غزوَة بدر الكُبرىٰ ١٧ رمضان:
______________________________________
__في السابع عَشر مِن رَمضان عام ٢ هـ، حدثت أولُ معركةٍ من معاركِ الإسلامِ الفاصلةِ على يدِ ثُلّةٍ صادقةٍ قوامُها ثَلاثمائةٍ وبضعة عشر رجلٍ من الغُرباءِ نذروا نُفوسهم للهِ ما أبِهُوا أن عاداهم كل أهل مكة بجيشٍ عرمرمٍ يُوازي ثلاثةَ أضعافِ جيشهم. فخطّطُوا وناوَروا، وتكتكُوا ورسموا، ما ضرّتهم قِلّةُ العدّة والله مولاهم، ولا ضآلةُ العتادِ والله مُؤازرهم بجندٍ من عنده. بل أقدمُوا كلٌّ منهُم عرندسٌ فوقَ مطهّمته روحه على كفِّهِ أرخصها لبارئهِ يُبارز في صمصامٍ بيده وآخرَ بقلبِهِ أعداء الله في ساحِ الوَغى، يحبُّون الموتَ كما يحبّ أعداؤهم الحياةَ، تنصرهم الملائكةُ، وتشحنهم كلماتُ خير من وطئ الثَّرى بينَ الفينة وأختها في ساحةِ بدرٍ يثب في درعهِ هاتفًا في عزمٍ وجزمٍ: {سيُهزمُ الجمعُ ويُولُّونَ الدُّبُر}! {سيُهزم الجمعُ ويولون الدبر}! لتزيدهم يقينًا فوقَ يقينهم، وإقدامًا على إقدامِهم، وثقةً بنصر الله تزيدُ ثقتَهم. حتّى عزُّوا وبَزُّوا، وجاهدوا فانتصروا، تاركينَ للأمةِ عبقَ سيرتهم الطّاهرة نتفيّأ ظِلالها، نرشفُ من غيدقِ عزّتها أعذبَ الانتصارات، وأمجد البُطولات. ليخلّدهم العالم في أرشيفِ بُطولاته فُرسانَ بَدرٍ ،ويرمي إلى مزبلةِ التاريخِ أبا جهلٍ: أُنمُوذجًا لكل أبي جهلٍ طغا وعادى الإسلامَ وأهله في زمانِه، أن دونكَ هلاكُ الله نرقبه،لو لم تُسعفنا العدّة في خلعِ نفوذك ذا وعد الله لنا. وأن مهما طالَ سُلطانُ الذينَ كفروا، فعُقباهُمُ الهلاكُ والهزيمة، وللذينَ آمنوا النّصرُ والاستخلافُ والتّمكينُ وإن طالَ الرّدى.."