"كان يخطبُ على جذع نخلة، فصنعوا له منبراً، فلما صعده، سمع للجذع أنيناً من الحنين إليه
فنزل عن منبره واحتضنه، فهدأَ..
يا للقلوب التي لم تُدرك رِقَّة جذعٍ من خشب!
ووقفَ يوماً على أُحدٍ فقال: أُحد جبل يُحبنا ونحبه!
يا للقلوب التي كان الصَّخر أفقه منها في الحُب!
وكان يقول مُحدِّثاً عن الأيام الخوالي: إني لأعرِف حجراً في مكة كان يُسلِّمُ عليَّ بالنُّبوَّة!
يا للقلوب التي سبقتها إلى الهُدى الحجارة!
وكان يوماً في أصحابه، فذهبَ لبعضِ حاجته، فوجدوا حُمَّرةً فأخذوا منها فراخها، فلما عاد حلَّقتْ عنده تشكو إليه
فقال لهم: من فجعَ هذه بولدها، رُدُّوا إليها فراخها!
يا للقلوب التي لم تُدرك فقه عصفورة!
وسارَ مرَّةً في المدينة، فرأى جملاً، فقال من صاحب هذا الجمل، فقامَ شابٌ من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله.
فقال له: لقد شكا إليَّ أنك تُجوِّعه وتُتعبه!
يا للقلوب التي لم تُدرك فهم البهائم!
بأبي أنتَ وأمي يا رسول الله"