الغزو التُركماني يتحوَّل إلى غايةٍ داخل الإطار الإسلامي، وكان العائق الوحيد أمام مُحمَّد الثاني، لتنفيذ سياسته العالميَّة، هو الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة التي كانت مُنذُ القِدم المُحرِّك الأوَّل للتهديد الصليبي، فكان لا بُدَّ من حل هذه المُشكلة[53] كذلك، ظلَّ الأباطرة الروم وحكوماتهم يُقاومون نصف قرنٍ من الزمن بعد غزوات تيمورلنك، مُعتمدين في ذلك على التلاعب بورقة الأُمراء الطامعين بالعرش العُثماني، والتهديد بشنِّ حملاتٍ صليبيَّةٍ جديدة. وهكذا استغلَّ الإمبراطور قسطنطين الحادي عشر، الذي خلف الإمبراطور يوحنَّا الثامن سنة 853هـ المُوافقة لسنة 1449م، استغلَّ مرحلة الانتقال من عهدٍ إلى عهد ما أن تربَّع مُحمَّد الثاني على العرش، فهاجم الأراضي العُثمانيَّة في أنطاليا، وحثَّ الأُمراء التُركمان في الأناضول على الاقتداء به، فاستجاب له أمير القرمان مما دفع السُلطان مُحمَّد إلى مُهاجمة تلك الإمارة، وعندها هدد الإمبراطور السُلطان بأن يُطلق سراح الشاهزاده أورخان چلبي، المُطالب بالعرش العُثماني، ليُرغم السُلطان على تقديم بعض التنازلات،[54] فأبلغ الصدر الأعظم خليل جندرلي باشا أنَّهُ إذا لم يُضاعف المعاش الذي تدفعه الدولة العُثمانيَّة لِرعاية الشاهزاده أورخان، الذي كان يعيش في البلاط البيزنطي، فإنَّ بيزنطية ستجعل هذا الأمير يُطالب بالعرش العُثماني،[55] فكان ذلك حافزًا إضافيًّا للسُلطان يجعله يعقد العزم على التخلّص من مصدر الإزعاج هذا.

من جهةٍ أُخرى، ورِث مُحمَّد الثاني دولةً كانت لا تزال مُنقسمةً إلى قسمين: الأناضول الذي أضحى بلادًا إسلاميَّة اندمجت في حضارة الإسلام مُنذُ زمنٍ بعيد، والروملّي الذي كان قد فُتح حديثًا ولا يزال منطقة ثُغور، وتأثَّر تأثُرًا عميقًا بنظريَّات وتقاليد مُجاهدي الثُغور الذين استوطنوه، كما تأثَّر بمُعتقدات وطُرق الدراويش الصوفيَّة الذين صحبوا هؤلاء المُجاهدين، فكان الوضع يتطلَّب إيجاد صلة بين القسمين، بين العاصمة القديمة بروسة (بورصة) في آسيا الصُغرى، والعاصمة الجديدة أدرنة في الروملّي، وكانت القسطنطينيَّة تُشكِّلُ هذه الصلة.[56] كذلك، إلى جانب المغزى الديني الكبير للفتح، فقد اعتبر السلاطين العُثمانيين قبل مُحمَّد الثاني أنَّ القسطنطينيَّة هي العاصمة الطبيعيَّة لدولتهم، بل يجب أن تكون عاصمة هذه الدولة لما في ذلك من ضروراتٍ استراتيجيَّةٍ مُلحَّة، إذ أنَّ بقائها في أيدي البيزنطيين من شأنه أن يُهدد المُواصلات وعمليَّات نقل القوَّات العسكريَّة ما بين أملاكهم الآسيويَّة والأوروپيَّة، أمَّا فتحها فإنَّهُ كفيلٌ بتشديد قبضتهم على الأراضي التي يحكُمونها، ويخلع عليهم المهابة والعظمة في العالمين الإسلامي والمسيحي.[57]


صورة السُلطان مُحمَّد واقفًا أمام مُعلِّمه الگوراني.
أيضًا كانت حُكومات أوروپَّا الغربيَّة في ذلك الوقت ترى أنَّ الحكومة البيزنطيَّة حكومة مُنهارة وساقطة لا محالة، فقد تخلَّوا عنها بفعل النكبة التي مُنوا بها في معركة ڤارنا زمن السُلطان مُراد الثاني، وأخذ الرأي الحكومي الأوروپيّ الغربيّ يعتقد أنَّ فكرة الحرب الصليبيَّة الأوروپيَّة لم تعد مُجدية في مثل الظروف الصعبة التي كانت تمُرُّ بها الإمبراطوريَّة، وبالتالي لم يعد هُناك أمل أمام الإمبراطور البيزنطي إلَّا أن يعتمد على نفسه وعلى قوَّته الذاتيَّة للتصدّي للمُسلمين عندما يُهاجمونه, وحيثُ أنَّ لا وجه للمُقارنة بين قُوَّة الإمبراطوريَّة وقُوَّة السلطنة، كان سُقوطً القسطنطينيَّة بعد معركة ڤارنا أمرًا مُتوقعًا، يُضافُ إلى ذلك، فإنَّ الحُكومة البيزنطيَّة لم تُرسل فرقًا عسكريَّةً إلى الجيوش الصليبيَّة في ماريتزا وقوصوه (كوسوڤو) ونيقوبوليس لأنَّها فقدت الرغبة في الدفاع عن نفسها، وعجزت عن إقناع مواطنيها الأرثوذكس المُمعنين في السفسطة بأنَّ الاستشهاد في سبيل الوطن عملٌ مجيد، وتشعَّبت المُشكلات الداخليَّة بفعل التعصُّب المذهبي والقلاقل الدينيَّة.[55] وكان العُثمانيّون يُدركون كُل ذلك، ويعرفون حقَّ المعرفة تبدُّل الظروف والمُعطيات السياسيَّة في المنطقة، فكانت تلك فُرصةً ينبغي استغلالها.

أخيرًا كان فتحُ القسطنطينيَّة حُلمًا يُراود السلاطين العُثمانيين مُنذ عهد بايزيد الأوَّل، وكانت رغبتهم تقتضي بتحويل دولتهم المحليَّة إلى دولةٍ عالميَّة عبر النجاح حيثُ فشلت الدول الإسلاميَّة السابقة، أي تحقيق نبوءة الرسول مُحمَّد. أضف إلى ذلك أنَّ السُلطان مُحمَّد الثاني كان يطمح أن يكون هو المقصود بالنبوءة، بعد أن تأثَّر بأفكار مُربييه، وفي مُقدمتهم زغان (زغانوس) باشا والشيخ آق شمسُ الدين والمُلَّا أحمد بن إسماعيل الگوراني. فكان الگوراني يُشدد على تلميذه مُحمَّد في صغره بلزوم وضرورة فتح عاصمة الروم،[58]وكان الشيخ آق شمسُ الدين قد بثَّ في نفس السُلطان مُنذُ صغره أمرين، هما: ضرورة مُضاعفة حركة الجهاد الإسلامي ضدَّ الروم وحُلفائهم، وأنَّه هو (أي السُلطان) المقصود بالحديث النبوي.[59] وبهذا شكَّلت جميع هذه الأسباب دوافعًا قويَّة ضاغطة ومُغرية في الوقت ذاته، هدف السُلطان إلى تحقيقها.
 
إنضم
22 أغسطس 2014
المشاركات
1,277
مستوى التفاعل
3,260
النقاط
122
الإقامة
مصر
مُقدمات الفتح[عدل]
§عزل المدينة[عدل]
عمد السُلطان مُحمَّد الثاني قبل هجومه على القسطنطينيَّة إلى عقد مُعاهداتٍ مع أعدائه المُختلفين ليتفرغ لعدوٍ واحد، مُستغلًّا إهمال الإمبراطور البيزنطي المُحافظة على تحالُفاته مع الغرب ومُواصلاته بالجنوب، فكانت عاقبة خطأه أن تمكَّن السُلطان من عزله، فوقَّع مُعاهدةً مع جمهوريَّة البُندُقيَّة يوم 13 شعبان سنة 855هـ، المُوافق فيه 10 أيلول (سپتمبر) سنة 1451م، وتفاهم مع حاكم مملكة المجر يوحنَّا هونياد في شهر شوَّال، المُوافق لشهر تشرين الثاني (نوڤمبر) من نفس السنة، فتعهَّد له بأن يمتنع عن مُساعدة حاكم الأفلاق ضد المجر وعن إنشاء الحصون على نهر الطونة (الدانوب)، مُقابل سلم وأمان بين الطرفين.[60] وصادق في الوقت نفسه جمهوريَّة جنوة وراگوزة وفُرسان القدّيس يوحنَّا، غير أنَّ موقف الجنويين كان مُذبذبًا، إذ في الوقت الذي تظاهروا فيه بالوقوف على الحياد أو الإخلاص للعُثمانيين، كانوا يُرسلون جُنودهم سرًّا إلى القسطنطينيَّة للدفاع عنها،[61] كما أنَّ باقي المُعاهدات بين السُلطان والحُكومات الأوروپيَّة سالِفة الذِكر لم تصمد حينما بدأ الهُجوم الفعلي على القسطنطينيَّة، حيثُ وصلت قُوَّات من تلك المُدن وغيرها للمُشاركة في الدفاع عن المدينة.[62] إلى جانب تلك المُعاهدات، أرسل السُلطان قوَّةً عسكريَّةً إلى المورة لفتحها ومنع أميريها طوماس وديميتريوس الروميين من مُساعدة الإمبراطور قسطنطين، وبهذا يكون قد عزله سياسيًّا عن العالم الغربي.[63] أمَّا في آسيا الصُغرى فقد أخضع القرمانيين، ما قضى على كُلِّ أملٍ في تحالُفٍ بيزنطي قرماني.[64]

§تعكير صفاء العلاقات البيزنطيَّة العُثمانيَّة[عدل]

قلعة روملّي حصار كما تبدو اليوم.

برج خليل باشا، أحد أبراج قلعة روملّي حصار، وهو يكشف مضيق البوسفور بشكلِ كامل، مما يُعطي فكرة عن مدى قدرة العُثمانيين على التحكم بمسار السُفن من وإلى المضيق.
تعكَّر صفو العلاقة بين العُثمانيين والبيزنطيين عندما أمر السُلطان بإلغاء الرَّاتب المُخصص للشاهزاده أورخان ردًّا على استفزاز الإمبراطور وتهديده بإطلاق سراح هذا الأخير، وسعيًا منه بإيجاد سبب لفتح باب الحرب على الروم، وراح يتجهَّز لِحصار القسطنطينيَّة والقضاء على هذه المدينة التي ما فتئت مُنذُ القِدم تُهدد المُسلمين بين الحين والآخر،[65]على الرُغم من المُعارضة الحذرة من جانب الصدر الأعظم خليل جندرلي باشا وفريق عمله، وشعر الإمبراطور البيزنطي بما يُعدُّه السُلطان، فتملَّكهُ الهلع، وراح يستعد هو الآخر للمواجهة. وأقدم مُحمَّد الثاني على خطوةٍ تمهيديَّةٍ، فأنشأ قلعةً جديدةً هي قلعة «روملّي حصار»، على الشاطئ الأوروپيّ إلى جوار القسطنطينيَّة، على بُعد نحو ستَّة أميالٍ منها،[66] مُقابل قلعة أناضولي حصار التي بناها السُلطان بايزيد الأوَّل على الشاطئ الآسيوي في أضيق نُقطة من مضيق البوسفور (حيثُ ينخفض العرض إلى 660 متر)،[67] ما جعل العُثمانيين يُسيطرون على المضيق ويُراقبون السُفن الآتية من البحر الأسود. وبذلك يكون السُلطان قد كسب موقعًا استراتيجيًّا واقتصاديًّا يحولُ دون وصول المدد من مملكة طرابزون عن طريق البحر المذكور، وبالتالي عزل القسطنطينيَّة اقتصاديًّا، كما أراد أن تكون القلعة قاعدةً لأعماله العسكريَّة في أوروپَّا ومُستودعًا للزاد والعتاد.[68]

تمَّ بناءُ هذه القلعة في زمنٍ قياسيٍّ (ثلاثة أشهر)،[69] ولمَّا اكتملت بلغ ارتفاعها 82 مترًا واشتملت على 3 أبراج ارتفاعُ كُلٍّ منها 70\26 مترًا، وشغلت مساحة 250,30م2، وكان تصميمها على شكل تخطيط اسم نبيِّ الإسلام: «مُحَمَّد»، وسُمِّيت أيضًا «بوغاز کسن حصاری»، أي «القلعة قاطعة المضيق»،[67] وبعد الانتهاء منها ومن إجراء جميع التحكيمات اللازمة، عاد السُلطان إلى عاصمة مُلكه أدرنة في أوَّل شهر أيلول (سپتمبر) سنة 1452م.[67] كان بناءُ القلعة بمثابة النقطة الحرجة التي وصلت إليها العلاقة السلميَّة بين الطرفين، ورأى السُلطان في بناء هذه القلعة مُقدِّمة لإسقاط المدينة، وقد أدرك الإمبراطور ذلك، فأرسل سفيرين إلى السُلطان في أدرنة للاحتجاج، لأنَّ بناء القلعة بنظره يعني خرق السُلطان للمُعاهدة التي سبق أن عقدها والده مُراد مع الإمبراطور البيزنطي، ونصَّت على عدم قيام العُثمانيين ببناء تحصينات على الساحل الأوروپيّ للبوسفور،[70] إلَّا أنَّهُ لم يكن يأمل في تلقّي جوابٍ مُطمئن، وعندما عاد سفيراه بعد أسبوع تحقَّقت مخاوفه، ذلك أنَّ السُلطان أبدى عدم اكتراث، وبيَّن بصورةٍ قاطعة أنَّهُ لم يخرق أيةُ مُعاهدة، وأنَّهُ رجلُ سلام، وبالتالي فإنَّ ما قام به تطلَّبتهُ سلامة دولته وجيشه وشعبه، وأنَّهُ لم يستهدف نُشوب الحرب.[69] نتيجةً لردِّ السُلطان قرَّر الإمبراطور العمل على إيقاف أعمال بناء القلعة، فحذَّرهُ رجال بلاطه أنَّ هذا لا يعني سوى الإسراع في إعلانِ حربٍ غير مُتكافئة، وكان الإمبراطور يُدركُ ذلك، إلَّا أنَّهُ اعتقد أنَّ لا قيمة لتأجيل الحرب.[70] وتبادل العاهلان الرسائل بشأن تبريد حِدَّة المُواجهة، لكن تمسَّك كُلًّا منهما بوجهة نظره قضى على فُرص التفاهم، وفعلًا أدّى اعتراضه على أعمال بناء القلعة إلى نشوبِ الحرب لاحقًا.

§مُحاولة الروم حشد الحُلفاء وتوحيد الكنيستين الشرقيَّة والغربيَّة[عدل]

الكاردينال إيزيدور الكييڤي، مبعوث البابا نقولا الخامس إلى القسطنطينيَّة ليُتمم إجراءات الاتحاد بين الكنيستين الشرقيَّة والغربيَّة، وأحد أبرز الشواهد العيان على الحصار العُثماني للمدينة.
كان الإمبراطور البيزنطي واقعيًّا حين أقنعته المحنة أنَّ الأُخوَّة المسيحيَّة والتعاون الأرثوذكسي - الكاثوليكي هو أحد الوسائل الأساسيَّة لإنقاذ العاصمة من خاتمةٍ مُروَّعة، وأدرك أنَّ الأسوار السميكة والسلسلة الحديديَّة الغليظة الطويلة، التي أغلقت مدخل القرن الذهبي، وعزيمة الرجال وحملة إنقاذ منأوروپَّا الغربيَّة؛ هي التي يُمكن أن تدفع المُسلمين بعيدًا عن أسوار القسطنطينيَّة، لذلك طلب النجدة من أوروپَّا على وجه السُرعة، لكنَّ الرد الأوروپيّ جاء مُتفاوتًا وفقًا لمصلحة كُلِّ دولة. فلبّى أهالي جنوة طلبه، وأرسلوا أُسطولًا بحريًّا تحت أمرة يوحنَّا جوستنياني للمُساعدة في الدفاع عن المدينة، كما قدَّم الجنويّون المُقيمين في مُستعمرة غلطة المُجاورة، أربعة آلاف مُقاتل، لم يكن هدفهم الحقيقي مُساعدة الروم بقدر ما استهدفوا سبق البنادقة، في حال النصر. وكان في المدينة حوالي ألفٍ وستُّمائةٍ من البنادقة وغربيّون آخرون يعيشون فيها، وقد عدُّوا هذه الحرب على أنَّها حربهم.[71] وأبدى البابا نقولا الخامس استعداده للمُساعدة، شرط أن تتحد الكنيستان الشرقيَّة والغربيَّة.[72] وافق قسطنطين على هذا الشرط، على الرغم من عمق جُذور العداوة التاريخيَّة بين الأرثوذكس والكاثوليك، ورُغم أنَّهُ كان هو نفسه حاميًا للمذهب الأرثوذكسي وحاميًا للبطريرك المسكوني، ومن ثُمَّ فإنَّه من غير المُمكن أن يتبع بابا روما من الناحية المذهبيَّة. لكن رُغم ذلك، حاول الإمبراطور إظهار إيجابيَّته للبابا، فقبل أن يُرسل الأخير مندوبًا عنه إلى القسطنطينيَّة ليُتمَّ إجراءات الاتحاد، وبالفعل أرسل البابا الكاردينال إيزيدور إلى عاصمة الروم الشرقيَّة حيثُ ترأّس قدَّاسًا احتفاليًّا في كاتدرائيَّة آيا صوفيا وفقًا للأصول الكاثوليكيَّة يوم 20 ذي الحجَّة سنة855هـ المُوافق فيه 12 كانون الثاني (يناير) سنة 1452م،[67] دعا فيه للبابا وأعلن توحيد الكنيستين.[73] ويبدو أنَّ الشعب البيزنطي اشمأزَّ مما حصل، إذ قال رئيس الوزارء البيزنطي الأرشيدوق نوتاراس جُملته التاريخيَّة، مُعبرًا عن هذا الشعور: «إنَّني أُفضِّلُ أن أُشاهِدَ في دِيارِ البيزنطِ عَمائِمَ التُركِ على أن أُشاهِدَ القُبَّعةَ اللَّاتينيَّة».[74] وهكذا حال تعصُّبُ الشعب دون تقديم المُساعدة البابويَّة. أمَّا الدُول الأوروپيَّة الأُخرى فلم تُحرِّك ساكنًا لمُساعدة الروم، فقد كانت كُلًّا من إنگلترا وفرنسا مُنهكتين ومواردهما مُستنزفة بفعلحرب السنوات المئة، وكانت إسپانيا في آخر مراحل حربها مع المُسلمين لإخراجهم من الأندلس، وكانت رُحى حربٍ مُميتةٍ تدور بين الإمارات الألمانيَّة، ولم ترغب المجروبولونيا (پولندة) من تكرار تجربتها المريرة مع العُثمانيين في معركة ڤارنا.[75]

وكتب قسطنطين أيضًا إلى مُلوك وأُمراء وسلاطين الشرق المُسلمين منهم والنصارى، مُبينًا لهم الخطر الذي يتهدَّدهم نتيجة نموِّ الدولة العُثمانيَّة وتزايد قوَّتها. فطلب من ملوكطرابزون والكرج وفُرسان القديس يوحنَّا وأمير القرمان وشاه فارس وسُلطان مصر أن يمدوه بالعون، لكن أحدًا من هؤلاء لم يُجب دعوته، فاضطرَّ البيزنطيّون عندئذٍ أن يُدافعوا بأنفسهم عن عاصمتهم.[76] والواقع أنَّ الإمبراطور البيزنطي كان بحاجةٍ ماسَّةٍ إلى القوَّة البشريَّة، فلم يترك سبيلًا إلَّا وسلكه للحصول عليها، لكن الدُول الأوروپيَّة والبابويَّة لم تكن على قدر المسؤوليَّة، بفعل اختلاف السياسة الدينيَّة. أمَّا الشعب البيزنطي فكان في تخاذلٍ مُستمر، إذ تعوَّد على الحياة الهادئة، ولم يقتنع الكثير من الناس بإمكانيَّة تخطّي أيُّ جيشٍ تلك الأسوار العظيمة التي حمت المدينة من الغُزاة طيلة قرونٍ وقرون، وانصرف العديدون إلى سماع مواعظ الرُهبان المؤمنين بأنَّ مُعجزةً سوف تحصل وتدفع المُسلمين بعيدًا عن المدينة المُقدَّسة.
 
  • إعجاب
التفاعلات: خادم الاسلام
إنضم
22 أغسطس 2014
المشاركات
1,277
مستوى التفاعل
3,260
النقاط
122
الإقامة
مصر
الاستعدادات العُثمانيَّة[عدل]

إنكشاريَّان صولاقان، نُخبة نبَّالة الجيش الُعثماني.

مدفعٌ سُلطاني (شاهاني) صُبَّ سنة 1464ماستنادًا على مدفع أوربان الشهير الذي استُعمل عندَّ حصار القسطنطينيَّة سنة 1453م.
قضّى السُلطان مُحمَّد الثاني شتاء سنة 1452-1453م في أدرنة يستعد للفتح الكبير المُنتظر، فجمع جيشًا جرَّارًا كان أحد أضخم جيوش ذلك الزمن، وتُشيرُ وثائق الأرشيف العُثماني أنَّ عدد أفراد الجيش تراوح بين 50,000 و80,000 نفر، كان منهم ما بين 5,000 و10,000 إنكشاريّ،[2] وهم خيرة المُشاة العُثمانيّين، بالإضافة إلى مُشاةٍ آخرين نظاميّين ومُرتزقة، والفُرسان السپاهیَّة، وآلاف الجُنود المسيحيّين من الإمارات البلقانيَّة الخاضعة للتاج العُثماني، بما فيهم حوالي 1,500 فارس صربي أرسلهم حاكم الصرب جُريج برانكوڤيتش كجُزءٍ من التزامه بمُساعدة السُلطان عند الحرب، رُغم أنَّه كان قد أرسل أموالًا قبل بضعة أسابيع إلى الإمبراطور البيزنطي للمُساهمة في إعمار وتقوية أسوار القسطنطينيَّة. بالمُقابل، يُشيرُ الغربيّون الذين عاصروا ذلك الحدث إلى أرقامٍ أعلى بكثير مما نصَّت عليه المصادر العُثمانيَّة،[2] فقد أشار الطبيب البُندقي نقولا باربادو إلى 160,000 جُندي عُثماني،[77] وأشار التاجر الفلورنسي يعقوب تيدالدي[78] والمؤرِّخ الرومي جرجس سفرانتزس إلى 200,000 جُندي، بينما قال الكاردينال إزيدور[79] ورئيس أساقفة ميتيليني ليوناردو دي چيو[80] أنَّ عدد العساكر العُثمانيَّة وصل إلى 300,000 عسكريّ.[18] كما عمد السُلطان إلى جمع أحدث الأسلحة المعروفة في ذلك الزمن، وأهمَّها المدافع التي أمر بسبكها بأقطارٍ لم يُسبق أن شوهدت من قبل، ومدافع الهاون التي استُعملت لأوَّل مرَّة في التاريخ،[67] ومنها مدفعًا ضخمًا جدًا عُرف باسم «المدفع السُلطاني» أو «المدفع الشاهاني»، وهو من صُنع مُهندسٍ مجريّ (أو ألماني)[81] يُدعى أوربان عرض على السُلطان أن يصُبَّ له مدفعًا هائلًا يقذفُ قذائف هائلة تكفي لتهدم أسوار القسطنطينيَّة، فاستهوت السُلطان الشَّاب هذه الفكرة، فأمر بتزويد المُهندس بكُلِّ ما يحتاجه من معدات، ولم تمضِ ثلاثة أشهر حتى تمكَّن أوربان من صنع مدفعٍ عظيم لم يُر مثله قط، فقد كان يزن 700 طن، وبلغ طوله 27 قدمًا (8.2 متر)، ويرمي بقذائف زنة الواحدة منها 600 رطل (272 كيلوگرامًا) والبعض قال 12 قنطارًا (3000 كيلوگرامًا)(1[82] ويحتاج جرُّه إلى 100 ثور يساعدها مائة من الرجال، وعند تجربته بحضور السُلطان سقطت قذيفته على بُعد ميل (1.6 كيلومترات)،[83] وسمع دويه على بعد 13 ميلًا، وأحدثت قذيفته الحجريَّة عند سقوطها حُفرةً بعمق قولاج (مسافة ما بين اليدين إذا فُتحتا بشكلٍ مُستوٍ)، وارتكزت في التُراب اللّيِّن وبقيت فيه.[67]


نموذج لما كانت عليه السُفن العُثمانيَّة خلالالقرن الخامس عشر الميلاديّ. استعمل العُثمانيّون سُفنًا شبيهة ومُماثلة خلال حصار القسطنطينيَّة.
إلى جانب القوَّات البريَّة، شيَّد السُلطان أسطولًا كبيرًا لفرض الحصار على القسطنطينيَّة، وهي المدينة المكشوفة على البحر من ثلاث جهات ولا يُمكن أن يكتمل حصارها دون السُفن الحربيَّة، واستعان ببحَّارة وقباطنة مُسلمون ومسيحيّون لقيادة تلك السُفن، وكان أبرزهم يونانيّون من أبناء مدينة گاليپولي.[14] تراوحت أعداد السُفن العُثمانيَّة حسب الشهود المُعاصرون بين حوالي 100 (رواية يعقوب تيدالدي)،[78] و145 (رواية نقولا باربادو)،[77] و160 (رواية أوبرتينو پوسكولو)،[84] وما بين 200 و250 (رواية الكاردينال إيزيدور وليوناردو دي چيو)،[79][85] و430 (حسب رواية جرجس سفرانتزس).[16] أمَّا التقديرات المُعاصرة فتُشير إلى 126 سفينة تتألَّف من 6 غلايين ضخمة، و10 غلايين عاديَّة، و15 غليونًا أصغر حجمًا، و75 قادسًا (سفينة مجاذيف) كبيرًا، و20 ناقلةً تسيرُ بقوَّة الأحصنة.[19] هذا وقد اعتنى السُلطان مُحمَّد بإعداد الجنود إعدادًا معنويًّا قويًّا وغرس روح الجهاد فيهم، وتذكيرهم بثناء الرسول مُحمَّد على الجيش الذي يفتح القسطنطينيَّة وعسى أن يكونوا هم الجيش المقصود بذلك، مما أعطاهم قوة معنويَّة وشجاعة كبيرة.[86]

§الاستعدادات البيزنطيَّة[عدل]

السلسلة الحديديَّة التي استعملها الروم لإغلاق مضيق القرن الذهبي بوجه السفن العثمانيَّة.
كانت قوَّة الروم المُدافعة عن المدينة صغيرةً للغاية؛ بلغ إجمالي حجمها 7,000 رجل، منهم 2,000 أجنبي، وقد تسلَّحوا بمدافع بدائيَّة ورماح وقسيّ وسهام وسيوف،[87] وعند ضرب الحصار على المدينة بلغ تعداد قاطنيها حوالي 50,000 نسمة بما فيهم النازحون واللاجئون من المناطق والمُستعمرات المُجاورة.[88] وكان هُناك بعض التُرك المُرتزقة الذين يعملون لصالح الإمبراطور، إلى جانب الشاهزاده أورخان چلبي ورجاله، الذين تولّوا مُهمَّة الدفاع عن إحدى الجهات البحريَّة للمدينة. كما لجأ الإمبراطور إلى سلاح الرِشوة، فحاول رشوة بعض مُستشاري السُلطان ليؤثروا على قراره، لكنَّ كُل ذلك لم يُجديه نفعًا في نهاية المطاف.[89] وكان هُناك أسطولًا صغيرًا يرسو في مياه القرن الذهبي يتكوَّن من 26 سفينة: 5 من جنوة، و5 من البُندقيَّة، و3 من كريت، وسفينةً واحدةً من أنكونا، وأُخرتان من أراگون وفرنسا، وحوالي 10 سُفن روميَّة.[7]

§إعلان الحرب[عدل]

السُلطان مُحمَّد الثاني يقود جيشه لحصار القسطنطينيَّة، بريشة فاوستو زونارو.
استمرَّ البيزنطيّون يُحاولون هدم قلعة روملّي حصار، وداوموا الإغارة على عُمَّال البناء، فتطوَّرت الأمور إلى مُناوشاتٍ بينهم وبين الجُنود العُثمانيّون كان من نتيجتها أن أخذ هؤلاء يُغيرون على بعض قُرى الروم المُجاورة.[86] فوجد السُلطان الفُرصة سانحة، فأعلن الحرب رسميًّا على الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، فما كان من الإمبراطور الروميّ إلَّا أن أغلق أبواب مدينته الحصينة، واعتقل جميع المُسلمين الموجودين داخل المدينة، وبعث إلى السُلطان مُحمَّد رسالة يُخبرهُ أنَّهُ سيدافع عن المدينة لآخر قطرة من دمه، وأخذ الفريقان يتأهَّب كُلٌ منهما للقاء المُرتقب.

§المسير نحو القسطنطينيَّة[عدل]
كانت أدوات الحصار العُثمانيَّة من الضخامة بحيثُ ينبغي أن تُجرّ على طريقٍ مُستوية، إذا يصعبُ كثيرًا نقلها فوق التلال والهِضاب، لذلك أمر السُلطان بتسوية طريق أدرنة - القسطنطينيَّة بمعرفة 200 عامل يُشرف عليهم 50 عاملًا ماهرًا، وما أن تمَّ ذلك في شهر شُباط (فبراير) سنة 1453م، أخرج العُثمانيّون المجانيق وأكباش الدَّك والمدافع بما فيها المدفع السُلطاني الكبير يجُرّه 60 ثورًا يقف على جانبيها 400 جُندي (200 جُندي في كُلِّ جهة لتأمين عدم التزحلق والميلان)، وبقي أوربان في أدرنة يعمل على صب المزيد من المدافع للجيش. وصل المدفع على بُعد 5 أميال من الأسوار الثيودوسيوسيَّة للمدينة (الأسوار الوحيدة التي تُحيطُ بها من جهة البر) في شهر آذار (مارس) من نفس السنة، وكان على رأس الفرقة العسكريَّة تلك قره جه باشا، الذي استولى ومعه حوالي 10,000 جُندي على القصبات البيزنطيَّة المُجاورة.[67] تحرَّك السُلطان من أدرنة يوم 13 ربيع الأوَّل سنة 857هـ المُوافق فيه 23 آذار (مارس) سنة1453م ووصل أمام القسطنطينيَّة بعد 13 يومًا في 26 ربيع الأوَّل المُوافق فيه 5 نيسان (أبريل)، وفي نفس الوقت أُعطيت الأوامر للأسطول العُثماني للتحرُّك من مدينة گاليپولي تجاه القسطنطينيَّة لإحكام الحصار عليها.

§الحصار[عدل]
§يوم الخميس 26 ربيع الأوَّل 857هـ \ 6 نيسان (أبريل) 1453م[عدل]

خارطة تُظهرُ الحصار العُثماني للمدينة، وانتشار الفرق العسكريَّة المُحاصرة وتلك المُدافعة.
بدأ الحصار الفعلي للقسطنطينيَّة في هذا اليوم، وقبل توزيع الفرق العسكريَّة، اتجه السُلطان إلى القبلة وصلَّى ركعتين وصلَّى الجيش كُله من وراءه، ثُمَّ نهض يوزعهم، فجعل القسم الأكبر من الجيش يتجمهر جنوب القرن الذهبي، ونشر الجُنود النظاميّون الأوروپيّون على طول الأسوار وجعل قره جه باشا أميرًا عليهم. وتمركزت الفرق العسكريَّة الأناضوليَّة جنوب نهر ليكوس ناحية بحر مرمرة بقيادة إسحٰق باشا، ووُضع الحرس السلطاني الذي يضم نخبة الجنود الإنكشاريَّة في الوسط حيثُ نُصبت خيمة السُلطان، مُقابل بوَّابة رومانوس، وانتشرت المُرتزقة الباشي بوزوقيَّة خلف خطوط الجبهة، كما نُشرت فرقٌ عسكريَّة أُخرى بقيادة زغانوس باشا شمال القرن الذهبي، وكان التواصل بين تلك الفرق يتمُّ باستخدام طريقٍ مُهِّد وسوِّي فوق أراضي رأس القرن السبخيَّة.[90] ونُصبت حول المدينة أربع عشرة بطَّاريَّة مدفعيَّة، بالإضافة إلى المدفع السُلطاني الهائل وعدَّة مجانيق وأربعة أبراج مُتحرِّكة.[91] ثُمَّ أرسل السُلطان بعض أفضل جنوده لتطهير ما بقي من حصونٍ وقرى روميَّة مُجاورة، وأردفهم بالأسطول بقيادة أمير البحار سُليمان بك بلطةأوغلو، فسقط في إيديهم حُصن طرابيا على البوسفور، وحُصنٌ آخر أصغر حجمًا يقعُ في قرية ستوديوس قُرب بحر مرمرة، ثُمَّ تلتهم جُزر الأميرات بعد بضعة أيَّام.[92]
 
إنضم
22 أغسطس 2014
المشاركات
1,277
مستوى التفاعل
3,260
النقاط
122
الإقامة
مصر
من بداية الحصار إلى 11 ربيع الآخر 857هـ \ 20 نيسان (أبريل) 1453م[عدل]

العُثمانيّون يُحاولون تسوّر المدينة، والمُدافعون يقذفونهم بالحجارة والسِّهام.
أرسل السُلطان إلى الإمبراطور يسأله أن يُسلِّم المدينة دون قتال، وتعهَّد له باحترام سُكَّانها وتأمينهم على أرواحهم ومُعتقداتهم وممتلكاتهم وكنائسهم، ولكنَّ الإمبراطور رفض وقرَّر القتال. بناءً على هذا، أعطى السُلطان الأمر للمدفعيَّة بأن تبدأ القصف صباح يوم 2 ربيع الآخر، فابتدأت الحرب.[87] ظَّلت المدافع العُثمانيَّة تضرب أسوار المدينة طيلة أسبوعين، ولكنها لم تنل فوائد ذات بال من هذه الأسوار السميكة، فعلى الرُغم من تخلخل كُتلٍ كبيرة منها وتساقطها، غير أنَّ المُدافعين كانوا يصلحون الثغرات المُحدثة فيها بكل همة ونشاط عند حُلول الظلام،[93] ويُعزى عدم إحداث أي تقدُّمٍ نوعي إلى بُطء المدافع العُثمانيَّة، فالمدفع السُلطاني كان لا يُطلق أكثر من سبع طلقات في النهار وطلقة واحدة بالليل، حيثُ كان تبريده وإعادة حشوه يتطلَّبُ فترةً طويلةً تتراوح بين ساعتين وثلاث ساعات، مما يعني أنَّ الروم كان أمامهم مُتَّسعٌ من الوقت بين الطلقة والأُخرى كي يُرمموا أسوار مدينتهم.[91] رُغم ذلك استمرَّت أربعة مدافع من النوع الكبير تُطلقُ النار، وتلتها فصائل المدفعيَّة الأصغر.[91] وفي يوم 18 نيسان (أبريل) جاء سُفراءٌ من المجر إلى المُعسكر العُثماني، وأبلغوا الصدر الأعظم خليل جندرلي باشا رسالةً باسم العالم المسيحيِّ أجمع، ومفادها أنَّ جُيوش أوروپَّا المُتحدة سوف تستولي على البلاد العُثمانيَّة في حالة عدم رفع الحصار عن القسطنطينيَّة، فلم يُعرهم السُلطان اهتمامًا، بل أصرَّ على فتح المدينة قبل أن تتمكّن الجيوش الأوروپيَّة من الاحتشاد والوصول.[94] وفي ذلك اليوم تمكَّنت المدافع العُثمانيَّة من إحداث ثغرة في الأسوار البيزنطيَّة عند وادي ليكوس من الجزء الغربي من الأسوار،[95] فتدفَّق الجُنود العُثمانيّون إليها يُحاولون اقتحام المدينة، كما حاولوا اقتحام الأسوار الأُخرى بالسلالم التي ألقوها عليها، ولكن المُدافعين عن المدينة بقيادة الإمبراطور استماتوا في الدفاع عنها، واشتد القتال بين الطرفين، وكان لضيق الثغرة وكثرة السهام والنبال والمقذوفات على الجنود المُسلمين، بالإضافة إلى ضيق المكان وشدَّة مُقاومة الروم وحلول الظلام، أثرٌ ضاغط على السُلطان جعله يُعطي أوامره للمهاجمين بالانسحاب.[96] وفي ذلك الوقت كانت السُفن العُثمانيَّة تُحاول الدخول إلى القرن الذهبي فلم تتمكن لحيلولة السلسلة المعدنية دون ذلك، فاصطفَّ الأُسطول على هيئة هلال ليحول دون وصول أي مدد للمدينة.

§11 ربيع الآخر 857هـ \ 20 نيسان (أبريل) 1453م[عدل]
في هذا اليوم وصلت السُفن الجنويَّة والبابويَّة إلى البوسفور وعلى متنها 700 مُقاتل مُحمَّلين بالمؤن والذخائر، بقيادة يوحنَّا جوستنياني، واشبكت مع الأسطول العُثماني في معركةٍ كبيرةٍ كان من نتيجتها أن انهزم العُثمانيّون واحترقت الكثير من سُفنهم، وعبرت السُفن المُغيثة إلى داخل القرن الذهبي بعد أن رفع الروم السلسلة المعدنيَّة الغليظة ثُمَّ أعادوها ثانيةً بعد أن أصبح حُلفاؤهم بالدَّاخل.[97] استقبل البيزنطيّون جوستنياني وتلك السُفن استقبال الأبطال، ورَّحب بهم الإمبراطور ترحيبًا كبيرًا، وأدّى نجاحهم في خرق الحصار العُثماني إلى رفع الروح المعنويَّة للمُدافعين عن المدينة، فعُيِّن جوستنياني قائدًا عامًّا للجُند وكُلِّف بتدريبهم، ففعل ذلك بشكلٍ حسن، حتّى أنه أقدم على تدريب الرُهبان والكهنة الذين يجهلون فن الحرب تمامًا. بالمُقابل، ثار غضب السُلطان مُحمَّد بعد أن شاهد السُفن المُحترقة والمُدمَّرة،[98] فقام بعزل سُليمان بلطةأوغلو باشا من منصبه كأميرٍ للبحار وعيَّن بدلًا منه أحمد بك بن جالي بك، وهو أحد القباطنة السابقين المُخضرمين في الحروب البحريَّة.[94] ويُقال أنَّ السُلطان كان ينوي إعدام بلطةأوغلو ليجعلهُ عبرةً لغيره، لكن البحَّارة الذين خاضوا المعركة معه تشفّعوا له عند السُلطان مُلقين باللوم على الرياح العاتيَّة في ذلك النهار التي جعلت المُناورة صعبة، وأشادوا بشجاعة قائدهم وبسالته خلال القتال.[98] وفي روايةٍ أُخرى أنَّ السُلطان استعدى بلطةأوغلو إلى مقرِّ قيادته حيثُ عنَّفه واتهمه بالجُبن، فتأثّر بلطةأوغلو لهذا وقال للسُلطان: «إنِّي استقبلُ الموتَ بجنانٍ ثابتٍ، ولكن يؤلمني أن أموت وأنا متهمٌ بمثلِ هذه التهمة. لقد قاتلتُ أنا ورجالي بكلِّ ماكان في وسعنا من حيلةٍ وقوةٍ!» ثُمَّ رفع طرف عمامته فظهر أنَّه فقد عينًا أثناء القتال، فعرف السُلطان أنَّ الرجل فعلًا قاتل قتالًا مُسميتًا، فتركه ينصرف واكتفى بعزله من منصبه، وعيَّن بدلًا منه حمزة باشا أميرًا للبحار، وفق هذه الرواية.[99]

أُصيب الكثير من الجُنود العُثمانيّون بالإحباط نتيجة هذه الهزيمة، وأخذ بعضهم بالانسحاب من أرض المعركة. استغل الإمبراطور البيزنطي هذا الموقف وعرض على السُلطان السلام، فلاقى ذلك ترحيبًا من الصدر الأعظم خليل جندرلي باشا، الذي أشار على السُلطان أن يُبرم صُلحًا مع الإمبراطور ويقبل بدفع 70,000 ليرة ذهبيَّة كجزيةٍ سنويَّة، لأنَّ إسقاط البيزنط وإن كان أمرًا مُمكننًا، فإنَّهُ سوف يجرُّ الدولة العُثمانيَّة إلى حربٍ مع أوروپَّا بأسرها.[94] إلا أنَّ السُلطان رفض رفضًا قاطعًا، وهكذا واصلت المدافع عملها.

§12 ربيع الآخر 857هـ \ 21 نيسان (أبريل) 1453م[عدل]

السُلطان مُحمَّد الفاتح يُشرف على جرّ السُفن من البوسفور وسحلها على البر وصولًا إلى مضيق القرن الذهبي.
أخذ السُلطان يُفكِّرُ بالدخول إلى المضيق بأي طريقة لإتمام الحصار بعد أن مُنيت سُفنه بالهزيمة سالِفة الذِكر، إذ أنَّ أي تقدّمٍ نوعيّ لن يحصل إلَّا بتشديد الخناق على المدينة من كافَّة الجهات، لكن العبور إلى داخل القرن الذهبي كان مُستحيلًا مع وجود السلسلة الحديديَّة. فخطر ببال السُلطان فكرة غريبة لم تُطبَّق من قبل، وتقضي بنقل المراكب برًّا عبر ميناء بشكطاش العُثماني ثُمَّ خلف هِضاب غلطة وصولًا إلى القرن الذهبي، وبهذا يُمكن الالتفاف حول السلسلة. وتمَّ هذا الأمر المُستغرب بتمهيد طريق البر الذي يبلغ طوله فرسخ واحد، أي ثلاثة أميال، وُضعت فوقه ألواحٌ من الخشب صُبَّت عليها كميَّةٌ هائلةٌ من الزيوت والشحوم لتسهيل انزلاق السُفن عليها.[100] وبهذا أمكن نقل حوالي سبعين مركبًا[101](والبعض قال 67 مركبًا[94]) في ليلةٍ واحدة، وأضحت العاصمة البيزنطيَّة، بعد ذلك، مُحاصرة ومُهددة من الجهات كافَّة. وحتّى يُموّه السُلطان على هذه العمليَّة، قامت مدفعيَّته، المُرابطة خلف أسوار غلطة وفي أعالي الهضاب، بإطلاق قنابلها باتجاه الأسوار المُطلَّة على القرن الذهبي بصورةٍ مُستمرَّة، ليلًا ونهارًا،[100] وتمَّ حينها إطلاق أوَّل مدفع هاون في التاريخ وذلك عندما رابط زغانوس باشا في أنجاد غلطة ومعه 15,000 جُندي وأمر بقصف الأسطول البيزنطي المحصور بالخليج، فضُربت وأُصيبت عدَّة سُفن بيزنطيَّة.[94]

§صباح 13 ربيع الآخر 857هـ \ 22 نيسان (أبريل) 1453م[عدل]

السُفن العُثمانيَّة ترسو في مضيق القرن الذهبي وتُطبق الحصار على المدينة.
استيقظ أهلُ القسطنطينيَّة صبيحة هذا اليوم على تكبيرات المُسلمين وهتافاتهم المُتصاعدة، فدُهشوا دهشةً عظيمةً لمَّا شاهدوا السُفن العُثمانيَّة ترسو داخل القرن الذهبي. وكانت الصدمة عنيفةٌ للغاية، إذ أنَّ هذه العمليَّة أحدثت انهيارًا في معنويَّات البيزنطيين، لأنَّ الأسوار من هذه الناحية كانت ضعيفة ولم يكن يُعتمد عليها، لاستبعاد وصول أُسطول مُعادٍ إلى داخل الميناء. ويُمكن مُلاحظة الصدمة في ما كتبه المؤرِّخ والدبلوماسي البيزنطي الأمير دوكاس الذي التقى بالسُلطان مُحمَّد شخصيًّا: «ما رأينا ولا سمعنا من قبل بمثل هذا الشيء الخارق، مُحمَّد الفاتح يُحوِّلُ الأرض إلى بحارٍ وتعبرُ سُفنهُ فوق قمم الجبال بدلًا من الأمواج. لقد فاق مُحمَّد الثاني بهذا العمل الإسكندر الأكبر».[102] أمام هذا الواقع المُستجد، وجد الإمبراطور نفسه مُضطرًّا أن يسحب قوَّات كبيرة من المُدافعين عن الأسوار الأُخرى لكي يتولّوا الدفاع عن الأسوار المُطلّة على القرن الذهبي، مما أوقع خللًا في الدفاع عن الأسوار الأُخرى. وأخد القساوسة والكهنة يطوفون بشوارع المدينة وأماكن التحصين ويُحرِّضون المُقاتلين والأهالي على الثبات والصبر، ويُشجعون الناس على الذهاب إلى الكنائس ودُعاء الله والمسيح والسيِّدة العذراء أن يُخلِّصوا المدينة، وأخذ الإمبراطور قسطنطين يتردَّد بنفسه على كاتدرائيَّة أيا صوفيا لهذا الهدف.[103]

§19 ربيع الآخر 857هـ \ 28 نيسان (أبريل) 1453م[عدل]
أمر السُلطان مُحمَّد في هذا اليوم بإنشاء جسرٍ ضخمٍ، عرضه خمسون قدمًا، وطوله مائة، وصُفَّت عليه المدافع، وزُوِّدت السُفن المُرابطة بالخليج بالمُقاتلين والسلالم، وتقدَّمت إلى أقرب نُقطةٍ من الأسوار تمهيدًا لتسلُّقها. فلمَّا رأى الإمبراطور البيزنطي ذلك، أمر بإبداة الأسطول العُثماني مهما كلَّف الأمر.[104] وفي تلك الليلة حاول البيزنطيَّون إحراق السُفن العُثمانيَّة، ولكن العُثمانيين علموا بهذه الخطة فأحبطوها، وفقد 150 بحَّارًا بيزنطيًّا حياتهم في هذه المُحاولة، ولم يُدمَّر الجسر ولم تُغرق سفينة عُثمانيَّة واحدة.[104]

§من 19 ربيع الآخر 857هـ \ 28 نيسان (أبريل) وحتّى 16 جمادى الأولى 857هـ \ 24 أيَّار (مايو) 1453م[عدل]
يوم 20 ربيع الآخر المُوافق فيه 29 نيسان (أبريل) أمر الإمبراطور بإعدام الأسرى المُسلمين البالغ عددهم 260 أسيرًا، فأُعدموا على مرأى من الجيش العُثماني.[105] عقد السُلطان مُحمَّد اجتماعًا مع كبار قادة جيشه ومُستشاريه والشيوخ والعُلماء الذين كانوا يُرافقون الجيش، بما فيهم الشيخ آق شمسُ الدين، بعد أن تبيَّن له حجم الخسائر التي مُني بها الجيش العُثماني، وطلب من المُجتمعين الإدلاء بآرائهم، فانقسموا إلى فريقين: فريق أشار بالانسحاب حقنًا لدماء الجنود وتفاديًا لغضب أوروپَّا المسيحيَّة فيما لو استولى المُسلمون على المدينة، وكان زعيم هذا الفريق الصدر الأعظم خليل جندرلي باشا؛[106] وفريقٌ آخر رأى مُواصلة الهجوم على المدينة حتى الفتح واستهان بأوروپَّا وقوَّاتها، كما أشار أصحاب هذا الرأي بتحمّس الجنود لإتمام الفتح وما في التراجع من تحطيمٍ لمعنويَّاتهم الجهاديَّة، وكان زعيم هذا الفريق زغانوس باشا وأيَّده في ذلك الشيخ آق شمسُ الدين.[107] كان السُلطان وأغلب الحاضرين من رأي زغانوس باشا، فصدرت التعليمات باستعداد الجنود للهجوم العام واقتحام المدينة قريبًا.


الروم يرمون العُثمانين بالقذائف المُلتهبة والنار الإغريقيَّة أثناء مُحاولتهم اقتحام الأسوار.
يوم 26 ربيع الآخر المُوافق فيه 5 أيَّار (مايو)، حرَّك العُثمانيّون بعض فصائل المدفعيَّة وركَّزوها على مُرتفعات «بك أوغلو»،[104] وفي اليوم التالي أمر السُلطان بالهجوم العام الأوَّل من المنطقة المُقابلة لبوَّابة رومانوس، فلم يُفلح الجنود بالدخول، وبعد 6 أيَّامٍ أمر بالهجوم العام الثاني من المنطقة المُقابلة لبوَّابة أدرنة، فلم تنجح هذه المُحاولة كذلك الأمر.[108] وفي يوم 8 جمادى الأولى المُوافق فيه 16 أيَّار (مايو) بدأت حربُ أنفاقٍ دمويَّة بين الروم والعُثمانيين، إذ أمر السُلطان بحفر أنفاقٍ تحت الأرض من مناطق مختلفةً إلى داخلها، بينما تتولّى المدفعيَّة والنبَّالون إلهاء الجنود البيزنطيين، غير أنَّ بعض هؤلاء إضافةً لبعض الأهالي فطنوا للأمر، ويُقال أنَّهم سمعوا صوت الضربات تحت الأرض فارتابوا وأبلغو الإمبراطور الذي أسرع ومعه عدد من القادة والمُستشارين إلى موضع الصوت وأدركوا أن العثمانيين يقومون بحفر أنفاقٍ تحت الأرض، للوصول إلى داخل المدينة، فقرر المُدافعون الإعداد لمواجهتها بحفر أنفاقٍ مُماثلة مُقابل أنفاق المُهاجمين لمواجهتهم دون أن يعلموا، حتى إذا وصل العُثمانيون إلى الأنفاق التي أُعدت لهم ظنوا أنهم وصلوا إلى سراديب خاصة وسريَّة تؤدي إلى داخل المدينة ففرحوا بهذا، ولكن الفرحة لم تطل إذ فاجأهم الروم، فصبّوا عليهم ألسنة النيران الإغريقيَّة والنفط المحترق والمواد الملتهبة، فاختنق كثيرٌ منهم واحترق قسمٌ آخر وعاد الناجون منهم أدراجهم من حيث أتوا.[109] وكان فرعٌ من فروع الجيش العثماني يتولّى أمر حفر الأنفاق، ولم يكن ذلك بالعمل اليسير، فإنَّ هذه الأنفاق التي حفروها أودت بحياة كثيرٍ منهم، فماتوا اختناقًا واحتراقًا في باطن الأرض، كما وقع الكثير منهم في بعض هذه المحاولات في أسر الروم، وفي يوم20 ربيع الآخر المُوافق فيه 29 نيسان (أبريل) أمر الإمبراطور بإعدام هؤلاء الأسرى وغيرهم ممن سبق أسره من المُسلمين، فقُطعت رؤوسهم وقُذف بها إلى معسكر العُثمانيين.[110] رُغم ذلك استبسل العُثمانيّون واستمرّوا يُحاولون اقتحام المدينة فتكبَّدوا خسائر فادحة المرَّة تلو الأُخرى، وأشار الجرَّاح البُندقي نقولا باربادو إلى هذا في مُذكَّراته التي وصف فيها الهجوم العُثماني اليومي على الأسوار، وبالأخص من قِبل فرقة الإنكشاريَّة، فقال:


كانوا يرون التُرك هارعين إلى السور بكُلِّ سُرعةٍ طالبين القتال، وبالأخص الإنكشاريَّة ... وعندما كان يُقتلُ أحدهم، كان الباقون يأتون بسُرعةٍ ويسحبونه بعيدًا ... غير آبهين بمدى قُربهم من أسوار المدينة. كان رجالُنا يُطلقون عليهم رصاص البنادق والسِّهام، مُختارين في ذلك التُركيّ الذي يحملُ ابن جلدته الصريع أو الجريح، فيسقُطُ كلاهما على الأرض ميتًا، وعندها يأتي تُركٌ غيرهم ليسحبوا جُثث رفاقهم، دون أن يخشى أحدهم الموت، بل كانوا يُفضلون الموت على عار ترك جُثَّة رجلٍ مُسلمٍ قُرب الأسوار(2).[77]


كان يُواكبُ كُلَّ ذلك مُحاولة ملء أجزاءٍ من الخندق العميق المملوء بالماء الموجود أمام الأسوار بقطع الحجارة، وأيضًا أحدث العُثمانيّون ثغرات كبيرة في الأسوار كان يتعذّر على البيزنطيّون إصلاحها رُغم أنَّهم كانوا يعملون بلا كللٍ على مدار 24 ساعة، وذلك يعود إلى القصف المُستمر دون هوادة، حتّى أنَّ المدفع السُلطاني الضخم انفجر من كثرة الاستخدام وقتل جميع مُشغليه، بما فيهم مُصممه المُهندس أوربان على الأرجح، لكن رُغم ذلك أمر السُلطان أن تستمر المدافع بالقصف وأن تُبرَّد بزيت الزيتون، فنجح الفنيّون في تخفيف حماوتها بحيثُ استمرَّت تقصف المدينة وتدُكُّ أسوارها وقلاعها وأبراجها.[111] كما لجأ العُثمانيّون إلى صناعة برج حصارٍ مُتحرِّك من ثلاثة طوابق مكسوًّا بالدروع والجلود المُبللة بالماء منعًا لاحتراقه بنيران الروم، وتمكنوا من لصقه بالأسوار عند بوَّابة رومانوس، فهرع الإمبراطور ومعه نُخبة جنوده إلى الموقع ليدفعوا بالبرج بعيدًا، فاشتبكوا مع المُسلمين في قتالِ شديد وتمكنوا من إحراق البرج بالنار الإغريقيَّة، فوقع على الأبراج البيزنطيَّة المُجاورة وقتل من فيها من المُدافعين، وامتلأ الخندق المُجاور بالرُكام.[112]
 

مواضيع ممائلة